الثَّامِنُ قَوْلُ زُفَرَ الْمُشْكِلُ بَيْنَهُمَا. التَّاسِعُ قَوْلُ مَالِكٍ الْكُلُّ بَيْنَهُمَا هَكَذَا حَكَى الْأَقْوَالَ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّاسِعَ هُوَ الرَّابِعُ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا إذَا لَمْ يَقَعْ التَّنَازُعُ بَيْنَهُمَا فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ وَالنِّكَاحِ وَعَدَمِهِ فَإِنْ وَقَعَ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ فَأَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الدَّارَ لَهَا، وَأَنَّ الرَّجُلَ عَبْدُهَا، وَأَقَامَ الرَّجُلُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الدَّارَ لَهُ وَالْمَرْأَةُ امْرَأَتُهُ تَزَوَّجَهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَدَفَعَ إلَيْهَا، وَلَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ حُرٌّ يُقْضَى بِالدَّارِ وَالرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ، وَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ أَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَى رِقِّ الرَّجُلِ وَالرَّجُلُ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْحُرِّيَّةِ فَيُقْضَى بِالرِّقِّ، وَإِذَا قُضِيَ بِالرِّقِّ بَطَلَتْ بَيِّنَةُ الرَّجُلِ فِي الدَّارِ وَالنِّكَاحِ ضَرُورَةً، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا يُقْضَى بِحُرِّيَّةِ الرَّجُلِ وَنِكَاحِ الْمَرْأَةِ وَيُقْضَى بِالدَّارِ لِلْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّا لَمَّا قَضَيْنَا بِالنِّكَاحِ صَارَ الرَّجُلُ فِي الدَّارِ صَاحِبَ يَدٍ وَالْمَرْأَةُ خَارِجَةٌ فَيُقْضَى بِالدَّارِ لَهَا كَمَا لَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي دَارٍ فِي أَيْدِيهِمَا كَانَتْ الدَّارُ لِلزَّوْجِ فِي قَوْلِهِمَا، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْمَتَاعِ وَالنِّكَاحِ فَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمَتَاعَ لَهَا، وَأَنَّهُ عَبْدُهَا، وَأَقَامَ أَنَّ الْمَتَاعَ لَهُ، وَأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِأَلْفٍ وَنَقَدَهَا فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهِ عَبْدًا لَهَا وَبِالْمَتَاعِ أَيْضًا لَهَا، وَإِنْ بَرْهَنَ عَلَى أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ قُضِيَ لَهُ بِالْحُرِّيَّةِ وَبِالْمَرْأَةِ وَالْمَتَاعِ إنْ كَانَ مَتَاعَ النِّسَاءِ، وَإِنْ كَانَ مُشْكِلًا قُضِيَ بِحُرِّيَّتِهِ وَبِالْمَرْأَةِ وَالْمَتَاعِ لَهَا. اهـ.
وَأَمَّا مَسْأَلَةُ اخْتِلَافِهِمَا فِي الْغَزْلِ وَالْقُطْنِ فَمَذْكُورَةٌ فِي الْخَانِيَّةِ عَقِبَ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهَا تَرَكْتُهَا طَلَبًا لِلِاخْتِصَارِ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ أَصْحَابَنَا عَمِلُوا بِالظَّاهِرِ فِي مَسَائِلَ مِنْهَا مَسْأَلَةُ اخْتِلَافِهِمَا فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ فَرَجَّحُوهُ فِيمَا يَصْلُحُ لَهُ، وَهِيَ فِيمَا يَصْلُحُ لَهَا عَمَلًا بِالظَّاهِرِ، وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ مِنْ آخِرِ الدَّعَاوَى قَالَ ظَاهِرٌ ثُمَّ قَالَ فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ رَجُلٌ يُعْرَفُ بِالْحَاجَةِ وَالْفَقْرِ لَيْسَ بِبَيْتِهِ إلَّا بِوَرِيَّةٍ مُلْقَاةٍ صَارَ بِيَدِهِ غُلَامُ غُرِفَ بِالْيَسَارِ وَعَلَى عُنُقِ الْعَبْدِ بُدْرَةٌ فِيهَا عِشْرُونَ أَلْفَ دِينَارٍ فَادَّعَاهُ رَجُلٌ عُرِفَ بِالْيَسَارِ وَادَّعَاهُ صَاحِبُ الدَّارِ فَهُوَ لِلَّذِي عُرِفَ بِالْيَسَارِ وَكَذَا كَنَّاسٌ فِي مَنْزِلِ رَجُلٍ وَعَلَى عُنُقِ الْكَنَّاسِ قَطِيفَةٌ فَقَالَ هِيَ لِي وَادَّعَاهُ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ أَيْضًا فَهِيَ لِصَاحِبِ الْمَنْزِلِ، وَفِي نَوَادِرِ مُعَلَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَجُلَانِ فِي سَفِينَةٍ فِيهَا دَقِيقٌ فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ السَّفِينَةَ، وَمَا فِيهَا، وَأَحَدُهُمَا يُعْرَفُ بِبَيْعِ الدَّقِيقِ وَالْآخَرُ يُعْرَفُ بِأَنَّهُ مَلَّاحٌ مَعْرُوفٌ فَالدَّقِيقُ لِلَّذِي يُعْرَفُ بِبَيْعِهِ وَالسَّفِينَةُ لِمَنْ يُعْرَفُ أَنَّهُ مَلَّاحٌ، وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ دَخَلَ رَجُلٌ فِي مَنْزِلٍ يُعْرَفُ الدَّاخِلُ أَنَّهُ مُنَادٍ يَبِيعُ الذَّهَبَ أَوْ الْفِضَّةَ أَوْ الْمَتَاعَ، وَمَعَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَادَّعَيَاهُ فَهُوَ لِمَنْ يُعْرَفُ بِبَيْعِهِ، وَلَا يُصَدَّقُ رَبُّ الْمَنْزِلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَنْزِلِ.
وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَجُلٌ خَرَجَ مِنْ دَارِ إنْسَانٍ عَلَى عُنُقِهِ مَتَاعٌ رَآهُ قَوْمٌ، وَهُوَ يُعْرَفُ بِبَيْعِ مِثْلِهِ مِنْ الْمَتَاعِ فَقَالَ صَاحِبُ الدَّارِ ذَلِكَ الْمَتَاعُ مَتَاعِي، وَالْحَامِلُ يَدَّعِيهِ فَهُوَ لِلَّذِي يُعْرَفُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ فَهُوَ لِصَاحِبِ الدَّارِ سَفِينَةٌ فِيهَا رَاكِبٌ وَآخَرُ يَتَمَسَّكُ وَآخَرُ يَجْذِبُ وَآخَرُ يَمُدُّهَا وَكُلُّهُمْ يَدَّعُونَهَا فَهِيَ بَيْنَ الرَّاكِبِ وَالْمُمْسِكِ وَالْجَاذِبِ أَثْلَاثًا، وَلَا شَيْءَ لِلْمَادِّ رَجُلٌ يَقُودُ قِطَارًا مِنْ الْإِبِلِ وَرَجُلٌ رَاكِبٌ بَعِيرًا مِنْهَا فَادَّعَيَاهَا كُلَّهَا يُنْظَرُ إنْ كَانَ عَلَى الْكُلِّ حِمْلُ الرَّاكِبِ وَمَتَاعُهُ فَكُلُّهَا لِلرَّاكِبِ وَالْقَائِدُ أَجِيرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْإِبِلِ شَيْءٌ فَلِلرَّاكِبِ الْبَعِيرُ الَّذِي عَلَيْهِ، وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِلْقَائِدِ أَمَّا لَوْ كَانَ بَقَرًا أَوْ غَنَمًا عَلَيْهَا رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا قَائِدٌ وَالْآخَرُ سَائِقٌ فَهِيَ لِلسَّائِقِ إلَّا أَنْ يَقُودَ شَاةً مَعَهُ فَيَكُونُ لَهُ تِلْكَ الشَّاةُ وَحْدَهَا هَكَذَا فِي نَوَادِرِ مُعَلَّى. اهـ.
وَفِي الْمُلْتَقَطِ مِنْ الدَّعْوَى مَسَائِلُ مِنْهَا، وَقَدْ اسْتَنْبَطَ مِنْ فَرْعِ الْغُلَامِ أَنَّ مِنْ شَرْطِ سَمَاعِ الدَّعْوَى أَنْ لَا يُكَذِّبَ الْمُدَّعِيَ ظَاهِرُ حَالِهِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ فَلَوْ ادَّعَى فَقِيرٌ ظَاهِرُ الْفَقْرِ عَلَى رَجُلٍ أَمْوَالًا عَظِيمَةً قَرْضًا أَوْ ثَمَنَ مَبِيعٍ لَا تُسْمَعُ فَلَا جَوَابَ لَهَا ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الْغَرْسِ فِي الْفَوَائِدِ الْفِقْهِيَّةِ فِي أَطْرَافِ الْقَضَايَا الْحُكْمِيَّةِ صَرَّحَ بِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ هَلْ هُوَ مَنْقُولٌ أَوْ قَالَهُ تَفَقُّهًا كَمَا وَقَعَ لِي فَقَالَ.
وَمِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الدَّعْوَى أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ مِمَّا يَحْتَمِلُ الثُّبُوتَ بِأَنْ لَا يَكُونَ مُسْتَحِيلًا عَقْلًا أَوْ عَادَةً فَإِنَّ الدَّعْوَى وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ ظَاهِرَةُ الْكَذِبِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِيلَ الْعَادِيَ كَالْمُسْتَحِيلِ الْعَقْلِيِّ مِثَالُ الْمُسْتَحِيلِ عَادَةً
ــ
[منحة الخالق]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute