للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْمُشَاهَدَةُ الْمُعَايَنَةُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَالْعِيَانُ بِالْكَسْرِ الْمُعَايَنَةُ كَمَا فِي ضِيَاءِ الْحُلُومِ فَهُوَ تَأْكِيدٌ وَالتَّخْمِينُ الْحَدْسُ وَالْحِسْبَانُ بِالْكَسْرِ الظَّنُّ وَأَوْرَدَ عَلَى هَذَا التَّعْرِيفِ الشَّهَادَةَ بِالتَّسَامُعِ فَإِنَّهَا لَمْ تَكُنْ عَنْ مُشَاهَدَةٍ وَأَجَابَ فِي الْإِيضَاحِ بِأَنَّ جَوَازَهَا إنَّمَا هُوَ لِلِاسْتِحْسَانِ وَالتَّعْرِيفَاتُ الشَّرْعِيَّةُ إنَّمَا تَكُونُ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ وَلِكَوْنِهَا إخْبَارًا عَنْ مُعَايَنَةٍ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ إذَا قُرِئَ عَلَيْهِ صَكٌّ وَلَمْ يَفْهَمْ مَا فِيهِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا فِيهِ كَذَا فِي الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ وَفِي الْمُلْتَقَطِ إذَا سَمِعَ صَوْتَ الْمَرْأَةِ وَلَمْ يَرَ شَخْصَهَا فَشَهِدَ اثْنَانِ عِنْدَهُ أَنَّهَا فُلَانَةُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهَا وَإِنْ رَأَى شَخْصَهَا وَأَقَرَّتْ عِنْدَهُ فَشَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهَا فُلَانَةُ حَلَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهَا اهـ.

وَتَمَامُ مَسْأَلَةِ الشَّهَادَةِ بِمَا فِي الصَّكِّ فِي شَهَادَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ، وَأَمَّا مَعْنَاهَا فِي الِاصْطِلَاحِ فَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ إخْبَارٌ صَادِقٌ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ فَالْإِخْبَارُ كَالْجِنْسِ وَقَوْلُهُ صَادِقٌ يُخْرِجُ الْأَخْبَارَ الْكَاذِبَةَ وَمَا بَعْدَهُ يُخْرِجُ الْأَخْبَارَ الصَّادِقَةَ غَيْرَ الشَّهَادَاتِ اهـ.

وَيَرِدُ عَلَيْهِ قَوْلُ الْقَائِلِ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي أَشْهَدُ بِرُؤْيَةِ كَذَا لِبَعْضِ الْعُرْفِيَّاتِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُزَادَ لِإِثْبَاتِ حَقٍّ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَمْ يَقُولُوا بَعْدَ دَعْوَى لِتَخَلُّفِهَا عَنْهَا فِي نَحْوِ عِتْقِ الْأَمَةِ وَطَلَاقِ الزَّوْجَةِ فَلَمْ تَكُنْ الدَّعْوَى شَرْطًا لِصِحَّتِهَا مُطْلَقًا وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّهَا إخْبَارٌ بِحَقٍّ لِلْغَيْرِ عَلَى الْغَيْرِ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ فَإِنَّهُ إخْبَارٌ بِحَقٍّ عَلَى نَفْسِهِ لِلْغَيْرِ وَالدَّعْوَى فَإِنَّهَا إخْبَارٌ بِحَقٍّ لِنَفْسِهِ عَلَى الْغَيْرِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِعَدَمِ شُمُولِهِ لِمَا إذَا أَخْبَرَ بِمَا يُوجِبُ الْفُرْقَةَ مِنْ قِبَلِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنَّهُ شَهَادَةٌ وَلَمْ يُوجَدْ فِيهَا ذَلِكَ الْمَعْنَى كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ وَكَأَنَّهُ لَاحَظَ أَنَّهُ لَمْ يُخْبِرْ بِحَقٍّ لِلْغَيْرِ لِأَنَّ ذَلِكَ مُوجِبٌ لِسُقُوطِ الْمَهْرِ وَجَوَابُهُ أَنَّ سُقُوطَهُ عَنْ الزَّوْجِ عَائِدٌ إلَى أَنَّهُ لَهُ فَهُوَ كَالشَّهَادَةِ بِالْإِبْرَاءِ عَنْ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ إخْبَارٌ بِحَقٍّ لِلْمَدْيُونِ وَهُوَ السُّقُوطُ عَنْهُ وَكَذَا هُنَا وَجَعَلَ الْأَخْبَارَ أَرْبَعَةً وَالرَّابِعُ الْإِنْكَارُ وَعَزَاهُ إلَى شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَأَمَّا الثَّانِي فَرُكْنُهَا لَفْظُ أَشْهَدُ بِمَعْنَى الْخَبَرِ دُونَ الْقَسَمِ كَذَا فِي الشَّرْحِ مَا لَمْ يَأْتِ فِي آخِرِهَا بِمَا يُوجِبُ الشَّكَّ فَلَوْ قَالَ أَشْهَدُ بِكَذَا فِيمَا أَعْلَمُ لَا تُقْبَلُ كَمَا لَوْ قَالَ فِي ظَنِّي بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَشْهَدُ بِكَذَا قَدْ عَلِمْت وَلَوْ قَالَ لَا حَقَّ لِي قِبَلَ فُلَانٍ فِيمَا أَعْلَمُ لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فِيمَا أَعْلَمُ لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ الْحَصِيرِيُّ وَلَوْ قَالَ الْمُعَدِّلُ هُوَ عَدْلٌ فِيمَا أَعْلَمُ لَا يَكُونُ تَعْدِيلًا ذَكَرَهُ فِي بَابِ أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْخَصَّافِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا أَعْلَمُ بَعْدَ الْإِخْبَارِ مُوجِبٌ لِلشَّكِّ فِيهِ عُرْفًا فَيَبْطُلُ وَأَمَّا الثَّالِثُ فَشَرْطُهَا الْعَقْلُ الْكَامِلُ وَالضَّبْطُ وَالْوِلَايَةُ وَالْقُدْرَةُ عَلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَذَلِكَ بِالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ هَكَذَا فِي الشَّرْحِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْعِنَايَةِ وَلَكِنْ زَادَ فِيهَا الْإِسْلَامَ إنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُسْلِمًا وَفِي كَلَامِهِمْ قُصُورٌ؛ لِأَنَّ مِنْ الشَّرَائِطِ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ لَهُ قَرَابَةُ الْوِلَادِ وَلَا زَوْجِيَّةٌ وَأَنْ لَا يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ مَغْرَمًا وَأَنْ لَا يَجْلِبَ لِنَفْسِهِ مَغْنَمًا وَأَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ عَدَاوَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ كَمَا سَيَأْتِي مُفَصَّلًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ إنَّمَا تَرَكُوا هَذِهِ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُمْ بَيَانُ شَرَائِطِ الشَّهَادَةِ فِي الْجُمْلَةِ لَا بِالنَّظَرِ إلَى الْمَشْهُودِ لَهُ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَلِذَا تَرَى بَعْضَهُمْ تَرَكَ قَيْدَ الْإِسْلَامِ لِجَوَازِ شَهَادَةِ الْكَافِرِ عَلَى مِثْلِهِ وَالْأَحْسَنُ مَا فِي الْبَدَائِعِ مِنْ أَنَّ شَرَائِطَهَا نَوْعَانِ مَا هُوَ شَرْطُ تَحَمُّلِهَا وَمَا هُوَ شَرْطُ أَدَائِهَا فَالْأَوَّلُ ثَلَاثَةٌ الْعَقْلُ وَقْتَ التَّحَمُّلِ وَالْبَصَرُ فَلَا يَصِحُّ تَحَمُّلُهَا مِنْ مَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ لَا يَعْقِلُ وَأَعْمَى وَأَنْ يَكُونَ التَّحَمُّلُ بِمُعَايَنَةِ الْمَشْهُودِ بِهِ بِنَفْسِهِ لَا بِغَيْرِهِ إلَّا فِي أَشْيَاءَ مَخْصُوصَةٍ يَصِحُّ التَّحَمُّلُ فِيهَا بِالتَّسَامُعِ وَلَا يُشْتَرَطُ لِلتَّحَمُّلِ الْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْإِسْلَامُ وَالْعَدَالَةُ حَتَّى لَوْ كَانَ وَقْتَ التَّحَمُّلِ صَبِيًّا عَاقِلًا أَوْ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا أَوْ فَاسِقًا ثُمَّ بَلَغَ الصَّبِيُّ وَعَتَقَ الْعَبْدُ وَأَسْلَمَ الْكَافِرُ وَتَابَ الْفَاسِقُ فَشَهِدُوا عِنْدَ الْقَاضِي تُقْبَلُ وَأَمَّا شَرَائِطُ أَدَائِهَا فَأَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ مِنْهَا مَا يَرْجِعُ إلَى الشَّاهِدِ وَمِنْهَا مَا يَرْجِعُ إلَى نَفْسِ الشَّهَادَةِ وَمِنْهَا مَا يَرْجِعُ إلَى مَكَانِهَا وَمِنْهَا مَا يَرْجِعُ إلَى الْمَشْهُودِ بِهِ. فَمَا يَرْجِعُ إلَى الشَّاهِدِ الْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْبَصَرُ وَالنُّطْقُ وَالْعَدَالَةُ لَكِنْ هِيَ شَرْطُ وُجُوبِ الْقَبُولِ عَلَى الْقَاضِي لَا جَوَازُهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ وَأَنْ لَا يَجُرَّ الشَّاهِدُ إلَى نَفْسِهِ مَغْنَمًا وَلَا يَدْفَعَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ فَمَا يَرْجِعُ إلَى الشَّاهِدِ الْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ إلَخْ) تَرَكَ السَّمْعَ وَقَدْ ذَكَرَهُ فِيمَا مَرَّ آنِفًا عَنْ الشُّرُوحِ وَبِهِ تَصِيرُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>