للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ أَيْ بِبَيْعِهَا بِجِنْسِهَا مُتَفَاضِلًا فِي الْعَدَالِي وَالْغَطَارِفَةِ مَعَ أَنَّ الْغِشَّ فِيهَا أَكْثَرُ مِنْ الْفِضَّةِ؛ لِأَنَّهَا أَعَزُّ الْأَمْوَالِ فِي دِيَارِنَا فَلَوْ أُبِيحَ التَّفَاضُلُ فِيهَا يَنْفَتِحُ بَابُ الرِّبَا الصَّرِيحِ فَإِنَّ النَّاسَ حِينَئِذٍ يَعْتَادُونَ فِي الْأَمْوَالِ النَّفِيسَةِ فَيَتَدَرَّجُونَ ذَلِكَ فِي النُّقُودِ الْخَالِصَةِ وَالْغَطَارِفَةُ دَرَاهِمُ مَنْسُوبَةٌ إلَى غِطْرِيفٍ بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الطَّاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ بَعْدَهَا الْيَاءُ وَآخِرُهَا الْفَاءُ ابْنُ عَطَاءٍ الْكِنْدِيُّ أَمِيرُ خُرَاسَانَ أَيَّامَ الرَّشِيدِ وَقِيلَ هُوَ خَالُ الرَّشِيدِ وَالْعَدَالِي بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَبِاللَّامِ الْمَكْسُورَةِ وَهِيَ الدَّرَاهِمُ الْمَنْسُوبَةُ إلَى الْعَدَالِ وَكَأَنَّهُ اسْمُ مَلِكٍ نُسِبَ إلَيْهِ دِرْهَمٌ فِيهِ غِشٌّ، كَذَا فِي الْبِنَايَةِ وَالْغِشُّ بِمَعْنَى الْمَغْشُوشِ وَهُوَ غَيْرُ الْخَالِصِ، كَذَا فِي الْقَامُوسِ.

(قَوْلُهُ: وَالتَّبَايُعُ وَالِاسْتِقْرَاضُ بِمَا يَرُوجُ عَدَدًا أَوْ وَزْنًا أَوْ بِهِمَا) ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ الْعَادَةُ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ بِغَلَبَةِ الْغِشِّ كَالْفُلُوسِ فَيُعْتَبَرُ فِيهَا الْعَادَةُ كَالْفُلُوسِ فَإِنْ كَانَتْ تَرُوجُ بِالْوَزْنِ فَبِهِ وَبِالْعَدِّ فَبِهِ وَبِهِمَا فَبِكُلٍّ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ (وَلَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ لِكَوْنِهَا أَثْمَانًا) يَعْنِي مَا دَامَتْ تَرُوجُ؛ لِأَنَّهَا بِالِاصْطِلَاحِ صَارَتْ أَثْمَانًا فَمَا دَامَ ذَلِكَ الِاصْطِلَاحُ مَوْجُودًا لَا تَبْطُلُ الثَّمَنِيَّةُ لِقِيَامِ الْمُقْتَضَى. قَوْلُهُ (وَتَتَعَيَّنُ بِالتَّعَيُّنِ إنْ كَانَتْ لَا تَرُوجُ) لِزَوَالِ الْمُقْتَضَى لِلثَّمَنِيَّةِ وَهُوَ الِاصْطِلَاحُ وَهَذَا لِأَنَّهَا فِي الْأَصْلِ سِلْعَةٌ وَإِنَّمَا صَارَتْ أَثْمَانًا بِالِاصْطِلَاحِ فَإِذَا تَرَكُوا الْمُعَامَلَةَ بِهَا رَجَعَتْ إلَى أَصْلِهَا وَإِنْ كَانَ يَأْخُذُهَا الْبَعْضُ فَهِيَ مِثْلُ الدَّرَاهِمِ لَا يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِعَيْنِهَا بَلْ بِجِنْسِهَا إنْ كَانَ الْبَائِعُ يَعْلَمُ بِحَالِهَا وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ بِحَالِهَا وَبَاعَهُ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا دَرَاهِمُ جِيَادٌ تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِالْجِيَادِ لِوُجُودِ الرِّضَا بِهَا فِي الْأَوَّلِ وَعَدَمِهِ فِي الثَّانِي وَأَشَارَ بِالتَّعْيِينِ عِنْدَ عَدَمِ رَوَاجِهَا وَبِعَدَمِهِ عِنْدَ رَوَاجِهَا إلَى أَنَّهَا إذَا هَلَكَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ إنْ كَانَتْ رَائِجَةً وَيَبْطُلُ إنْ لَمْ تَكُنْ وَأَطْلَقَ فِي تَعْيِينِهَا وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَا يَعْلَمَانِ بِحَالِهَا وَيَعْلَمُ كُلٌّ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَنَّ الْآخَرَ يَعْلَمُ فَإِنْ كَانَا لَا يَعْلَمَانِ أَوْ لَا يَعْلَمُ أَحَدُهُمَا أَوْ يَعْلَمَانِ وَلَا يَعْلَمُ كُلٌّ أَنَّ الْآخَرَ يَعْلَمُ، فَإِنَّ الْبَيْعَ يَتَعَلَّقُ بِالدَّرَاهِمِ الرَّائِجَةِ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ لَا بِالْمُشَارِ إلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ الَّتِي لَا تَرُوجُ وَإِنْ كَانَ يَقْبَلُهَا الْبَعْضُ وَيَرُدُّهَا الْبَعْضُ فَهِيَ فِي حُكْمِ الزُّيُوفِ وَالنَّبَهْرَجَةِ فَيَتَعَلَّقُ الْبَيْعُ بِجِنْسِهَا لَا بِعَيْنِهَا كَمَا هُوَ فِي الْمُرَابَحَةِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْلَمَ الْبَائِعُ خَاصَّةً ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهَا؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِذَلِكَ وَأَدْرَجَ نَفْسَهُ فِي الْبَعْضِ الَّذِينَ يَقْبَلُونَهَا وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ لَا يَعْلَمُ تَعَلَّقَ الْعَقْدُ عَلَى الْأُرُوجِ فَإِنْ اسْتَوَتْ فِي الرَّوَاجِ جَرَى التَّفْصِيلُ الَّذِي أَسْلَفْنَاهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْبَيْعِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُتَسَاوِي كَغَالِبِ الْفِضَّةِ فِي التَّبَايُعِ وَالِاسْتِقْرَاضِ وَفِي الصَّرْفِ كَغَالِبِ الْغِشِّ) يَعْنِي فَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِهَا وَلَا إقْرَاضُهَا إلَّا بِالْوَزْنِ بِمَنْزِلَةِ الدَّرَاهِمِ الرَّدِيئَةِ لِأَنَّ الْفِضَّةَ مَوْجُودَةٌ فِيهَا حَقِيقَةً وَلَمْ تَصِرْ مَغْلُوبَةً فَيَجِبُ الِاعْتِبَارُ بِالْوَزْنِ شَرْعًا، وَإِذَا أَشَارَ إلَيْهَا فِي الْمُبَايَعَةِ كَانَ بَيَانًا لِقَدْرِهَا وَوَضْعِهَا وَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ بِهَلَاكِهَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَيُعْطِيه مِثْلَهَا لِكَوْنِهَا ثَمَنًا لَمْ تَتَعَيَّنْ، وَأَمَّا فِي الصَّرْفِ فَيَجِبُ بَيْعُهَا بِجِنْسِهَا عَلَى وَجْهِ الِاعْتِبَارِ وَلَوْ بَاعَهَا بِالْفِضَّةِ الْخَالِصَةِ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَكُونَ الْخَالِصُ أَكْثَرَ مِمَّا فِيهِ الْفِضَّةُ؛ لِأَنَّهُ لَا غَلَبَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَيَجِبُ اعْتِبَارُهُمَا، وَفِي الْخَانِيَّةِ إنْ كَانَ نِصْفُهَا صُفْرًا وَنِصْفُهَا فِضَّةً لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ فِيمَا إذَا بِيعَتْ بِجِنْسِهَا وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذُكِرَ هُنَا وَوَجْهُهُ أَنَّ فِضَّتَهَا لَمَّا لَمْ تَصِرْ مَغْلُوبَةً جُعِلَتْ كَأَنَّ كُلَّهَا فِضَّةٌ فِي حَقِّ الصَّرْفِ احْتِيَاطًا.

(قَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَرَى بِهَا أَوْ بِفُلُوسٍ نَافِقَةٍ شَيْئًا وَكَسَدَتْ بَطَلَ الْبَيْعُ) أَيْ اشْتَرَى بِالدَّرَاهِمِ الَّتِي غَلَبَ عَلَيْهَا الْغِشُّ أَوْ بِالْفُلُوسِ وَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا نَافِقًا حَتَّى جَازَ الْبَيْعُ لِقِيَامِ الِاصْطِلَاحِ عَلَى الثَّمَنِيَّةَ وَلِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى الْإِشَارَةِ لِالْتِحَاقِهَا بِالثَّمَنِ وَلَمْ يُسَلِّمْهَا الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ ثُمَّ كَسَدَتْ بَطَلَ الْبَيْعُ وَالِانْقِطَاعُ

ــ

[منحة الخالق]

الْفِضَّةَ أَوْ الذَّهَبَ يَخْلُصَانِ مِنْهُ بِالْإِذَابَةِ فَكَانَا مَوْجُودِينَ حَقِيقَةً وَحُكْمًا حَتَّى يُعْتَبَرَ مَا فِيهِ مِنْ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ مِنْ النِّصَابِ فِي الزَّكَاةِ أَيْضًا بِخِلَافِ الْغِشِّ الْمَغْلُوبِ بِهِمَا؛ لِأَنَّهُ يَحْتَرِقُ وَيَهْلِكُ وَلَا لَوْنَ لَهُ فِي الْحَالِ أَيْضًا إلَخْ وَهُوَ أَفْهَمُ لِلْمَقْصُودِ مِمَّا هُنَا

(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ اشْتَرَى بِهَا أَوْ بِفُلُوسٍ نَافِقَةٍ شَيْئًا وَكَسَدَ بَطَلَ الْبَيْعُ) أَيْ انْفَسَخَ إنْ فَسَخَهُ مَنْ لَهُ الدَّرَاهِمُ لَا مُطْلَقًا كَمَا يُنَبَّهُ عَلَيْهِ بَعْدَ نَحْوِ وَرَقَةٍ وَتَأَمَّلْهُ مَعَ التَّعْلِيلِ لِمَذْهَبِ الْإِمَامِ الْآتِي. اهـ.

قُلْتُ: وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا إنَّمَا بَطَلَ الْعَقْدُ إذَا اخْتَارَ الْمُشْتَرِي إبْطَالَهُ فَسْخًا؛ لِأَنَّ كَسَادَهَا بِمَنْزِلَةِ عَيْبٍ فِيهَا وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ. (قَوْلُهُ: وَالِانْقِطَاعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>