للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَحْجُوجِ عَنْهُ إنْ كَانَ حَيًّا وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا إلَى وَرَثَتِهِ وَالْغَازِي إذَا خَرَجَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ رَدَّ مَا مَعَهُ مِنْ النَّفَقَةِ وَكَالْأَمَةِ إذَا رَجَعَ الْمَوْلَى فِي تَبْوِئَتهَا تَرُدُّ مَا مَعَهَا مِنْ النَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجِ وَأَشَارَ بِنَفْيِ وُجُوبِ الدَّوَاءِ مِنْ مَالِهَا مُطْلَقًا إلَى أَنَّ أُجْرَةَ الْحَجَّامِ وَالْفَصَّادِ لَا تَجِبُ مِنْ مَالِهَا لِأَنَّهَا مِنْ الدَّوَاءِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الدَّوَاءُ لِأَنَّهُ مِنْ الْعَوَارِضِ كَدَوَاءِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ وَأَطْلَقَ فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ فِي السَّفَرِ فَشَمِلَ مَا إذَا اتَّفَقَ لَهُ شِرَاءُ شَيْءٍ أَوْ لَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ وَلَمَّا كَانَ الْمُعْتَبَرُ عَادَةَ التُّجَّارِ كَانَ لَهُ أَكْلُ الْفَاكِهَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ النَّفَقَةِ وَلَهُ الْخِضَابُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ فَطَعَامُهُ إلَى أَنَّهُ يَأْكُلُ مَا كَانَ يَعْتَادُهُ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ وَأَشَارَ بِالنَّفَقَةِ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ جَارِيَةً لِلْوَطْءِ وَلَا لِلْخِدْمَةِ فَإِنْ اشْتَرَى كَانَ مِنْ مَالِهِ خَاصًّا كَذَا فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَعَلَّلَهُ فِي الْمُحِيطِ بِأَنَّ الْوَطْءَ قَدْ يَأْتِي بِدُونِ الْجَارِيَةِ وَالْحَاجَةُ إلَى الْخِدْمَةِ تَرْتَفِعُ بِالِاسْتِئْجَارِ وَقَيَّدَ بِنَفَقَةِ الْمُضَارِبِ لِأَنَّ نَفَقَةَ عَبِيدِ رَبِّ الْمَالِ وَدَوَابِّهِ إذَا سَافَرَ بِهِمْ لَيْسَتْ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ بَلْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فَإِنْ أَنْفَقَ الْمُضَارِبُ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ عَلَيْهِمْ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَنْفَقَ تُؤْخَذُ مِمَّا خَصَّهُ مِنْ الرِّبْحِ إنْ وَفَى وَإِلَّا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالزِّيَادَةِ وَإِنْ أَنْفَقَ بِأَمْرِ رَبِّ الْمَالِ حُسِبَ ذَلِكَ مِنْ مَالِ رَبِّ الْمَالِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَإِذَا رَدَّ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ عَلَى عَبِيدِ رَبِّ الْمَالِ لَا يَضْمَنُ فَهُوَ كَالْمُودَعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَأَفَادَ بِذِكْرِ الْكِسْوَةِ وُجُوبُ الْفِرَاشِ الَّذِي يَنَامُ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحِيطِ.

وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْإِنْفَاقُ مِنْ عَيْنِهِ حَتَّى لَوْ أَنْفَقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ أَوْ اسْتَدَانَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ لِنَفَقَتِهِ يَرْجِعُ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ فِي الْإِنْفَاقِ إلَيْهِ كَالْوَصِيِّ إذَا أَنْفَقَ عَلَى الصَّغِيرِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ فِيهِ حَتَّى تَوِيَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ لَا يَرْجِعُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ لِفَوَاتِ مَحَلِّ النَّفَقَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى شَيْئًا لِلْمُضَارَبَةِ أَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مَالَ الْمُضَارَبَةِ فَضَاعَ الْمَالُ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَ مِنْهُ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ لِأَنَّهُ عَامِلٌ لِرَبِّ الْمَالِ بِخِلَافِ نَفَقَتِهِ لِأَنَّهُ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَأَطْلَقَ السَّفَرَ فَشَمِلَ السَّفَرَ لِلتِّجَارَةِ وَلِطَلَبِ الدُّيُونِ فَيَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ لِطَلَبِهِ إلَّا إذَا زَادَ عَلَى الدَّيْنِ فَلَا يَرْجِعُ بِالزِّيَادَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحِيطِ وَأَطْلَقَ عَمَلَهُ فِي الْمِصْرِ فَشَمِلَ عَمَلَهُ لِلتِّجَارَةِ وَلِاقْتِضَاءِ الدُّيُونِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيمَا أَنْفَقَهُ فِي الْخُصُومَةِ لِتَقَاضِي الدَّيْنِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَأَطْلَقَ الْمُضَارِبَ لِيُفِيدَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُضَارِبِ وَمُضَارِبِهِ إذَا كَانَ إذْنُهُ فِي الْمُضَارَبَةِ وَإِلَّا فَلَا نَفَقَةَ لِلثَّانِي كَمَا فِي الْمُحِيطِ.

قَوْلُهُ (فَإِنْ رَبِحَ أَخَذَ الْمَالِكُ مَا أَنْفَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) أَيْ مَا أَنْفَقَهُ الْمُضَارِبُ فَإِذَا اسْتَوْفَى رَأْسَ مَالِهِ وَفَضَلَ شَيْءٌ اقْتَسَمَاهُ لِأَنَّ مَا أَنْفَقَهُ يُجْعَلُ كَالْهَالِكِ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فِي السَّفَرِ قَبْلَ الرِّبْحِ وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَظْهَرْ رِبْحٌ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُضَارِبِ قَيَّدَ بِالنَّفَقَةِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي الْمَالِ دَيْنٌ غَيْرُهَا قُدِّمَ إيفَاؤُهُ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ وَلَوْ أَنْفَقَ الْمُضَارِبُ مِنْ مَالِهِ ثُمَّ هَلَكَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِشَيْءٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ قَوْلُهُ (فَلَوْ بَاعَ الْمَتَاعَ مُرَابَحَةً حُسِبَ مَا أَنْفَقَ عَلَى الْمَتَاعِ) مِنْ الْحُمْلَانِ وَأُجْرَةِ السِّمْسَارِ وَالْقَصَّارِ وَالصَّبَّاغِ وَنَحْوِهِ وَيَقُولُ قَامَ عَلَيَّ بِكَذَا وَالْأَصْلُ أَنَّ مَا يُوجِبُ زِيَادَةً فِي رَأْسِ الْمَالِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا يَضُمُّهُ إلَى رَأْسِ الْمَالِ وَكَذَا مَا اعْتَادَهُ التُّجَّارُ كَأُجْرَةِ السِّمْسَارِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.

قَوْلُهُ (لَا عَلَى نَفْسِهِ) أَيْ لَا يَحْسُبُ نَفَقَةَ نَفْسِهِ إذَا بَاعَ مُرَابَحَةً وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَوَّلَ يُوجِبُ زِيَادَةً فِي الْمَالِيَّةِ بِزِيَادَةِ الْقِيمَةِ وَالثَّانِي لَا يُوجِبُهَا قَوْلُهُ (وَلَوْ قَصَرَهُ أَوْ حَمَلَهُ بِمَالِهِ وَقِيلَ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِك فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ) يَعْنِي إذَا قَالَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ اعْمَلْ بِرَأْيِك فَاشْتَرِي بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ كُلِّهِ مَتَاعًا ثُمَّ قَصَرَهُ أَوْ حَمَلَهُ بِمَالِهِ يَكُونُ مُتَطَوِّعًا لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ لِأَنَّهُ اسْتَدَانَهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ زَادَ عَلَى الثَّمَنِ بِأَنْ اشْتَرَى بِأَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ يَكُونُ مُتَطَوِّعًا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِك أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ صَرِيحًا بِذَلِكَ لَا يَكُونُ تَطَوُّعًا وَلَوْ لَمْ يَقُلْ اعْمَلْ بِرَأْيِك وَسَكَتَ يَكُونُ مُتَطَوِّعًا بِالْأَوْلَى وَإِذَا كَانَ مُتَطَوِّعًا يَكُونُ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الرِّبْحِ فَلَوْ اشْتَرَى بِكُلِّ رَأْسِ الْمَالِ وَهُوَ أَلْفٌ ثِيَابًا وَاسْتَقْرَضَ مِائَةً لِلْحَمْلِ عَلَيْهَا ثُمَّ بَاعَهَا

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>