للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَفِي الْمُحِيطِ وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُحِيلُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِدُونِ الْبَيِّنَةِ وَالْإِفْلَاسِ لِلْمَيِّتِ بِأَنْ لَمْ يَتْرُكْ مَالًا عَيْنًا وَلَا دَيْنًا وَلَا كَفِيلًا، وَوُجُودُ الْكَفِيلِ يَمْنَعُ مَوْتَهُ مُفْلِسًا عَلَى مَا فِي الزِّيَادَاتِ وَفِي الْخُلَاصَةِ لَا يُمْنَعُ وَإِنَّ الْمُحْتَالَ لَوْ أَبْرَأَ الْكَفِيلَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِدَيْنِهِ عَلَى الْمُحِيلِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَخَذَ الْمُحْتَالُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِالْمَالِ كَفِيلًا، ثُمَّ مَاتَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا لَا يَعُودُ الدَّيْنُ إلَى ذِمَّةِ الْمُحِيلِ سَوَاءٌ كَفَلَ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، وَالْكَفَالَةُ حَالَّةٌ أَوْ مُؤَجَّلَةٌ أَوْ كَفَلَ حَالًّا ثُمَّ أَجَّلَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ كَفِيلٌ وَلَكِنْ تَبَرَّعَ رَجُلٌ، وَرَهَنَ بِهِ رَهْنًا ثُمَّ مَاتَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا عَادَ الدَّيْنُ إلَى ذِمَّةِ الْمُحِيلِ، وَلَوْ كَانَ مُسَلَّطًا عَلَى الْبَيْعِ فَبَاعَهُ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ حَتَّى مَاتَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا بَطَلَتْ الْحَوَالَةُ، وَالثَّمَنُ لِصَاحِبِ الرَّهْنِ، وَلَوْ قَالَ الطَّالِبُ مَاتَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بِلَا تَرِكَةٍ، وَقَالَ الْمُحِيلُ عَنْ تَرِكَةٍ فَالْقَوْلُ لِلطَّالِبِ مَعَ حَلِفِهِ. اهـ.

ثُمَّ قَالَ فِيهَا قَالَ الْمُحِيلُ مَاتَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَعْدَ أَدَاءِ الدَّيْنِ إلَيْكَ، وَقَالَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَلْ قَبْلَهُ وَتَوَى حَقِّي فَلِي الرُّجُوعُ فَالْقَوْلُ لِلْمُحْتَالِ لِتَمَسُّكِهِ بِالْأَصْلِ اهـ.

وَأُورِدَ عَلَى قَوْلِهِمْ لِتَمَسُّكِهِ بِالْأَصْلِ وَهُوَ الْعُسْرَةُ مَا لَوْ أَوْصَى لِفُقَرَاءِ بَنِي فُلَانٍ، وَجَاءَ وَاحِدٌ مِنْ بَنِي فُلَانٍ وَقَالَ أَنَا فَقِيرٌ وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ إنَّهُ غَنِيٌّ فَالْقَوْلُ لِلْوَرَثَةِ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ الْعُسْرَةَ؛ لِأَنَّ الْفَقِيرَ مُدَّعٍ وَلَيْسَ بِدَافِعٍ شَيْئًا عَنْ نَفْسِهِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَفِي مَسْأَلَتِنَا الطَّالِبُ مُنْكِرٌ مَعْنًى لِأَنَّ الْمُحِيلَ بِدَعْوَاهُ أَنَّ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ يَدَّعِي تَوَجُّهَ الْمُطَالَبَةِ عَلَى الْوَرَثَةِ، وَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ ثَابِتَةً عَلَى الْوَارِثِ، وَهَذَا دَعْوَى عَلَى الطَّالِبِ فَإِنَّهُ مَتَى ثَبَتَ ذَلِكَ لَا يَعُودُ الدَّيْنُ عَلَى الْمُحِيلِ وَالطَّالِبُ بِدَعْوَى الْفَقْرِ يُنْكِرُ ذَلِكَ فَقَدْ انْضَمَّ إلَى التَّمَسُّكِ بِالْأَصْلِ الْإِنْكَارُ مَعْنًى وَفِي مِثْلِهِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُتَمَسِّكِ بِالْأَصْلِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ

(قَوْلُهُ فَإِنْ طَالَبَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ الْمُحِيلَ بِمَا أَحَالَ فَقَالَ الْمُحِيلُ: أَحَلْت بِدَيْنٍ لِي عَلَيْك ضَمِنَ مِثْلَ الدَّيْنِ) ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الرُّجُوعِ قَدْ تَحَقَّقَ وَهُوَ قَضَاءُ دَيْنِهِ بِأَمْرِهِ إلَّا أَنَّ الْمُحِيلَ يَدَّعِي عَلَيْهِ دَيْنًا، وَهُوَ يُنْكِرُ وَالْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ وَإِنَّمَا قَالَ مِثْلُ الدَّيْنِ وَلَمْ يَقُلْ بِمَا أَدَّاهُ فَلَوْ كَانَ الْمُحَالُ بِهِ دِرْهَمًا فَأَدَّى دَنَانِيرَ أَوْ عَكْسَهُ صَرْفًا رَجَعَ بِالْمُحَالِ بِهِ، وَكَذَا إذَا أَعْطَاهُ عَرَضًا وَإِنْ أَعْطَاهُ زُيُوفًا بَدَلَ الْجِيَادِ رَجَعَ بِالْجِيَادِ، وَكَذَا لَوْ صَالَحَهُ بِشَيْءٍ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالْمُحَالِ بِهِ إلَّا إذَا صَالَحَهُ عَنْ جِنْسِ الدَّيْنِ بِأَقَلَّ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقَدْرِ الْمُؤَدَّى بِخِلَافِ الْمَأْمُورِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى إلَّا إذَا أَدَّى أَجْوَدَ أَوْ جِنْسًا آخَرَ وَالْكَفِيلُ كَالْحَوِيلِ يَرْجِعُ بِالدَّيْنِ لَا بِمَا أَدَّى إلَّا فِي الصُّلْحِ عَلَى الْأَقَلِّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْكَفَالَةِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ قَوْلِهِ بِمَا أَحَالَ بَعْدَمَا دَفَعَ الْمُحَالَ بِهِ إلَى الْمُحْتَالِ وَلَوْ حُكْمًا؛ لِأَنَّهُ قَبِلَ الدَّفْعَ إلَيْهِ لَا يُطَالِبُهُ إلَّا إذَا طُولِبَ وَلَا يُلَازِمُهُ إلَّا إذَا لُوزِمَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، فَلَوْ أَبْرَأَ الْمُحْتَالُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُحِيلِ وَلَوْ كَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَدْيُونًا لِلْمُحِيلِ، وَقَدْ أَحَالَهُ بِدَيْنِهِ مُقَيَّدًا فَلِلْمُحِيلِ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِدَيْنِهِ بَعْدَ إبْرَاءِ الْمُحْتَالِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا وَلَوْ حُكْمًا؛ لِأَنَّ الْمُحْتَالَ لَوْ وَهَبَهُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ وَلَا رُجُوعَ لِلْمُحِيلِ بِدَيْنِهِ لَوْ كَانَ مَدْيُونُهُ، وَقَدْ أَحَالَهُ بِهِ كَالِاسْتِيفَاءِ وَالْوِرَاثَةُ مِنْ الْمُحْتَالِ كَالْهِبَةِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِيهَا عَنْ الثَّانِي أَحَالَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى إنْسَانٍ فَتَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ بِقَضَاءِ الثَّمَنِ عَنْ الْمُشْتَرِي لَمْ يَرْجِعْ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ تَبَرَّعَ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ يَرْجِعْ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ فَالْقَوْلُ لِلْمُتَبَرِّعِ وَإِنْ مَيِّتًا أَوْ غَائِبًا فَعَنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُعْلَمْ خِلَافُهُ بِإِقْرَارِ الدَّافِعِ

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ الْمُحِيلُ لِلْمُحْتَالِ أَحَلْتُكَ لِتَقْبِضَهُ لِي فَقَالَ الْمُحْتَالُ أَحَلْتَنِي بِدَيْنٍ لِي عَلَيْك فَالْقَوْلُ لِلْمُحِيلِ) ؛ لِأَنَّ الْمُحْتَالَ يَدَّعِي عَلَيْهِ الدَّيْنَ وَهُوَ يُنْكِرُهُ وَلَفْظُ الْحَوَالَةِ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي الْوَكَالَةِ مَجَازًا لِمَا فِي التَّوْكِيلِ مِنْ نَقْلِ التَّصَرُّفِ مِنْ الْمُوَكِّلِ إلَى الْوَكِيلِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ قِيلَ قُلْتُمْ إنَّ الْمُحِيلَ لَا يَمْلِكُ إبْطَالَ الْحَوَالَةِ فَلَوْ لَمْ يُجْعَلْ الْمُحْتَالُ مُسْتَحِقًّا لَمَلَكَ الْمُحِيلُ إبْطَالَهَا؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ فَسْخَ التَّوْكِيلِ بِالْقَبْضِ قُلْنَا الْحَوَالَةُ قَدْ صَحَّتْ وَهِيَ مُحْتَمِلَةٌ أَنْ تَكُونَ بِمَالٍ هُوَ دَيْنٌ عَلَى الْمُحِيلِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَقَامَهُ مُقَامَ نَفْسِهِ فَلَا يَجُوزُ إبْطَالُ الْحَوَالَةِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَفِي الْخُلَاصَةِ لَا يَمْنَعُ وَأَنَّ الْمُحْتَالَ إلَخْ) الَّذِي رَأَيْته فِي الْخُلَاصَةِ نَصُّهُ: وَلَوْ مَاتَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا، وَقَدْ أَعْطَى كَفِيلًا بِالْمَالِ، ثُمَّ أَبْرَأَ صَاحِبُ الْمَالِ الْكَفِيلَ مِنْهُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى صَاحِبِ الْأَصْلِ وَفِي الزِّيَادَاتِ الْمُحْتَالُ لَهُ إذَا أَخَذَ الْكَفِيلُ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ بِالْمَالِ، ثُمَّ مَاتَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا لَا يَعُودُ الدَّيْنُ إلَى ذِمَّةِ الْمُحِيلِ سَوَاءٌ كَفَلَ عَنْهُ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، وَالْكَفَالَةُ حَالَّةٌ أَوْ مُؤَجَّلَةٌ أَوْ كَفَلَ حَالًّا ثُمَّ أَجَّلَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ اهـ.

وَلَمْ أَرَ فِيهَا التَّصْرِيحَ بِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ رُجُوعِهِ عَلَى الْأَصْلِ، وَهُوَ الْمُحِيلُ سَبَبُهُ إبْرَاءُ الْكَفِيلِ وَهُوَ غَيْرُ مَا نَقَلَهُ عَنْ الزِّيَادَاتِ تَأَمَّلْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>