مِنْ قِيمَةِ الْأَشْجَارِ وَتُسَلَّمُ الْأَشْجَارُ لِلْمُشْتَرِي هَذَا إذَا عَلِمَ الْبَائِعُ بِقَطْعِ الْأَشْجَارِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَقْتَ الْإِقَالَةِ يُخَيَّرُ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ اهـ.
قَوْلُهُ (وَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الرَّدَاءَةِ وَالتَّأْجِيلِ لَا لَنَا فِي الْوَصْفِ وَالْأَجَلِ) أَيْ إذَا اخْتَلَفَا فِي اشْتِرَاطِ وَصْفِ السَّلَمِ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا شَرَطْنَاهُ رَدِيئًا، وَقَالَ الْآخَرُ لَمْ نَشْتَرِطْ شَيْئًا أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا شَرَطْنَا الْأَجَلَ، وَقَالَ الْآخَرُ لَمْ نَشْتَرِطْ شَيْئًا كَانَ الْقَوْلُ لِمَنْ ادَّعَى الِاشْتِرَاطَ فِيهِمَا لَا لِمَنْ نَفَاهُ؛ لِأَنَّهُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ إذْ السَّلَمُ لَا يَجُوزُ إلَّا مُؤَجَّلًا مَوْصُوفًا فَشَهِدَ لَهُ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ حَرَامٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُسْلَمَ لَا يُبَاشِرُهُ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ رَبُّ السَّلَمِ مُدَّعِي الْوَصْفِ أَوْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَفِي الْأَوَّلِ خِلَافُهُمَا فَالْإِمَامُ عَلَّلَ بِأَنَّهُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَهُمَا عَلَّلَا بِأَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ مُنْكِرٌ فَالْقَوْلُ لَهُ وَشَمِلَ أَيْضًا مَا إذَا كَانَ مُدَّعِي الْأَجَلِ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ أَوْ رَبَّ السَّلَمِ وَفِي الْأَوَّلِ خِلَافُهُمَا لِإِنْكَارِهِ وَإِذَا قُبِلَ فِي الثَّانِي قَوْلُ رَبِّ السَّلَمِ اتِّفَاقًا رَجَعَ إلَيْهِ فِي مِقْدَارِ الْأَجَلِ أَيْضًا فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي أَصْلِهِ وَمِقْدَارِهِ، وَالْأَصْلُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَنَّ الْقَوْلَ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ سَوَاءٌ كَانَ الْآخَرُ مُتَعَنِّتًا أَوْ لَا وَعِنْدَهُمَا الْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَنِّتًا وَهُوَ مَنْ أَنْكَرَ مَا يَنْفَعُهُ وَغَيْرُ الْمُتَعَنِّتِ مَنْ أَنْكَرَ مَا يَضُرُّهُ هَذَا فِي الشَّرِيعَةِ وَأَمَّا الْمُتَعَنِّتُ فِي اللُّغَةِ فَهُوَ مَنْ يَطْلُبُ الْعَنَتَ وَهُوَ الْوُقُوعُ فِيمَا لَا يَسْتَطِيعُ الْإِنْسَانُ الْخُرُوجَ عَنْهُ، كَذَا فِي الْبِنَايَةِ.
وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْوَصْفِ الشَّامِلِ لِلرَّدَاءَةِ وَالْجَوْدَةِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَوْ قَالَ شَرَطْنَاهُ جَيِّدًا وَنَفَى الْآخَرُ الِاشْتِرَاطَ أَصْلًا فَالْقَوْلُ لِلْمُثْبِتِ قَيَّدَ الِاخْتِلَافَ فِي أَصْلِ التَّأْجِيلِ لِأَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِهِ فَالْقَوْلُ لِلطَّالِبِ مَعَ الْيَمِينِ لِإِنْكَارِهِ الزِّيَادَةَ وَأَيٌّ بَرْهَنَ قُبِلَ وَإِنْ بَرْهَنَا قُضِيَ بِبَيِّنَةِ الْمَطْلُوبِ لِإِثْبَاتِهَا الزِّيَادَةَ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مُضِيِّهِ فَالْقَوْلُ لِلْمَطْلُوبِ لِإِنْكَارِهِ تَوَجُّهَ الْمُطَالَبَةِ فَإِنْ بَرْهَنَا قُضِيَ بِبَيِّنَةِ الْمَطْلُوبِ لِإِثْبَاتِهَا زِيَادَةَ الْأَجَلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ أَيْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَتُهُ، أَمَّا إذَا نَظَرْنَا إلَى الصُّورَةِ فَهُوَ مُنْكِرٌ وَإِنْ نَظَرْنَا إلَى الْمَعْنَى فَمَعْنَاهُ ثُبُوتُ الْحَقِّ فِي الشَّهْرِ الْمُسْتَقْبَلِ، فَإِذَا أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَبَيِّنَةُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِمَعْنَاهَا أَثْبَتْنَا حَقًّا لَهُ فِي شَهْرٍ لَمْ يَتَعَرَّضْ بِبَيِّنَةِ رَبِّ السَّلَمِ لِذَلِكَ الشَّهْرِ فَكَانَتْ بَيِّنَتُهُ أَوْلَى، كَذَا فِي إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ بَيْنَ الْأَجَلِ وَالْوَصْفِ فَرْقًا وَهُوَ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي مِقْدَارِ الْأَجَلِ يَعْنِي أَنَّهُ مَا هُوَ لَا يُوجِبُ التَّحَالُفَ وَفِي الْوَصْفِ يُوجِبُهُ لِكَوْنِهِ يَجْرِي مَجْرَى الْأَصْلِ وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا شَرَطَ فِي السَّلَمِ الثَّوْبَ الْجَيِّدَ فَجَاءَ بِثَوْبٍ وَادَّعَى أَنَّهُ جَيِّدٌ وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ فَالْقَاضِي يَرَى اثْنَيْنِ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الصَّنْعَةِ وَهَذَا أَحْوَطُ وَالْوَاحِدُ يَكْفِي فَإِنْ قَالَا جَيِّدٌ أَجْبَرَهُ عَلَى الْقَبُولِ.
فَإِذَا اخْتَلَفَا فِي السَّلَمِ يَتَحَالَفَانِ اسْتِحْسَانًا وَيَبْدَأُ بِيَمِينِ الْمَطْلُوبِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ بِيَمِينِ الطَّالِبِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَأَيٌّ بَرْهَنَ قُبِلَ فَإِنْ بَرْهَنَا قُضِيَ بِبَيِّنَةِ رَبِّ السَّلَمِ بِسَلَمٍ وَاحِدٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَيُقَالُ هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ؛ لِأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ إمَّا عَيْنٌ أَوْ دَيْنٌ وَكُلُّ وَجْهٍ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ اتَّفَقَا عَلَى رَأْسِ الْمَالِ وَاخْتَلَفَا فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ أَوْ عَلَى الْقَلْبِ أَوْ اخْتَلَفَا فِيهِمَا، فَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا وَاخْتَلَفَا فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ لَا غَيْرُ، فَقَالَ الطَّالِبُ هَذَا الثَّوْبُ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ، وَقَالَ الْآخَرُ فِي نِصْفِ كُرٍّ أَوْ فِي شَعِيرٍ أَوْ فِي الْحِنْطَةِ الرَّدِيئَةِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ قُضِيَ بِبَيِّنَةِ رَبِّ السَّلَمِ إجْمَاعًا وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي رَأْسِ الْمَالِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا هَذَا الثَّوْبُ، وَقَالَ الْآخَرُ هَذَا الْعَبْدُ وَاتَّفَقَا فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ أَنَّهُ الْحِنْطَةُ أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا هَذَا الثَّوْبُ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ، وَقَالَ الْآخَرُ فِي كُرِّ شَعِيرٍ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ قُضِيَ بِالسَّلَمَيْنِ فَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَرَّ عَلَى أَصْلِهِ وَأَبُو يُوسُفَ يَقُولُ كُلٌّ يَدَّعِي عَقْدًا غَيْرَ مَا يَدَّعِيهِ الْآخَرُ، وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ إنْ اتَّفَقَا فِي رَأْسِ الْمَالِ وَاخْتَلَفَا فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ لِرَبِّ السَّلَمِ وَيُقْضَى بِسَلَمٍ وَاحِدٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ عَلَى الْقَلْبِ فَعَلَى هَذَا الِاخْتِلَافُ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِيهِمَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا عَشَرَةُ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْوَصْفِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ هَذَا أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الرَّدَاءَةِ صَادِقٌ بِمَا إذَا قَالَ أَحَدُهُمَا شَرَطْنَا رَدِيئًا فَقَالَ الْآخَرُ لَمْ نَشْرِطْ شَيْئًا وَبِمَا إذَا ادَّعَى الْآخَرُ اشْتِرَاطَ الْجَوْدَةِ، وَقَالَ الْآخَرُ: إنَّمَا شَرَطْنَا رَدِيَّةً وَالْمُرَادُ الْأَوَّلُ وَلِذَا أَرْدَفَهُ بِقَوْلِهِ لَا لَنَا فِي الْوَصْفِ وَالْأَجَلِ وَلِإِفَادَةِ أَنَّ الرَّدَاءَةَ مِثَالٌ حَتَّى لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا شَرَطْنَا جَيِّدًا، وَقَالَ الْآخَرُ لَمْ نَشْرِطْ شَيْئًا فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي الْبَحْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute