للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنْ كُنْت تُرِيدُ ذَلِكَ فَطَلِّقْ هَذِهِ ثُمَّ تَزَوَّجْ أُخْتَهَا أَوْ أَرْبَعًا سِوَاهَا، وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى مِنْ الْمَرْأَةِ فَعِنْدَهُ لَوْ قَالَتْ إنِّي أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يُمَكِّنُهَا مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا قَدْ أَقَرَّتْ أَنَّ لَهَا زَوْجًا فَلَا يُمْكِنُهَا التَّزَوُّجُ بِآخَرَ فَإِنْ قَالَتْ: مَا الْخَلَاصُ عَنْ هَذَا، وَقَدْ بَقِيت فِي عُهْدَتِهِ الدَّهْرَ، وَلَا بَيِّنَةَ لِي، وَهَذِهِ تُسَمَّى عُهْدَةَ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ يَقُولُ الْقَاضِي لِلزَّوْجِ طَلِّقْهَا فَإِنْ أَبَى أَجْبَرَهُ الْقَاضِي عَلَيْهِ فَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ لَوْ طَلَّقْتهَا لَزِمَنِي الْمَهْرُ فَلَا أَفْعَلُ ذَلِكَ يَقُولُ الْقَاضِي لَهُ قُلْ لَهَا إنْ كُنْتِ امْرَأَتِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَطْلُقُ لَوْ كَانَتْ امْرَأَتَهُ، وَإِلَّا فَلَا، وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فَإِنْ أَبَى أَجْبَرَهُ الْقَاضِي فَإِنْ فَعَلَ تَخَلَّصَ عَنْ تِلْكَ الْعُهْدَةِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ ثُمَّ إذَا لَمْ يُسْتَحْلَفْ الْمُنْكِرُ عِنْدَهُ فِي النَّسَبِ هَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ نَسَبًا يَثْبُتُ بِالْإِقْرَارِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ مِثْلُ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ بِإِقْرَارِهِ لَا تُقْبَلُ بَيَّنْتُهُ مِثْلُ الْجَدِّ وَوَلَدِ الْوَلَدِ وَالْأَعْمَامِ وَالْإِخْوَةِ، وَأَوْلَادِهِمْ؛ لِأَنَّ فِيهِ حَمْلَ النَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ بِخِلَافِ دَعْوَى الْمَوْلَى الْأَعْلَى أَوْ الْأَسْفَلِ حَيْثُ يُقْبَلُ، وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ مُعْتَقُ جَدِّهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَتَمَامُهُ فِي الشَّرْحِ، وَقَوْلُهُ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحْلَفُ الْمُنْكِرُ فِي الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ. الْمُرَادُ بِهِ مَوْلَانَا قَاضِي خَانْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ مِسْكِينٌ وَعَزَاهُ الْمُصَنِّفُ لَهُ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مَعَ أَنَّهُ صَرَّحَ بِهِ فِي فَتَاوَاهُ أَيْضًا وَصَرَّحَ الشَّارِحُ بِأَنَّ فَخْرَ الْإِسْلَامِ عَلِيًّا الْبَزْدَوِيَّ اخْتَارَ قَوْلَهُمَا لِلْفَتْوَى عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُخْتَصَرِ.

وَاخْتَارَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ مَشَايِخِنَا عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ يَنْظُرُ فِي حَالِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ رَآهُ مُتَعَنِّتًا يُحَلِّفُهُ أَخْذًا بِقَوْلِهِمَا، وَإِنْ رَآهُ مَظْلُومًا لَا يُحَلِّفُهُ أَخْذًا بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ وَصُورَةُ الِاسْتِحْلَافِ عَلَى قَوْلِهِمَا مَا هِيَ بِزَوْجَةٍ لِي، وَإِنْ كَانَتْ زَوْجَةً لِي فَهِيَ طَالِقٌ بَائِنٌ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ صَادِقَةً لَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ بِجُحُودِهِ فَإِذَا حَلَفَ تَبْقَى مُعَطَّلَةً، وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُسْتَحْلَفُ عَلَى النِّكَاحِ فَإِنْ حَلَفَ يَقُولُ الْقَاضِي فَرَّقْتُ بَيْنَكُمَا كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَفِي الِاخْتِيَارِ ثُمَّ عِنْدَهُمَا كُلُّ نَسَبٍ يَثْبُتُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى الْمَالِ كَالْبُنُوَّةِ وَالزَّوْجِيَّةِ، وَالْمَالُ يُسْتَحْلَفُ عَلَيْهِ وَكُلُّ نَسَبٍ لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِدَعْوَى الْمَالِ كَالْأَخِ وَالْعَمِّ لَا يُسْتَحْلَفُ إلَّا إذَا ادَّعَى بِسَبَبِهِ مَالًا أَوْ حَقًّا كَدَعْوَى الْإِرْثِ وَدَعْوَى عَدَمِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ وَنَحْوِهِ. اهـ.

وَظَاهِرُهُ صِحَّةُ الدَّعْوَى بِنَسَبِ الْأَخِ وَنَحْوِهِ، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْمَالَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَفَى الِاسْتِحْلَافَ فَقَطْ وَظَاهِرُ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ الْعَاشِرِ فِي النَّسَبِ وَالْإِرْثِ عَدَمُ صِحَّةِ الدَّعْوَى بِالْأُخُوَّةِ الْمُجَرَّدَةِ، وَلِهَذَا لَوْ بَرْهَنَ لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ إثْبَاتُ الْبُنُوَّةِ عَلَى أَبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَالْخَصْمُ فِيهِ هُوَ الْأَبُ لَا الْأَخُ. اهـ.

وَفِي شَرْحِ مِسْكِينٍ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ تَكُونُ هَذِهِ الْمَسَائِلُ سِتَّةً، وَهِيَ سَبْعَةٌ قُلْنَا أُمُومِيَّةُ الْوَلِيدِ تَابِعَةٌ لِثُبُوتِ النَّسَبِ. اهـ.

وَعَبَّرَ عَنْهَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بِالْأَشْيَاءِ السَّبْعَةِ، وَفِيهِ ادَّعَى نِكَاحَهَا فَحِيلَةُ دَفْعِ الْيَمِينِ عَنْهَا عَلَى قَوْلِهِمَا أَنْ تَتَزَوَّجَ فَلَا تَحْلِفَ؛ لِأَنَّهَا لَوْ نَكَلَتْ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا لَوْ أَقَرَّتْ بَعْدَمَا تَزَوَّجَتْ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهَا وَكَذَا لَوْ أَقَرَّتْ بِنِكَاحٍ لِغَائِبٍ قِيلَ صَحَّ إقْرَارُهَا لَكِنْ يَبْطُلُ بِالتَّكْذِيبِ وَيَنْدَفِعُ عَنْهَا الْيَمِينُ، وَقِيلَ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهَا فَلَا تَنْدَفِعُ عَنْهَا الْيَمِينُ. اهـ.

وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ ثُمَّ أَنْكَرَتْ وَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ، وَمَاتَ شُهُودُ الْأَوَّلِ لَيْسَ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ أَنْ يُخَاصِمَهَا؛ لِأَنَّهَا لِلتَّحْلِيفِ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ النُّكُولُ، وَلَوْ أَقَرَّتْ صَرِيحًا لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهَا لَكِنْ يُخَاصِمُ الزَّوْجَ الثَّانِي وَيُحَلِّفُهُ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وَإِنْ نَكَلَ فَلَهُ أَنْ يُخَاصِمَهَا وَيُحَلِّفَهَا فَإِنْ نَكَلَتْ يُقْضَى بِهَا لِلْمُدَّعِي، وَهَذَا الْجَوَابُ عَلَى قَوْلِهِمَا الْمُفْتَى بِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيُسْتَحْلَفُ السَّارِقُ فَإِنْ نَكَلَ ضَمِنَ، وَلَمْ يُقْطَعْ) ؛ لِأَنَّ الْمَنُوطَ بِفِعْلِهِ شَيْئَانِ الضَّمَانُ وَيَعْمَلُ فِيهِ النُّكُولُ وَالْقَطْعُ، وَلَا يَثْبُتُ بِهِ فَصَارَ كَمَا إذَا شَهِدَ عَلَيْهَا رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ قَيَّدَ بِحَدِّ السَّرِقَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَحْلَفُ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْحُدُودِ إجْمَاعًا، وَلَوْ كَانَ حَدُّ الْقَذْفِ إلَّا إذَا تَضَمَّنَ حَقًّا بِأَنْ عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ بِالزِّنَا، وَقَالَ إنْ زَنَيْتُ فَأَنْت حُرٌّ فَادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّهُ قَدْ زَنَى، وَلَا بَيِّنَةَ عَلَيْهِ يُسْتَحْلَفُ الْمَوْلَى حَتَّى إذَا نَكَلَ ثَبَتَ الْعِتْقُ دُونَ الزِّنَا كَذَا فِي الشَّرْحِ وَصَحَّحَهُ الْحَلْوَانِيُّ خِلَافًا لِلسَّرَخْسِيِّ، وَهِيَ فِي الْخَانِيَّةِ وَالضَّمِيرُ فِي زَنَيْت لِلْمُتَكَلِّمِ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ، وَهَلْ يَصِيرُ الْعَبْدُ قَاذِفًا لِمَوْلَاهُ بِهَذَا الْكَلَامِ ذَكَرَ الْخَصَّافُ

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>