بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ فَالْعُهْدَةُ عَلَى الْوَكِيلِ وَحَضْرَةُ الْمُوَكِّلِ وَغَيْبَتُهُ سَوَاءٌ وَلَوْ وَكَّلَ الْوَكِيلُ بِغَيْرِ إذْنٍ وَتَعْمِيمٍ فَبَاعَ بِحَضْرَةِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ جَازَ وَالْعُهْدَةُ عَلَى الْوَكِيلِ الثَّانِي اهـ.
وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا شَامِلٌ لِلْحُرِّ الَّذِي لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَالصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ وَلَمْ يَذْكُرْ شَارِحُو الْهِدَايَةِ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ هُنَا وَإِنَّمَا زِدْتُهُ هُنَا لِدُخُولِهِ تَحْتَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فِي كَلَامِهِمْ وَلِقَوْلِ قَاضِي خَانْ فِي الْحَجْرِ إنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ بِمَنْزِلَةِ الصَّبِيِّ إلَّا فِي أَرْبَعَةٍ فَلَا تَلْزَمُهُ عُهْدَةٌ كَهُوَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْعُهْدَةَ عَلَى الْمَأْذُونِ مُطْلَقًا وَفَصَلَ فِي الذَّخِيرَةِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ فَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ بَاعَ بِثَمَنٍ حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا بِالشِّرَاءِ فَإِنْ كَانَ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَهِيَ عَلَى الْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْكَفَالَةِ وَإِنْ كَانَ بِثَمَنٍ حَالٍّ فَهِيَ عَلَى الْوَكِيلِ لِكَوْنِهِ ضَمَانَ ثَمَنٍ. اهـ.
وَخَالَفَ فِي الْإِيضَاحِ فِيمَا إذَا اشْتَرَى بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَجَعْلُهُ الشِّرَاءَ لَهُ لَا لِلْمُوَكِّلِ لِأَنَّ الشِّرَاءَ لِلْمُوَكِّلِ وَالْعُهْدَةَ عَلَيْهِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِيضَاحُهُ فِي الشَّرْحِ وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا لِأَنَّ الْمَحْجُورَ تَتَعَلَّقُ الْحُقُوقُ بِمُوَكِّلِهِ كَالرَّسُولِ وَالْقَاضِي وَأَمِينِهِ وَلَوْ قَبَضَهُ مَعَ هَذَا صَحَّ قَبْضُهُ لِأَنَّهُ هُوَ الْعَاقِدُ فَكَانَ أَصِيلًا فِيهِ وَانْتِفَاءُ اللُّزُومِ لَا يَدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ الْجَوَازِ ثُمَّ الْعَبْدُ إذَا عَتَقَ تَلْزَمُهُ تِلْكَ الْعُهْدَةُ وَالصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ لَا تَلْزَمُهُ لِأَنَّ الْمَانِعَ الْمَوْلَى مَعَ أَهْلِيَّتِهِ وَقَدْ زَالَ وَفِي الصَّبِيِّ حَقُّ نَفْسِهِ وَلَا يَزُولُ بِالْبُلُوغِ وَلَوْ وَقَعَ التَّنَازُعُ فِي كَوْنِهِ مَحْجُورًا أَوْ مَأْذُونًا حَالَ كَوْنِهِ وَكِيلًا لَمْ أَرَهُ وَفِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الْحَجْرِ عَبْدٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ شَيْئًا فَقَالَ الْبَائِعُ: لَا أُسَلِّمُ إلَيْك الْمَبِيعَ لِأَنَّك مَحْجُورٌ وَقَالَ الْعَبْدُ: أَنَا مَأْذُونٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْعَبْدِ فَإِنْ أَقَامَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ أَقَرَّ أَنَّهُ مَحْجُورٌ قَبْلَ أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَى الْقَضَاءِ بَعْدَ الشِّرَاءِ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ ثُمَّ قَالَ: عَبْدٌ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ: هَذَا الَّذِي بِعْتُك لِمَوْلَايَ وَأَنَا مَحْجُورٌ وَقَالَ الْمُشْتَرِي: بَلْ أَنْت مَأْذُونٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْعَبْدِ اهـ.
وَحَاصِلُهُمَا أَنَّ الْقَوْلَ لِمَنْ يَدَّعِي الْإِذْنَ لِأَنَّ الْأَصْلَ النَّفَاذُ وَإِقْدَامُهُمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَمِنْ هُنَا يَقَعُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَا إذَا كَانَ وَكِيلًا فَإِنَّ النَّفَاذَ حَاصِلٌ بِدُونِ الْإِذْنِ وَلُزُومُ الْعُهْدَةِ شَيْءٌ آخَرُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُ الْعَبْدِ أَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِتَنْتَفِي الْعُهْدَةُ عَنْهُ وَشَمَلَ كَلَامُهُ الْمُرْتَدَّ فَإِنَّ الْعُهْدَةَ عَلَيْهِ لَكِنْ مَوْقُوفَةٌ عِنْدَ الْإِمَامِ فَإِنْ أَسْلَمَ كَانَتْ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُوَكِّلِ وَعِنْدَهُمَا هِيَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ لِلْوَكِيلِ بِالْإِجَارَةِ قَبْضَ الْأُجْرَةِ وَعَلَيْهِ تَسْلِيمُ الْعَيْنِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَفِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي خِلَافُهُ قَالَ الْوَكِيلُ بِالْإِجَارَةِ: لَيْسَ لَهُ قَبْضُ الْأُجْرَةِ وَحَبْسُ الْمُسْتَأْجِرِ بِهِ وَلَوْ وَهَبَ الْأُجْرَةَ قَبْلَ الْقَبْضِ جَازَ إنْ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا بِعَيْنِهِ. اهـ.
وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ وَالصَّوَابُ مَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ أَنَّ لِلْوَكِيلِ بِالْإِجَارَةِ الْمُخَاصَمَةَ فِي إثْبَاتِهَا وَقَبْضَ الْأُجْرَةِ وَحَبْسَ الْمُسْتَأْجِرِ بِهِ فَإِنْ وَهَبَ الْأَجْرَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَوْ أَبْرَأَهُ جَازَ إنْ لَمْ يَكُنْ بِعَيْنِهِ وَيَضْمَنُهُ وَإِنْ بِعَيْنِهِ لَا وَإِنْ نَاقَضَ الْوَكِيلُ الْمُسْتَأْجِرَ الْإِجَارَةَ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا شَيْئًا جَازَتْ دَيْنًا كَانَ الْأَجْرُ أَوْ عَيْنًا وَبَرِئَ الْمُسْتَأْجِرُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ قَبَضَ الْأَجْرَ اهـ.
وَعَلَى هَذَا يُطَالِبُ الْوَكِيلُ بِالِاسْتِئْجَارِ بِالْأُجْرَةِ كَالْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ وَأَطْلَقَ فِي تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ فَشَمَلَ مَا إذَا قَبَضَ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ أَوْ لَا وَمَا إذَا قَالَ لَهُ الْمُوَكِّلُ: لَا تَدْفَعْ الْمَبِيعَ بَعْدَ الْبَيْعِ حَتَّى تَقْبِضَ الثَّمَنَ فَدَفَعَ الْوَكِيلُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ جَازَ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْوَكِيلِ إذَا أَقَالَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي الْقُنْيَةِ لَوْ نَهَاهُ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ كَانَ بَاطِلًا اهـ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْوَكِيلِ فَلَوْ كَانَ فِي يَدِ الْمُوَكِّلِ وَأَبَى الدَّفْعَ قَبْلَ قَبْضِ ثَمَنِهِ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ بَاعَهُ نَسِيئَةً وَأَبَى الْمُوَكِّلُ مِنْ دَفْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْوَكِيلِ وَأَخَذَهُ الْمُوَكِّلُ وَأَرَادَ أَنْ لَا يَدْفَعَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَأَخَذَهُ الْوَكِيلُ مِنْ بَيْتِهِ وَهَلَكَ فِي يَدِ الْوَكِيلِ إنْ الْأَخْذُ بَعْدَ الْبَيْعِ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ قَبْلَهُ وَقَدْ نَهَاهُ عَنْ الْقَبْضِ يَضْمَنُ وَلَوْ لَمْ يَهْلِكْ حَتَّى بَاعَهُ جَازَ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ إلَى الْمُشْتَرِي انْفَسَخَ الْبَيْعُ. اهـ.
وَقَيَّدْنَا بِالنَّهْيِ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ بَيْعِهِ أَوْ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ لَوْ نَهَاهُ عَنْ الْبَيْعِ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ يَقُولُ: بِعْتُك بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ الَّتِي قَبَضْت مِنْك
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَفِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي خِلَافُهُ) قَالَ الْغَزِّيِّ: قُلْت: وَصَرَّحَ فِي السِّرَاجِيَّةِ بِمَا عَنْ مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ خَيْرُ الدِّينِ الرَّمْلِيُّ.
(قَوْلُهُ وَالصَّوَابُ مَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ إلَخْ) أَقُولُ: نُقِلَ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ التَّتَارْخَانِيَّة مَا فِي الْكَافِي عَنْ نَصِّ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَفْظَهُ لَيْسَ فِي عِبَارَةِ الْمُنْيَةِ مِنْ سَهْوِ النَّاسِخِ تَأَمَّلْ