للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا كُلِّهِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْغَسْلِ بَلْ يَكْفِي فِي ذَلِكَ زَوَالُ الْعَيْنِ مِنْ غَيْرِ غَسْلٍ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ إلَّا مَا شَقَّ اسْتِثْنَاءُ مَا شَقَّ إزَالَتُهُ مِنْ أَثَرِ النَّجَاسَةِ لَا مِنْ عَيْنِهَا وَلِهَذَا قَالَ فِي النِّهَايَةِ: ثُمَّ الَّذِي وَقَعَ مِنْهُ الِاسْتِثْنَاءُ غَيْرُ مَذْكُورٍ لَفْظًا؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْأَثَرِ مِنْ الْعَيْنِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ فَكَانَ تَقْدِيرُهُ فَطَهَارَتُهُ زَوَالُ عَيْنِهِ وَأَثَرِهِ إلَّا أَنْ يَبْقَى مِنْ أَثَرِهِ وَحَذْفُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فِي الْمُثْبَتِ جَائِزٌ إذَا اسْتَقَامَ الْمَعْنَى كَقَوْلِك قَرَأْت إلَّا يَوْمَ كَذَا. اهـ.

وَفِي الْعِنَايَةِ أَنَّهُ اسْتِثْنَاءُ الْعَرَضِ مِنْ الْعَيْنِ فَيَكُونُ مُنْقَطِعًا. اهـ.

فَقَدْ أَفَادَ صِحَّتَهُ مِنْ غَيْرِ هَذَا التَّقْدِيرِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْمُنْقَطِعَ صَحِيحٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ كَالْمُتَّصِلِ وَمِنْهُمْ مَنْ رَجَعَهُ إلَى الْمُتَّصِلِ بِالتَّقْدِيرِ وَلَعَلَّ صَاحِبَ النِّهَايَةِ مَائِلٌ إلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِالْأَثَرِ اللَّوْنُ وَالرِّيحُ، فَإِنْ شَقَّ إزَالَتُهُمَا سَقَطَتْ وَتَفْسِيرُ الْمَشَقَّةِ أَنْ يَحْتَاجَ فِي إزَالَتِهِ إلَى اسْتِعْمَالِ غَيْرِ الْمَاءِ كَالصَّابُونِ وَالْأُشْنَانِ أَوْ الْمَاءِ الْمَغْلِيِّ بِالنَّارِ كَذَا فِي السِّرَاجِ، وَظَاهِرُ مَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ الرَّائِحَةِ بَعْدَ زَوَالِ الْعَيْنِ مُطْلَقًا، وَأَمَّا اللَّوْنُ، فَإِنْ شَقَّ إزَالَتُهُ يُعْفَى أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَى الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ أَنَّ بَقَاءَ الْأَثَرِ الشَّاقِّ لَا يَضُرُّ مَا فِي التَّجْنِيسِ حِبٌّ فِيهِ خَمْرٌ غُسِلَ ثَلَاثًا يَطْهُرُ إذَا لَمْ يَبْقَ فِيهِ رَائِحَةُ الْخَمْرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِيهِ أَثَرُهَا، فَإِنْ بَقِيَتْ رَائِحَتُهَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ فِيهِ مِنْ الْمَائِعَاتِ سِوَى الْخَلِّ؛ لِأَنَّهُ بِجَعْلِهِ فِيهِ يَطْهُرُ، وَإِنْ لَمْ يُغْسَلْ؛ لِأَنَّ مَا فِيهِ مِنْ الْخَمْرِ يَتَخَلَّلُ بِالْخَلِّ إلَّا أَنَّ آخِرَ كَلَامِهِ أَفَادَ أَنَّ بَقَاءَ رَائِحَتِهَا فِيهِ بِقِيَامِ بَعْضِ أَجْزَائِهَا وَعَلَى هَذَا قَدْ يُقَالُ فِي كُلِّ مَا فِيهِ رَائِحَةٌ كَذَلِكَ وَفِي الْخُلَاصَةِ الْكُوزُ إذَا كَانَ فِيهِ خَمْرٌ تَطْهِيرُهُ أَنْ يُجْعَلَ فِيهِ الْمَاءُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كُلَّ مَرَّةٍ سَاعَةً، وَإِنْ كَانَ جَدِيدًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَطْهُرُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَطْهُرُ أَبَدًا. اهـ.

مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ بَقَاءِ الرَّائِحَةِ أَوْ لَا وَالتَّفْصِيلُ أَحْوَطُ. اهـ.

مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ الْمَرْأَةُ إذَا اخْتَضَبَتْ بِحِنَّاءٍ نَجِسٍ فَغَسَلَتْ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ ثَلَاثًا بِمَاءٍ طَاهِرٍ يَطْهُرُ؛ لِأَنَّهَا أَتَتْ بِمَا فِي وُسْعِهَا وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ طَاهِرًا مَا دَامَ يَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ الْمُلَوَّنُ بِلَوْنِ الْحِنَّاءِ. اهـ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَذْهَبَ، وَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ اللَّوْنُ وَظَاهِرُ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ بِصِيغَةٍ يَنْبَغِي هُوَ الْمَذْهَبُ فَإِنَّهُ قَالَ قَالُوا لَوْ صَبَغَ ثَوْبَهُ أَوْ يَدَهُ بِصِبْغٍ أَوْ حِنَّاءٍ نَجَسَيْنِ فَغُسِلَ إلَى أَنْ صَفَا الْمَاءُ يَطْهُرُ مَعَ قِيَامِ اللَّوْنِ وَقِيلَ يُغْسَلُ بَعْدَ ذَلِكَ ثَلَاثًا. اهـ.

وَفِي الْمُجْتَبَى غَسَلَ يَدَهُ مِنْ دُهْنٍ نَجَسٍ طَهُرَتْ وَلَا يَضُرُّ أَثَرُ الدُّهْنِ عَلَى الْأَصَحِّ تَنَجَّسَ، الْعَسَلُ يَلْقَى فِي قِدْرٍ وَيُصَبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ وَيُغْلَى حَتَّى يَعُودَ إلَى مِقْدَارِهِ الْأَوَّلِ هَكَذَا ثَلَاثًا قَالُوا وَعَلَى هَذَا الدِّبْسُ. اهـ.

وَأَطْلَقَ الْأَثَرَ الشَّاقَّ فَشَمَلَ مَا إذَا كَانَ كَثِيرًا فَإِنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ كَمَا فِي الْكَافِي.

(قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُ بِالْغَسْلِ ثَلَاثًا وَبِالْعَصْرِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ) أَيْ غَيْرِ الْمَرْئِيِّ مِنْ النَّجَاسَةِ يَطْهُرُ بِثَلَاثِ غَسَلَاتٍ وَبِالْعَصْرِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ؛ لِأَنَّ التَّكْرَارَ لَا بُدَّ مِنْهُ لِلِاسْتِخْرَاجِ وَلَا يُقْطَعُ بِزَوَالِهِ فَاعْتُبِرَ غَالِبُ الظَّنِّ كَمَا فِي أَمْرِ الْقِبْلَةِ، وَإِنَّمَا قَدَّرُوا بِالثَّلَاثِ؛ لِأَنَّ غَالِبَ الظَّنِّ يَحْصُلُ عِنْدَهُ فَأُقِيمَ السَّبَبُ الظَّاهِرُ مَقَامَهُ تَيْسِيرًا وَيَتَأَيَّدُ ذَلِكَ بِحَدِيثِ الْمُسْتَيْقِظِ مِنْ مَنَامِهِ حَيْثُ شَرَطَ الْغَسْلَ ثَلَاثًا عِنْدَ تَوَهُّمِ النَّجَاسَةِ فَعِنْدَ التَّحَقُّقِ أَوْلَى وَلَمْ يَشْتَرِطْ الزِّيَادَةَ فِي الْمُتَحَقِّقِ؛ لِأَنَّ الثَّلَاثَ لَوْ لَمْ تَكُنْ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ حَقِيقَةً لَمْ تَكُنْ رَافِعَةً لِلتَّوَهُّمِ ضَرُورَةً كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّ التَّقْدِيرَ بِالثَّلَاثِ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ زَوَالُهَا بِمَرَّةٍ أَوْ مَرَّتَيْنِ لَا يَكْفِي وَظَاهِرُ مَا فِي الْهِدَايَةِ أَوَّلًا أَنَّهُ يَكْفِي؛ لِأَنَّهُ اُعْتُبِرَ غَلَبَةُ الظَّنِّ وَآخِرًا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الزِّيَادَةِ الْوَاحِدَةِ حَيْثُ قَالَ؛ لِأَنَّ التَّكْرَارَ لَا بُدَّ مِنْهُ لِلِاسْتِخْرَاجِ وَالْمُفْتَى بِهِ اعْتِبَارُ غَلَبَةِ الظَّنِّ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ بِعَدَدٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَصَرَّحَ الْإِمَامُ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ بِأَنَّهُ لَوْ غَلَبَ

ــ

[منحة الخالق]

الْإِجَّانَاتِ وَلَوْ لَمْ يَطْهُرْ لَضَاقَ عَلَى النَّاسِ. وَالْعُضْوُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الصَّبُّ وَأَلْحَقَهُ مُحَمَّدٌ بِالثَّوْبِ فَإِذَا غُسِلَ طَهُرَ الْعُضْوُ وَالثَّوْبُ وَيَخْرُجَانِ مِنْ الْإِجَّانَةِ الثَّالِثَةِ طَاهِرَيْنِ وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ طَاهِرٌ وَطَهُورٌ فِي الثَّوْبِ وَطَاهِرٌ غَيْرُ طَهُورٍ فِي الْعُضْوِ لِعَدَمِ مُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ وَعَدَمِ التَّقَرُّبِ فِي الثَّوْبِ وَلِإِقَامَةِ الْقُرْبَةِ فِي الْعُضْوِ مِنْ شَرْحِ الْغَزِّيِّ عَلَى زَادِ الْفَقِيرِ لِابْنِ الْهُمَامِ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَى الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ إلَخْ) أَقُولُ: الظَّاهِرُ - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - أَنَّ مَا فِي التَّجْنِيسِ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ مَا يَنْعَصِرُ وَبَيْنَ مَا لَا يَنْعَصِرُ حَيْثُ لَا يُغْتَفَرُ فِي الثَّانِي بَقَاءُ الْأَثَرِ وَإِنْ كَانَ يَشُقُّ كَمَا سَيَأْتِي وَعَلَيْهِ فَلَا إشْكَالَ (قَوْلُهُ: أَفَادَ أَنَّ بَقَاءَ رَائِحَتِهَا فِيهِ بِقِيَامِ بَعْضِ أَجْزَائِهَا) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْأَثَرِ مِنْ الْعَيْنِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ وَعَلَيْهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى مَا تَكَلَّفُوا بِهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ عِبَارَةُ الْخَانِيَّةِ تُؤْذِنُ بِأَنَّ مَا جَزَمَ بِهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بَحْثٌ لِقَاضِي خَانْ وَأَنَّ الْمَذْهَبَ الْأَوَّلُ. اهـ.

وَلَكِنْ يُبْعِدُهُ تَعْبِيرُ صَاحِبِ الْفَتْحِ بِقَوْلِهِ قَالُوا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ تَنَجَّسَ الْعَسَلُ إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ مِقْدَارَ مَا يُصَبُّ عَلَيْهِ مِنْ الْمَاءِ وَظَاهِرُهُ عَدَمُ التَّقْدِيرِ لَكِنْ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ مَا نَصُّهُ وَجَدْت بِخَطِّ بَعْضِ الثِّقَاتِ مِنْ أَهْلِ الْإِفْتَاءِ أَنَّ الْمَنَوَيْنِ كَافِيَانِ لِعَشَرَةِ أَمْنَاءٍ؛ لِأَنَّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ قَدْرًا مِنْ الْمَاءِ وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ، وَأَمَّا عِنْدَهُ فَلَا يَطْهُرُ أَبَدًا اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>