فِي الثَّمَنِ فَقَطْ وَهُوَ كَالثَّالِثِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ مُخْتَصَرًا وَقَالَ الشَّارِحُ الزَّيْلَعِيُّ وَلَوْ كَانَ بِالْعَكْسِ بِأَنْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ عَبْدًا بِخَمْسِمِائَةٍ فَبَاعَهُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ بِأَلْفٍ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى خَمْسمِائَةٍ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ هُوَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ فِي كَلَامِ الْمُحِيطِ فَلَيْسَ كَلَامُهُ هُنَا مُخَالِفًا لِمَا ذَكَرَهُ هُوَ بِنَفْسِهِ فِي بَابِ الْمُرَابَحَةِ أَنَّهُ يَضُمُّ حِصَّةَ الْمُضَارِبِ وَقَدْ اشْتَبَهَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى كَثِيرٍ حَتَّى زَعَمُوا أَنَّهُ وَقَعَ مِنْهُ تَنَاقُضٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَا ذَكَرَهُ هُنَا هُوَ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ فِي كَلَامِ الْمُحِيطِ وَهُوَ أَنَّهُ لَا فَضْلَ فِي الثَّمَنِ وَقِيمَةُ الْمَبِيعِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْمُرَابَحَةِ هُوَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ أَوْ الرَّابِعُ فِي كَلَامِ الْمُحِيطِ كَمَا لَا يَخْفَى وَلِهَذَا صَوَّرُوا الْمَسْأَلَةَ هُنَاكَ بِأَنَّ مَعَهُ عَشَرَةً بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ وَبَاعَهُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ بَخَمْسَةَ عَشَرَ قَالُوا يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً بِاثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفٍ وَلَوْ مَلَكَهُ رَبُّ الْمَالِ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَبَاعَهُ مِنْ الْمُضَارِبِ لَا يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً حَتَّى يُبَيِّنَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ
(قَوْلُهُ) مَعَهُ أَلْفٌ بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى بِهِ عَبْدًا قِيمَتُهُ أَلْفَانِ فَقَتَلَ رَجُلًا خَطَأً فَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْفِدَاءِ عَلَى الْمَالِكِ وَرُبُعُهُ عَلَى الْمُضَارِبِ وَالْعَبْدُ يَخْدُمُ الْمَالِكَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَالْمُضَارِبُ يَوْمًا) لِأَنَّ الْفِدَاءَ مُؤْنَةُ الْمِلْكِ وَقَدْ كَانَ الْمِلْكُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا لِأَنَّهُ لَمَّا صَارَ الْمَالُ عَيْنًا وَاحِدًا ظَهَرَ الرِّبْحُ وَهُوَ أَلْفٌ بَيْنَهُمَا وَأَلْفٌ لِرَبِّ الْمَالِ فَإِذَا فَدَيَاهُ خَرَجَ الْعَبْدُ عَنْ الْمُضَارَبَةِ لِأَنَّ نَصِيبَ الْمُضَارِبِ صَارَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ وَنَصِيبُ رَبِّ الْمَالِ صَارَ لَهُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي بِالْفِدَاءِ عَلَيْهِمَا وَإِذَا خَرَجَ عَنْهَا بِالدَّفْعِ أَوْ بِالْفِدَاءِ يَخْدُمُهُمَا عَلَى قَدْرِ مِلْكِهِمَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ: قِيمَتُهُ أَلْفَانِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قِيمَتُهُ أَلْفًا فَتَدْبِيرُ الْجِنَايَةِ إلَى رَبِّ الْمَالِ لِأَنَّ الرَّقَبَةَ عَلَى مِلْكِهِ لَا مِلْكَ لِلْمُضَارَبِ فِيهَا فَإِنْ اخْتَارَ رَبُّ الْمَالِ الدَّفْعَ وَاخْتَارَ الْمُضَارِبُ الْفِدَاءَ مَعَ ذَلِكَ فَلَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَسْتَبْقِي بِالْفِدَاءِ مَالَ الْمُضَارَبَةِ وَلَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الرِّبْحَ يُتَوَهَّمُ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْعَبْدَ الْمُشْتَرَى فِي الْمُضَارَبَةِ إذَا جَنَى خَطَأً لَا يَدْفَعُ بِهَا حَتَّى يَحْضُرَ الْمُضَارِبُ وَرَبُّ الْمَالِ سَوَاءً كَانَ الْأَرْشُ مِثْلَ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَكَذَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفًا لَا غَيْرَ لَا يَدْفَعُ إلَّا بِحَضْرَتِهِمَا لِأَنَّ الْمُضَارِبَ لَهُ فِيهِ حَقُّ مِلْكٍ حَتَّى لَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَأْخُذَهُ وَيَمْنَعَهُ عَنْ بَيْعِهِ كَالْمَرْهُونِ إذَا جَنَى خَطَأً لَا يَدْفَعُ إلَّا بِحَضْرَةِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْمَالِ وَالْمُضَارِبِ لِلدَّفْعِ دُونَ الْفِدَاءِ إلَّا إذَا أَبَى الْمُضَارِبُ الدَّفْعَ وَالْفِدَاءَ وَقِيمَتُهُ مِثْلُ رَأْسِ الْمَالِ فَلِرَبِّ الْمَالِ دَفْعُهُ لِتَعَنُّتِهِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَائِبًا وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفَا دِرْهَمٍ فَفَدَاهُ الْحَاضِرُ كَانَ مُتَطَوِّعًا لِأَنَّهُ أَدَّى دَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُضْطَرٍّ فِيهِ فَإِنَّهُ لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الشَّرِكَةِ لَا يُطَالَبُ بِحِصَّةِ صَاحِبِهِ لَا بِالدَّفْعِ وَلَا بِالْفِدَاءِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَذَكَرَ قَاضِي خان أَنَّ الْمُضَارِبَ لَيْسَ لَهُ الدَّفْعُ وَالْفِدَاءُ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَحْكَامِ الْمُضَارَبَةِ فَلِهَذَا كَانَ إلَيْهَا.
(قَوْلُهُ مَعَهُ أَلْفٌ فَاشْتَرَى بِهِ عَبْدًا وَهَلَكَ الثَّمَنُ قَبْلَ النَّقْدِ دَفَعَ الْمَالِكُ أَلْفًا آخَرَ ثُمَّ وَثُمَّ وَرَأْسُ الْمَالَ جَمِيعُ مَا دَفَعَ) لِأَنَّ الْمَالَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ وَالِاسْتِيفَاءُ إنَّمَا يَكُونُ بِقَبْضٍ مَضْمُونٍ وَحُكْمُ الْأَمَانَةِ تُنَافِيهِ فَيَرْجِعُ إلَّا مَرَّةً لِأَنَّهُ أَمْكَنَ جَعْلُهُ الْوَكِيلَ إذَا كَانَ الثَّمَنُ مَدْفُوعًا إلَيْهِ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَهَلَكَ بَعْدَ الشِّرَاءِ حَيْثُ لَا يَرْجِعُ إلَّا مَرَّةً لِأَنَّهُ أَمْكَنَ جَعْلُهُ مُسْتَوْفِيًا لِأَنَّ الْوَكَالَةَ تُجَامِعُ الضَّمَانَ كَالْغَاصِبِ إذَا وَكَّلَ بِبَيْعِ الْمَغْصُوبِ ثُمَّ فِي الْوَكَالَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَرْجِعُ مَرَّةً وَفِيمَا إذَا اشْتَرَى ثُمَّ دَفَعَ الْمُوَكَّلُ إلَيْهِ الْمَالَ فَهَلَكَ بَعْدَهُ لَا يَرْجِعُ لِأَنَّهُ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ فَجُعِلَ مُسْتَوْفِيًا بِالْقَبْضِ بَعْدَهُ أَمَّا الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ قَبْلَ الشِّرَاءِ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى الْأَمَانَةِ بَعْدَهُ فَلَمْ يَصِرْ مُسْتَوْفِيًا فَإِذَا هَلَكَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ مَرَّةً ثُمَّ لَا يَرْجِعُ لِوُقُوعِ الِاسْتِيفَاءِ.
(قَوْلُهُ مَعَهُ أَلْفَانِ فَقَالَ دَفَعْت إلَيَّ أَلْفًا وَرَبِحْت أَلْفًا وَقَالَ الْمَالِكُ دَفَعْت أَلْفَيْنِ فَالْقَوْلُ لِلْمُضَارِبِ) لِأَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي الْمَقْبُوضِ وَالْقَوْلُ فِي مِقْدَارِهِ لِلْقَابِضِ وَلَوْ ضَمِينًا اعْتِبَارًا بِمَا لَوْ أَنْكَرَهُ أَصْلًا فَإِنَّ الْقَوْلَ لَهُ وَلَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ مَعَ ذَلِكَ فِي قَدْرِ الرِّبْحِ فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ فِي مِقْدَارِ الرِّبْحِ فَقَطْ وَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ أَقَامَاهَا فَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ رَبِّ الْمَالِ فِي دَعْوَاهُ الزِّيَادَةَ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَالْمُضَارِبِ فِي دَعْوَاهُ الزِّيَادَةَ فِي الرِّبْحِ. قُيِّدَ الِاخْتِلَافُ بِكَوْنِهِ فِي الْمِقْدَارِ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ إذَا وَقَعَ فِي صِفَةِ الْمَقْبُوضِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ كَمَا سَيَأْتِي.
(قَوْلُهُ مَعَهُ أَلْفٌ فَقَالَ هُوَ مُضَارَبَةً
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَقَدْ اشْتَبَهَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى كَثِيرٍ) مِنْ ذَلِكَ الْكَثِيرِ الْمُؤَلِّفُ نَفْسَهُ حَتَّى وَفَّقَ بَيْنَ كَلَامَيْهِ فِي بَابِ الْمُرَابَحَةِ بِغَيْرِ مَا هُنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute