للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُخَدَّرَةُ فِيهِ فِي اللُّغَةِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ مِنْ الْخِدْرِ كَالْإِخْدَارِ وَالتَّخْدِيرُ بِفَتْحِ الْخَاءِ إلْزَامُ الْبِنْتِ الْخِدْرُ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَهُوَ سِتْرٌ يُمَدُّ لِلْجَارِيَةِ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ وَهِيَ مَخْدُورَةٌ وَمُخَدَّرَةٌ اهـ.

وَفِي الشَّرْعِ هِيَ الَّتِي لَمْ تَجْرِ عَادَتُهَا بِالْبُرُوزِ وَمُخَالَطَةِ الرِّجَالِ قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: وَاَلَّتِي تَخْرُجُ فِي حَوَائِجِهَا بَرَزَةً وَقَالَ الْبَزْدَوِيُّ: مَنْ لَا يَرَاهَا غَيْرُ الْمَحَارِمِ مُخَدَّرَةً إذَا لَمْ تُخَالِطْ الرِّجَالَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْفَتَاوَى وَكَلَامُ الْحَلْوَانِيِّ عَلَى هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الْمُخَالَطَةِ بِالرِّجَالِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِهَا مُخَدَّرَةً فَإِنْ كَانَتْ مِنْ بَنَاتِ الْأَشْرَافِ فَالْقَوْلُ لَهَا بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِهَا وَفِي الْأَوْسَاطِ قَوْلُهَا لَوْ بِكْرًا وَفِي الْأَسَافِلِ يُقْبَلُ قَوْلُهُمَا فِي الْوَجْهَيْنِ وَالْخُرُوجُ لِلْحَاجَةِ لَا يَقْدَحُ فِيهِ مَا لَمْ يَكْثُرْ بِأَنْ تَخْرُجَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَبُولِ تَوْكِيلِ الْمُخَدَّرَةِ إلَى أَنَّ الطَّالِبَ لَيْسَ لَهُ مُخَاصَمَةُ زَوْجِهَا وَلَكِنْ لَا يَمْنَعُهُ الزَّوْجُ مِنْ الْخُصُومَةِ مَعَ وَكِيلِ امْرَأَتِهِ أَوْ مَعَهَا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَفِيهَا امْرَأَةٌ وَكَّلَتْ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ فَوَجَبَ عَلَيْهَا الْيَمِينُ وَهِيَ لَا تُعْرَفُ بِالْخُرُوجِ وَمُخَالَطَةِ الرِّجَالِ فِي الْحَوَائِجِ يَبْعَثُ إلَيْهَا الْحَاكِمُ ثَلَاثَةً مِنْ الْعُدُولِ يَسْتَحْلِفُهَا أَحَدُهُمْ وَيَشْهَدُ الْآخَرَانِ عَلَى حَلِفِهَا أَوْ نُكُولِهَا اهـ.

وَمُرَادُ الْمُؤَلِّفِ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ اسْتِثْنَاءُ الْمُوَكِّلِ إذَا كَانَ لَهُ عُذْرٌ وَلَا يَخْتَصُّ بِالْأَرْبَعَةِ فَشَمَلَ حَيْضُ الْمُدَّعَى عَلَيْهَا إذَا كَانَ الْحُكْمُ فِي الْمَسْجِدِ كَذَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الطَّالِبُ لَا يَرْضَى بِالتَّأْخِيرِ فِيمَا إذَا كَانَ الْحُكْمُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ وَأَمَّا إذَا رَضِيَ بِهِ فَلَا يَكُونُ عُذْرًا وَأَمَّا حَيْضُ الطَّالِبَةِ فَهُوَ عُذْرٌ مُطْلَقًا وَالنِّفَاسُ كَالْحَيْضِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَمِنْ الْعُذْرِ الْحَبْسُ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ الْقَاضِي الَّذِي تَرَافَعُوا إلَيْهِ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَكَوْنُهُ مَحْبُوسًا مِنْ الْأَعْذَارِ يَلْزَمُهُ تَوْكِيلُهُ فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ الشَّاهِدُ مَحْبُوسًا لَهُ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى شَهَادَتِهِ قَالَ الْقَاضِي: إنْ كَانَ فِي سِجْنِ الْقَاضِي لَا يَكُونُ عُذْرًا لِأَنَّهُ يُخْرِجُهُ حَتَّى يَشْهَدَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَعَلَى هَذَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي الدَّعْوَى أَيْضًا كَذَلِكَ بِأَنْ يُجِيبَ عَنْ الدَّعْوَى ثُمَّ يُعَادُ وَلَوْ مُدَّعِيًا يَدَّعِي إنْ لَمْ يُؤَخِّرْ دَعْوَاهُ ثُمَّ يُعَادُ اهـ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ اخْتَارَ قَوْلَ الْإِمَامِ كَمَا هُوَ دَأْبُهُ وَقَدْ اخْتَلَفَ تَرْجِيحُ الْمَشَايِخِ فَأَفْتَى الْفَقِيهُ بِقَوْلِهِمَا وَقَالَ الْغِيَاثِيُّ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَبِهِ أَخَذَ الصَّفَّارُ أَيْضًا وَفِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ الْمُخْتَارُ قَوْلُهُمَا وَالشَّرِيفُ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ وَفِي النِّهَايَةِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُهُمَا وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ: يُخَيَّرُ الْمُفْتِي قَالَ: وَنَحْنُ نُفْتِي أَنَّ الرَّأْيَ لِلْحَاكِمِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ الْمُقَرَّرِ أَنَّ تَفْوِيضَ الْخِيَارِ إلَى قُضَاةِ عَهْدِ الْفَسَادِ كَمَا هُوَ الْمُقَرَّرُ مِنْ أَنَّ عِلْمَهُمْ لَيْسَ بِحُجَّةٍ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ مِنْ الْآبِي التَّعَنُّتَ فِي إبَاءِ الْوَكِيلِ يُفْتِي بِالْقَبُولِ وَإِنْ عَلِمَ مِنْهُ قَصْدَهُ الْإِضْرَارَ بِالْحِيَلِ كَمَا هُوَ صَنِيعُ وُكَلَاءِ الْمَحْكَمَةِ لَا يُقْبَلُ وَغَرَضُ مَنْ فَوَّضَ الْخِيَارَ إلَى الْقَاضِي مِنْ الْقُدَمَاءِ كَأَنَّ هَذَا لَمَّا عَلِمُوا مِنْ أَحْوَالِ قُضَاتِهِمْ الدَّيْنَ وَالصَّلَاحَ اهـ.

وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَحْضُرَ مَجْلِسَ الْخُصُومَةِ بِنَفْسِهِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْعَامَّةِ وَقَالَ الْبَعْضُ: الْأَوْلَى أَنْ يَحْضُرَ بِنَفْسِهِ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْ الْحُضُورِ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي مِنْ عَلَامَاتِ الْمُنَافِقِينَ وَالْجَوَابُ الرَّدُّ مِنْ الْمُنَافِقِينَ وَالْإِجَابَةُ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اعْتِقَادًا اهـ.

وَفِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَإِذَا وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ عِنْدَ الْقَاضِي فُلَانٍ كَانَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُخَاصِمَهُ إلَى قَاضٍ آخَرَ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ إلَى فُلَانٍ الْفَقِيهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَهُ إلَى فَقِيهٍ آخَرَ اهـ.

وَأَطْلَقَ الْوَكِيلَ بِهَا فَشَمَلَ الصَّبِيَّ الْعَاقِلَ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَعَبْدَ الْمَوْلَى فِي خُصُومَتِهِ لِمَا فِي الْخِزَانَةِ عَبْدٌ فِي يَدِ رَجُلٍ فَقَالَ: كُنْت عَبْدًا لِفُلَانٍ وُلِدْت فِي مِلْكِهِ وَقَدْ وَكَّلَنِي بِخُصُومَتِك فِي نَفْسِي لَيْسَ لِمَوْلَاهُ أَنْ يَمْنَعَهُ إذَا كَانَ لِلْعَبْدِ بَيِّنَةٌ عَلَى الْوَكَالَةِ وَلَوْ قَالَ: بَاعَنِي مِنْك وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ فَوَكَّلَنِي بِقَبْضِ الثَّمَنِ مِنْك فَلِمَوْلَاهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الْخُصُومَةِ اهـ.

وَالْقَاضِي وَلَوْ عُزِلَ عَنْ الْقَضَاءِ يَبْقَى عَلَى وَكَالَتِهِ كَمَا فِي قَضَاءِ الْخِزَانَةِ وَمِنْ أَحْكَامِ الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ أَنَّ الْحَقَّ إذَا ثَبَتَ عَلَى مُوَكِّلِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ وَلَا يُحْبَسُ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ وَكِيلًا عَامًّا لِأَنَّهَا لَمْ تَنْتَظِمْ الْأَمْرَ بِالْأَدَاءِ وَلَا الضَّمَانَ كَمَا فِي الْخِزَانَةِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ طَرِيقَ إثْبَاتِ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ أَنْ يَشْهَدُوا بِهَا عَلَى غَرِيمِ الْمُوَكِّلِ سَوَاءٌ كَانَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الطَّالِبُ لَا يَرْضَى بِالتَّأْخِيرِ إلَخْ) قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ: إنْ كَانَتْ هِيَ طَالِبَةً قُبِلَ مِنْهَا التَّوْكِيلُ بِغَيْرِ رِضَا الْخَصْمِ وَإِنْ كَانَتْ مَطْلُوبَةً إنْ أَخَّرَهَا الطَّالِبُ حَتَّى يَخْرُجَ الْقَاضِي مِنْ الْمَسْجِدِ لَا يُقْبَلُ مِنْهَا التَّوْكِيلُ بِغَيْرِ رِضَا الْخَصْمِ الطَّالِبِ لِأَنَّهُ لَا عُذْرَ لَهَا إلَى التَّوْكِيلِ اهـ.

وَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا كَانَ إلَخْ مُحَرَّفٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ الْمُقَرَّرُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ هُوَ خَبَرَانِ أَيْ الْمُقَرَّرُ فِي هَذَا مِثْلُ الْمُقَرَّرِ فِي ذَلِكَ وَفِي نُسْخَةِ قُضَاةِ الْعَهْدِ فَسَادٌ فَفَسَادُ خَبَرُ إنَّ وَقَوْلُهُ كَمَا هُوَ الْمُقَرَّرُ تَشْبِيهُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَهُ إلَى فَقِيهٍ آخَرَ) كَانَ وَجْهُهُ أَنَّهُ جَعَلَ هَذَا الْفَقِيهَ حَكَمًا فَلَا يَكُونُ الْآخَرُ حَكَمًا بِدُونِ أَمْرِهِ بِخِلَافِ الْقَاضِي الْآخَرِ فَإِنَّ وِلَايَتَهُ ثَابِتَةٌ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَالْقَاضِي) مَعْطُوفٌ عَلَى الصَّبِيِّ (قَوْلُهُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ طَرِيقَ إثْبَاتِ الْوَكَالَةِ إلَخْ) قَالَ قَاضِي خَانْ وَكَّلَهُ بِقَبْضٍ فَأَقَرَّ الْمَدْيُونُ بِوَكَالَتِهِ وَأَنْكَرَ الدَّيْنَ فَبَرْهَنَ عَلَيْهِ الْوَكِيلُ لَا يُقْبَلُ إذْ الْبَيِّنَةُ لَا تُقْبَلُ إلَّا عَلَى خَصْمٍ وَبِإِقْرَارِ الْمَدْيُونِ لَنْ تَثْبُتَ الْوَكَالَةُ فَلَمْ يَكُنْ خَصْمًا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالْوَكَالَةِ فَقَالَ الْوَكِيلُ: إنِّي أُبَرْهِنُ عَلَى وَكَالَتِي مَخَافَةَ أَنْ يَحْضُرَ الطَّالِبُ وَيُنْكِرَ الْوَكَالَةَ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَلَوْ قَامَتْ عَلَى الْمُقِرِّ وَكَذَا وَصِيٌّ أَقَرَّ الْمَدْيُونُ بِوِصَايَتِهِ وَأَنْكَرَ الدَّيْنَ فَأَثْبَتَ الْوَصِيُّ وِصَايَتَهُ بِبَيِّنَةٍ تُقْبَلُ وَكَذَا مَنْ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>