لِغَيْرِهِ أَنْ يُبْطِلَهُ اهـ.
وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى صَلَاحِيَّتِهَا لِلنَّظَّارَةِ عَلَى الْوَقْفِ وَالْوِصَايَةِ عَلَى الْيَتَامَى بِالْأَوْلَى كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَأَمَّا قَضَاءُ الْخُنْثَى فَيَصِحُّ بِالْأُولَى وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ لِشُبْهَةِ الْأُنُوثَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَسْتَخْلِفُ قَاضٍ إلَّا أَنْ يُفَوِّضَ إلَيْهِ ذَلِكَ) ؛ لِأَنَّهُ فَوَّضَ إلَيْهِ الْقَضَاءَ دُونَ التَّقْلِيدِ بِهِ فَلَا يَتَصَرَّفُ فِي غَيْرِ مَا فُوِّضَ إلَيْهِ كَالْوَكِيلِ لَا يُوَكِّلُ بِدُونِ إذْنِ الْمُوَكِّلِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ بِعُذْرٍ أَوْ لَا كَمَا فِي الْعِنَايَةِ فَلَوْ اسْتَخْلَفَ بِلَا إذْنٍ فَحَكَمَ الْخَلِيفَةُ فَأَجَازَهُ الْقَاضِي جَازَ حَيْثُ كَانَ الْخَلِيفَةُ أَهْلًا لِلْقَضَاءِ فَإِنْ كَانَ رَقِيقًا أَوْ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ أَوْ كَافِرًا لَمْ يَجُزْ وَكَذَا إذَا قَضَى بِحَضْرَةِ الْقَاضِي كَمَا فِي الْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حُضُورُ رَأْيِهِ وَفِي آخِرِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْقَاضِي لَوْ قَضَى فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ يَوْمَيْنِ بِأَنْ كَانَ لَهُ وِلَايَةُ الْقَضَاءِ فِي يَوْمَيْنِ مِنْ كُلِّ أُسْبُوعٍ لَا غَيْرُ فَقَضَى فِي الْأَيَّامِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ لَهُ وِلَايَةُ الْقَضَاءِ فَإِذَا جَاءَتْ نَوْبَتُهُ أَجَازَ مَا قَضَى جَازَتْ اهـ فَدَخَلَ الْفُضُولِيُّ فِي الْقَضَاءِ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْقَاضِي وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ إجَازَةَ قَضَاءِ الْفُضُولِيِّ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِ الْفُضُولِيِّ خَلِيفَةً مِنْ قَاضٍ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الِاسْتِخْلَافِ بَلْ لَوْ قَضَى فُضُولِيٌّ بِلَا اسْتِخْلَافٍ أَصْلًا فَأَجَازَهُ الْقَاضِي جَازَ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُمْ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ مَعْنَاهُ الْوَكَالَةُ بِالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَنَحْوِهِمَا أَمَّا الْوَكِيلُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ إذَا أَجَازَ أَوْ حَضَرَ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ عِبَارَتُهُ كَمَا فِي الْمُنْيَةِ وَشَمِلَ التَّفْوِيضُ إلَيْهِ مَا إذَا كَانَ صَرِيحًا بِأَنْ قَالَ لَهُ وَلِّ مَنْ شِئْت أَوْ دَلَالَةً كَجَعَلْتُكَ قَاضِيَ الْقُضَاةِ وَالدَّلَالَةُ هُنَا أَقْوَى؛ لِأَنَّ فِي الصَّرِيحِ الْمَذْكُورِ يَمْلِكُ الِاسْتِخْلَافَ لَا الْعَزْلَ وَفِي الدَّلَالَةِ يَمْلِكُهُمَا كَقَوْلِهِ وَلِّ مَنْ شِئْت وَاسْتَبْدِلْ مَنْ شِئْت فَإِنَّ قَاضِيَ الْقُضَاةِ هُوَ الَّذِي يَتَصَرَّفُ فِيهِمْ مُطْلَقًا تَقْلِيدًا وَعَزْلًا وَإِذَا قَالَ لَهُ وَلِّ مَنْ شِئْت وَاسْتَخْلِفْ كَانَ نَائِبًا عَنْ الْإِمَامِ فِي التَّوْلِيَةِ فَلَا يَمْلِكُ عَزْلَهُ كَالْوَكِيلِ إذَا وُكِّلَ بِإِذْنٍ وَلَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ وَيَنْعَزِلَانِ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ حَيْثُ يَمْلِكُ الْإِيصَاءَ إلَى غَيْرِهِ وَيَمْلِكُ التَّوْكِيلَ وَالْعَزْلَ فِي حَيَاتِهِ لِرِضَى الْمُوصِي بِذَلِكَ دَلَالَةً لَعَجَزَهُ بِخِلَافِ الْإِمَامِ وَالْمُوَكِّلِ وَبِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ فَإِنَّ لَهُ الْإِعَارَةَ بِشَرْطِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ مَلَكَ تَمْلِيكَهَا وَفِي الْمُلْتَقَطِ الْقَاضِي إذَا اسْتَخْلَفَ خَلِيفَةً فَقَضَى لِلْقَاضِي لَا يَجُوزُ وَالطَّرِيقُ فِيهِ أَنْ يَتَحَاكَمَا أَوْ يَنْصِبَ الْإِمَامُ قَاضِيًا آخَرَ لِهَذِهِ الْحَادِثَةِ. اهـ.
وَفِي السِّرَاجِيَّةِ الْقَاضِي إذَا وَقَعَتْ لَهُ حَادِثَةٌ أَوْ لِوَلَدِهِ فَأَنَابَ غَيْرَهُ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْإِنَابَةِ تَخَاصَمَا عِنْدَهُ وَقَضَى لَهُ أَوْ لِوَلَدِهِ جَازَ الْقَاضِي إذَا قَضَى لِلْإِمَامِ الَّذِي قَلَّدَهُ الْقَضَاءَ أَوْ لِوَلَدِ الْإِمَامِ جَازَ اهـ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ كَمَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَفِي الْخُلَاصَةِ الْخَلِيفَةُ إذَا أَذِنَ لِلْقَاضِي فِي الِاسْتِخْلَافِ فَاسْتَخْلَفَ رَجُلًا وَأَذِنَ لَهُ فِي الِاسْتِخْلَافِ جَازَ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ ثُمَّ وَثُمَّ اهـ.
وَفِيهَا وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يُثْبِتُوا قَضَاءَ الْخَلِيفَةِ عِنْدَ الْقَاضِي الْأَصْلِيِّ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَثْبَتُوا قَضَاءَ
ــ
[منحة الخالق]
قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَسْتَخْلِفُ قَاضٍ إلَّا أَنْ يُفَوِّضَ إلَيْهِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُوَلِّيَ الْقَضَاءَ غَيْرَهُ إلَّا إذَا كَانَ مَكْتُوبًا فِي مَنْشُورِهِ ذَلِكَ أَوْ قِيلَ لَهُ مَا صَنَعْت مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ وَلَّى غَيْرَهُ مِنْ غَيْرِ هَذَا يَكُونُ قَضَاؤُهُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْأَوَّلِ (م) وَلَوْ أَنَّ الْخَلِيفَةَ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الِاسْتِخْلَافِ فَأَمَرَ رَجُلًا فَحَكَمَ بَيْنَ اثْنَيْنِ لَمْ يَجُزْ حُكْمُهُ ثُمَّ إنَّ الْقَاضِيَ لَوْ أَجَازَ ذَلِكَ الْحُكْمَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ بِحَالٍ يَجُوزُ حُكْمُهُ لَوْ كَانَ قَاضِيًا جَازَ إمْضَاءُ الْقَاضِي حُكْمَهُ وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ لَا يَجُوزُ حُكْمُهُ لَوْ كَانَ قَاضِيًا يُنْظَرُ إنْ كَانَ مِمَّا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْفُقَهَاءُ كَالْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ جَازَ إمْضَاؤُهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا لَمْ يَجُزْ وَإِنْ كَانَ الْخَلِيفَةُ أَذِنَ لِلْقَاضِي فِي الِاسْتِخْلَافِ فَاسْتَخْلَفَ غَيْرَهُ جَازَ فَهَذَا الْقَاضِي الثَّانِي يَصِيرُ قَاضِيًا مِنْ جِهَةِ الْخَلِيفَةِ لَا مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي الْأَوَّلِ حَتَّى لَوْ أَرَادَ الْقَاضِي الْأَوَّلُ أَنْ يَعْزِلَ الثَّانِيَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا إذَا قَالَ الْخَلِيفَةُ لِلْأَوَّلِ تَسْتَبْدِلُ مَنْ شِئْت. اهـ.
(قَوْلُهُ فَدَخَلَ الْفُضُولِيُّ فِي الْقَضَاءِ) الْمُصَرَّحُ بِهِ أَنَّ الْقَضَاءَ عَقْدٌ مِنْ الْعُقُودِ وَإِنَّ كُلَّ عَقْدٍ لَا مُجِيزَ لَهُ حَالَ صُدُورِهِ مِنْ الْفُضُولِيِّ لَا يَتَوَقَّفُ فَكَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَضَاءُ الْفُضُولِيِّ إنْ كَانَ لَهُ مُجِيزٌ حَالَ صُدُورِهِ يَتَوَقَّفُ وَمَا لَا فَلَا كَدَارِ الْحَرْبِ حَيْثُ لَا سُلْطَانَ وَلَا قَاضِي وَلَوْ قَضَى بَعْدَ مَنْعِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْقُوفًا وَفَتْوَى مَنْ أَفْتَى بِعَدَمِ الصِّحَّةِ مَحْمُولَةٌ عَلَى عَدَمِ النَّفَاذِ حَتَّى يُجَازَ وَبِعَدَمِ صِحَّةِ إجَازَتِهِ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِجَازَةِ الْإِجْمَالِيَّةِ فَتَأَمَّلْ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ كَذَا بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ.
(قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ بَلْ هُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِمْ كُلَّمَا صَحَّ التَّوْكِيلُ إذَا بَاشَرَهُ الْفُضُولِيُّ يَتَوَقَّفُ وَفِي قَوْلِهِمْ كُلُّ عَقْدٍ صَدَرَ وَلَهُ مُجِيزٌ حَالَ وُقُوعِهِ انْعَقَدَ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَتِهِ وَالْقَضَاءُ عَقْدٌ مِنْ الْعُقُودِ الشَّرْعِيَّةِ يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيهِ بِشَرْطِهِ تَأَمَّلْ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ (قَوْلُهُ الْقَاضِي إذَا قَضَى لِلْإِمَامِ الَّذِي قَلَّدَهُ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَجْهُهُ أَنَّ الْقَاضِيَ نَائِبٌ عَنْ الْعَامَّةِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَمْ يَكُنْ فِعْلُهُ مَنْسُوبًا إلَيْهِ وَمَنْ قَالَ بِأَنَّ الْقَاضِيَ نَائِبٌ عَنْ السُّلْطَانِ فَلَعَلَّ وَجْهَهُ عِنْدَهُ انْحِصَارُ الطَّرِيقِ فِيهِ إذْ الْحُكْمُ مِنْ الْإِمَامِ بِمَنْزِلَةِ الْقَاضِي الْمُوَلَّى فَلَا طَرِيقَ إلَى التَّحْكِيمِ فَجَازَ ذَلِكَ فَتْحًا لِبَابِ الْقَضَاءِ لَهُ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْحُكْمَ مِنْ الْإِمَامِ بِمَنْزِلَةِ الْقَاضِي وَلَمْ أَرَ مَنْ حَرَّرَ ذَلِكَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ كَمَا فِي السِّرَاجِيَّةِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ فَثَبَتَ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ وَجْهُ مَا فِي السِّرَاجِيَّةِ أَنَّ الْخَلِيفَةَ لَيْسَ نَائِبًا عَنْهُ وَإِنَّمَا هُوَ نَائِبٌ عَنْ السُّلْطَانِ أَوْ الْعَامَّةِ فَانْقَطَعَتْ النِّسْبَةُ لَكِنْ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ أَنَّهُمْ نُوَّابُ الْقَاضِي فِي زَمَانِنَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَعَلَيْهِ يَنْبَغِي تَرْجِيحُ مَا فِي الْمُلْتَقَطِ لِمَا فِي قَضَائِهِ لَهُ مِنْ التُّهْمَةِ إذْ فِعْلُ النَّائِبِ كَفِعْلِهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَضَى لِنَفْسِهِ وَلَمْ أَرَ مَنْ رَجَّحَ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ