الْمُدَّعِي فِي يَدِ ثَالِثٍ أَوْ فِي يَدِهِمَا أَوْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا وَكُلُّ وَجْهٍ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ لَا يُؤَرِّخَا أَوْ أَرَّخَا تَارِيخًا وَاحِدًا أَوْ أَرَّخَا وَتَارِيخُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقُ أَوْ أَرَّخَ أَحَدُهُمَا لَا الْآخَرُ وَجُمْلَةُ ذَلِكَ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ فَصْلًا اهـ.
أَقُولُ: إنَّ هَذَا التَّقْسِيمَ لَيْسَ بِحَاصِرٍ وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ إذَا ادَّعَيَا عَيْنًا فَإِمَّا أَنْ يَدَّعِيَا مِلْكًا مُطْلَقًا أَوْ مِلْكًا بِسَبَبٍ مُتَّحِدٍ قَابِلٍ لِلتَّكْرَارِ أَوْ غَيْرِ قَابِلٍ لَهُ أَوْ مُخْتَلَفُ أَحَدِهِمَا أَقْوَى مِنْ الْآخَرِ أَوْ مُسْتَوِيَانِ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ مِنْ مُتَعَدِّدٍ أَوْ يَدَّعِي أَحَدُهُمَا الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ وَالْآخَرُ الْمِلْكَ بِسَبَبٍ أَوْ أَحَدُهُمَا مَا يَتَكَرَّرُ وَالْآخَرُ مَا لَا يَتَكَرَّرُ فَهِيَ تِسْعَةٌ وَكُلٌّ مِنْهَا إمَّا أَنْ يُبَرْهِنَ أَوْ يُبَرْهِنَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ أَوْ لَا بُرْهَانَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا مُرَجِّحَ أَوْ لِأَحَدِهِمَا مُرَجِّحٌ فَهِيَ أَرْبَعَةٌ صَارَتْ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَكُلٌّ مِنْهَا إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي فِي يَدِ ثَالِثٍ أَوْ فِي يَدِهِمَا أَوْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَهِيَ أَرْبَعَةٌ صَارَتْ مِائَةً وَثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ وَكُلٌّ مِنْهَا عَلَى أَرْبَعَةٍ أَمَّا إذَا لَمْ يُؤَرِّخَا أَوْ أَرَّخَا وَاسْتَوَيَا أَوْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا أَوْ أَرَّخَ أَحَدُهُمَا صَارَتْ خَمْسَمِائَةٍ وَاثْنَيْ عَشَرَ.
قَوْلُهُ (وَعَلَى نِكَاحِ امْرَأَةٍ سَقَطَا) أَيْ لَوْ بَرْهَنَا عَلَى نِكَاحِ امْرَأَةٍ تَهَاتَرَا لِتَعَذُّرِ الْعَمَلِ بِهِمَا لِأَنَّ الْمَحَلَّ لَا يَقْبَلُ الِاشْتِرَاكَ وَإِذَا تَهَاتَرَا فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا حَيْثُ لَا مُرَجِّحَ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَإِذَا تَهَاتَرَا وَكَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا شَيْءَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي أَطْلَقَهُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِحَيَاتِهِمْ أَيْ الْمُدَّعِيَيْنِ وَالْمَرْأَةِ أَمَّا لَوْ بَرْهَنَا عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهَا وَلَمْ يُؤَرِّخَا أَوْ أَرَّخَا وَاسْتَوَى تَارِيخُهُمَا فَإِنَّهُ يَقْضِي بِالنِّكَاحِ بَيْنَهُمَا وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الْمَهْرِ وَهُمَا يَرِثَانِ مِيرَاثَ زَوْجٍ وَاحِدٍ فَإِنْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُمَا وَيَرِثُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِيرَاثَ ابْنٍ كَامِلٍ وَهُمَا يَرِثَانِ مِنْ الِابْنِ مِيرَاثَ أَبٍ وَاحِدٍ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِقْرَارُ وَالْيَدُ فَإِنْ سَبَقَ تَارِيخُ أَخْذِهِمَا يُقْضَى لَهُ وَلَوْ ادَّعَيَا نِكَاحَهَا وَبَرْهَنَا وَلَا مُرَجِّحَ ثُمَّ مَاتَا فَإِنَّ لَهَا نِصْفَ الْمَهْرِ وَنِصْفَ الْمِيرَاثِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الْمُسَمَّى وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ هُوَ الْأَوَّلُ لَهَا الْمَهْرُ وَالْمِيرَاثُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَأَطْلَقَ فِي النِّكَاحِ فَشَمِلَ مَا إذَا بَرْهَنَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْعَقْدِ وَالْآخَرُ عَلَى إقْرَارِهَا لَهُ بِهِ فَلَا تَرْجِيحَ لَكِنْ بَعْدَ التَّهَاتُرِ لَوْ بَرْهَنَ أَحَدُهُمَا عَلَى إقْرَارِهَا بِالنِّكَاحِ يُحْكَمُ لَهُ كَمَا لَوْ عَايَنَا اعْتِرَافَهَا لِأَحَدِهِمَا بِهِ بَعْدَ التَّهَاتُرِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفِي الْعُبَابِ لِلشَّافِعِيَّةِ وَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْعَقْدِ عَلَى بَيِّنَةِ إقْرَارِهَا كَبَيِّنَةِ غَصْبٍ عَلَى بَيِّنَةِ إقْرَارٍ اهـ.
وَلَمْ أَرَ الْآنَ حُكْمَ الْمُشَبَّهِ بِهِ عِنْدَنَا وَفِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي ادَّعَيَا نِكَاحَ امْرَأَةٍ فَأَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا ثُمَّ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ لَا يُقْضَى لِأَحَدِهِمَا كَمَا لَوْ لَمْ تُقِرَّ اهـ.
وَفِي الْهِدَايَةِ إذَا أَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَهِيَ امْرَأَتُهُ لِتَصَادُقِهِمَا فَإِنْ أَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ قُضِيَ بِهَا لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ أَقْوَى مِنْ الْإِقْرَارِ اهـ.
وَقُيِّدَ بِبُرْهَانِهِمَا مَعًا لِأَنَّهُ لَوْ بَرْهَنَ مُدَّعِي نِكَاحَهَا وَقُضِيَ لَهُ بِهِ ثُمَّ بَرْهَنَ الْآخَرُ عَلَى نِكَاحِهَا لَا تُقْبَلُ كَمَا فِي الشِّرَاءِ إذَا ادَّعَاهُ مِنْ فُلَانٍ وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ وَحُكِمَ لَهُ بِهِ ثُمَّ ادَّعَى الْآخَرُ شِرَاءَهُ مِنْ فُلَانٍ أَيْضًا وَبَرْهَنَ لَا تُقْبَلُ وَيُجْعَلُ الشِّرَاءُ الْمَحْكُومُ بِهِ سَابِقًا كَذَا هُنَا وَلَوْ بَرْهَنَ عَلَى نَسَبِ مَوْلُودٍ وَحُكِمَ لَهُ بِهِ ثُمَّ ادَّعَاهُ آخَرُ وَبَرْهَنَ عَلَى ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ وَفِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ لَوْ بَرْهَنَ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَحُكِمَ لَهُ بِهِ ثُمَّ ادَّعَاهُ آخَرُ وَبَرْهَنَ عَلَى ذَلِكَ يُقْبَلُ وَيُحْكَمُ لِلثَّانِي كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَهَذَا مَا وَعَدْنَا بِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْخَارِجِ إذَا حُكِمَ لَهُ ثُمَّ ادَّعَاهُ آخَرُ وَهَذَا مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْفَتَاوَى الصُّغْرَى مِنْ أَنَّ الْقَضَاءَ لَا يَكُونُ عَلَى الْكَافَّةِ إلَّا فِي الْقَضَاءِ بِالْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ وَالْوَلَاءِ وَالنِّكَاحِ وَلَكِنْ فِي النِّكَاحِ شَرْطٌ هُوَ أَنْ لَا يُؤَرِّخَا فَإِنْ أَرَّخَ الْمَحْكُومُ لَهُ ثُمَّ ادَّعَاهَا آخَرُ بِتَارِيخٍ أَسْبَقَ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ وَيَبْطُلُ الْقَضَاءُ الْأَوَّلُ وَسَبَقَ مِنَّا أَيْضًا اشْتِرَاطُ ذَلِكَ فِي الْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ أَيْضًا فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ فَكُنْ عَلَى ذِكْرٍ مِنْهُ يَنْفَعْك كَثِيرًا وَقَيَّدَ بِدَعْوَى الرَّجُلَيْنِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ عَلَى امْرَأَةٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَأَقَامَتْ هِيَ بَيِّنَةً عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الرَّجُلِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى نِكَاحَ صَغِيرَةٍ بِتَزْوِيجِ الْحَاكِمِ لَهُ لَمْ تُسْمَعْ إلَّا بِشُرُوطٍ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ الْحَاكِمِ وَنَسَبَهُ وَأَنَّ السُّلْطَانَ فَوَّضَ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ أَقُولُ: إنَّ هَذَا التَّقْسِيمَ لَيْسَ بِحَاصِرٍ وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ تَأَمَّلْ فِي هَذَا التَّقْسِيمِ يَظْهَرْ لَك مَا فِيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute