للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ الْمَقْصُودُ فَلَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلٌ رَجُلًا بِشِرَاءِ جَارِيَةٍ بِعَيْنِهَا فَقَالَ الْوَكِيلُ: نَعَمْ فَاشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ وَوَطِئَهَا فَحَبِلَتْ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُدْرَأُ عَنْهُ الْحَدُّ وَتَكُونُ الْأَمَةُ وَوَلَدُهَا لِلْآمِرِ وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ اهـ.

وَفِي الْقُنْيَةِ أَمَرَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ جَارِيَةً بِعَيْنِهَا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَاشْتَرَاهَا فَقَالَ الْآمِرُ: اشْتَرَيْتُهَا بِعَشَرَةٍ وَقَالَ الْمَأْمُورُ: اشْتَرَيْتُهَا لِنَفْسِي بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَتُهُ اهـ.

(قَوْلُهُ فَلَوْ اشْتَرَاهُ بِغَيْرِ النُّقُودِ أَوْ بِخِلَافِ مَا سُمِّيَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَقَعَ لِلْوَكِيلِ) لِأَنَّهُ خَالَفَ أَمْرَهُ فَنَفَذَ عَلَيْهِ أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ الْمُخَالَفَةَ فِي الْجِنْسِ وَفِي الْقَدْرِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَقَيَّدَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمَجْمَعِ بِخِلَافِ الْجِنْسِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا سَمَّى لَهُ ثَمَنًا فَزَادَ عَلَيْهِ أَوْ نَقَصَ عَنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُخَالِفًا وَظَاهِرُ مَا فِي الْكَافِي لِلْحَاكِمِ أَنَّهُ يَكُونُ مُخَالِفًا فِيمَا زَادَ لَا فِيمَا إذَا نَقَصَ فَإِنَّهُ قَالَ: وَإِنْ قَالَ: اشْتَرِ لِي ثَوْبًا هَرَوِيًّا وَلَمْ يُسَمِّ الثَّمَنَ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى الْآمِرِ وَإِنْ سَمَّى ثَمَنًا فَزَادَ عَلَيْهِ شَيْئًا لَمْ يَلْزَمْ الْآمِرَ وَكَذَلِكَ إنْ نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَصَفَهُ لَهُ بِصِفَةٍ وَسَمَّى لَهُ ثَمَنًا فَاشْتَرَى بِتِلْكَ الصِّفَةِ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ فَيَجُوزُ عَلَى الْآمِرِ اهـ.

وَإِذَا كَانَ مُعَيَّنًا فَهُوَ كَالْمَوْصُوفِ فَشَمَلَ مَا إذَا كَانَ خِلَافُ الْجِنْسِ عَرْضًا أَوْ نَقْدًا خِلَافًا لِزُفَرَ فِي الثَّانِي وَمَا إذَا كَانَ مَا اشْتَرَى بِهِ مِثْلَ قِيمَةِ مَا أُمِرَ بِهِ أَوْ أَقَلَّ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَاهُ بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ ثُمَّ حَطَّ الْبَائِعُ الْمِائَةَ عَنْ الْمُشْتَرِي كَانَ الْعَبْدُ لِلْمُشْتَرِي دُونَ الْآمِرِ اهـ.

وَفِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ قَالَ الْأَسِيرُ لِرَجُلٍ: اشْتَرِنِي بِأَلْفٍ فَاشْتَرَاهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ أَوْ بِعَرْضٍ جَازَ وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْأَسِيرِ بِأَلْفٍ وَالْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ

ــ

[منحة الخالق]

مِنْ عِبَارَاتِ الْكُتُبِ أَصْلًا قَاضِي زَادَهْ كَذَا فِي حَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ.

(قَوْلُهُ فَقَالَ الْوَكِيلُ: نَعَمْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقُلْهَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَإِذَا لَمْ يَقُلْهَا وَاشْتَرَى وَقَعَ لَهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ اشْتَرِ لِي جَارِيَةَ فُلَانٍ فَسَكَتَ وَذَهَبَ وَاشْتَرَاهَا إنْ قَالَ: اشْتَرَيْتُهَا لِي فَلَهُ وَإِنْ قَالَ لِلْمُوَكِّلِ فَلَهُ وَإِنْ أَطْلَقَ وَلَمْ يُضِفْ ثُمَّ قَالَ كَانَ لَك إنْ قَائِمَةً وَلَمْ يَحْدُثْ بِهَا عَيْبٌ صُدِّقَ وَإِنْ هَالِكَةً أَوْ حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ لَا يُصَدَّقُ اهـ.

وَفِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ سُكُوتُ الْوَكِيلِ قَبُولٌ وَيَرْتَدُّ بِرَدِّهِ اهـ.

وَقَدَّمَ هَذَا الشَّارِحُ فِي أَوَّلِ الْوَكَالَةِ أَنَّ رُكْنَهَا مَا دَلَّ عَلَيْهَا مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَلَوْ حُكْمًا لِيَدْخُلَ السُّكُوتُ وَالشَّارِحُ فَهِمَ مِنْ عِبَارَةِ الْبَزَّازِيِّ كَمَا سَيَذْكُرُهُ أَنَّ الْجَارِيَةَ لَمْ تَتَعَيَّنْ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْمَالِكِ فِيهِ وَاَلَّذِي يَلُوحُ لِي أَنَّ فَرْعَ الْبَزَّازِيَّةِ فِي الْمُعَيَّنَةِ أَيْضًا وَيُفَرَّقُ بَيْنَ السُّكُوتِ وَبَيْنَ التَّصْرِيحِ بِالْقَبُولِ أَخْذًا مِنْ تَقْيِيدِهِ فِي كَافِي الْحَاكِمِ بِقَوْلِهِ فَقَالَ الْوَكِيلُ: نَعَمْ وَتَقْيِيدُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ بِقَوْلِهِ فَسَكَتَ وَإِلَّا لَا يَكُونُ فِي ذِكْرِهِ ذَلِكَ فَائِدَةٌ وَعَلَيْك أَنْ تَتَأَمَّلَ اهـ.

قُلْت: وَقَدْ ذَكَرَ عِبَارَةَ الْبَزَّازِيَّةِ فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ شَرِكَةِ الْعُيُونِ وَأَبْدَلَ قَوْلَ الْبَزَّازِيَّةِ فَسَكَتَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَقُلْ الْمَأْمُورُ نَعَمْ وَلَمْ يَقُلْ لَا ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِهَا هَذَا كُلُّهُ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَرُبَّمَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَةً أُخْرَى تَأَمَّلْ ثُمَّ مَعْنَى قَوْلِهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ السُّكُوتِ وَبَيْنَ التَّصْرِيحِ بِالْقَبُولِ أَنَّهُ إنْ سَكَتَ فَعَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَإِنْ صَرَّحَ فَهِيَ لِلْمَأْمُورِ لِأَنَّهُ إنْ سَكَتَ لَمْ تَصِحَّ الْوَكَالَةُ لِمُنَافَاتِهِ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَلَوْ اشْتَرَاهُ بِغَيْرِ النُّقُودِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُضِفْ الْعَقْدَ إلَى الْمُوَكِّلِ أَمَّا إذَا أَضَافَهُ إلَيْهِ بِأَنْ قَالَ: بِعْتُهُ لِمُوَكِّلِكَ فَقَالَ الْوَكِيلُ: اشْتَرَيْتُ لَهُ يَتَوَقَّفْ عَلَى إجَازَةِ الْمُوَكِّلِ بِلَا شُبْهَةٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْكَلَامِ عَلَى شِرَاءِ الْفُضُولِيِّ وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ قَرِيبًا فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَإِنْ قَالَ: بِعْنِي هَذَا لِفُلَانٍ اهـ.

قُلْت: وَفِيهِ كَلَامٌ قَدَّمْنَاهُ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَبِإِيفَائِهَا وَاسْتِيفَائِهَا فَلَا تَغْفُلْ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ بِخِلَافِ مَا سَمَّى لَهُ مِنْ الْبَدَلِ) قَالَ الْحَمَوِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ أَيْ بِأَنْ يَأْمُرَهُ بِالشِّرَاءِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَيَشْتَرِيَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَقَدْ جَعَلَ مُحَمَّدٌ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ جِنْسَيْنِ إذْ لَوْ جَعَلَهَا جِنْسًا وَاحِدًا لَصَارَ الْوَكِيلُ مُشْتَرِيًا لِلْآمِرِ حِينَئِذٍ وَقَدْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِي بَابِ الْمُسَاوَمَةِ أَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ قِيَاسًا فِي حَقِّ حُكْمِ الرِّبَا حَتَّى جَازَ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخِرِ مُتَفَاضِلًا وَفِيمَا عَدَا حُكْمَ الرِّبَا جُعِلَا جِنْسًا وَاحِدًا اسْتِحْسَانًا حَتَّى يُكَمَّلَ نِصَابُ أَحَدِهِمَا بِالْآخِرِ وَالْقَاضِي فِي قِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَوَّمَ بِالدَّرَاهِمِ وَإِنْ شَاءَ قَوَّمَ بِالدَّنَانِيرِ وَالْمُكْرَهُ عَلَى الْبَيْعِ بِالدَّرَاهِمِ إذَا بَاعَ بِالدَّنَانِيرِ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ كَانَ بَيْعُهُ بَيْعَ مُكْرَهٍ وَصَاحِبُ الدَّرَاهِمِ إذَا ظَفِرَ بِدَنَانِيرَ غَرِيمِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِجِنْسِ حَقِّهِ كَمَا لَوْ ظَفِرَ بِدَرَاهِمِهِ إلَّا رِوَايَةً شَاذَّةً عَنْ مُحَمَّدٍ وَإِذَا بَاعَ شَيْئًا بِالدَّرَاهِمِ اشْتَرَاهُ بِالدَّنَانِيرِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ وَالثَّانِي أَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ الْأَوَّلِ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا اسْتِحْسَانًا وَتَبَيَّنَ بِمَا ذُكِرَ أَنَّهُمَا اُعْتُبِرَا جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي حُكْمِ الرِّبَا شَهِدَ بِالدَّرَاهِمِ وَالْآخَرُ بِالدَّنَانِيرِ أَوْ شَهِدَ بِالدَّرَاهِمِ وَالْمُدَّعَى دَنَانِيرُ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَكَذَلِكَ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ اُعْتُبِرَا جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ عَلَى أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ مِنْ آخَرَ دَارًا بِدَرَاهِمَ وَأَجَّرَهَا مِنْ غَيْرِهِ بِدَنَانِيرَ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ وَقِيمَةُ الثَّانِي أَكْثَرُ مِنْ الْأَوَّلِ تَطِيبُ لَهُ الزِّيَادَةُ فَمَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ أَنَّهُمَا جُعِلَا جِنْسًا وَاحِدًا فِيمَا عَدَا حُكْمَ الرِّبَا عَلَى الْإِطْلَاقِ غَيْرُ صَحِيحٍ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة اهـ.

قُلْت: وَذَكَرَ الْعِمَادِيُّ فِي فُصُولِهِ أَنَّ الدَّرَاهِمَ أُجْرِيَتْ مَجْرَى الدَّنَانِيرِ فِي سَبْعَةِ مَوَاضِعَ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ أَوَائِلَ الْبُيُوعِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِ وَوَصْفِ ثَمَنٍ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْحَصْرِ (قَوْلُهُ أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ الْمُخَالَفَةَ فِي الْجِنْسِ وَفِي الْقَدْرِ) وَعَلَيْهِ الْفَرْعُ الْمَارُّ آنِفًا عَنْ الْقُنْيَةِ تَأَمَّلْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>