للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَجْزُ الْمُوجِبُ لِلُّزُومِ الْمَالِ فَلَا يَجِبُ. اهـ.

وَفِي الْقُنْيَةِ كَفَلَ بِنَفْسِهِ، وَقَالَ: إنْ عَجَزْت عَنْ تَسْلِيمِهِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَعَلَيَّ الْمَالُ ثُمَّ حُبِسَ بِحَقٍّ أَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ أَوْ مَرَضَ مَرَضًا يَتَعَذَّرُ إحْضَارُهُ يَلْزَمُهُ الْمَالُ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ. اهـ.

وَفِي وَكَالَةِ مُنْيَةِ الْمُفْتِي قَالَ إنْ وَافَيْتُك بِهِ غَدًا فَعَلَيَّ مَا عَلَيْهِ ثُمَّ وَافَى بِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْمَالُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَزِمَهُ إنْ أَحْسَنَ إلَيْهِ. اهـ. يَعْنِي: أَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِغَيْرِ الْمُتَعَارَفِ فَلَمْ تَصِحَّ الْكَفَالَةُ.

قَوْلُهُ (وَمَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مِائَةَ دِينَارٍ فَقَالَ رَجُلٌ إنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ الْمِائَةُ فَلَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ الْمِائَةُ) لِوُجُودِ الشَّرْطِ فَلَزِمَ الْمَالُ قَيَّدَ بِبَيَانِ الْمَالِ عِنْدَ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَعَلَّقَ رَجُلٌ بِآخَرَ، وَقَالَ لِي عَلَيْك دَعْوَى وَلَمْ يُبَيِّنْهَا فَكَفَلَهُ إنْسَانٌ بِالنَّفْسِ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ غَدًا فَعَلَيْهِ مِائَةُ دِينَارٍ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ قَالَا إذَا لَمْ يُوَافِهِ بِهِ لَزِمَتْهُ إذَا ادَّعَاهَا الْمُدَّعِي، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُبَيِّنْهَا وَقْتَ الدَّعْوَى لَمْ تَصِحَّ الدَّعْوَى فَلَمْ يَجِبْ حُضُورُهُ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي فَلَمْ تَصِحَّ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ فَلَمْ تَصِحَّ بِالْمَالِ؛ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهَا وَلَهُمَا أَنَّهُ يُمْكِنُ تَصْحِيحُهَا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِالْإِبْهَامِ فِي الدَّعَاوَى فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ ثُمَّ يُبَيِّنُوهَا عِنْدَهُ دَفْعًا لِلْحِيَلِ فَصَحَّتْ الدَّعْوَى وَالْمُلَازَمَةُ عَلَى احْتِمَالِ الْبَيَانِ، فَإِذَا بَيَّنَ بَعْدَهُ انْصَرَفَ إلَى الْبَيَانِ أَوَّلًا فَظَهَرَ بِهِ صِحَّةُ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ فَصَحَّتْ بِالْمَالِ حَمْلًا عَلَى أَنَّ الْكَفِيلَ كَانَ يَعْلَمُ خُصُوصَ الْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ تَصْحِيحًا لِكَلَامِ الْعَاقِلِ مَا أَمْكَنَ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّا لَا نَحْكُمُ حَالَ صُدُورِهَا بِالْفَسَادِ بَلْ الْأَمْرُ مَوْقُوفٌ عَلَى ظُهُورِ الدَّعْوَى بِذَلِكَ الْقَدْرِ، فَإِذَا ظَهَرَتْ ظَهَرَ أَنَّهُ إنَّمَا كَفَلَ بِالْقَدْرِ الْمُدَّعَى بِهِ وَفِي الْخُلَاصَةِ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَقُلْ الَّتِي عَلَيْهِ فَمَضَى الْغَدُ وَلَمْ يُوَافِ بِهِ وَفُلَانٌ يَقُولُ لَا شَيْءَ عَلَيَّ وَالطَّالِبُ يَدَّعِي أَلْفًا وَالْكَفِيلُ يُنْكِرُ وُجُوبَهُ عَلَى الْأَصِيلِ فَعَلَى الْكَفِيلِ أَلْفُ دِرْهَمٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ فِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَفِي قَوْلِهِ الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. اهـ.

وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْحَاصِلَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَحْدَهُ وَيُسْتَفَادُ بِهَا أَنَّ الْأَلْفَ تَجِبُ عَلَى الْكَفِيلِ بِمُجَرَّدِ دَعْوَى الْمَكْفُولِ لَهُ وَإِنْ كَانَ الْكَفِيلُ يُنْكِرُ وُجُوبَهُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَيَّدَ بِكَوْنِ الْمَالِ عَلَى الْمَكْفُولِ بِالنَّفْسِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى غَيْرِهِ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ كَمَا لَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ فِي يَوْمِ كَذَا فَعَلَيْهِ مَا لِلطَّالِبِ عَلَى فُلَانٍ آخَرَ جَازَ ذَلِكَ اسْتِحْسَانًا وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ وَفِي الْمُحِيطِ جَعَلَ الْخِلَافَ عَلَى الْعَكْسِ وَجَعَلَ أَبَا حَنِيفَةَ مَعَ أَبِي يُوسُفَ وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَكَذَا لَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا كَانَ كَفِيلًا بِنَفْسِ رَجُلٍ آخَرَ كَانَ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافُ. اهـ.

وَلَا بُدَّ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ مِنْ إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمِائَةِ لِمَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ لَوْ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: قَيَّدَ بِبَيَانِ الْمَالِ عِنْدَ الدَّعْوَى) أَرَادَ بِالْبَيَانِ ذِكْرَهُ وَالتَّنْصِيصَ عَلَيْهِ لَا بَيَانَ صِفَتِهِ أَنَّهُ جَيِّدٌ أَوْ رَدِيءٌ مَثَلًا ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْكِتَابِ وِفَاقِيَّةٌ وَالثَّانِي خِلَافِيَّةٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ صُورَتُهَا فِي الْجَامِعِ مُحَمَّدٍ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي رَجُلٍ لَزِمَ رَجُلًا وَادَّعَى عَلَيْهِ مِائَةَ دِينَارٍ فَبَيَّنَهَا أَوْ لَمْ يُبَيِّنْهَا أَوْ لَزِمَهُ وَلَمْ يَدَّعِ مِائَةَ دِينَارٍ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ دَعْهُ فَأَنَا كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ إلَى غَدٍ فَإِنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا فَعَلَيَّ مِائَةُ دِينَارٍ فَرَضِيَ بِذَلِكَ فَلَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا قَالَ عَلَيْهِ الْمِائَةُ دِينَارٍ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا إذَا ادَّعَى ذَلِكَ صَاحِبُ الْحَقِّ أَنَّهُ لَهُ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ ادَّعَى وَلَمْ يُبَيِّنْهَا حَتَّى كَفَلَ بِالْمِائَةِ دِينَارٍ أَوْ ادَّعَاهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ أَلْتَفِتْ إلَى دَعْوَاهُ وَأَرَادَ بِالْوَجْهَيْنِ مَا إذَا بَيَّنَهَا أَيْ ذَكَرَ أَنَّهَا جَيِّدَةٌ أَوْ رَدِيئَةٌ أَوْ وَسَطٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ كَذَا قِيلَ وَإِلَّا فَوَدَّ أَنْ يُرَادَ بِالْوَجْهَيْنِ مَا إذَا ادَّعَى أَيْ ذَكَرَ أَنَّهَا مِائَةٌ بَيَّنَهَا أَوْ لَا وَمَا إذَا لَمْ يَدَّعِ شَيْئًا حَتَّى كَفَلَ لَهُ ثُمَّ ادَّعَى الْمِقْدَارَ الَّذِي سَمَّاهُ. اهـ. وَقَالَ فِي النَّهْرِ: وَقَدْ جَمَعَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بَيْنَهُمَا وَلَوْ تَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ لَكَانَ أَوْلَى.

(قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ مِنْ إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمِائَةِ إلَخْ) يُخَالِفُ هَذَا مَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ حَيْثُ قَالَ: فَإِذَا بَيَّنَ الْمُدَّعِي ذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي يَنْصَرِفُ بَيَانُهُ إلَى ابْتِدَاءِ الدَّعْوَى وَالْمُلَازَمَةِ فَيَظْهَرُ صِحَّةُ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ جَمِيعًا وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي هَذَا الْبَيَانِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي صِحَّةَ الْكَفَالَةِ كَمَنْ كَفَلَ لِرَجُلٍ فِي غَيْبَتِهِ فَلَمَّا حَضَرَ الْغَائِبُ قَالَ إنَّك أَقْرَرْت لِي بِالْكَفَالَةِ فِي الْحَالِ الَّتِي كُنْت غَائِبًا، وَقَالَ الْكَفِيلُ لَا بَلْ كَانَ ذَلِكَ ابْتِدَاءُ كَفَالَةٍ فِي غَيْبَتِك وَلَمْ تَصِحَّ فَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الْغَائِبِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي صِحَّةَ الْكَفَالَةِ وَالْكَفِيلُ يَدَّعِي الْفَسَادَ. اهـ.

وَمِثْلُهُ فِي النِّهَايَةِ، وَقَالَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَيَكُونُ الْقَوْلُ لَهُ فِي هَذَا الْبَيَانِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الصِّحَّةَ وَالْكَفِيلُ يَدَّعِي الْفَسَادَ وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمُدَّعِي أَنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ عِنْدَ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الصِّحَّةَ، وَقَدْ مَرَّ عَنْ الْفَتْحِ قَرِيبًا قَوْلُهُ وَيُسْتَفَادُ بِهَا أَنَّ الْأَلْفَ تَجِبُ عَلَى الْكَفِيلِ بِمُجَرَّدِ دَعْوَى الْمَكْفُولِ لَهُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ تَبَعًا لِلدُّرَرِ وَالْغُرَرِ وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>