للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالرِّسَالَةُ كَالْكِتَابَةِ. اهـ.

وَلَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا مَجْمُوعًا مَا يَسْتَفِيدُهُ الْقَاضِي بِالتَّوْلِيَةِ، وَقَدْ جَمَعْتُهُ مِنْ مَوَاضِعِهِ فَيَمْلِكُ الْحُكْمَ الثَّابِتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ أَوْ نُكُولٍ عَنْ الْيَمِينِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الشَّرَائِطِ الشَّرْعِيَّةِ لِلْحُكْمِ، وَيَمْلِكُ حَبْسَ الْمُمْتَنِعِ عَنْ أَدَاءِ الْحَقِّ وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ تَعْزِيرٌ وَرَأَى حَبْسَهُ لِقَوْلِهِمْ: إنَّهُ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِهِ، وَيَمْلِكُ إقَامَةَ التَّعَازِيرِ مَا كَانَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى بِلَا طَلَبِ أَحَدٍ وَمَا كَانَ حَقَّ عَبْدٍ بِطَلَبِهِ، وَيَمْلِكُ إقَامَةَ الْحُدُودِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَابِهَا وَفِي تَهْذِيبِ الْقَلَانِسِيِّ أَنَّهَا إلَى الْإِمَامِ، وَأُمَرَاءُ الْأَمْصَارِ دُونَ أُمَرَاءِ السَّوَادِ وَعُمَّالُ الْخَرَاجِ فِي الرَّسَاتِيقِ اهـ.

وَيَمْلِكُ تَزْوِيجَ الْيَتَامَى وَالْأَيْتَامِ حَيْثُ لَا وَلِيَّ لَهُمْ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكْتُبَ فِي مَنْشُورِهِ ذَلِكَ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي بَابِ الْأَوْلِيَاءِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي هَذِهِ تَوْلِيَتُهُ لَهُ قَاضِيَ الْقُضَاةِ وَيَمْلِكُ الِاسْتِخْلَافَ بِالْإِذْنِ الصَّرِيحِ أَوْ بِقَوْلِهِ جَعَلْتُكَ قَاضِيَ الْقُضَاةِ، وَإِلَّا فَلَا يَمْلِكُ وَيَمْلِكُ وِلَايَةَ أَمْوَالِ غَيْرِ الْمُكَلَّفِينَ مِمَّنْ لَا وَلِيَّ لَهُ، وَأَمَّا مَنْ لَهُ وَلِيٌّ فَلَا إلَّا أَنْ يَتَصَرَّفَ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَهُ نَقْضُهُ أَوْ كَانَ مُبَذِّرًا مُسْرِفًا فَلَهُ مَنْعُهُ كَمَا فِي بُيُوعِ الْخَانِيَّةِ، وَيَمْلِكُ وِلَايَةَ الْوُقُوفِ وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ فِي وَقْفِهِ فَشَرْطُهُ بَاطِلٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْوَقْفِ، وَيَبْحَثُ عَنْ وُلَاتِهَا فَيَعْزِلُ الْخَائِنَ عَنْهَا وَلَوْ كَانَ ابْنَ الْوَاقِفِ وَيُحَاسِبُهُمْ وَيُحَلِّفُ مَنْ يَتَّهِمُهُ مِنْهُمْ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْوَقْفِ، وَلَهُ نَصْبُ الْأَوْصِيَاءِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَصِيٌّ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ التَّاسِعِ فِي نَصْبِ الْوَصِيِّ مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ.

قَالَ الْإِمَامُ الْحَلْوَانِيُّ لِلْقَاضِي أَنْ يَنْصِبَ الْوَصِيَّ فِي مَوَاضِعَ إذَا كَانَ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ مَهْرًا كَانَ الدَّيْنُ أَوْ غَيْرَهُ بِشَرْطِ امْتِنَاعِ الْوَارِثِ الْكَبِيرِ مِنْ الْبَيْعِ لِلْقَضَاءِ أَوْ وَصِيَّةً أَوْ صَغِيرَةً فَيَنْصِبُهُ الْقَاضِي لِقَضَاءِ الدَّيْنِ أَوْ لِتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ أَوْ لِحِفْظِ مَالِ الصَّغِيرِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ أَبُو الصَّغِيرِ مُبَذِّرًا مُتْلِفًا لِمَالِ الصَّغِيرِ يَنْصِبُ وَصِيًّا لِحِفْظِ مَالِهِ، وَلَوْ اشْتَرَى الْوَارِثُ مِنْ مُوَرِّثِهِ شَيْئًا ثُمَّ اطَّلَعَ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى عَيْبٍ نَصَّبَ الْقَاضِي وَصِيًّا حَتَّى يَرُدَّهُ الْأَبُ عَلَيْهِ، وَقَيَّدَ الْخَصَّافُ نَصْبَ الْوَصِيِّ فِيمَا إذَا كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ لَهُ وَارِثٌ كَبِيرٌ غَائِبًا بِانْقِطَاعِهِ عَنْ بَلَدِ الْمُتَوَفَّى لَا يَأْتِي وَلَا تَذْهَبُ الْقَافِلَةُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُنْقَطِعًا لَا يَنْصِبُ، وَكَذَا يَنْصِبُ وَصِيًّا عَلَى الصَّغِيرِ عِنْدَ غَيْبَةِ أَبِيهِ، وَاحْتِيجَ إلَى إثْبَاتِ حَقِّ الصَّغِيرِ إنْ كَانَتْ غَيْبَةُ الْأَبِ مُنْقَطِعَةً وَإِلَّا فَلَا وَيَنْصِبُ وَصِيًّا عَنْ الْمَفْقُودِ لِحِفْظِ حُقُوقِهِ وَلَا يَنْصِبُ عَنْ الْغَائِبِ اهـ.

فَهَذِهِ سَبْعَةُ مَوَاضِعَ يَمْلِكُ فِيهَا نَصْبَ الْوَصِيِّ، ثُمَّ رَأَيْتُ ثَامِنًا قَالَ فِي الْقُنْيَةِ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَصَمَّ أَعْمَى أَخْرَسَ فَالْقَاضِي يَنْصِبُ عَنْهُ وَصِيًّا، وَيَأْمُرُ الْمُدَّعِيَ بِالْخُصُومَةِ مَعَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ أَوْ جَدٌّ أَوْ وَصِيُّهُمَا اهـ.

قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ بَعْدَهَا، وَإِنَّمَا يَلِي النَّصْبَ إذَا كَانَ مَأْذُونًا بِالِاسْتِخْلَافِ وَيَنْصِبُ عَدْلًا أَمِينًا كَافِيًا لَا غَرِيبًا لَا يُعْرَفُ، وَيُثْبِتُ ذَلِكَ بِإِخْبَارِ عَدْلٍ، وَيُشْتَرَطُ فِي نَصْبِ الْوَصِيِّ عَلَى الْيَتِيمِ كَوْنُهُ فِي وِلَايَةِ الْقَاضِي لَا التَّرِكَةِ، وَفِي الْوَقْفِ كَوْنُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي وِلَايَتِهِ هَكَذَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَفِيهِ اخْتِلَافٌ وَيَمْلِكُ الْبَيْعَ عَلَى الْمَدْيُونِ لِإِيفَاءِ دَيْنِهِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْحَجْرِ، وَلَهُ وِلَايَةُ إقْرَاضِ اللُّقَطَةِ مِنْ الْمُلْتَقِطِ، وَوِلَايَةُ إقْرَاضِ مَالِ الْغَائِبِ وَلَهُ بَيْعُ مَنْقُولِهِ إذَا خَافَ عَلَيْهِ التَّلَفَ إذَا لَمْ يُعْلَمْ مَكَانُ الْغَائِبِ فَإِذَا عُلِمَ مَكَانُهُ بَعَثَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ حِفْظُ الْعَيْنِ وَالْمَالِيَّةِ دَلَّ هَذَا عَلَى

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَلَا يُنْصَبُ عَلَى الْغَائِبِ) فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَنْ فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ لِلْقَاضِي نَصْبُ الْوَصِيِّ لَوْ كَانَ وَارِثُهُ غَائِبًا، وَيَكْتُبُ فِي نُسْخَةِ الْوِصَايَةِ أَنَّهُ جَعَلَهُ وَصِيًّا وَوَارِثُهُ غَائِبٌ مُدَّةَ السَّفَرِ اهـ.

وَوَفَّقَ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْفُصُولَيْنِ بِإِمْكَانِ حَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَعْرُوفًا، وَلَمْ تَكُنْ غَيْبَتُهُ مُنْقَطِعَةً وَعَلَى مَا لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ الضَّرُورَةُ قَالَ وَسَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُهُ وَتَقَدَّمَ مَا يُؤَيِّدُهُ أَيْضًا اهـ. وَيَأْتِي قَرِيبًا أَنَّ لَهُ إقْرَاضَ مَالِ الْغَائِبِ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ رَأَيْت ثَامِنًا إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ رَجُلٌ مَاتَ وَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ فَادَّعَى إنْسَانٌ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ وَالْوَصِيُّ غَائِبٌ نَصَبَ الْقَاضِي خَصْمًا عَنْ الْمَيِّتِ حَتَّى يُخَاصِمَ الْغَرِيمَ لَيَصِلَ إلَى حَقِّهِ وَفِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي الْمَنْسُوبِ إلَى صَاحِبِ الْمُحِيطِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَنْصِبُ وَصِيًّا يَدَّعِي عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْوَارِثُ غَائِبًا فِي رِوَايَةٍ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ فِي نَصْبِ الْوَصِيِّ عَلَى الْيَتِيمِ إلَخْ) وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّ الصَّحِيحَ اشْتِرَاطُ حُضُورِ الصَّبِيِّ عِنْدَ الْقَاضِي فِي نَصْبِ الْوَصِيِّ لِلُزُومِ الْإِشَارَةِ إلَيْهِ وَفِي مَبْسُوطِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ نَصْبِ الْوَصِيِّ كَوْنُ الْيَتِيمِ أَوْ التَّرِكَةِ فِي وِلَايَتِهِ وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي إذَا نَصَبَ وَصِيًّا فِي تَرِكَةِ أَيْتَامٍ وَهُمْ فِي وِلَايَتِهِ وَالتَّرِكَةُ لَيْسَتْ فِي وِلَايَتِهِ أَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ فِي وِلَايَتِهِ وَالْأَيْتَامُ لَمْ يَكُونُوا فِي وِلَايَتِهِ أَوْ كَانَ بَعْضُ التَّرِكَةِ فِي وِلَايَتِهِ وَالْبَعْضُ لَمْ يَكُنْ فِي وِلَايَتِهِ، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ يَصِحُّ النَّصْبُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَيَكُونُ الْوَصِيُّ وَصِيًّا فِي جَمِيعِ التَّرِكَةِ أَيْنَمَا كَانَتْ التَّرِكَةُ، وَكَانَ رُكْنُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ يَقُولُ مَا كَانَ مِنْ التَّرِكَةِ فِي وِلَايَتِهِ يَصِيرُ وَصِيًّا وَمَا لَا فَلَا أَدَبُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ النَّصْبِ وَتَمَامُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ دَلَّ هَذَا عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>