للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْأُوزْجَنْدِيُّ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ فِيهِ ابْتِدَاءَ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّ زَوْجَهَا قَالَ لَهَا إنْ دَخَلَ فُلَانٌ الدَّارَ فَأَنْتِ كَذَا وَقَدْ دَخَلَ فُلَانُ الْغَائِبُ الدَّارَ وَبَرْهَنَتْ حَيْثُ يُقْبَلُ اتِّفَاقًا وَاَلَّذِي يَفْعَلُهُ النَّاسُ فِيمَا إذَا أَرَادُوا إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْغَائِبِ أَنَّهُ وَكَّلَهُ فِي قَبْضِ حُقُوقِهِ عَلَى النَّاسِ يَدَّعِي وَاحِدٌ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ الْغَائِبَ عَلَّقَ تِلْكَ الْوَكَالَةَ بِبَيْعِ هَذَا الْحَاضِرِ دَارِهِ مِنْ فُلَانٍ بِكَذَا وَقَدْ بَاعَ هَذَا دَارِهِ مِنْ فُلَانٍ وَتَحَقَّقَ الشَّرْطُ وَصَارَ هُوَ وَكِيلًا عَنْ الْغَائِبِ فِي الْقَبْضِ وَلِمُوَكِّلِهِ عَلَى هَذَا الْمُحْضَرِ كَذَا فَيَقُولُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ نَعَمْ إنَّهُ وَكَّلَهُ كَمَا ذَكَرَ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ فَيُقِيمُ الْوَكِيلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى وُجُودِ الشَّرْطِ فَيَقْضِي الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ وَالْوَكَالَةُ لَا تَصِحُّ إلَّا عَلَى اخْتِيَارِ الْإِمَامِ الْأُوزْجَنْدِيِّ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ الْغَائِبِ.

كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفَرْقُهُمْ بَيْنَ سَبَبٍ وَسَبَبٍ وَبَيْنَ السَّبَبِ وَالشَّرْطِ عَلَى الصَّحِيحِ أَدَلُّ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ بِنَفَاذِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ فِي أَظْهَرْ الرِّوَايَتَيْنِ إنَّمَا هُوَ فِي قَضَاءِ الشَّافِعِيِّ وَأَمَّا الْحَنَفِيُّ فَلَا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا مَعْنَى لِلْفَرْقِ الْمَذْكُورِ وَمِنْ مَسَائِلِ الشَّرْطِ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِتَزَوُّجِهِ عَلَيْهَا فَبَرْهَنَتْ أَنَّهُ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فُلَانَةَ الْغَائِبَةَ عَنْ الْمَجْلِسِ هَلْ تُسْمَعُ حَالَ غَيْبَةِ فُلَانَةَ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ فِي حَقِّ الْحَاضِرَةِ وَالْغَائِبَةِ فَلَا طَلَاقَ وَلَا نِكَاحَ وَمِنْ فُرُوعِهِ ادَّعَتْ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَفَلَ بِمَهْرِهَا عَنْ زَوْجِهَا لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَأَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْكَفَالَةِ وَأَنْكَرَ الْعِلْمَ بِوُقُوعِ الثَّلَاثِ فَبَرْهَنَتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا يُحْكَمُ لَهَا بِالْمَهْرِ عَلَى الْحَاضِرِ لَا بِالْفُرْقَةِ عَلَى الْغَائِبِ. اهـ.

وَقَدْ عُلِمَتْ حِيلَةُ إثْبَاتِ الْعِتْقِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَفِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ رَجُلٌ لَهُ عَلَى عَبْدٍ مَأْذُونٍ دَيْنٌ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى رَجُلٍ أَنَّك كَفَلْت لِي عَنْهُ بِكَذَا إنْ أَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ وَقَدْ أَعْتَقَهُ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِالْعِتْقِ وَالْمَالِ وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى وَالْعَبْدُ غَائِبَيْنِ؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ سَبَبُ ضَمَانِ الْمَوْلَى قِيمَةَ الْعَبْدِ الْمَدْيُونِ لِغَرِيمِهِ فَكَانَ شَرْطًا مُلَائِمًا لَا تَعْلِيقًا مَحْضًا فَصَحَّ الِالْتِزَامُ بِهِ وَنَابَ الْحَاضِرُ فِي الْخُصُومَةِ عَنْ الْغَائِبِ اهـ.

وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الشَّرْطِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَأَمَّا حِيلَةُ إثْبَاتِ طَلَاقِ الْغَائِبِ فَكُلُّهَا عَلَى الضَّعِيفِ مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ كَالسَّبَبِ فَمِنْهَا حِيلَةُ الْكَفَالَةِ بِمَهْرِهَا مُعَلَّقَةً بِطَلَاقِهِ وَمِنْهَا دَعْوَاهَا كَفَالَةً بِنَفَقَةِ الْعِدَّةِ مُعَلَّقَةً بِالطَّلَاقِ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَمَعَ هَذَا لَوْ حَكَمَ بِالْحُرْمَةِ نَفَذَ لِاخْتِلَافِ الْمَشَايِخِ اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ فَصْلِ دَعْوَى النِّكَاحِ ادَّعَى عَلَيْهَا أَنَّ زَوْجَهَا الْغَائِبَ طَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَتَزَوَّجَهَا فَأَقَرَّتْ بِزَوْجِيَّةِ الْغَائِبِ وَأَنْكَرَتْ طَلَاقَهُ فَبَرْهَنَ عَلَيْهَا بِالطَّلَاقِ يَقْضِي عَلَيْهَا بِأَنَّهَا زَوْجَةُ الْحَاضِرِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ إذَا حَضَرَ الْغَائِبُ اهـ.

وَقَدَّمْنَا حِيلَتَيْنِ لِإِثْبَاتِ الدَّيْنِ عَلَى غَائِبِ الْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ، وَأَمَّا حِيلَةُ إثْبَاتِ الرَّهْنِ عَلَى الْغَائِبِ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مَعْزُوًّا الْمُرْتَهِنُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ الْقَاضِي يُقِيمُ رَجُلًا يَدَّعِي رَقَبَةَ الرَّهْنِ فَيُبَرْهِنُ ذُو الْيَدِ أَنَّهُ رَهَنَ عِنْدَهُ فَيَحْكُمُ بِهِ الْقَاضِي وَفِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ لَا تُقْبَلُ إذْ فِيهِ حُكْمٌ عَلَى غَائِبٍ وَتُقْبَلُ فِي رِوَايَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا رَهَنَ عِنْدَهُ فَقَدْ اسْتَحْفَظَهُ فَصَارَ خَصْمًا فِي إثْبَاتِ الْمِلْكِ لِلرَّاهِنِ اهـ.

وَأَمَّا حِيلَةُ الْحُكْمِ بِسُقُوطِ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ الْمَاضِيَتَيْنِ فَالْقُضَاةُ الْآنَ يَجْعَلُونَهَا بِصُورَةٍ إنْ كَانَتْ لَهَا نَفَقَةٌ وَكِسْوَةٌ عَلَيَّ فَهِيَ طَالِقٌ بَائِنٌ فَيَدَّعِي عَلَيْهِ ذُو حِسْبَةٍ عِنْدَ حَنَفِيٍّ بِوُقُوعِهِ لِكَوْنِهَا لَازِمَةً عَلَيْهِ وَيُطَالِبُهُ بِالتَّفْرِيقِ فَيُجِيبُ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَفَرْقُهُمْ بَيْنَ سَبَبٍ وَسَبَبٍ إلَخْ) تَقَدَّمَ جَوَابُهُ قَبْلَ نَحْوِ أَرْبَعَةٍ أَوْرَاقٍ (قَوْلُهُ وَمِنْ مَسَائِلِ الشَّرْطِ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَلَّقَ طَلَاقَهَا إلَخْ) أَيْ مُعَزِّيًا إلَى فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ وَفِيهِ ثُمَّ قَالَ أَيْ رَشِيدُ الدِّينِ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْجَوَابِ فِيمَا لَوْ كَانَ ثُبُوتُ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ شَرْطًا لِلْمُدَّعِي عَلَى الْحَاضِرِ يَنْظُرُ لَوْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ الْغَائِبُ كَدُخُولِ الدَّارِ وَغَيْرِهِ يَصِيرُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْهُ لَا لَوْ دَائِرًا بَيْنَ نَفْعٍ وَضَرَرٍ.

(قَوْلُهُ يُحْكَمُ لَهَا بِالْمَهْرِ عَلَى الْحَاضِرِ لَا بِالْفُرْقَةِ عَلَى الْغَائِبِ) عِبَارَةُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ يُحْكَمُ لَهَا بِالْمَهْرِ عَلَى الْحَاضِرِ وَبِوُقُوعِ الثَّلَاثِ عَلَى الْغَائِبِ فَالْمُدَّعَى بِهِ شَيْئَانِ بَيْنَهُمَا سَبَبِيَّةٌ قَالَ (صذ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَى الْغَائِبِ وَهُوَ الْفُرْقَةُ شَرْطُ الْمُدَّعِي عَلَى الْحَاضِرِ لَا سَبَبٌ وَفِي مِثْلِهِ لَا يَنْصِبُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقْضِيَ بِالْمَهْرِ عَلَى الْحَاضِرِ لَا بِالْفُرْقَةِ عَلَى الْغَائِبِ (صع) فَعَلَى قِيَاسِ مَا قَالَ (صد) يَنْبَغِي أَنْ يَقْضِيَ فِي مَسْأَلَةِ (فش) يَعْنِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ بِطَلَاقِ الْمُدَّعِيَةِ لَا بِنِكَاحِ الْغَائِبِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ عَلَى الْغَائِبِ إذَا كَانَ شَرْطًا لِمَا يَدَّعِي عَلَى الْحَاضِرِ قِيلَ يَنْتَصِبُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ مُطْلَقًا وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَقِيلَ لَا مُطْلَقًا وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ وَقِيلَ يَنْتَصِبُ فِيمَا لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْغَائِبُ لَا فِيمَا يَتَضَرَّرُ وَقِيلَ فِيمَا يَتَضَرَّرُ وَيَقْضِي عَلَى الْحَاضِرِ لَا عَلَى الْغَائِبِ ثُمَّ قَالَ أَقُولُ: هَذَا بَعِيدٌ إذْ كَانَ الْحُكْمُ عَلَى الْحَاضِرِ فَرْعَ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ فَكَيْفَ يَثْبُتُ الْفَرْعُ بِدُونِ الْأَصْلِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَنْتَصِبَ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ فِي كُلِّ مَا لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُ حَقِّهِ عَلَى الْحَاضِرِ إلَّا بِإِثْبَاتِ ذَلِكَ عَلَى الْغَائِبِ سَوَاءٌ كَانَ سَبَبًا أَوْ شَرْطًا إذَا الْحُكْمُ عَلَى الْغَائِبِ بِلَا خَصْمٍ عَنْهُ جَائِزٌ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ الْحُكْمُ عَلَى الْغَائِبِ مَعَ الْخَصْمِ عَنْهُ فِي الْجُمْلَةِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى صِيَانَةً لِلْحُقُوقِ وَرِعَايَةً لِلْأُصُولِ. اهـ.

قَالَ فِي نُورِ الْعَيْنِ يَقُولُ الْحَقِيرُ فِي كَلَامِهِ كَلَامٌ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ قَوْلَهُ هَذَا بَعِيدٌ غَيْرُ سَدِيدٍ؛ لِأَنَّ جَوَابَهُ ظَاهِرٌ لِكُلِّ مُتَأَمِّلٍ رَشِيدٍ الثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُ فَالْأَوْلَى مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ آنِفًا عَنْ رَشِيدِ الدِّينِ مِنْ قَوْلِهِ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْجَوَابِ إلَخْ اهـ.

ثُمَّ اسْتَشْهَدَ لِلتَّنْظِيرِ بِكَلَامِ الْخَانِيَّةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ إذَا حَضَرَ الْغَائِبُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ خِلَافُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>