للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبِي يُوسُفَ وَيَكْتُبُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ. الثَّانِيَةُ لَوْ كَانَ صَاحِبُ الدَّيْنِ حَاضِرًا وَطَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَهُ فَإِذَا أَنْكَرَ بَرْهَنَ لِيَكْتُبَ لَهُ لَمْ يَسْأَلْهُ إجْمَاعًا وَهَذِهِ حُجَّةٌ عَلَى مُحَمَّدٍ فِي السَّابِقَةِ. الثَّالِثَةُ امْرَأَةٌ جَاءَتْ إلَى الْقَاضِي وَقَالَتْ طَلَّقَنِي زَوْجِي فُلَانٌ ثَلَاثًا وَتَزَوَّجْت بِآخَرَ بَعْدَ الْعِدَّةِ وَأَخَافُ إنْكَارَهُ فَاسْأَلْهُ فَإِنْ أَنْكَرَ بَرْهَنْت سَأَلَهُ الْقَاضِي إجْمَاعًا وَهِيَ حُجَّةٌ عَلَى أَبِي يُوسُفَ. الرَّابِعَةُ ادَّعَى أَنَّهُ مُشْتَرٍ دَارًا لَهَا شَفِيعٌ سَلَّمَهَا وَهِيَ فِي بَلَدِ كَذَا وَطَلَبَ أَنْ يَسْمَعَ شُهُودَهُ وَيَكْتُبَ لَا يَكْتُبُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَكْتُبُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا احْتِيَاطًا احْتِرَازًا عَنْ تَضْيِيعِ الْحُقُوقِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمَدْيُونَ أَوْ الْمُشْتَرِيَ أَوْ الْمَرْأَةَ لَوْ قَالَ إنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ وَالشَّفِيعَ وَالزَّوْجَ قَدْ تَعَرَّضَ لِي فِيمَا ادَّعَى فَاسْمَعْ شُهُودِي فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْمَعُ وَيَكْتُبُ. اهـ.

أَطْلَقَ الْقَاضِي فَأَفَادَ أَنَّ قَاضِيَ مِصْرٍ يَكْتُبُ إلَى قَاضِي مِصْرٍ آخَرَ وَإِلَى قَاضِي السَّوَادِ وَالرُّسْتَاقِ وَلَا يَكْتُبُ قَاضِي الرُّسْتَاقِ إلَى قَاضِي مِصْرٍ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ مَعْزِيًّا إلَى الْيَنَابِيعِ ثُمَّ قَالَ وَإِنَّمَا يُقْبَلُ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا أَمَّا إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ إذَا كَانَ فِي الْمِصْرِ قَاضِيَانِ جَازَ كِتَابُهُمَا إلَى بَعْضِهِمَا فِي الْأَحْكَامِ ثُمَّ قَالَ وَإِذَا كَانَ الْكِتَابُ الَّذِي وَرَدَ عَلَيْهِ لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ كَالْوَالِدَيْنِ وَالزَّوْجَةِ جَازَ الْقَضَاءُ بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَرَافَعُوا إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ كِتَابٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ شَهِدَا عَلَى خَصْمٍ حَاضِرٍ حَكَمَ بِالشَّهَادَةِ) لِوُجُودِ الْحُجَّةِ وَشَرْطِ الْحُكْمِ وَهُوَ حُضُورُ الْخَصْمِ وَالْمُرَادُ بِالْخَصْمِ الْحَاضِرِ مَنْ كَانَ وَكِيلًا مِنْ جِهَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ مُسَخَّرًا وَهُوَ مَنْ نَصَبَهُ الْقَاضِي وَكِيلًا عَنْ الْغَائِبِ لِيَسْمَعَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَإِلَّا لَوْ أَرَادَ بِالْخَصْمِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يَبْقَ حَاجَةٌ إلَى الْكِتَابِ إلَى الْقَاضِي الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْخَصْمَ حَاضِرٌ عِنْدَ الْقَاضِي وَقَدْ حَكَمَ عَلَيْهِ وَإِذَا حَكَمَ كَتَبَ بِحُكْمِهِ إلَى قَاضِي الْبَلَدِ الَّتِي فِيهَا الْمُوَكِّلُ لِيَقْتَضِيَ مِنْهُ الْحَقَّ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

(قَوْلُهُ وَكَتَبَ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْمَدْعُوُّ سِجِلًّا) لِئَلَّا يَنْسَى الْوَاقِعَةَ عَلَى طُولِ الزَّمَانِ وَلِيَكُونَ الْكِتَابُ مُذَكِّرًا لَهَا وَإِلَّا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى كِتَابَةِ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَمَّ لِحُضُورِ الْخَصْمِ بِنَفْسِهِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ إلَّا إذَا قُدِّرَ أَنَّهُ غَابَ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ وَجَحَدَهُ فَحِينَئِذٍ يَكْتُبُ لَهُ لِيُسَلِّمَ إلَيْهِ حَقَّهُ أَوْ لِيُنْفِذَ حُكْمَهُ وَفِي الْمِصْبَاحِ السِّجِلُّ كِتَابُ الْقَاضِي وَالْجَمْعُ سِجِلَّاتٌ وَأَسْجَلْتُ لِلرَّجُلِ إسْجَالًا كَتَبْت لَهُ كِتَابًا وَسَجَّلَ الْقَاضِي بِالتَّشْدِيدِ قَضَى وَحَكَمَ وَأَثْبَتَ حُكْمَهُ فِي السِّجِلِّ اهـ.

فَالسِّجِلُّ الْحُجَّةُ الَّتِي فِيهَا حُكْمُ الْقَاضِي وَلَكِنْ هَذَا فِي عُرْفِهِمْ وَفِي عُرْفِنَا السِّجِلُّ كِتَابٌ كَبِيرٌ يُضْبَطُ فِيهِ وَقَائِعُ النَّاسِ وَمَا يَحْكُمُ بِهِ الْقَاضِي وَمَا يَكْتُبُ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ يَحْكُمْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْخَصْمُ حَاضِرًا لَا يَحْكُمُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ عَلَى الْغَائِبِ لَا يَجُوزُ لِمَا عُرِفَ وَلَوْ حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ يَرَى ذَلِكَ ثُمَّ نُقِلَ إلَيْهِ نَفَذَهُ بِخِلَافِ الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ حَيْثُ لَا يَنْفُذُ خِلَافُ مَذْهَبِهِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مَحْكُومٌ بِهِ فَلَزِمَهُ وَالثَّانِي ابْتِدَاءُ حُكْمٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ كَذَا ذَكَرَ الشَّارِحُ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ عَلَى الْغَائِبِ إذَا كَانَ حَنَفِيًّا فَإِنَّ حُكْمَهُ لَا يَنْفُذُ لِقَوْلِهِ يَرَى ذَلِكَ وَهُوَ مُفِيدٌ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ إنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ يَنْفُذُ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ إذَا كَانَ الْقَاضِي شَافِعِيًّا (قَوْلُهُ وَكَتَبَ الشَّهَادَةَ لِيَحْكُمَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ بِهَا وَهُوَ الْكِتَابُ الْحُكْمِيُّ) مَنْسُوبٌ إلَى الْحُكْمِ بِاعْتِبَارِ مَا يَئُولُ إلَيْهِ (وَهُوَ نَقْلُ الشَّهَادَةِ فِي الْحَقِيقَةِ) ؛ لِأَنَّ الْكَاتِبَ لَمْ يَحْكُمْ بِهَا وَإِنَّمَا نَقَلَهَا لِلْمَكْتُوبِ إلَيْهِ لِيَحْكُمَ بِهَا وَلِهَذَا يَحْكُمُ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ بِرَأْيِهِ وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِرَأْيِ الْكَاتِبِ بِخِلَافِ السِّجِلِّ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَالِفَهُ وَيَنْقُضَ حُكْمَهُ وَفِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَرَدَ كِتَابُ قَاضٍ إلَى قَاضٍ آخَرَ فِي حَادِثَةٍ لَا يَرَاهُ الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ وَهِيَ مُخْتَلَفٌ فِيهَا لَا يُنْفِذُهُ وَإِنْ وَرَدَ فِيهَا سِجِلٌّ نَفَذَهُ؛ لِأَنَّ السِّجِلَّ مَحْكُومٌ بِهِ دُونَ الْكِتَابِ وَلِهَذَا لَهُ أَنْ لَا يَقْبَلَ الْكِتَابَ دُونَ السِّجِلِّ. اهـ.

فَقَدْ أَفَادَ عَدَمَ وُجُوبِ قَبُولِ الْكِتَابِ عَلَى الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ وَفِي كِتَابِ الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ مِنْ الظَّهِيرِيَّةِ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ ثِقَةُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَلْوَانِيُّ صَحِبْت كَثِيرًا مِنْ الْقُضَاةِ الْكِبَارِ فَمَا رَأَيْتهمْ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَلَا يَكْتُبُ قَاضِي الرُّسْتَاقِ إلَى قَاضِي مِصْرٍ) قَالَ فِي مِنَحِ الْغَفَّارِ بَعْدَ نَقْلِهِ الْخِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْمِصْرَ هَلْ هُوَ شَرْطٌ لِنَفَاذِ الْقَضَاءِ أَمْ لَا فَحَكَوْا عَنْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ شَرْطٌ وَعَنْ رِوَايَةِ النَّوَادِرِ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَبِهِ يُفْتَى كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ فَعَلَى هَذَا يُفْتَى بِقَبُولِهِ مِنْ قَاضِي رُسْتَاقٍ إلَى قَاضِي مِصْرٍ أَمْ رُسْتَاقٍ اهـ.

وَذَكَرَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ أَنَّهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَدْ صَرَّحَ بِابْتِنَاءِ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْخِلَافِ فِي اشْتِرَاطِ الْمِصْرِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَوْ أَرَادَ بِالْخَصْمِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يَبْقَ حَاجَةٌ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَأَقُولُ فِي الشَّرْحِ إنَّمَا يَكْتُبُ السِّجِلَّ حَتَّى لَا يَنْسَى الْوَاقِعَةَ عَلَى طُولِ الزَّمَانِ وَلِيَكُونَ الْكِتَابُ مُذَكِّرًا لَهَا وَإِلَّا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى كِتَابَةِ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَمَّ بِحُضُورِ الْخَصْمِ نَفْسِهِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ إلَّا إذَا قُدِّرَ أَنَّهُ غَابَ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ وَجَحَدَ الْحُكْمَ فَحِينَئِذٍ يَكْتُبُ لَهُ لِيُسَلِّمَ إلَيْهِ حَقَّهُ أَوْ لِيَنْفُذَ حُكْمُهُ اهـ.

وَهَذَا كَمَا تَرَى صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَصْمِ إمَّا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ وَكِيلُهُ وَأَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ بِالْخَصْمِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَانَ لِلْكِتَابِ إلَى الْآخَرِ مَا قَدْ عَلِمْت مِنْ الْفَوَائِدِ، وَأَمَّا الْقَضَاءُ عَلَى الْمُسَخَّرِ فَالْمَنْقُولُ عَنْ الذَّخِيرَةِ أَنَّ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ قَالَ وَالِاعْتِمَادُ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ مُسَخَّرٌ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ وَإِلَّا نَفَذَ

<<  <  ج: ص:  >  >>