للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قَوْلُهُ وَلَهُ أَجْرُ الظَّاهِرِ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ أَنَّهُ هُوَ الْوَاجِبُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ جُمْهُورُ الشَّارِحِينَ الْوَاجِبُ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ الْأَقَلُّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَمِنْ الْمُسَمَّى وَهُوَ فِي الذَّخِيرَةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خان.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (فَإِنْ أَجَّرَ دَارًا كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ صَحَّ فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ الْكُلَّ) ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ كُلَّ إذَا دَخَلَتْ عَلَى مَجْهُولٍ وَأَفْرَادُهُ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ انْصَرَفَ إلَى الْوَاحِدِ لِكَوْنِهِ مَعْلُومًا وَفَسَدَ فِي الْبَاقِي لِلْجَهَالَةِ كَمَا إذَا بَاعَ صُبْرَةً مِنْ طَعَامٍ كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِي قَفِيزٍ وَاحِدٍ، وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ وَمَهْمَا وَافَقَاهُ فِي الشُّهُورِ وَأَجَازَ اهـ.

الْعَقْدُ فِي الْكُلِّ فِي الصُّبْرَةِ وَالْفَرْقُ لَهُمَا أَنَّ الشُّهُورَ لَا نِهَايَةَ لَهَا وَالصُّبْرَةُ مُتَنَاهِيَةٌ فَتَرْتَفِعُ الْجَهَالَةُ بِالْكَيْلِ، وَإِذَا تَمَّ الشَّهْرُ الْأَوَّلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَقْضُ الْإِجَارَةِ بِشَرْطِ حُضُورِ الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ، وَقِيلَ يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ قَالَ تَاجُ الشَّرِيعَةِ لَوْ كَانَ فَاسِدًا فِيمَا بَقِيَ مِنْ الشُّهُورِ لَجَازَ الْفَسْخُ فِي الْحَالِ قَالَ قُلْت الْإِجَارَةُ مِنْ الْعُقُودِ الْمُضَافَةِ وَانْعِقَادُ الْإِجَارَةِ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ فَقِيلَ الِانْعِقَادُ كَيْفَ تَفَسَّخَ اهـ.

وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ أَنْتُمْ قَرَّرْتُمْ فِي الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ أَنَّهَا تَنْعَقِدُ سَاعَةً فَسَاعَةً وَجَازَ الْفَسْخُ فِيهَا بِقَدْرِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُسْتَقْبَلِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي كَيْفِيَّةِ الْفَسْخِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي رَأْسِ الشَّهْرِ؛ لِأَنَّ رَأْسَ الشَّهْرِ فِي الْحَقِيقَةِ عِبَارَةٌ عَنْ السَّاعَةِ الَّتِي يُهِلُّ فِيهَا الْهِلَالُ وَلَا يُمْكِنُ الْفَسْخُ بَعْدَ ذَلِكَ لِمُضِيِّ وَقْتِ الْخِيَارِ، وَالصَّحِيحُ فِي هَذَا أَحَدُ الطُّرُقِ الثَّلَاثِ أَنْ يَقُولَ الَّذِي يُرِيدُ الْفَسْخَ قَبْلَ مُضِيِّ الْوَقْتِ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ فَيَتَوَقَّفُ هَذَا الْفَسْخُ إلَى انْقِضَاءِ الشَّهْرِ فَإِذَا انْقَضَى الشَّهْرُ وَأَهَلَّ الْهِلَالُ عَمِلَ الْفَسْخُ حِينَئِذٍ عَمَلَهُ وَنَفَذَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِدُ نَفَادًا فِي وَقْتِهِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ إذَا لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا يَتَوَقَّفُ إلَى وَقْتِهِ وَبِهِ كَانَ يَقُولُ أَبُو النَّصْرِ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ أَوْ يَقُولُ الَّذِي يُرِيدُ الْفَسْخَ فِي هِلَالِ الشَّهْرِ فَسَخْت الْعَقْدَ رَأْسَ الشَّهْرِ فَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ إذَا هَلَّ الشَّهْرُ أَوْ يَفْسَخُ الَّذِي يُرِيدُ الْفَسْخَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي يُهِلُّ الْهِلَالَ فِي يَوْمِهَا، كَذَا فِي النِّهَايَةِ مُخْتَصَرًا وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْخِيَارَ فِي اللَّيْلَةِ الْأُولَى وَيَوْمِهَا وَبِهِ يُفْتَى؛ لِأَنَّ فِي اعْتِبَارِ السَّاعَاتِ حَرَجًا بَيِّنًا وَالْمَقْصُودُ هُوَ الْفَسْخُ فِي رَأْسِ الشَّهْرِ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ اللَّيْلَةِ الْأُولَى وَيَوْمِهَا؛ لِأَنَّ مُحَمَّدًا قَالَ لَوْ حَلَفَ لِيَقْضِيَ فُلَانًا دَيْنَهُ فِي رَأْسِ الشَّهْرِ فَقَضَاهُ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي يُهِلُّ فِيهَا الْهِلَالُ وَيَوْمِهَا لَمْ يَحْنَثْ اسْتِحْسَانًا، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ صَحَّ فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ الْفَسَادُ فِي الْبَاقِي كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ فِي الْمُحِيطِ: وَهَذَا قَوْلُ بَعْضِهِمْ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْإِجَارَةَ كُلَّ شَهْرٍ جَائِزَةٌ وَإِطْلَاقُ مُحَمَّدٍ يَدُلُّ عَلَى هَذَا فَيَجُوزُ الْعَقْدُ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ خِيَارُ الْفَسْخِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي مُضَافَةٌ إلَى وَقْتٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ فَسْخُ الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ إلَى وَقْتٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَقَوْلُهُ دَارًا مِثَالٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ ثَوْرًا لِيَطْحَنَ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ بِدِرْهَمٍ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَكُلُّ شَهْرٍ سَكَنَ سَاعَةً مِنْهُ صَحَّ فِيهِ) ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَعْلُومًا فَتَمَّ الْعَقْدُ فِيهِ بِتَرَاضِيهِمَا وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَعَلَى مَا فِي الْأَصْلِ إذَا سَكَنَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ صَحَّ وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا الْفَسْخُ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَلَى مَا قَدَّمْنَا، وَلَوْ قَدَّمَ أُجْرَةَ شَهْرٍ أَوْ أَكْثَرَ وَقَبَضَ الْمُعَجَّلَ يَوْمًا لَا يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْفَسْخُ فِيمَا عُجِّلَ؛ لِأَنَّ بِالتَّقْدِيمِ زَالَتْ الْجَهَالَةُ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ فَصَارَ كَالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ قَالَ فِي الْمُحِيطِ الْإِجَارَةُ الطَّوِيلَةُ الَّتِي تُفْعَلُ بِبُخَارَى صُورَتُهَا أَنَّهُمْ يُؤَجِّرُونَ الدَّارَ وَالْأَرْضَ سِنِينَ مُدَّةً مَعْلُومَةً مُتَوَالِيَةً غَيْرَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي آخِرِ كُلِّ سَنَةٍ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِ كُلِّ سَنَةٍ وَيَجْعَلُونَ لِكُلِّ سَنَةٍ أُجْرَةً قَلِيلَةً وَيَجْعَلُونَ بَقِيَّةَ الْأُجْرَةِ لِلسَّنَةِ الْأَخِيرَةِ، الصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا الْعَقْدَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فِي الْإِجَارَةِ، بَلْ اسْتِثْنَاءُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا سَنَةً صَحَّ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ أُجْرَةً كُلَّ شَهْرٍ) يَعْنِي إذَا بَيَّنَ الْأُجْرَةَ جُمْلَةً جَازَ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ صَارَتْ مَعْلُومَةً بِبَيَانِ الْمُدَّةِ، وَالْأُجْرَةُ مَعْلُومَةٌ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْقِسْطَ كُلَّ شَهْرٍ فَإِذَا صَحَّ وَجَبَ أَنْ يَقْسِمَ الْأُجْرَةَ عَلَى الشُّهُورِ عَلَى السَّوَاءِ وَلَا يُعْتَبَرُ تَفَاوُتُ الْأَسْعَارِ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ وَلَمَّا كَانَتْ السَّنَةُ مُنَكَّرَةً أَفَادَ أَنَّ هَذَا الْمُنَكَّرَ يَتَعَيَّنُ بِقَرِينَةِ الْحَالِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ وَقْتُ الْعَقْدِ) يَعْنِي ابْتِدَاءَ أَوَّلِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ الْوَقْتُ الَّذِي يَلِي الْعَقْدَ؛ لِأَنَّ فِي مِثْلِهِ يَتَعَيَّنُ الزَّمَانُ الَّذِي يَلِي الْعَقْدَ كَالْأَجَلِ وَالْيَمِينِ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا شَهْرًا؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَقِيبَ الْعَقْدِ لَصَارَتْ مَجْهُولَةً وَبِهِ تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ وَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِمَا أَنَّهُمَا يَعْقِدَانِ الْعَقْدَ الصَّحِيحَ فَتَعَيَّنَ عَقِيبَ الْعَقْدِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ حَيْثُ لَا يَتَعَيَّنُ ابْتِدَاؤُهُ عَقِيبَ الْيَمِينِ وَلَا عَقِيبَ النَّذْرِ؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>