للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا دَعْوَى يَمْنَعُ الدَّعْوَى بِحَقٍّ مِنْ الْحُقُوقِ قَبْلَ الْإِقْرَارِ عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ لَا حَقَّ لِي قِبَلَ فُلَانٍ كُلُّ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ وَكُلُّ كَفَالَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ حَدٍّ فَإِنْ ادَّعَى الطَّالِبُ بَعْدَ ذَلِكَ حَقًّا لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّهُ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ لِأَنَّ بِهَذَا اللَّفْظِ اسْتَفَادَ عَلَى الْعُمُومِ اهـ.

وَلَا يُشْتَرَطُ فِي صُلْحِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ الْمُتَقَدِّمِ أَنْ تَكُونَ أَعْيَانُ التَّرِكَةِ مَعْلُومَةً لَكِنْ إنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِالْآخَرِ يُعْتَبَرُ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ غَيْرَ أَنَّ الَّذِي فِي يَدِهِ بَقِيَّةُ التَّرِكَةِ إنْ كَانَ جَاحِدًا يُكْتَفَى بِذَلِكَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ قَبْضُ ضَمَانٍ فَيَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الصُّلْحِ وَإِنْ كَانَ مُقِرًّا غَيْرَ مَانِعٍ يُشْتَرَطُ تَجْدِيدُ الْقَبْضِ وَلَوْ صَالَحُوهُ عَنْ النَّقْدَيْنِ وَغَيْرِهِمَا بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ مَا أَعْطَوْهُ أَكْثَرُ مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ إنْ كَانُوا مُتَصَادِقَيْنِ وَإِنْ أَنْكَرُوا وِرَاثَتَهُ جَازَ مُطْلَقًا بِشَرْطِ التَّقَابُضِ فِيمَا يُقَابِلُ النَّقْدَ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَ نَصِيبِهِ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ فَالصَّحِيحُ أَنَّ الشَّكَّ إنْ كَانَ فِي وُجُودِ ذَلِكَ فِي التَّرِكَةِ جَازَ الصُّلْحُ وَإِنْ عَلِمَ وُجُودَ ذَلِكَ فِي التَّرِكَةِ لَكِنْ لَا يَدْرِي أَنَّ بَدَلَ الصُّلْحِ مِنْ حِصَّتِهَا أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ أَوْ مِثْلُهُ فَسَدَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خان.

وَلَوْ كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ عَرْضًا جَازَ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ نَقْدَيْنِ جَازَ مُطْلَقًا بِشَرْطِ التَّقَابُضِ فِي الْمَجْلِسِ وَلَوْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ عَلَى النَّاسِ فَأَخْرَجُوهُ لِيَكُونَ الدَّيْنُ لَهُمْ بَطَلَ وَإِنْ شَرَطُوا أَنْ يَبْرَأَ الْغُرَمَاءُ مِنْهُ صَحَّ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ يُحِيطُ بَطَلَ الصُّلْحُ وَالْقِسْمَةُ إلَّا أَنْ يَضْمَنَ الْوَارِثُ الدَّيْنَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَرْجِعَ فِي التَّرِكَةِ أَوْ يَضْمَنَ أَجْنَبِيٌّ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْمَيِّتِ أَوْ يُؤَدُّوا دَيْنَهُ مِنْ مَالٍ آخَرَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرِقًا صَحَّ الصُّلْحُ وَالْقِسْمَةُ وَيَرْفَعُونَ مِنْهَا قَدْرَ الدَّيْنِ حَتَّى لَا يَحْتَاجُونَ إلَى نَقْضِ الْقِسْمَةِ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَفْعَلُوا ذَلِكَ حَتَّى يَقْضُوا الدَّيْنَ فَإِذَا أَخْرَجُوا وَاحِدًا فَحِصَّتُهُ تُقْسَمُ بَيْنَ الْبَقِيَّةِ عَلَى السَّوَاءِ إنْ كَانَ مَا أَعْطَوْهُ مِنْ مَالِهِمْ غَيْرَ الْمِيرَاثِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا وَرِثُوهُ فَعَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِمْ وَقَيَّدَهُ الْخَصَّافُ بِأَنْ يَكُونَ عَنْ إنْكَارٍ أَمَّا إذَا كَانَ عَنْ إقْرَارٍ فَهُوَ بَيْنَهُمْ عَلَى السَّوَاءِ مُطْلَقًا وَصُلْحُ أَحَدِهِمْ عَنْ بَعْضِ الْأَعْيَان صَحِيحٌ وَصُلْحُ أَحَدِهِمْ عَنْ دَعْوَى أَجْنَبِيٍّ حَقًّا فِي التَّرِكَةِ مَعَ غَيْبَةِ الْبَقِيَّةِ جَائِزٌ وَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي حِصَّةِ شُرَكَائِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ كَانَ صَالَحَ عَلَى أَنْ يَكُونَ حَقُّ الْمُدَّعِي لَهُ دُونَ غَيْرِهِ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ أَثْبَتَهُ سُلِّمَ لَهُ وَإِلَّا بَطَلَ الصُّلْحُ فِي حِصَّةِ الشُّرَكَاءِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُدَّعِي بِحِصَّةِ ذَلِكَ مِنْ الْبَدَلِ وَالْمُوصَى لَهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَارِثِ فِيمَا قَدَّمْنَاهُ وَإِذَا صَالَحُوا أَحَدَهُمْ ثُمَّ ظَهَرَ لِلْمَيِّتِ دَيْنٌ أَوْ عَيْنٌ لَمْ يَعْلَمُوهَا هَلْ يَكُونُ دَاخِلًا فِي الصُّلْحِ فِيهِ قَوْلَانِ مَذْكُورَانِ فِي فَتَاوَى قَاضِي خان قُدِّمَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ دَاخِلًا وَيَكُونُ ذَلِكَ الدَّيْنُ وَالْعَيْنُ بَيْنَ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي أَوَّلِ الْفَتَاوَى أَنَّهُ يُقَدَّمُ مَا هُوَ الْأَشْهَرُ فَكَانَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِالدُّخُولِ فَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ دَيْنًا فَلَهُ الصُّلْحُ كَأَنَّهُ وُجِدَ فِي الِابْتِدَاءِ وَإِنْ كَانَ عَيْنًا لَا وَلَوْ ادَّعَتْ الزَّوْجَةُ مِيرَاثَهَا صَحَّ الصُّلْحُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ نَصِيبِهَا أَوْ مَهْرِهَا وَلَا يَطِيبُ لَهُمْ إنْ عَلِمُوا ذَلِكَ فَإِنْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً بَطَلَ الصُّلْحُ

(فُرُوعٌ)

ادَّعَى أَرْضًا

ــ

[منحة الخالق]

النَّفْيِ فَتَعُمُّ فَيَكُونُ بِالدَّعْوَى مُتَنَاقِضًا وَأَجَابَ عَنْهُ ابْنُ وَهْبَانَ بِأَنَّ اعْتِرَافَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ حَقٌّ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا قَبَضَهُ يَعْنِي لَمْ يَبْقَ لِي حَقٌّ مِمَّا قَبَضْته اهـ.

وَهُوَ بَعِيدٌ كَمَا لَا يَخْفَى وَأَجَابَ عَنْهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ بِجَوَابٍ آخَرَ بِأَنَّهُ إنَّمَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ اسْتِحْسَانًا لَا قِيَاسًا لِقُوَّةِ الشُّبْهَةِ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ جِهَةِ وَالِدِهِ لِجَهْلِهِ بِمَعْرِفَةِ مَا لَوْ لِوَالِدِهِ عَلَى جِهَةِ التَّفْصِيلِ فَاسْتَحْسَنُوا سَمَاعَ دَعْوَاهُ هُنَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِثْلُ هَذَا الْإِشْهَادِ مُجَرَّدًا عَنْ سَابِقَةِ الْجَهْلِ الْمَذْكُورِ اهـ.

فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ خَارِجَةٌ عَنْ قَوْلِهِمْ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بَعْدَ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ وَلَذَّ اسْتَثْنَاهَا الْمُؤَلِّفُ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ لَكِنْ يَنْبَغِي عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ أَنَّهُ لَوْ اعْتَرَفَ بِاطِّلَاعِهِ عَلَى مُفْرَدَاتِ تَرِكَةِ وَالِدِهِ وَأُصُولِهَا وَإِحَاطَتِهِنَّ بِهَا عِلْمًا كَمَا يُكْتَبُ الْآنَ فِي وَثِيقَةِ الْإِقْرَارِ أَنْ لَا تُسْمَعَ دَعْوَاهُ هَذَا.

وَأَمَّا مَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ بِأَنَّ هَذَا إقْرَارٌ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ لَا إبْرَاءٌ لِمُعَيَّنٍ فَلَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى حَيْثُ لَمْ يُخَاطِبْ مُعَيَّنًا وَالْإِقْرَارُ لِمَجْهُولٍ بَاطِلٌ وَبِأَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ الْأَعْيَانِ بَاطِلٌ فَصَحَّ دَعْوَاهُ الدَّارَ وَنَحْوَهَا اهـ. مُلَخَّصًا.

فَفِيهِ نَظَرٌ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ قَوْلَهُ إنَّهُ إقْرَارٌ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ فَإِنَّمَا يَرِدُ عَلَى مَا فِي الْأَشْبَاهِ أَمَّا عَلَى مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ أَحْكَامِ الصِّغَارِ وَأَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ فَلَا لِأَنَّ الْمُخَاطَبَ فِيهِ الْوَصِيُّ فَهُوَ مُعَيَّنٌ وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ الْأَعْيَانِ بَاطِلٌ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي ضِمْنِ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ أَوْ الْإِقْرَارِ الْعَامِّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَا وَمَا فِي مَسْأَلَتِنَا إنْ لَمْ يَكُنْ إبْرَاءً عَامًّا يَكُنْ إقْرَارًا عَامًّا فَيَمْنَعُ الدَّعْوَى لِلتَّنَاقُضِ فَيَتَعَيَّنُ الْجَوَابُ بِمَا قَالَهُ ابْنُ وَهْبَانَ أَوْ بِمَا قَالَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لَكِنْ ذَكَرَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَبْرَأَهُ عَنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى فَادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا بِالْإِرْثِ فَلَوْ مَاتَ مُوَرِّثُهُ قَبْلَ إبْرَائِهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ هُوَ بِمَوْتِ مُوَرِّثِهِ عِنْدَ إبْرَائِهِ. اهـ.

وَمِثْلُهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَكَذَا فِي الْفَوَاكِهِ الْبَدْرِيَّةِ لِابْنِ الْغَرْسِ حَيْثُ قَالَ لَوْ أَبْرَأَهُ مُطْلَقٌ أَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ شَيْئًا ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ كَانَ قَبْلَ الْإِبْرَاءِ أَوْ الْإِقْرَارُ مَشْغُولُ الذِّمَّةِ بِشَيْءٍ مِنْ مَتْرُوكَاتِ أَبِي الْمُقِرِّ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُقِرُّ بِذَلِكَ وَلَا بِمَوْتِ أَبِيهِ إلَّا بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَالْإِبْرَاءِ لَا يَكُونُ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِذَلِكَ وَيَعْمَلُ الْإِقْرَارُ وَالْإِبْرَاءُ عَمَلَهُ وَلَا يُعْذَرُ الْمُقِرُّ اهـ.

فَهَذَا كَمَا تَرَى مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ هَذَا هُوَ الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ مَا مَرَّ أَوْ عَلَى أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ أَوْ عَلَى أَنَّ مَا مَرَّ فِي إبْرَاءِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ لِلْوَصِيِّ أَوْ لِبَاقِي الْوَرَثَةِ وَهَذَا فِي إبْرَاءِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ لِأَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّهُ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ) هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ لَا حَقَّ لِي يُسَمَّى إبْرَاءً عَامًّا

<<  <  ج: ص:  >  >>