للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّهُ إنْ عَقَدَاهُ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ كَانَ مِنْ الْمَسْمُوعِ وَأَنَّ بِالتَّعَاطِي فَهُوَ مِنْ الْمَرْئِيَّاتِ وَاخْتَلَفُوا هَلْ يَشْهَدُ بِالْبَيْعِ أَوْ بِالْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ لِكَوْنِهِ بَيْعًا حُكْمِيًّا لَا حَقِيقِيًّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ لَكِنَّ مُرَادَ الثَّانِي أَنَّهُ يَجُوزُ كُلٌّ مِنْهُمَا لَا أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ الشَّهَادَةُ بِالتَّعَاطِي لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي بَيْعِ التَّعَاطِي يَشْهَدُونَ بِالْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ وَلَوْ شَهِدُوا بِالْبَيْعِ جَازَ. اهـ.

وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الثَّمَنِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالشِّرَاءِ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ لَا يَصِحُّ كَمَا فِي شَهَادَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ حَضَرَ بَيْعًا ثُمَّ اُحْتِيجَ إلَى الشَّهَادَةِ لِلْمُشْتَرِي لِيَشْهَدَ لَهُ بِالْمِلْكِ بِسَبَبِ الشِّرَاءِ وَلَا يَشْهَدُ لَهُ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ قَالَ وَرَأَيْت فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ يَحِلُّ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِأَنَّ الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ مِلْكٌ مِنْ الْأَصْلِ وَالْمِلْكُ بِالشِّرَاءِ حَادِثٌ. اهـ.

وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْلَمَ الْمُقِرُّ بِالشَّاهِدِ بِالْأَوْلَى فَلَوْ اخْتَفَى الشَّاهِدُ وَسَتَرَ نَفْسَهُ وَيَرَى وَجْهَ الْمُقِرِّ وَيَفْهَمُهُ وَالْمُقِرُّ لَا يَعْلَمُهُ وَسِعَهُ أَنْ يَشْهَدَ وَهَكَذَا يَفْعَلُ بِالظَّلَمَةِ كَمَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ بِمَا سَمِعَ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ الشَّاهِدِ بِمَا يَشْهَدُ بِهِ وَلِهَذَا قَالَ فِي النَّوَازِلِ سُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَنْ رَجُلٍ ادَّعَى عَلَى وَرَثَةِ مَيِّتٍ مَالًا فَأُمِرَ بِإِثْبَاتِ ذَلِكَ فَأَحْضَرَ شَاهِدَيْنِ فَشَهِدَا أَنَّ الْمُتَوَفَّى قَدْ أَخَذَ مِنْ هَذَا الْمُدَّعِي مِنْدِيلًا فِيهِ دَرَاهِمُ وَلَمْ يَعْلَمَا كَمْ وَزْنِهَا أَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا وَهَلْ يَجُوزُ لِلشَّاهِدَيْنِ أَنْ يَشْهَدَا بِذَلِكَ قَالَ إنْ كَانَ الشُّهُودُ وَقَفُوا عَلَى تِلْكَ الصُّرَّةِ وَفَهِمُوا أَنَّهَا دَرَاهِمُ وَحَرَّرُوهَا فِيمَا يَقَعُ عَلَيْهِ تَعْيِينُهُمْ مِنْ مِقْدَارِهَا شَهِدُوا بِذَلِكَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْتَبِرَا جَوْدَتَهَا فَإِنَّهَا قَدْ تَكُونُ سُتُّوقًا فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ اهـ.

وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ رَجُلٌ فِي يَدِهِ دِرْهَمَانِ كَبِيرٌ وَصَغِيرٌ فَأَقَرَّ بِأَحَدِهِمَا لِرَجُلٍ فَشَهِدَا أَنَّهُ أَقَرَّ بِأَحَدِهِمَا وَلَا نَدْرِي بِأَيِّهِمَا أَقَرَّ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ الصَّغِيرِ اهـ.

وَالْإِقْرَارُ يَصِحُّ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ مِثَالًا لَهُمَا أَمَّا كَوْنُهُ مِنْ الْمَسْمُوعَاتِ فَظَاهِرٌ،.

وَأَمَّا كَوْنُهُ مِنْ الْمَرْئِيَّاتِ فَبِالْكِتَابِ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ كَتَبَ كِتَابًا فِيهِ أَقَرَّ بَيْنَ يَدَيْ الشُّهُودِ فَهَذَا عَلَى أَقْسَامٍ الْأَوَّلِ أَنْ يَكْتُبَ وَلَا يَقُولَ شَيْئًا وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ إقْرَارًا فَلَا تَحِلُّ الشَّهَادَةُ بِأَنَّهُ إقْرَارٌ قَالَ الْقَاضِي النَّسَفِيُّ إنْ كَتَبَ مَصْدَرًا مَرْسُومًا وَعَلِمَ الشَّاهِدُ حَلَّ لَهُ الشَّهَادَةُ عَلَى إقْرَارِهِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ اشْهَدْ عَلَيَّ بِهِ وَعَلَى هَذَا إذَا كَتَبَ لِلْغَائِبِ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ أَمَّا بَعْدُ فَلَكَ عَلَيَّ كَذَا يَكُونُ إقْرَارًا؛ لِأَنَّ الْكِتَابَ مِنْ الْغَائِبِ كَالْخِطَابِ مِنْ الْحَاضِرِ فَيَكُونُ مُتَكَلِّمًا وَالْعَامَّةُ عَلَى خِلَافِهِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ قَدْ تَكُونُ لِلتَّجْرِبَةِ وَفِي حَقِّ الْأَخْرَسِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُعَنْوَنًا مُصَدَّرًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَى الْغَائِبِ الثَّانِي كَتَبَ وَقَرَأَ عِنْدَ الشُّهُودِ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا بِهِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ اشْهَدُوا عَلَيَّ الثَّالِثُ أَنْ يَقْرَأَ هَذَا عِنْدَهُمْ غَيْرُهُ فَيَقُولَ الْكَاتِبُ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِهِ الرَّابِعُ أَنْ يَكْتُبَ عِنْدَهُمْ وَيَقُولَ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ إنْ عَلِمُوا بِمَا فِيهِ كَانَ إقْرَارًا وَإِلَّا فَلَا وَذَكَرَ الْقَاضِي ادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا فَأَخْرَجَ خَطًّا وَقَالَ أَنَّهُ خَطُّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهَذَا الْمَالِ فَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ خَطُّهُ فَاسْتُكْتِبَ وَكَانَ بَيْنَ الْخَطَّيْنِ مُشَابَهَةٌ ظَاهِرَةٌ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّهُمَا خَطُّ كَاتِبٍ وَاحِدٍ لَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِالْمَالِ فِي الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى أَنْ يَقُولَ هَذَا خَطِّي وَأَنَا حَرَّرْته لَكِنْ لَيْسَ عَلَى هَذَا الْمَالِ وَثَمَّةَ لَا يَجِبُ كَذَا هُنَا إلَّا فِي تَذَاكِرِ الْبَاعَةِ وَالصَّرَّافِ وَالسِّمْسَارِ. اهـ.

ذَكَرَهُ أَيْضًا وَفِيهَا أَيْضًا مِنْ أَوَّلِ الشَّهَادَاتِ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا فَلْيُنْظَرْ وَقَدْ أَوْضَحَ ابْنُ وَهْبَانَ فِي شَرْحِهِ مَسْأَلَةَ خَطِّ السِّمْسَارِ وَالصَّرَّافِ فَلْيُرَاجِعْهُ مَنْ أَرَادَهَا وَسَنَذْكُرُهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَحَلِّهَا وَالنِّكَاحُ لَا يَكُونُ إلَّا قَوْلًا وَكَذَا لَوْ ادَّعَى التَّزَوُّجَ فَشَهِدَا لَهُ بِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ تُقْبَلُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْإِجَارَةُ كَالْبَيْعِ وَتَنْعَقِدُ بِالْقَوْلِ وَبِالتَّعَاطِي وَالْوَقْفُ قَوْلٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ بِهِ بَيَانُ الْوَاقِفِ عَلَى الصَّحِيحِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي وَقْفِ الْبَزَّازِيَّةِ وَشَرْطُهُ لِقَبُولِهَا فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا شَهِدَ بِالْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ غَيْرِ الْبَائِعِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَشْهَدَ بِمِلْكِ الْبَائِعِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي يَدِهِ، وَأَمَّا الشَّهَادَةُ بِالْإِجَارَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَشْهَدُوا بِأَنَّ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ مِلْكُ الْمُؤَجِّرِ وَالْفَرْقُ أَنَّ إجَارَةَ الْغَاصِبِ الْمَغْصُوبَ صَحِيحَةٌ بِلَا إذْنِ الْمَالِكِ وَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ كَذَا فِي دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ وَكَذَا فِي الشَّهَادَةِ بِالشِّرَاءِ وَالْقَبْضِ وَكَذَا الْهِبَةُ مَعَ الْقَبْضِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الثَّمَنِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشِّرَاءِ إلَخْ) سَيَذْكُرُ الْمَسْأَلَةَ أَيْضًا فِي آخِرِ بَابِ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَمَنْ شَهِدَ لِرَجُلٍ أَنَّهُ اشْتَرَى عَبْدَ فُلَانٍ بِأَلْفٍ إلَخْ وَيَأْتِي بَسْطُ الْكَلَامِ عَلَيْهَا هُنَاكَ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا كَوْنُهُ مِنْ الْمَرْئِيَّاتِ فَبِالْكِتَابَةِ إلَخْ) أَيْ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ النَّسَفِيُّ وَهُوَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ الْعَامَّةُ نَعَمْ أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ سِرَاجُ الدِّينِ قَارِئُ الْهِدَايَةِ إذَا كَانَ عَلَى رَسْمِ الصُّكُوك وَاعْتَرَفَ بِأَنَّهُ خَطُّهُ أَوْ شَهِدُوا عَلَيْهِ بِهِ وَقَدْ شَاهَدُوا كِتَابَتَهُ وَعَرَفُوا مَا كَتَبَهُ أَوْ قَرَأَهُ عَلَيْهِمْ هَذَا حَاصِلُ مَا أَجَابَ بِهِ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْ فَتَاوَاهُ (قَوْلُهُ إلَّا فِي تَذَاكِرِ الْبَاعَةِ) رَأَيْت فِي هَامِشِ نُسْخَةٍ قَوْلَهُ يَا رَكَّارُ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتٍ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ آخِرُهَا رَاءٌ مُرَكَّبٌ مَعْنَاهُ الْمُذَكَّرُ وَهُوَ هُنَا الدَّفْتَرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>