للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي مَسَائِلَ شَتَّى أَنَّهُ يَقُولُ لَهُ: رَجَعْتُ عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ وَعَزَلْتُكَ عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُنَجَّزَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الشَّرْحِ وَبِهِ يُفْتَى كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي الْعُمْدَةِ لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: كُلَّمَا أَخْرَجْتُكَ عَنْ الْوَكَالَةِ فَأَنْت وَكِيلِي فَلَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْهَا بِمَحْضَرٍ مِنْهُ مَا خَلَا الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ لِأَنَّهُمَا مِمَّا يَتَعَلَّقَانِ بِالشَّرْطِ وَالْإِخْطَارُ بِمَنْزِلَةِ الْيَمِينِ وَلَا رُجُوعَ عَنْ الْيَمِينِ اهـ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَمْلِكُ عَزْلَهُ بِمَحْضَرٍ مِنْهُ إلَّا فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالتَّوْكِيلِ بِسُؤَالِ الْخَصْمِ اهـ.

وَفِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي قَالَ مَشَايِخُنَا: يَمْلِكُ عَزْلَهُ فِي الْفُصُولِ كُلِّهَا اهـ.

وَهَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى قَالَ أُسْتَاذُنَا: إذَا أَرَادَ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ قَوْلَهُ رَجَعْتُ عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ ثُمَّ يَقُولُ: وَعَزَلْتُكَ عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُنْفَذَةِ كَذَا ذَكَرَهُ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ طَرِيقُ الْعَزْلِ لِأَنَّهُ إذَا قَدَّمَ الْعَزْلَ عَنْ الْمُنْفَذَةِ قَارَنَهُ تَنَجُّزُ وَكَالَةٍ أُخْرَى مِنْ الْوَكَالَاتِ الْمُعَلَّقَةِ فَلَا يَنْعَزِلُ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْهَا بِقَوْلِهِ وَرَجَعْتُ عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ لِأَنَّهُ حِينَ قَالَ ذَلِكَ كَانَتْ تِلْكَ وَكَالَةً مُنَجَّزَةً وَإِنَّمَا صَارُوا إلَى مَا ذُكِرَ مِنْ تَخْصِيصِ لَفْظِ الرُّجُوعِ بِالْمُعَلَّقَةِ مِنْ الْوَكَالَاتِ احْتِرَازًا عَنْ خِلَافِ أَبِي يُوسُفَ فَإِنَّ الْإِخْرَاجَ عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ بِلَفْظِ الْعَزْلِ لَا يَصِحُّ اهـ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: كُلَّمَا وَكَّلْتُكَ فَأَنْتَ مَعْزُولٌ لَمْ يَصِحَّ وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّوْكِيلَ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشُّرُوطِ وَالْعَزْلُ لَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الصُّغْرَى وَالصَّيْرَفِيَّةِ فَإِذَا وَكَّلَهُ لَمْ يَنْعَزِلْ.

(قَوْلُهُ وَتَبْطُلُ الْوَكَالَةُ بِالْعَزْلِ إذَا عَلِمَ بِهِ الْوَكِيلُ) وَلَوْ قَالَ كَمَا فِي الْمَجْمَعِ لَكَانَ أَوْلَى كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَأَطْلَقَ فِي الْوَكَالَةِ فَشَمَلَ الْمُنَجَّزَةَ وَالْمُعَلَّقَةَ فَيَمْلِكُ عَزْلَهُ عَنْ الْمُعَلَّقَةِ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَفِي الصُّغْرَى وَبِهِ يُفْتَى وَفِي الْقُنْيَةِ لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ: عَزَلَنِي مُوَكِّلِي وَهُوَ غَائِبٌ وَكَذَّبَهُ الْمُدَّعِي لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَفِي شَهَادَاتِ الْعَتَّابِيَّةِ وَبَيِّنَةُ الْعَزْلِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْبَيْعِ مِنْ الْوَكِيلِ وَكَذَا الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ وَإِذَا شَهِدُوا بَيْعَ الْوَكِيلِ يَجِبُ أَنْ يَسْأَلَهُمْ الْقَاضِي عَنْ بَيْعِهِ قَبْلَ الْعَزْلِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ مَاتُوا أَوْ غَابُوا قَضَى بِشَهَادَتِهِمْ اهـ.

وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: إلَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهَا فَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ بِهِ لَكَانَ أَوْلَى لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ إذَا وَكَّلَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا فَلَهُ عَزْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَقَيَّدَ بِالْوَكِيلِ لِأَنَّ عَزْلَ الرَّسُولِ يَصِحُّ بِلَا عِلْمِهِ وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ صِحَّةِ عَزْلِهِ الْوَكِيلُ يَبِيعُ الرَّهْنَ وَبِالْخُصُومَةِ بِالْتِمَاسِ الطَّالِبِ عِنْدَ غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ وَفِيمَا إذَا قَالَ: كُلَّمَا عَزَلْتُكَ فَأَنْتَ وَكِيلِي عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ وَيُسْتَثْنَى مَا إذَا وَكَّلَ وَكِيلَ الْبَيْعِ مُوَكِّلُهُ بِالثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي بِأَمْرِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ إخْرَاجَهُ عَنْهَا وَإِنْ لَا يَأْمُرُ الْحَاكِمُ لَهُ عَزْلُهُ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَمَا فِي الْمُحِيطِ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَيْنٍ لَهُ عَزْلُهُ إلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْوَكِيلِ بِأَنْ يَأْمُرَهُ بِالْبَيْعِ وَاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ بِإِزَاءِ دَيْنِهِ اهـ.

فَالْمُسْتَثْنَى خَمْسَةٌ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْوَكَالَةَ إنَّمَا يَتَوَقَّفُ بُطْلَانُهَا عَلَى الْعَزْلِ إذَا لَمْ يَنْتَهِ الْأَمْرُ فَإِنْ بَلَغَ نِهَايَتَهُ انْعَزَلَ بِلَا عَزْلٍ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ فَقَبَضَهُ أَوْ بِالنِّكَاحِ فَزَوَّجَهُ فَإِنَّهُ يَنْعَزِلُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

(قَوْلُهُ وَمَوْتُ أَحَدِهِمَا وَجُنُونُهُ مُطْبِقًا وَلُحُوقُهُ مُرْتَدًّا) أَيْ تَبْطُلُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ تَصَرُّفٌ غَيْرُ لَازِمٍ فَيَكُونُ لِدَوَامِهِ حُكْمُ ابْتِدَائِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ قِيَامِ الْأَمْرِ وَقَدْ بَطَلَ بِهَذِهِ الْعَوَارِضِ وَفِي الْقُنْيَةِ بَلَغَ الْمُسْتَبْضِعَ مَوْتُ الْمُبْضِعِ وَهُوَ فِي الطَّرِيقِ وَقَدْ اشْتَرَى رَقِيقًا بِمَالِ الْبِضَاعَةِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الرَّقِيقِ مِنْ بَقِيَّةِ مَالِ الْبِضَاعَةِ إلَّا بِأَمْرِ الْقَاضِي اهـ.

وَفِي التَّجْنِيسِ مِنْ بَابِ الْمَفْقُودِ رَجُلٌ غَابَ وَجَعَلَ دَارًا لَهُ فِي يَدِ رَجُلٍ لِيُعَمِّرَهَا فَدَفَعَ إلَيْهِ مَالًا لِيَحْفَظَهُ ثُمَّ فُقِدَ الدَّافِعُ فَلَهُ أَنْ يَحْفَظَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعَمِّرَ الدَّارَ

ــ

[منحة الخالق]

قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَالْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ يَقُولُ: رَجَعْتُ عَنْ الْمُعَلَّقَةِ وَعَزَلْتُ عَنْ الْمُنْفَذَةِ وَلَا يُقَدَّمُ الْعَزْلُ عَنْ الْمُنْفَذَةِ عَلَى الرُّجُوعِ عَنْ الْمُعَلَّقَةِ لِأَنَّهُ إذَا قَدَّمَ الْعَزْلَ عَنْ الْمُنْفَذَةِ تَنَجَّزَ وَكَالَةٌ أُخْرَى مِنْ الْمُعَلَّقَةِ فَلَا يَنْعَزِلُ بَعْدُ عَنْهَا بِالرُّجُوعِ عَنْ الْمُعَلَّقَةِ.

(قَوْلُهُ وَهَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُعْتَمَدُ) قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ أَيْ فِي غَيْرِ التَّوْكِيلِ بِسُؤَالِ الْخَصْمِ اهـ.

وَعِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ هُنَا وَكَّلَهُ غَيْرُ جَائِزِ الرُّجُوعِ ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْزِلَهُ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ كَمَا لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: جَعَلْتُ أَمْرَ امْرَأَتِي إلَيْكَ يُطَلِّقُهَا مَتَى شَاءَ أَوْ قَالَ: جَعَلْتُ عِتْقَ عَبْدِي فِي يَدِكَ يُعْتِقُهُ مَتَى شَاءَ أَوْ قَالَ: اعْتِقْ عَبْدِي إذَا شِئْتَ أَوْ طَلِّقْ امْرَأَتِي إنْ شِئْتَ لَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ لِأَنَّ وَإِنْ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ يَصِحُّ الْعَزْلُ وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: الْعَزْلُ فِي كُلِّ الْفُصُولِ لَيْسَ فِيهِ رِوَايَةٌ مَسْطُورَةٌ

(قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ كَمَا فِي الْمَجْمَعِ لَكَانَ أَوْلَى كَمَا قَدَّمْنَاهُ) أَيْ فِي الْقَوْلَةِ السَّابِقَةِ حَيْثُ قَالَ: وَلِذَا قَالَ فِي الْمَجْمَعِ وَيَمْلِكُ الْمُوَكِّلُ عَزْلَهُ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقُّ الْغَيْرِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: إلَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهَا إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ قَبْلَ عِلْمِهِ لَا يَكُونُ وَكِيلًا حَتَّى لَوْ بَاعَ لَا يَنْفُذُ وَلَا يَكُونُ بَيْعُهُ إجَازَةً لِلْوَكَالَةِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ وَحِينَئِذٍ فَعَزْلُهُ قَبْلَ عِلْمِهِ لَيْسَ عَزْلًا حَقِيقَةً تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَا يَأْمُرَ الْحَاكِمُ إلَخْ) إنْ شَرْطِيَّةٌ وَلَا نَافِيَةٌ وَهُوَ مُقَابِلُ قَوْلِهِ بِأَمْرِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ بِأَنْ يَأْمُرَهُ بِالْبَيْعِ وَاسْتِيفَاءُ الثَّمَنِ بِإِزَاءِ دَيْنِهِ) هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا أَمَّا إذَا كَانَ مُؤَجَّلًا فَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْجَوَاهِرِ وَلَوْ وَكَّلَ الدَّائِنَ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ بِبَيْعِ دَارِهِ بِسُؤَالِهِ عِنْدَ الْأَجَلِ كَانَ لَهُ عَزْلُهُ قَبْلَهُ.

(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَمَوْتُ أَحَدِهِمَا إلَخْ) قَالَ فِي الْيَعْقُوبِيَّةِ: ذَكَرَ مَوْتَ الْوَكِيلِ وَقَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي أَيْضًا لَكِنْ كَوْنُ الْمَوْتِ مُبْطِلًا لِتَصَرُّفِ الْوَكِيلِ ظَاهِرٌ فَلَا فَائِدَةَ لَهُ إلَّا دَفْعُ تَوَهُّمِ جَرَيَانِ الْإِرْثِ وَإِنْ كَانَ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>