للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ ذَكَرَ هُنَا أَنَّ الْوِصَايَةَ خِلَافَةٌ لَا نِيَابَةٌ كَالْوِرَاثَةِ وَقَالَ قَبْلَهُ إنَّ الْوَصِيَّةَ خِلَافَةٌ كَهِيَ وَقَدَّمْنَا مَا فِي الثَّانِي، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَالْمُرَادُ أَنَّهُ خَلِيفَةُ الْمَيِّتِ فِي التَّصَرُّفِ كَالْوَارِثِ لَا فِي الْمِلْكِ بِخِلَافِ الْخِلَافَةِ فِي الْوَصِيَّةِ فَإِنَّهَا فِي الْمِلْكِ لَا فِي التَّصَرُّفِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّ خَلِيفَةُ الْمَيِّتِ مَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ لَوْ مَاتَ عَنْ وَصِيٍّ وَابْنٍ صَغِيرٍ وَدَيْنٍ فَقَبَضَهُ الْوَصِيُّ بَعْدَ بُلُوغِ الصَّغِيرِ جَازَ إلَّا إذَا نَهَاهُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَ الْوَارِثِ وَالْوَصِيِّ فِي مَسْأَلَةٍ لَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدٍ مَلَكَ الْوَارِثُ إعْتَاقَهُ تَنْجِيزًا وَتَعْلِيقًا وَتَدْبِيرًا وَكِتَابَةً وَلَا يَمْلِكُ الْوَصِيُّ إلَّا التَّنْجِيزَ وَهِيَ فِي التَّلْخِيصِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ صَرَّحَ فِي التَّلْخِيصِ بِأَنَّ وَصِيَّ الْقَاضِي نَائِبٌ عَنْ الْمَيِّتِ لَا عَنْ الْقَاضِي وَلَمْ أَرَ نَقْلًا فِي حُكْمِ وِصَايَتِهِ قَبْلَ الْعِلْمِ وَكَذَا فِي حُكْمِ تَوْلِيَةِ النَّاظِرِ مِنْ الْوَاقِفِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ فَمَنْ جَعَلَ النَّاظِرَ وَصِيًّا قَالَ تَثْبُتُ قَبْلَ الْعِلْمِ وَمَنْ جَعَلَهُ وَكِيلًا قَالَ لَا وَصَحَّحُوا أَنَّهُ وَكِيلٌ حَتَّى مَلَكَ الْوَاقِفُ عَزْلَهُ بِلَا شَرْطٍ (قَوْلُهُ وَمَنْ أَعْلَمَهُ بِالْوَكَالَةِ صَحَّ تَصَرُّفُهُ) ؛ لِأَنَّهُ مُعَامَلَةٌ لَا إلْزَامَ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ إطْلَاقٌ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ عَدْلًا أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إلَّا التَّمْيِيزُ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَثْبُتُ عَزْلُهُ إلَّا بِعَدْلٍ أَوْ مَسْتُورَيْنِ كَإِخْبَارِ السَّيِّدِ بِجِنَايَةِ عَبْدِهِ وَالشَّفِيعِ وَالْبِكْرِ وَالْمُسْلِمِ الَّذِي لَمْ يُهَاجِرْ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُخْبِرِ بِهَذَا إلَّا التَّمْيِيزُ لِكَوْنِهَا مُعَامَلَةً وَلَهُ أَنَّ فِيهَا إلْزَامًا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَيُشْتَرَطُ أَحَدُ شَطْرَيْ الشَّهَادَةِ أَمَّا الْعَدَدُ أَوْ الْعَدَالَةُ أَطْلَقَهُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِأَنْ يَكُونَ الْمُخْبِرُ غَيْرَ الْخَصْمِ وَرَسُولِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ حَتَّى لَوْ أَخْبَرَ الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِيَ بِنَفْسِهِ وَجَبَ الطَّلَبُ إجْمَاعًا وَالرَّسُولُ يَعْمَلُ بِخَبَرِهِ وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا اتِّفَاقًا صَدَّقَهُ أَوْ كَذَّبَهُ كَمَا ذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَكَذَا لَوْ كَانَ الرَّسُولُ صَغِيرًا وَظَاهِرُ مَا فِي الْعِمَادِيَّةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ لَهُ إنِّي رَسُولٌ يَعْزِلُك وَيَثْبُتُ الْعَزْلُ بِكِتَابِ الْمُوَكِّلِ أَيْضًا وَمُقَيَّدٌ أَيْضًا بِمَا إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ أَمَّا إذَا صَدَّقَهُ قَبْلُ وَلَوْ كَانَ فَاسِقًا ذَكَرَهُ أَيْضًا وَمُقَيَّدٌ أَيْضًا بِمَا إذَا بَلَغَهُ الْعَزْلُ إنْ كَانَ الْعَزْلُ قَصْدِيًّا أَمَّا إذَا كَانَ حُكْمِيًّا كَمَوْتِ الْمُوَكِّلِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ وَيَنْعَزِلُ قَبْلَ الْعِلْمِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ اشْتِرَاطَ سَائِرِ الشُّرُوطِ فِي الشَّاهِدِ وَجَزَمَ فِي تَنْقِيحِ الْأُصُولِ بِاشْتِرَاطِ سَائِرِ الشُّرُوطِ مَعَ الْعَدَدِ أَوْ الْعَدَالَةِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَلَا يَثْبُتُ بِخَبَرِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ وَإِنْ وُجِدَ الْعَدَدُ أَوْ الْعَدَالَةُ وَقَلَّ مَنْ نَبَّهَ عَلَى هَذَا ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْإِمَامَ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ نَصَّ عَلَى خَمْسَةٍ مِنْهَا وَلَمْ يَذْكُرْ مَسْأَلَةَ الْبِكْرِ وَإِنَّمَا قَاسَهَا الْمَشَايِخُ وَذَكَرَ مِنْ الْخَمْسَةِ الْحَجْرَ عَلَى الْمَأْذُونِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُؤَلِّفُ إلْحَاقًا لَهُ بِعَزْلِ الْوَكِيلِ فَهِيَ سِتٌّ.

وَزِدْت عَلَيْهَا ثَلَاثًا: إحْدَاهَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ قَالَ الْبَيْعُ عَلَى الْخِلَافِ يُرِيدُ بِهِ إذَا قَالَ رَجُلٌ عَدْلٌ هَذِهِ الْعَيْنُ مَعِيبَةٌ فَأَقْدَمَ عَلَى شِرَائِهِ كَانَ ذَلِكَ رِضًا بِالْعَيْبِ إنْ كَانَ الْمُخْبِرُ عَدْلًا وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا فَلَا اهـ.

الثَّانِيَةُ: فِي التَّنْقِيحِ فَسْخُ الشَّرِكَةِ. الثَّالِثَةِ عَزْلُ الْمُتَوَلِّي عَلَى الْوَقْفِ عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ عَزْلِهِ بِلَا شَرْطٍ أَوْ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ إنْ كَانَ شَرَطَهُ الْوَاقِفُ وَلَمْ أَرَهَا وَلَكِنْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ وَكِيلُ الْوَاقِفِ فَيُسْتَفَادُ مِنْ مَسْأَلَةِ عَزْلِ الْوَكِيلِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ أَيْضًا عَزْلُ الْقَاضِي وَلَمْ أَرَهُ وَقَدْ جَعَلَ الْمُصَنِّفُ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ مَسْأَلَةَ الْمُسْلِمِ الَّذِي لَمْ يُهَاجِرْ وَهُوَ نَصُّ مُحَمَّدٍ فِي النَّوَادِرِ وَاخْتَارَ السَّرَخْسِيُّ قَبُولَ خَبَرِ الْفَاسِقِ حَتَّى تَجِبَ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ بِخَبَرِهِ؛ لِأَنَّ الْمُخْبِرَ لَهُ رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْعَدَالَةُ لَا تُشْتَرَطُ فِي الرَّسُولِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَصَحَّحَهُ الشَّارِحُ وَرَدَّهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالتَّحْرِيرِ بِأَنَّ عَدَمَ اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ إنَّمَا هُوَ فِي الرَّسُولِ الْخَاصِّ بِالْإِرْسَالِ وَإِلَّا فَيَلْزَمُ عَلَى قَوْلِهِ أَنْ لَا تُشْتَرَطَ الْعَدَالَةُ فِي رِوَايَةِ الْحَدِيثِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَوْ مَسْتُورَيْنِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ خَبَرُ الْفَاسِقَيْنِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالصَّحِيحُ قَبُولُهُ وَثُبُوتُ هَذِهِ الْأَحْكَامِ؛ لِأَنَّ تَأْثِيرَ خَبَرِ الْفَاسِقَيْنِ أَقْوَى مِنْ تَأْثِيرِ خَبَرِ الْعَدْلِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَضَى بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ عَدْلٍ لَمْ يَنْفُذْ وَبِشَهَادَةِ فَاسِقَيْنِ يَنْفُذُ وَقَوْلُهُ إلَّا بِعَدْلٍ أَيْ بِخَبَرِ عَدْلٍ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ لَفْظُ الشَّهَادَةِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ بَاعَ الْقَاضِي أَوْ أَمِينُهُ عَبْدًا لِلْغُرَمَاءِ وَأَخَذَ الْمَالَ فَضَاعَ وَاسْتُحِقَّ الْعَبْدُ لَمْ يَضْمَنْ) أَيْ الْبَائِعُ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ قَائِمٌ مَقَامَ الْخَلِيفَةِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْقَاضِي وَأَمِينُ الْقَاضِي

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَصَحَّحُوا أَنَّهُ وَكِيلٌ إلَخْ) فِي حَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ قَالَ شَيْخُنَا وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ تَقْرِيرَهُ فِي النَّظَرِ بِلَا عِلْمِهِ لَا يَصِحُّ ثُمَّ رَأَيْت بِخَطِّ الشَّيْخِ شَرَفِ الدِّينِ الْغَزِّيِّ مُحَشِّي الْأَشْبَاهِ أَنَّهُمْ لَمْ يَجْعَلُوهُ وَصِيًّا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَلَا وَكِيلًا كَذَلِكَ بَلْ لَهُ شَبَهٌ بِالْوَصِيِّ حَتَّى صَحَّ تَفْوِيضُهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَشَبَهٌ بِالْوَكِيلِ حَتَّى مَلَكَ الْوَاقِفُ عَزْلَهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فَهُوَ وَكِيلٌ عَنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ قُلْتُ: وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ مُشْكِلٌ إذْ مُقْتَضَى كَوْنِهِ وَكِيلًا عَنْهُمْ أَنَّ لَهُمْ عَزْلَهُ مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَلْ لَوْ عَزَلَهُ الْقَاضِي لَمْ يَصِحَّ إذَا كَانَ مَنْصُوبَ الْوَاقِفِ إلَّا بِخِيَانَةٍ اهـ.

قُلْت: وَلَا يَبْعُدُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ وَكِيلٌ مَا دَامَ الْوَاقِفُ حَيًّا وُصِّيَ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ نَظِيرُ الْوَكِيلِ فِي سَعْيِهِ لَهُمْ لَا وَكِيلَ حَقِيقَةً إذْ لَيْسَتْ وِلَايَتُهُ مِنْهُمْ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ عُزِلَ الْقَاضِي) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ بِأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْوَكِيلِ كَمَا قَدَّمَهُ هَذَا الشَّارِحُ فِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>