للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ مُتَنَاقِضٌ كَقَوْلِهِ لَيْسَ لِي عَلَى فُلَانٍ شَيْءٌ ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا وَأَرَادَ تَحْلِيفَهُ لَمْ يَحْلِفْ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُحَلِّفُهُ لِلْعَادَةِ وَسَيَأْتِي فِي مَسَائِلَ شَتَّى آخِرَ الْكِتَابِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ اخْتَارَهُ أَئِمَّةُ خُوَارِزْمَ لَكِنْ اخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا ادَّعَاهُ وَارِثٌ لِلْمُقِرِّ عَلَى قَوْلَيْنِ وَلَمْ يُرَجِّحْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْهُمَا شَيْئًا وَقَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الرَّأْيُ فِي التَّحْلِيفِ إلَى الْقَاضِي وَفَسَّرَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّهُ يَجْتَهِدُ بِخُصُوصِ الْوَقَائِعِ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ حِينَ أَقَرَّ يَحْلِفُ لَهُ الْخَصْمُ وَمَنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ فِيهِ ذَلِكَ لَا يُحَلِّفُهُ وَهَذَا إنَّمَا هُوَ فِي الْمُتَفَرِّسِ فِي الْأَخْصَامِ اهـ.

وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْأَلْفِ فَالْعَيْنُ كَالدِّينِ وَقَيَّدَ بِالرَّدِّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِمَالٍ مِنْ جِهَةٍ وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِيهَا وَادَّعَى أُخْرَى إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْجِهَتَيْنِ مُنَافَاةٌ وَجَبَ الْمَالُ كَمَا إذَا قَالَ لَهُ أَلْفٌ بَدَلُ قَرْضٍ فَقَالَ بَدَلُ غَصْبٍ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُنَافَاةٌ كَأَنْ قَالَ ثَمَنُ عَبْدٍ لَمْ أَقْبِضْهُ وَقَالَ قَرْضٌ أَوْ غَصْبٌ وَلَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ لَزِمَهُ الْأَلْفُ صَدَّقَهُ فِي الْجِهَةِ أَوْ كَذَّبَهُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُدَّعِي فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ فِي يَدِهِ وَسَيَأْتِي فِي الْإِقْرَارِ وَتَمَامُهَا فِي إقْرَارِ مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَقَيَّدَ بِالرَّدِّ مِنْ غَيْرِ تَحْوِيلٍ إلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَوَّلَهُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ ذُو الْيَدِ بِأَنَّ الدَّارَ لِفُلَانٍ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ مَا كَانَتْ لِي قَطُّ لَكِنَّهَا لِفُلَانٍ وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ فَهِيَ لِلثَّانِي بِخِلَافِ الْمَقْضِيِّ لَهُ بِالدَّارِ إذَا قَالَ بَعْدَ الْقَضَاءِ مَا كَانَ لِي فِيهَا حَقٌّ قَطُّ لَكِنَّهَا لِفُلَانٍ وَتَمَامُهُ فِي الْمُنْيَةِ وَفِي التَّلْخِيصِ قَالَ أَوْدَعْتنِي هَذِهِ الْأَلْفَ فَقَالَ لَا بَلْ لِي أَلْفٌ قَرْضٌ فَقَدْ رُدَّ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ غَيْرُ الدَّيْنِ إلَّا أَنْ يَتَصَادَقَا؛ لِأَنَّ الْمُصِرَّ كَالْمُبْتَدِئِ وَلَوْ قَالَ أُقِرُّ أَقْرَضْتُكهَا أَخَذَ الْأَلْفَ؛ لِأَنَّ التَّكَاذُبَ فِي الزَّوَالِ وَلَوْ قَالَ غَصَبْتهَا أَخَذَ أَلْفًا؛ لِأَنَّ مُوجِبَهُ الضَّمَانُ فَاتَّفَقَا عَلَى الدَّيْنِ وَاخْتَلَفَا فِي الْجِهَةِ فَلَغَتْ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِالْقَرْضِ وَهُوَ ادَّعَى الثَّمَنَ لَا يَلْزَمُ زَوَّجْتُكَ بِكَذَا لَا بَلْ بِعْتنِي؛ لِأَنَّ السَّبَبَ مَقْصُودٌ لِتَبَايُنِ الْحَلَّيْنِ وَلِذَا لَمْ يَصِحَّ الْإِقْرَارُ بِمُطْلَقِهِ بِخِلَافِ الْمَالِ اهـ.

وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ وَزْنِهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَالدَّعْوَى وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ لَوْ أَقَرَّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَدَدًا ثُمَّ قَالَ هِيَ وَزْنُ خَمْسَةٍ أَوْ سِتَّةٍ وَكَانَ الْإِقْرَارُ مِنْهُ بِالْكُوفَةِ فَعَلَيْهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَزْنُ سَبْعَةٍ فَلَا يُصَدَّقُ عَلَى النُّقْصَانِ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ مَوْصُولًا وَكَذَا الدَّنَانِيرُ وَإِنْ كَانُوا فِي بِلَادٍ يَتَعَارَفُونَ عَلَى دَرَاهِمَ مَعْرُوفَةِ الْوَزْنِ بَيْنَهُمْ صُدِّقَ اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي يَدِهِ عَبْدٌ فَقَالَ لِرَجُلٍ هُوَ عَبْدُك فَرَدَّهُ الْمُقَرُّ لَهُ ثُمَّ قَالَ بَلْ هُوَ عَبْدِي وَقَالَ الْمُقِرُّ هُوَ عَبْدِي فَهُوَ لِذِي الْيَدِ الْمُقِرِّ وَلَوْ قَالَ ذُو الْيَدُ لِلْآخَرِ هُوَ عَبْدُك فَقَالَ لَا بَلْ هُوَ عَبْدُك ثُمَّ قَالَ الْآخَرُ بَلْ هُوَ عَبْدِي وَبَرْهَنَ لَا يُقْبَلُ لِلتَّنَاقُضِ اهـ.

وَهَذَا بِخِلَافِ مَا فِي الْهِدَايَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْحُجَّةِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي سَمَاعَ الدَّعْوَى وَهُوَ مُشْكِلٌ وَقَيَّدَ بِالْإِقْرَارِ بِالْمَالِ احْتِرَازًا عَنْ الْإِقْرَارِ بِالرِّقِّ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالنَّسَبِ وَالْوَلَاءِ فَإِنَّهَا لَا تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ أَمَّا الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ لِآخَرَ أَنَا عَبْدُك فَرَدَّ الْمُقَرُّ لَهُ ثُمَّ عَادَ إلَى تَصْدِيقِهِ فَهُوَ عَبْدُهُ وَلَا يَبْطُلُ الْإِقْرَارُ بِالرِّقِّ بِالرَّدِّ كَمَا لَا يَبْطُلُ بِجُحُودِ الْمَوْلَى بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ وَالْعَيْنِ حَيْثُ يَبْطُلُ بِالرَّدِّ وَالطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ لَا يَبْطُلَانِ بِالرَّدِّ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ يَتِمُّ بِالْمُسْقِطِ وَحْدَهُ اهـ.

وَأَمَّا الْإِقْرَارُ بِالنَّسَبِ وَوَلَاءِ الْعَتَاقَةِ فَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ مِنْ الْوَلَاءِ، وَأَمَّا الْإِقْرَارُ بِالنِّكَاحِ فَلَمْ أَرَهُ الْآنَ وَحَاصِلُ مَسَائِلِ رَدِّ الْإِقْرَارِ بِالْمَالِ أَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَرُدَّهُ مُطْلَقًا أَوْ يَرُدَّ الْجِهَةَ الَّتِي عَيَّنَهَا الْمُقِرُّ وَحَوَّلَهَا إلَى أُخْرَى أَوْ يَرُدُّهُ لِنَفْسِهِ وَيُحَوِّلُهُ إلَى غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ بَطَلَ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُنَافَاةٌ وَجَبَ وَإِلَّا بَطَلَ وَإِنْ كَانَ الثَّالِثُ فَإِنْ صَدَّقَهُ فُلَانٌ تَحَوَّلَ إلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَانَ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ أَوْ وَلَاءٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ وَقْفٍ أَوْ نَسَبٍ أَوْ رِقٍّ لَمْ يَرْتَدَّ بِالرَّدِّ فَيُقَالُ الْإِقْرَارُ يَرْتَدُّ بِرَدِّ الْمُقَرِّ لَهُ إلَّا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ

(قَوْلُهُ وَمَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا فَقَالَ مَا كَانَ لَك عَلَيَّ شَيْءٌ قَطُّ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي عَلَى أَلْفٍ وَهُوَ بَرْهَنَ عَلَى الْقَضَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ قُبِلَ) لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْحَقِّ قَدْ يُقْضَى وَيَبْرَأُ مِنْهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُؤَكِّدَ النَّفْيَ بِكَلِمَةِ قَطُّ أَوْ لَا وَأَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا قَضَى بِالْمَالِ ثُمَّ ادَّعَى الْإِيفَاءَ كَمَا فِي الْمُلْتَقَطِ فَالدَّفْعُ بَعْدَ الْقَضَاءِ صَحِيحٌ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الْمُخَمَّسَةِ كَمَا سَيَأْتِي وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْقِصَاصَ عَلَى آخَرَ فَأَنْكَرَ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْعَفْوِ أَوْ عَلَى الصُّلْحِ عَنْهُ عَلَى مَالٍ تُقْبَلُ وَكَذَا فِي دَعْوَى الرِّقِّ وَقَيَّدَ بِكَوْنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يُصَالِحُ لِسُكُوتِهِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُنَافَاةٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُنْيَةِ هَكَذَا وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُنَافَاةٌ بِأَنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثَمَنُ عَبْدٍ بَاعَنِيهِ إلَّا أَنِّي لَمْ أَقْبِضْهُ وَقَالَ الْمُدَّعِي بَدَلَ قَرْضٍ أَوْ غَصْبٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُدَّعِي بِأَنْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِبَيْعِ عَبْدٍ لَا بِعَيْنِهِ فَعِنْدَ الْإِمَامِ يَلْزَمُهُ الْأَلْفُ صَدَّقَهُ الْمُدَّعِي فِي الْجَهَالَةِ أَوْ كَذَّبَهُ وَلَا يُصَدَّقُ فِي قَوْلِهِ لَمْ أَقْبِضْهُ وَإِنْ وَصَلَ وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُدَّعِي بِأَنْ كَانَ الْمُقِرُّ عَيَّنَ عَبْدًا فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُدَّعِي يُؤْمَرُ بِأَخْذِهِ وَتَسْلِيمُ الْعَبْدِ إلَى الْمُقِرِّ كَذَا إذَا قَالَ الْعَبْدُ لَهُ وَلَكِنْ هَذِهِ الْأَلْفُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ ثَمَنٍ هَذَا الْعَبْدُ وَإِنْ كَذَّبَهُ وَقَالَ الْعَبْدُ لِي وَمَا بِعْته وَإِنَّمَا لِي عَلَيْهِ بِسَبَبٍ آخَرَ مِنْ بَدَلِ قَرْضٍ أَوْ غَصْبٍ فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ مَعَ يَمِينِهِ بِاَللَّهِ مَا لِهَذَا عَلَيْهِ أَلْفٌ مِنْ غَيْرِ ثَمَنِ هَذَا الْعَبْدِ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>