وَأَعْتَقَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ الْبِنْتَ بَعْدَ الْعُلُوقِ صَحَّ وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهَا وَوَلَدُهَا حُرٌّ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَعِنْدَهُمَا إنْ أَدَّتْ الْبِنْتُ عَتَقَتْ وَلَا ضَمَانَ وَلَا سِعَايَةَ وَإِنْ عَجَزَتْ الْبِنْتُ فَالْأُمُّ فَالْبِنْتُ كَأُمِّ الْوَلَدِ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ أَعْتَقَهَا أَحَدُهُمَا مُكَاتَبَةً بَيْنَهُمَا وَلَدَتْ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا الْوَلَدَ عَتَقَ نَصِيبُهُ وَإِنْ أَعْتَقَ الْأُمَّ عَتَقَ نِصْفُهُ الْآخَرُ تَبَعًا لِلْأُمِّ وَإِنْ عَجَزَتْ فَلِشَرِيكِهِ فِي الْوَلَدِ الْخِيَارَاتُ الثَّلَاثُ مُكَاتَبَةً بَيْنَهُمَا وَلَدَتْ بِنْتًا فَعَلِقَتْ مِنْهُمَا، ثُمَّ مَاتَا عَتَقَتْ الْبِنْتُ وَحْدَهَا وَالْأُمُّ مُكَاتَبَةً عَلَى حَالِهَا، وَلَوْ كَانَتْ الْأُمُّ هِيَ الَّتِي وَلَدَتْ مِنْهُمَا فَمَاتَا عَتَقَتْ وَعَتَقَ وَلَدُهَا وَإِنْ عَجَزَتْ، ثُمَّ وَلَدَتْ مِنْهُمَا فَالْوَلَدُ الْأَوَّلُ رَقِيقٌ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ انْفَسَخَتْ بِالْعَجْزِ فِي حَقِّهِمَا وَصَارَا قِنَّيْنِ، ثُمَّ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَالْأَوَّلُ مُنْفَصِلٌ فَلَا يَسْرِي حَقُّ الْحُرِّيَّةِ اهـ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَأَيٌّ دَفَعَ الْعُقْرَ إلَى الْمُكَاتَبَةِ صَحَّ) يَعْنِي وَأَيٌّ دَفَعَ الْعُقْرَ إلَى الْمُكَاتَبَةِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهَا حَالَ قِيَامِ الْكِتَابَةِ فَإِذَا عَجَزَتْ تَرُدُّهُ إلَى الْمَوْلَى قَالَ فِي الْعِنَايَةِ يَعْنِي إذَا دَفَعَ قَبْلَ الْعَجْزِ، وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ، وَعِنْدَهُمَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لِلْأَوَّلِ وَلَزِمَهُ كُلُّ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يَخْلُو عَنْ الضَّمَانِ الْجَائِزِ أَوْ الْحَدِّ الزَّاجِرِ وَانْتَفَى الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ فَيَجِبُ الْعُقْرُ، وَلَوْ عَجَزَتْ فَرُدَّتْ فِي الرِّقِّ تُرَدُّ إلَى الْمَوْلَى لِظُهُورِ اخْتِصَاصِهِ بِهَا اهـ.
وَفِي الْمَبْسُوطِ كَاتَبَ جَارِيَتَهُ، ثُمَّ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ فَاسْتَوْلَدَهَا أَحَدُهُمَا فَهِيَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ عَجَزَتْ نَفْسَهَا وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ وَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا وَنِصْفَ عُقْرِهَا لِشَرِيكِهِ وَإِنْ شَاءَتْ مَضَتْ عَلَى كِتَابَتِهَا وَأَخَذَتْ عُقْرَهَا وَسَقَطَ الْحَدُّ لِشُبْهَةِ حَقِّ الْمِلْكِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ دَبَّرَ الثَّانِي وَلَمْ يَطَأْهَا فَعَجَزَتْ بَطَلَ التَّدْبِيرُ وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِلْأَوَّلِ) ، وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ أَمَّا عِنْدَهُمَا؛ فَلِأَنَّ الْمُسْتَوْلَدَ يَمْلِكُهَا قَبْلَ الْعَجْزِ، وَأَمَّا عِنْدَهُ؛ فَلِأَنَّهُ بِالْعَجْزِ ظَهَرَ أَنَّ كُلَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لِلْأَوَّلِ وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا مِلْكٌ كَمَا مَرَّ وَالْمِلْكُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ التَّدْبِيرِ بِخِلَافِ ثُبُوتِ النَّسَبِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ كَافٍ وَلِهَذَا لَوْ اشْتَرَى أَمَةً فَدَبَّرَهَا، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بَطَلَ التَّدْبِيرُ، وَلَوْ اسْتَوْلَدَهَا فَاسْتُحِقَّتْ لَمْ يَبْطُلْ وَكَانَ الْوَلَدُ حُرًّا بِقِيمَتِهِ فَكَذَا هُنَا وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ نَصِيبَ شَرِيكِهِ وَيُكْمِلُ الِاسْتِيلَادَ لِلْإِمْكَانِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَضَمِنَ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَتِهَا) ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ نِصْفَهَا بِالِاسْتِيلَادِ عَلَى مَا بَيَّنَّا قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَنِصْفَ عُقْرِهَا) ؛ لِأَنَّهُ وَطِئَ جَارِيَةً مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْعُقْرُ بِحِسَابِهِ.
وَقَدْ بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَالْوَلَدُ لِلْأَوَّلِ) ؛ لِأَنَّ دَعْوَاهُ قَدْ صَحَّتْ عَلَى مَا مَرَّ، وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ، وَهَذَا مُتَكَرِّرٌ مَعَ قَوْلِهِ وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ فِي ذَاتِ الْأَمَةِ، وَهَذَا فِي الْأَوْلَادِ فَلَا تَكْرَارَ وَاعْتُرِضَ بِاخْتِلَافِ الْمَوْضُوعِ بِأَنَّ هَذَا يُوهِمُ أَنَّ الثَّانِي وَطِئَ وَادَّعَى وَالْمَوْضُوعُ خِلَافُهُ فَلَوْ قَالَ وَتَمَّ الِاسْتِيلَادُ لِلْأَوَّلِ لَسُلِّمَ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ كَاتَبَاهَا فَحَرَّرَهَا أَحَدُهُمَا مُوسِرًا فَعَجَزَتْ ضَمِنَ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَتِهَا وَرَجَعَ بِهِ عَلَيْهَا) ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا لَا يَرْجِعُ الْمُعْتَقُ عَلَيْهَا وَيَسْتَسْعِيهَا السَّاكِتُ إنْ كَانَ الْمُعْتَقُ مُعْسِرًا وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ الْإِعْتَاقَ لَا يَتَجَزَّأُ عِنْدَهُمَا وَالْكِتَابَةَ لَا تَمْنَعُ الْعِتْقَ فَعَتَقَتْ كُلُّهَا لِلْحَالِّ وَانْفَسَخَتْ الْكِتَابَةُ فَالْحُكْمُ عِنْدَهُمَا مَا تَقَدَّمَ وَمِنْ أَصْلِ الْإِمَامِ أَنَّ الْعِتْقَ عِنْدَهُ يَتَجَزَّأُ فَجَازَ إعْتَاقُ النِّصْفِ فَلَا يُؤَثِّرُ الْفَسَادُ فِي نَصِيبِ السَّاكِتِ فَلَا يَضْمَنُ الْعِتْقَ قَبْلَ الْعَجْزِ لِعَدَمِ ظُهُورِ أَثَرِ الْإِعْتَاقِ فِيهَا فَإِذَا عَجَزَتْ ظَهَرَ أَثَرُ الْعِتْقِ وَكَانَ لِلسَّاكِتِ الْخِيَارَاتُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْعِتْقِ وَهِيَ إنْ كَانَ مُوسِرًا فَلَهُ أَنْ يُعْتَقَ أَوْ يُسْتَسْعَى أَوْ الضَّمَانُ فَإِذَا ضَمِنَ كَانَ لِلْمُعْتَقِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَقُ مُعْسِرًا كَانَ لَهُ خِيَارُ الْعِتْقِ أَوْ الِاسْتِسْعَاءِ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي الْعِتْقِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ دَبَّرَهَا أَوْ اسْتَوْلَدَهَا فَإِذَا عَجَزَتْ ظَهَرَ أَثَرُهُمَا فَيَضْمَنُ قِيمَتَهَا مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا؛ لِأَنَّ هَذَا ضَمَانُ تَمَلُّكٍ، وَعِنْدَهُمَا لَا يَتَجَزَّآنِ فَصَارَتْ كُلُّهَا أُمَّ الْوَلَدِ أَوْ مُدَبَّرَةً وَيَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَتِهَا فِي الْحَالِّ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ تَمَلُّكٍ فَلَا يَخْتَلِفُ بَيْنَ الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ وَيَضْمَنُ الْعُقْرَ فِي الِاسْتِيلَادِ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (عَبْدٌ لَهُمَا دَبَّرَهُ أَحَدُهُمَا، ثُمَّ حَرَّرَهُ الْآخَرُ مُوسِرًا لِلْمُدَبَّرِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُعْتَقَ نِصْفَ قِيمَتِهِ) ، وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَوَجْهُهُ أَنَّ التَّدْبِيرَ يَتَجَزَّأُ عِنْدَهُ فَيَقْتَصِرُ التَّدْبِيرُ عَلَى نَصِيبِ الْمُدَبَّرِ لَكِنْ يَفْسُدُ بِهِ نَصِيبُ الْآخَرِ فَيَثْبُتُ خِيَارُ التَّضْمِينِ أَوْ الْإِعْتَاقِ أَوْ الِاسْتِسْعَاءِ عَلَى مَا عُرِفَ مِنْ مَذْهَبِهِ فَإِذَا أَعْتَقَ لَمْ يَبْقَ لَهُ خِيَارُ التَّضْمِينِ وَالِاسْتِسْعَاءِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى نَصِيبِهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَجَزَّأُ عِنْدَهُ لَكِنْ يَفْسُدُ نَصِيبُ الْآخَرِ فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ نَصِيبَهُ وَلَهُ خِيَارُ الْعِتْقِ وَالِاسْتِسْعَاءِ فَإِذَا ضَمَّنَهُ يُضَمِّنَهُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ مُدَبَّرًا، وَقَدْ عُرِفَ قِيمَةُ الْمُدَبَّرِ فِي بَابِهِ، وَإِذَا ضَمَّنَهُ لَا يَتَمَلَّكُهُ بِالضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ النَّقْلُ مِنْ مِلْكٍ إلَى مِلْكٍ كَمَا إذَا غَصَبَ مُدَبَّرًا وَأَبَقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute