للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالنَّسَبِ لَهُ اهـ.

مَا فِي الْمُحِيطِ وَفِيهِ وَالشَّهَادَةُ بِعِتْقِ الْأَمَةِ كَالشَّهَادَةِ بِطَلَاقِ الْمَرْأَةِ اهـ.

قُلْتُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الشَّهَادَةُ بِالْوَقْفِ كَالْعِتْقِ وَلَمْ أَرَ نَقْلًا فِي الشَّهَادَةِ بِأَنَّ الْوَقْفَ مِلْكٌ أَوْ بِتَزْوِيرِ شَرَائِطِ الْوَقْفِ أَوْ بِأَنَّ الْوَاقِفَ أَخْرَجَ فُلَانًا وَأَدْخَلَ فُلَانًا زُورًا إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْقَضَاءُ وَظَاهِرُ مَا فِي الْهِدَايَةِ أَنَّ مَا عَدَا الْأَمْلَاكَ الْمُرْسَلَةَ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ بَاطِنًا حَيْثُ قَالَ وَكُلُّ شَيْءٍ قَضَى بِهِ الْقَاضِي إلَى آخِرِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّحْرِيمَ يَشْمَلُ الْقَصْدِيَّ وَالضِّمْنِيَّ خُصُوصًا إذَا قُلْنَا بِأَنَّ الْوَقْفَ مِنْ قَبِيلِ الْإِسْقَاطِ فَهُوَ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَعَلَى هَذَا فَاللَّقَبُ لَيْسَ بِعَامٍّ لِخُرُوجِ النَّسَبِ عَنْ الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ مَعَ أَنَّ فِي دُخُولِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ تَحْتَ الْفَسْخِ إشْكَالًا؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مُقَابِلُ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ لَا يَنْقُصُ الْعَدَدَ وَالطَّلَاقُ يَنْقُصُهُ وَقَدَّمْنَا مَا فِي الْإِيضَاحِ وَقَوْلُهُمْ إنَّ الْمَسْأَلَةَ مُلَقَّبَةٌ بِالْقَضَاءِ بِالْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَنْظُرَ فِيهِ إلَى الْمَعْنَى لِكَوْنِهِ عَلَمًا فِيهِ وَلَوْ حَذَفَ الْأَمْلَاكَ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ مَا إذَا شَهِدُوا بِزُورٍ بِدَيْنٍ لَمْ يُبَيِّنُوا سَبَبَهُ فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ وَإِذَا لَمْ يَنْفُذْ بَاطِنًا فِي الْأَمْلَاكِ الْمُرْسَلَةِ لَمْ يَحِلَّ لِلْمَقْضِيِّ لَهُ الْوَطْءُ وَالْأَكْلُ وَاللُّبْسُ وَحَلَّ لَلْمَقْضِيّ عَلَيْهِ لَكِنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ سِرًّا؛ لِأَنَّهُ لَوْ فَعَلَهُ جَهْرًا فَسَّقَهُ النَّاسُ أَوْ عَزَّرُوهُ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِرْثَ حُكْمُهُ حُكْمِ الْأَمْلَاكِ الْمُطْلَقَةِ فَلَا يَنْفُذُ الْقَضَاءُ بِالشُّهُودِ زُورًا فِيهِ بَاطِنًا اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَ مِلْكًا بِسَبَبٍ وَسَيَأْتِي الِاخْتِلَافُ فِي بَابِ اخْتِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ فِي أَنَّ الْإِرْثَ مُطْلَقٌ أَوْ بِسَبَبٍ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ مُطْلَقٌ وَاخْتَارَ فِي الْكَنْزِ أَنَّهُ بِسَبَبٍ وَلِذَا قَالَ فِي الْبَدَائِعِ فِي الْجَوَابِ عَنْ حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ مَرْفُوعًا «إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ فَمَنْ قَضَيْت لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ» أَنَّهُ قَالَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي مَوَارِيثَ دُرِسَتْ وَالْمِيرَاثُ وَمُطْلَقُ الْمِلْكِ سَوَاءٌ فِي الدَّعْوَى وَبِهِ نَقُولُ. اهـ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُمَا لَمَّا قَالَا بِعَدَمِ النَّفَاذِ بَاطِنًا اخْتَلَفَا فَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَحِلُّ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَحِلُّ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَطْؤُهَا فِي الظَّاهِرِ، وَأَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَلَا يَحِلُّ لِأَنَّ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ بِوُقُوعِ الْفُرْقَةِ بَاطِنًا صَارَ شُبْهَةً لَهُ فَيَحْرُمُ الْوَطْءُ احْتِيَاطًا وَصَارَ كَمَا إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ كَرِهَ مُحَمَّدٌ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا قَبْلَ الْمُحَلِّلِ بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَفِيهَا وَلَوْ تَزَوَّجَهَا الثَّانِي وَدَخَلَ بِهَا وَفَارَقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا الْأَوَّلُ أَمَّا عِنْدَهُمَا فَلِأَنَّ نِكَاحَ الْأَوَّلِ قَائِمٌ لَكِنَّهُمَا يُجَدِّدَانِ النِّكَاحَ حَتَّى لَا يُتَّهَمَا، وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّ الْفُرْقَةَ بِالثَّلَاثِ وَاقِعَةٌ فَيَكُونُ الزَّوْجُ الثَّانِي مُثْبِتًا لِلْحِلِّ هَذَا إذَا فَارَقَهَا الزَّوْجُ الثَّانِي بِطَلَاقٍ بِاخْتِيَارِهِ فَأَمَّا إذَا شَهِدَا عَلَيْهِ زُورًا بِالثَّلَاثِ وَقَضَى الْقَاضِي بِالْفُرْقَةِ حَلَّ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ مَنْ شَاءَتْ مِنْ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَالشَّاهِدَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ مَنْكُوحَةَ الْأَوَّلِ فَلَا تَتَزَوَّجُ إلَّا مِنْ الْأَوَّلِ. اهـ.

وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي يُحِلُّ مَا كَانَ حَرَامًا فِي مُعْتَقَدِ الْمُقَضَّى لَهُ وَلِذَا قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ فَخَاصَمَهَا إلَى قَاضٍ يَرَاهَا رَجْعِيَّةً بَعْدَ الدُّخُولِ فَقَضَى بِكَوْنِهَا رَجْعِيَّةً وَالزَّوْجُ يَرَى أَنَّهَا بَائِنَةٌ أَوْ ثَلَاثًا فَإِنَّهُ يَتَّبِعُ رَأْيَ الْقَاضِي عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَيَحِلُّ لَهُ الْمُقَامُ مَعَهَا وَقِيلَ إنَّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لَا يَسَعُهُ الْمُقَامُ مَعَهَا وَإِنْ تَرَافَعَا إلَى قَاضٍ آخَرَ بَعْدَ الْقَضَاءِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَا يَنْقُضُهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ رَأْيِهِ وَهَذَا إذَا قَضَى لَهُ فَإِنْ قَضَى عَلَيْهِ بِالْبَيْنُونَةِ أَوْ الثَّلَاثِ وَالزَّوْجُ لَا يَرَاهُ يَتْبَعُ رَأْيَ الْقَاضِي إجْمَاعًا.

وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الزَّوْجُ عَالِمًا لَهُ رَأْيٌ وَاجْتِهَادٌ فَإِنْ كَانَ عَامِّيًّا اتَّبَعَ رَأْيَ الْقَاضِي سَوَاءٌ قَضَى لَهُ أَوْ عَلَيْهِ وَهَذَا إذَا قَضَى لَهُ أَمَّا إنْ أَفْتَى لَهُ فَهُوَ عَلَى الِاخْتِلَافِ السَّابِقِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُفْتِي فِي حَقِّ الْجَاهِلِ بِمَنْزِلَةِ رَأْيِهِ وَاجْتِهَادِهِ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَفِي آخِرِ النُّتَفِ اعْلَمْ أَنَّ الْقَضَاءَ لَا يَهْدِمُ الْقَضَاءَ وَالرَّأْيَ لَا يَهْدِمُ الرَّأْيَ وَالْقَضَاءُ يَهْدِمُ الرَّأْيَ وَالرَّأْيُ لَا يَهْدِمُ الْقَضَاءَ مِثَالُ الْأَوَّلِ ظَاهِرٌ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ حَيْثُ قَالَ وَكُلُّ شَيْءٍ قَضَى بِهِ الْقَاضِي إلَخْ) عِبَارَةُ الْهِدَايَةِ وَكُلُّ شَيْءٍ قَضَى بِهِ الْقَاضِي فِي الظَّاهِرِ بِتَحْرِيمِهِ فَهُوَ فِي الْبَاطِنِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ فَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تَحِلُّ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَحِلُّ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَطْؤُهَا) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي أَغْلِبْ النُّسَخِ فَقَالَ مُحَمَّدٌ يَحِلُّ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَطْؤُهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَحِلُّ وَهُوَ الصَّوَابُ وَقَوْلُهُ فِي الظَّاهِرِ صَوَابُهُ فِي الْبَاطِنِ وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَلَا يَحِلُّ الصَّوَابُ إسْقَاطُهُ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى التَّعْلِيلِ وَعِبَارَةُ الْوَلْوَالِجيَّةِ هَكَذَا، وَأَمَّا الزَّوْجُ الْأَوَّلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا فِي الظَّاهِرِ، وَأَمَّا فِي الْبَاطِنِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ يَحِلُّ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ إلَخْ اهـ. مُلَخَّصًا.

وَقَوْلُهُ وَصَارَ كَمَا إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً إلَخْ هَكَذَا رَأَيْته فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ كَمَا هُنَا فَتَأَمَّلْهُ وَلَعَلَّ مَعْنَى قَوْلِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَيْ شَهِدَا زُورًا بِطَلَاقِهَا ثَلَاثًا ثُمَّ رَأَيْت الْمَسْأَلَةَ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ حَيْثُ قَالَ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِغَيْرِ وَلِيٍّ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا إلَخْ فَسَقَطَ مِنْ عِبَارَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ قَوْلُهُ بِلَا وَلِيٍّ فَوَقَعَ الْخَلَلُ (قَوْلُهُ مِنْ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَالشَّاهِدَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلُ) كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَتْبَعُ رَأْيَ الْقَاضِي عِنْدَ مُحَمَّدٍ إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ وَالْوَجْهُ عِنْدِي قَوْلُ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ اتِّصَالَ الْقَضَاءِ بِالِاجْتِهَادِ الْكَائِنِ لِلْقَاضِي يُرَجِّحُهُ عَلَى اجْتِهَادِ الزَّوْجِ وَالْأَخْذُ بِالرَّاجِحِ مُتَعَيِّنٌ وَكَوْنُهُ لَا يَرَاهُ حَلَالًا إنَّمَا يَمْنَعُهُ مِنْ الْقُرْبَانِ قَبْلَ الْقَضَاءِ أَمَّا بَعْدَهُ وَبَعْدَ نَفَاذِهِ بَاطِنًا كَمَا فُرِضَتْ الْمَسْأَلَةُ فَلَا اهـ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ عَامِّيًّا) ظَاهِرُ الْمُقَابَلَةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَامِّيِّ غَيْرُ الْمُجْتَهِدِ سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا أَوْ جَاهِلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>