للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمُفَاوِضِ وَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ الْمُطْلَقِ جَازَ الْبَيْعُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ شِرَاؤُهُمْ بِهِ عَلَيْهِمْ وَالْمَرِيضُ الْمَدْيُونُ الْمُسْتَغْرِقُ دَيْنُهُ لَا يَبِيعُ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ وَيَبِيعُ وَصِيُّهُ بِهِ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ وَبَيْعُ الْمَرِيضِ مِنْ وَارِثِهِ لَا يَصِحُّ أَصْلًا عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَهُمَا يَصِحُّ بِقِيمَتِهِ وَأَكْثَرَ وَبَيْعُ الْمَدْيُونِ مِنْ مَوْلَاهُ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَ الْإِمَامِ وَبَيْعُ الْوَصِيِّ وَشِرَاؤُهُ مِنْ الْيَتِيمِ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ أَصْلًا اهـ.

وَحَاصِلُ مَسَائِلِ الْغَبْنِ أَنَّ مِنْهَا مَا يُعْفَى فِيهِ يَسِيرُ الْغَبْنِ دُونَ فَاحِشِهِ وَهُوَ تَصَرُّفُ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْوَصِيِّ وَالْمُتَوَلِّي وَالْمُضَارِبِ وَوَكِيلٍ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَمَا يُعْفَى فِيهِ يَسِيرُهُ وَفَاحِشُهُ فِي تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ وَبِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ وَالْمَأْذُونُ لَهُ صَبِيًّا أَوْ عَبْدًا وَالْمُكَاتَبُ وَشَرِيكُ الْعِنَانِ وَالْمُفَاوِضُ وَمَا لَا يُعْفَى فِيهِ يَسِيرُهُ وَفَاحِشُهُ فِي تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَفِي بَيْعِ رَبِّ الْمَالِ مَالُ الْمُضَارَبَةِ وَفِي الْغَاصِبِ إذَا ضَمِنَ الْقِيمَةَ مَعَ يَمِينِهِ ثُمَّ ظَهَرَتْ الْعَيْنُ وَقِيمَتُهَا أَكْثَرُ وَفِيمَا إذَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ وَتَصَرَّفَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِغَبَنٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنْ الثُّلُثِ وَلَوْ يَسِيرًا وَفِي تَصَرُّفِ الْمَرِيضِ الْمُسْتَغْرَقِ بِالدَّيْنِ وَفِي بَيْعِ الْمَرِيضِ مِنْ وَارِثِهِ وَتَمَامُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ قَيَّدَ بِالشِّرَاءِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالنِّكَاحِ إذَا زَوَّجَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَقَيَّدَ بِالْقِيمَةِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالشِّرَاءِ لَا يَتَقَيَّدُ شِرَاؤُهُ بِالنَّقْدِ فَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِالنَّسِيئَةِ وَيَكُونُ التَّأْجِيلُ حَقًّا لِلْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ بِخِلَافِ التَّأْجِيلِ بَعْدَ الشِّرَاءِ بِالنَّقْدِ فَإِنَّهُ لِلْوَكِيلِ دُونَ الْمُوَكِّلِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَقَدَّمْنَاهُ وَلَا يَتَقَيَّدُ الْمُوَكِّلُ فِيهِ إلَّا بِمَا قَيَّدَ بِهِ الْمُوَكِّلُ فَلَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ جَارِيَةٍ فَاشْتَرَى أُخْتَهُ رَضَاعًا إنْ قَالَ: جَارِيَةً لِأَطَأهَا فَعَلَى الْمَأْمُورِ وَإِنْ كَانَ أَطْلَقَ فَعَلَى الْآمِرِ وَإِنَّ الْمَخْلُوفَةَ بِعِتْقِهَا إذَا مَلَكَهَا أَوْ أُمَّهُ أَوْ أُخْتَهُ نَفَذَ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَإِنْ قَالَ: لِأَطَأهَا أَوْ أَسْتَخْدِمَهَا لَزِمَ الْوَكِيلَ وَإِنْ قَالَ: اشْتَرِ لِي جَارِيَةً لِأَطَأهَا فَاشْتَرَى أُخْتَ أُمِّ وَلَدِهِ أَوْ زَوْجَتَهُ أَوْ الَّتِي فِي عِدَّةِ الْغَيْرِ يَجُوزُ.

وَكَذَا كُلُّ مَنْ تَحِلُّ بِحَالٍ جَازَ وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى صَغِيرَةً لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا أَوْ مَجُوسِيَّةً أَوْ يَهُودِيَّةً أَوْ نَصْرَانِيَّةً لَزِمَ الْآمِرَ وَالصَّابِئَةُ تَلْزَمُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا وَلَوْ أُخْتَ امْرَأَتِهِ أَوْ عَمَّتَهَا نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا كَانَ مُخَالِفًا اشْتَرَى جَارِيَةً لَهَا زَوْجٌ أَوْ فِي عِدَّةٍ مِنْ زَوْجٍ مِنْ بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ يَلْزَمُ الْمَأْمُورَ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ دَابَّةٍ لِيَرْكَبَهَا فَاشْتَرَى مُهْرًا أَوْ عَمْيَاءَ أَوْ مَقْطُوعَةَ الْيَدِ لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِيهَا وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ سَوْدَاءَ فَاشْتَرَى بَيْضَاءَ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ بِعَمْيَاءَ فَاشْتَرَى بَصِيرَةً جَازَ وَكَذَا فِي التَّوْكِيلِ بِالنِّكَاحِ وَلَوْ اشْتَرَى رَتْقَاءَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا جَازَ عَلَى الْآمِرِ وَلَهُ حَقُّ الرَّدِّ وَإِنْ عَلِمَ بِهِ فَهُوَ مُخَالِفٌ وَكَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَاشْتَرَطَ بَرَاءَةَ الْبَائِعِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً عَمْيَاءَ وَقَدْ قَالَ: اشْتَرْ جَارِيَةً أَعْتِقُهَا عَنْ ظِهَارِي لَزِمَ الْمَأْمُورَ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ لَزِمَ الْآمِرَ وَلَهُ الرَّدُّ وَلَوْ قَالَ: جَارِيَتَيْنِ لِأَطَأَهُمَا فَاشْتَرَى أُخْتَيْنِ أَوْ جَارِيَةً مَعَ خَالَتِهَا أَوْ عَمَّتِهَا رَضَاعًا أَوْ نَسَبًا فَخَالَفَ عِنْدَ الثَّانِي خِلَافًا لِزُفَرَ وَإِنْ فِي صَفْقَتَيْنِ لَا يَكُونُ مُخَالِفًا فِي الْقَوْلَيْنِ وَلَوْ اشْتَرَى أَمَةً وَبِنْتَهَا لَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِأَنَّ وَطْأَهَا حَلَالٌ وَإِنَّمَا يَحْرُمُ وَطْءُ إحْدَاهُمَا بِوَطْئِهِ الْأُخْرَى ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَقَى اهـ.

وَفِيهَا وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ رَقَبَةٍ لَمْ تَجُزْ الْعَمْيَاءُ لِمَا عُلِمَ أَنَّ الرَّقَبَةَ اسْمٌ لِلْكَامِلَةِ اهـ.

فَيُفَرَّقُ بَيْنَ لَفْظِ رَقَبَةٍ وَجَارِيَةٍ فَيَتَقَيَّدُ الْأَوَّلُ بِمَا يَجُوزُ عِتْقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ دُونَ الثَّانِي.

وَفَسَّرَ الْمُؤَلِّفُ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ بِمَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْغَبْنَ الْفَاحِشَ مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ مَعْزِيًّا إلَى الْخُجَنْدِيِّ الَّذِي يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ نِصْفُ الْعُشْرِ أَوْ أَقَلُّ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ الْعُشْرِ فَهُوَ مِمَّا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ وَقَالَ نَصِيرُ بْنُ يَحْيَى: مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ فِي الْعُرُوضِ نِصْفُ الْعُشْرِ وَفِي الْحَيَوَانِ الْعُشْرُ وَفِي الْعَقَارِ الْخُمْسُ وَمَا خَرَجَ عَنْهُ فَهُوَ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ وَوَجْهُهُ أَنَّ التَّصَرُّفَ يَكْثُرُ وُجُودُهُ فِي الْعُرُوضِ وَيَقِلُّ فِي الْعَقَارِ وَيَتَوَسَّطُ فِي الْحَيَوَانِ وَكَثْرَةُ الْغَبْنِ لِقِلَّةِ التَّصَرُّفِ اهـ.

وَالْمُرَادُ بِالتَّغَابُنِ الْخِدَاعُ فَقَوْلُهُمْ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ مَعْنَاهُ لَا يَخْدَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا لِفُحْشِهِ وَظُهُورِهِ وَقَوْلُهُمْ يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ أَيْ يَخْدَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا لِقِلَّتِهِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ غَبَنَهُ فِي الْبَيْعِ يَغْبِنُهُ غَبْنًا وَيُحَرَّكُ خَدَعَهُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَالْمُضَارِبُ وَوَكِيلٌ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ) أَطْلَقَ فِي تَصَرُّفِ الْمُضَارِبِ وَقَدَّمَ آنِفًا عَنْ الْمُنْيَةِ أَنَّ بَيْعَهُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ جَائِزٌ وَأَمَّا شِرَاؤُهُ بِهِ فَهُوَ عَلَيْهِ فَبَيْنَهُمَا مُخَالَفَةٌ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ وَفِي بَيْعِ رَبِّ الْمَالِ مَالَ الْمُضَارَبَةِ) أَيْ قَبْلَ ظُهُورِ الرِّبْحِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَقَالَ نَصِيرُ بْنُ يَحْيَى إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ مَا قَالَهُ نَصِيرُ بْنُ يَحْيَى تَفْسِيرٌ لِمَا فِي بَعْضِ الْكُتُبِ وَأَمَّا مَا لَا يُتَغَابَنُ فِيهِ قِيلَ: فِي الْعُرُوضِ دنيم وَفِي الْحَيَوَانِ ده يازدة وَفِي الْعَقَارِ ده دوازده

<<  <  ج: ص:  >  >>