للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَفِي وَكِيلِ النِّكَاحِ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ عَلَى وَجْهِ الشَّرْطِ وَفِيمَا عَدَاهُ عَلَى وَجْهِ الْجَوَازِ فَيَجُوزُ عَدَمُهُ وَذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ قَوْلَيْنِ فِيمَا إذَا قَالَ وَكِيلُ الطَّلَاقِ: أَنْت طَالِقٌ مِنِّي وَقَدْ فَرَّعَ عَلَى رُجُوعِ الْحُقُوقِ لِلْمُوَكِّلِ حُكْمَيْنِ وَمِنْهَا أَنَّ وَكِيلَهَا لَا يَلِي قَبْضَ مَهْرِهَا وَالْوَكِيلُ بِالْخُلْعِ لَا يَلِي قَبْضَ الْبَدَلِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَمِنْهَا أَنَّهُ يَصِحُّ ضَمَانُهُ مَهْرَهَا وَتُخَيَّرُ الْمَرْأَةُ بَيْنَ مُطَالَبَتِهِ أَوْ الزَّوْجِ فَإِذَا أَخَذَتْ مِنْ الْوَكِيلِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِيهَا وَكِيلُ الْخُلْعِ خَالِعٌ وَضَمِنَ صَحَّ وَإِنْ لَمْ تَأْمُرْهُ الْمَرْأَةُ بِالضَّمَانِ وَكَذَا يَرْجِعُ قَبْلَ الْأَدَاءِ اهـ.

وَأَشَارَ بِالْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَالنِّكَاحِ إلَى بَقِيَّةِ أَفْرَادِ هَذَا النَّوْعِ وَلِذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ مِنْ أَخَوَاتِهِ الْعِتْقُ عَلَى مَالٍ وَالْكِتَابَةُ وَالصُّلْحُ عَلَى إنْكَارٍ وَالْهِبَةُ وَالتَّصَدُّقُ وَالْإِعَارَةُ وَالْإِيدَاعُ وَالرَّهْنُ وَالْإِقْرَاضُ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِيهَا يَثْبُتُ بِالْقَبْضِ وَإِنَّهُ يُلَاقِي مَحِلًّا مَمْلُوكًا لِلْغَيْرِ فَلَا يُجْعَلُ أَصِيلًا وَكَذَا إذَا كَانَ الْوَكِيلُ مِنْ جَانِبِ الْمُلْتَمِسِ وَكَذَا الشَّرِكَةُ وَالْمُضَارَبَةُ إلَّا أَنَّ التَّوْكِيلَ بِالِاسْتِقْرَاضِ بَاطِلٌ حَتَّى لَا يَثْبُتَ الْمِلْكُ لِلْمُوَكِّلِ بِخِلَافِ الرِّسَالَةِ فِيهِ اهـ.

وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ الْوَكِيلُ بِالْقَبْضِ وَقَدَّمْنَا أَحْكَامَهُ وَفِي الْمُجْتَبَى وَكَّلَهُ أَنْ يَرْتَهِنَ عَبْدَ فُلَانٍ بِدَيْنِهِ أَوْ يَسْتَعِيرَهُ لَهُ أَوْ يَسْتَقْرِضَ لَهُ أَلْفًا فَإِنَّهُ يُضِيفُ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ دُونَ نَفْسِهِ فَيَقُولُ: إنَّ زَيْدًا يَسْتَقْرِضُ مِنْك كَذَا أَوْ يَسْتَرْهِنُ عَبْدَك أَوْ يَسْتَعِيرُ مِنْك وَلَوْ قَالَ: هَبْ لِي أَوْ أَعِرْنِي أَوْ أَقْرِضْنِي أَوْ تَصَدَّقْ عَلَيَّ فَهُوَ لِلْوَكِيلِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلِلْمُشْتَرِي مَنْعُ الْمُوَكِّلِ عَنْ الثَّمَنِ) لِكَوْنِهِ أَجْنَبِيًّا عَنْ الْحُقُوقِ لِرُجُوعِهَا إلَى الْوَكِيلِ

ــ

[منحة الخالق]

يَكُونُ سَفِيرًا مَحْضًا فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِضَافَةِ إلَى الْمُوَكِّلِ وَأَمَّا الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ فَإِنَّهُ أَيْضًا إسْقَاطٌ لَا يَشُوبُهُ مُعَاوَضَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِضَافَةِ إلَى الْمُوَكِّلِ وَكَذَا الصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ فَإِنَّهُ إسْقَاطٌ مَحْضٌ وَالْوَكِيلُ أَجْنَبِيٌّ سَفِيرٌ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِضَافَةِ إلَى الْمُوَكِّلِ وَكَذَا الْحَالُ فِي الْبَوَاقِي هَذَا مُلَخَّصُ مَا ذَكَرَهُ الْقَوْمُ فِي هَذَا الْمَقَامِ اهـ.

أَقُولُ: يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِأَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْإِضَافَةِ اشْتِرَاطُ ذِكْرِ الْمُوَكِّلِ وَإِنْ أَسْنَدَ الْوَكِيلُ الْفِعْلَ إلَى نَفْسِهِ فَإِذَا كَانَ وَكِيلًا مِنْ جَانِبِ الْمَرْأَةِ يَقُولُ لِلزَّوْجِ: خَالِعْ امْرَأَتَك عَلَى هَذِهِ الْأَلْفِ فَخَالَعَ يَتِمُّ بِقَبُولِ الْوَكِيلِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْخُلْعِ أَمَّا لَوْ قَالَ: خَالِعْ فَقَطْ فَلَا وَلَوْ كَانَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَقَالَ: خَلَعْت فُلَانَةَ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى كَذَا جَازَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّهُ يَكُونُ وَكِيلًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ فِي الْخُلْعِ وَصَرَّحُوا أَيْضًا بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ طَلِّقْ امْرَأَتِي رَجْعِيَّةً فَقَالَ لَهَا الْوَكِيلُ: طَلَّقْتُك بَائِنًا تَقَعُ رَجْعِيَّةً وَلَوْ وَكَّلَهُ بِالْبَائِنِ فَقَالَ لَهَا الْوَكِيلُ: أَنْتِ طَالِقٌ تَطْلِيقَةً رَجْعِيَّةً تَقَعُ وَاحِدَةً بَائِنَةً وَصَرَّحُوا بِأَنَّهُ يَصِحُّ تَوْكِيلُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى تَلَفُّظِهِمَا بِهِ وَفِي طَلَاقِ الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ الْوَكِيلُ فِي الطَّلَاقِ وَالرَّسُولُ سَوَاءٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة الرِّسَالَةُ أَنْ يَبْعَثَ الزَّوْجُ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ الْغَائِبَةِ عَلَى يَدِ إنْسَانٍ فَيَذْهَبُ الرَّسُولُ إلَيْهَا وَيُبَلِّغُهَا الرِّسَالَةَ عَلَى وَجْهِهَا فَيَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ فَقَدْ ثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ قَوْلَ الْوَكِيلِ خَلَعْت وَطَلَّقْت يَكْفِي ثُمَّ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِالْوَكِيلِ الْوَكِيلُ مِنْ جِهَةِ مَنْ يَثْبُتُ لَهُ الْمِلْكُ بِقَرِينَةِ التَّعْلِيلِ بِأَنَّ الْحُكْمَ فِيهَا لَا يُقْبَلُ عَنْ السَّبَبِ فَفِي النِّكَاحِ يَقُولُ وَكِيلُ الزَّوْجِ زَوِّجْ بِنْتَك لِفُلَانٍ فَيُضِيفُهُ إلَى الْمُوَكِّلِ وَلَوْ قَالَ: زَوِّجْنِي وَقَعَ لَهُ لَا لِلْمُوَكِّلِ.

وَأَمَّا وَكِيلُ الزَّوْجَةِ فَيَقُولُ: زَوَّجْت فَيَصِحُّ وَفِي الطَّلَاقِ بِمَالٍ يَقُولُ وَكِيلُ الزَّوْجِ: طَلَّقْت فُلَانَةَ بِأَلْفٍ وَفِي الْخُلْعِ يَقُولُ وَكِيلُ الزَّوْجِ: خَالَعْتُهَا عَلَى أَلْفٍ وَأَمَّا وَكِيلُ الْمَرْأَةِ فَيَقُولُ: قَبِلْت بِدُونِ إضَافَةٍ إلَيْهَا وَكَذَا فِي الْعِتْقِ عَلَى مَالٍ وَالْكِتَابَةِ وَلَوْ كَانَ الطَّلَبُ مِنْ جِهَةِ وَكِيلِ الْمَرْأَةِ أَوْ الْعَبْدِ يَقُولُ: طَلِّقْ فُلَانَةَ بِأَلْفٍ أَوْ اخْلَعْهَا عَلَى أَلْفٍ أَوْ اعْتِقْ عَبْدَك عَلَى كَذَا أَوْ كَاتِبْهُ عَلَى كَذَا فَيَقُولُ وَكِيلُ الزَّوْجِ أَوْ السَّيِّدِ: فَعَلْت فَيُكْتَفَى بِالْإِضَافَةِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ لِأَنَّ الْمِلْكَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَإِنَّ الْمَرْأَةَ تَمْلِكُ نَفْسَهَا وَكَذَا الْعَبْدُ كَمَا أَنَّ الزَّوْجَ أَوْ السَّيِّدَ يَمْلِكُ الْعِوَضَ وَفِي الصُّلْحِ عَنْ إنْكَارٍ أَوْ دَمِ عَمْدٍ يَقُولُ الْوَكِيلُ: صَالِحْ فُلَانًا عَنْ دَعْوَاك عَلَيْهِ هَذَا الْمَالَ أَوْ الدَّمَ فَيَقْبَلُ الْمُدَّعِي وَلَوْ قَالَ الْوَكِيلُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ: أَعْتِقْنِي أَوْ طَلِّقْنِي أَوْ كَاتِبْنِي أَوْ صَالِحْنِي لَمْ يَصِحَّ بِخِلَافِ بِعْنِي وَآجِرْنِي فَإِنَّهُ يَصِحُّ إضَافَتُهَا إلَى نَفْسِهِ كَمَا مَرَّ وَكَذَا بَقِيَّةُ الصُّوَرِ الْآتِيَةِ يَقُولُ الْوَكِيلُ مِنْ جِهَةِ طَالِبِ التَّمَلُّكِ: هَبْ فُلَانًا أَوْ تَصَدَّقْ عَلَيْهِ أَوْ أَعِرْهُ أَوْ أَوْدِعْهُ أَوْ ارْهَنْ عِنْدَهُ كَذَا أَوْ أَقْرِضْهُ كَذَا وَلَوْ قَالَ: هَبْنِي أَوْ تَصَدَّقْ عَلَيَّ أَوْ أَعِرْنِي إلَخْ يَقَعُ لَهُ لَا لِلْمُوَكِّلِ وَأَمَّا الْوَكِيلُ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ كَمَا إذَا دَفَعَ لِرَجُلٍ مَالًا وَوَكَّلَهُ بِأَنْ يَهَبَهُ لِفُلَانٍ فَإِنَّهُ يَقُولُ: وَهَبْتُك أَوْ تَصَدَّقْت عَلَيْهِ أَوْ أَعَرْتُك أَوْ أَوْدَعْتُك إلَخْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُولَ: وَهَبْتُك هَذِهِ الْأَلْفَ الَّتِي لِفُلَانٍ الْمُوَكِّلِ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ يَفْتَرِقُ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ مِنْ حَيْثُ إنَّ مَا كَانَ مِنْهَا إسْقَاطًا يُضِيفُهُ الْوَكِيلُ إلَى نَفْسِهِ مَعَ التَّصْرِيحِ بِالْمُوَكِّلِ فَيَقُولُ: زَوَّجْتُك فُلَانَةَ وَصَالَحْتُك عَمَّا تَدَّعِيهِ عَلَى فُلَانٍ مِنْ الْمَالِ أَوْ الدَّمِ أَمَّا مَا كَانَ مِنْهَا تَمْلِيكًا لِعَيْنٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ أَوْ حِفْظٍ فَلَا يُضِيفُهُ إلَى نَفْسِهِ بَلْ إلَى الْمُوَكِّلِ فَقَطْ كَقَوْلِهِ هَبْ لِفُلَانٍ كَذَا أَوْ أَوْدِعْهُ كَذَا أَوْ أَقْرِضْهُ كَذَا فَلَا بُدَّ فِي هَذَا مِنْ إخْرَاجِ كَلَامِهِ مَخْرَجَ الرِّسَالَةِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ: هَبْنِي كَذَا كَمَا مَرَّ وَلَا هَبْنِي لِفُلَانٍ أَوْ أَوْدِعْنِي لِفُلَانٍ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُمْ التَّوْكِيلُ بِالِاسْتِقْرَاضِ بَاطِلٌ مَعْنَاهُ أَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ رِسَالَةٌ لَا وَكَالَةٌ فَلَوْ أَخْرَجَ الْكَلَامَ مَخْرَجَ الْوَكَالَةِ لَمْ يَصِحَّ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِهِ مَخْرَجَ الرِّسَالَةِ كَمَا قُلْنَا وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ خَاصٍّ بِالِاسْتِقْرَاضِ بَلْ كُلُّ مَا كَانَ تَمْلِيكًا إذَا كَانَ الْوَكِيلُ مِنْ جِهَةِ طَالِبِ التَّمَلُّكِ لَا مِنْ جِهَةِ الْمُمَلِّكِ فَإِنَّ التَّوْكِيلَ بِالْإِقْرَاضِ وَالْإِعَارَةِ صَحِيحٌ لَا بِالِاسْتِقْرَاضِ وَالِاسْتِعَارَةِ بَلْ هُوَ رِسَالَةٌ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ وَقَدْ فَرَّعَ) أَيْ الْمُصَنِّفُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>