للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ كَانَ عَنْ جِنَايَةِ خَطَأٍ تَجِبُ الشُّفْعَةُ وَلَوْ صَالَحَ بِهَا عَنْ جِنَايَتَيْنِ أَحَدُهُمَا عَمْدًا وَالْأُخْرَى خَطَأً فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ وَعِنْدَهُمَا تَجِبُ فِيهَا الشُّفْعَةُ فِيمَا يَخُصُّ جِنَايَةَ الْخَطَأِ وَلَوْ صَالَحَ عَنْ كَفَالَةِ رَجُلٍ بِنَفْسِهِ عَلَى دَارٍ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا؛ لِأَنَّ هَذَا صُلْحٌ بَاطِلٌ. اهـ.

قَيَّدَ بِقَوْلِهِ بِلَا عِوَضٍ مَشْرُوطٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ شَرَطَ فِي الْعَقْدِ تَجِبُ الشُّفْعَةُ فَفِي الْخَانِيَّةِ وَهَبَ دَارًا مِنْ إنْسَانٍ بِشَرْطِ أَنْ يُعَوِّضَهُ كَذَا فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ مَا لَمْ يَتَقَابَضَا وَبَعْدَ التَّقَابُضِ تَجِبُ الشُّفْعَةُ بِمِثْلِ الْعِوَضِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَإِلَّا فَبِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ قِيَمِيًّا وَفِي السِّغْنَاقِيِّ وَهَبَ لَهُ عَقَارًا مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ مَشْرُوطٍ فِي الْعَقْدِ ثُمَّ عَوَّضَهُ عَنْ الدَّارِ دَارًا فَلَا شُفْعَةَ فِي الْهِبَةِ وَلَا فِي الْعِوَضِ وَفِي الْأَصْلِ لَوْ وَهَبَ شِقْصًا مُسَمًّى فِي دَارٍ غَيْرِ مَحْجُورٍ وَلَا مَقْسُومٍ عَلَى أَنْ يُعَوِّضَهُ كَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ وَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ وَالْجَوَابُ فِي الصَّدَقَةِ بِأَلْفَاظِهَا وَالْعَطِيَّةُ نَظِيرُ الْجَوَابِ فِي الْهِبَةِ، أَمَّا الْوَصِيَّةُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ إذَا قَبِلَ الْوَصِيُّ لَهُ ثُمَّ مَاتَ، فَإِنَّهُ تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَةُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إذَا قَالَ أَوْصَيْت بِدَارِي لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْمُوصَى لَهُ قَبِلْت ثَبَتَ لِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ، وَإِنْ قَالَ أَوْصَيْت أَنْ يُوهَبَ لَهُ عَلَى عِوَضِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَهُوَ مِثْلُ الْهِبَةِ بِالشَّرْطِ، وَإِنْ ادَّعَى حَقًّا عَلَى إنْسَانٍ وَصَالَحَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الدَّارِ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَالْقَوْلُ لِلْمُدَّعِي فِي مِقْدَارِ الدَّيْنِ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ وَكَذَا لَوْ صَالَحَهُ عَنْ عَيْبٍ عَلَى دَارٍ بَعْدَ الْقَبْضِ فَالْقَوْلُ لِلْمُصَالِحِ فِي نُقْصَانِ الْعَيْبِ وَلَوْ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ وَصَالَحَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الْمُدَّعِي دَرَاهِمَ وَتَرَكَ الدَّارَ يَنْظُرُ إنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ. اهـ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ بِيعَتْ بِخِيَارِ الْبَائِعِ) ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الْبَائِعِ يَمْنَعُ خُرُوجَ الْمَبِيعِ عَنْ مِلْكِهِ وَبَقَاءُ مِلْكِهِ يَمْنَعُ وُجُوبَ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ وُجُوبِهَا الْخُرُوجُ عَنْ مِلْكِهِ، فَإِذَا سَقَطَ الْخِيَارُ أَوْ سَقَطَ الْخِيَارُ عِنْدَ سُقُوطِ الْخِيَارِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا صَارَ سَبَبًا لِإِفَادَةِ الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَوُجُوبُ الشُّفْعَةِ تَنْبَنِي عَلَى انْقِطَاعِ حَقِّ الْمِلْكِ بِالْبَيْعِ وَهُوَ يَنْقَطِعُ حِينَئِذٍ، وَإِنْ اشْتَرَى بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ أَمَّا عِنْدَهُمَا فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ تَمَلَّكَهَا، أَمَّا عِنْدَهُ فَلِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْبَائِعَ إذَا أَقَرَّ بِالْبَيْعِ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي تَجِبُ الشُّفْعَةُ، فَإِذَا أَخَذَهَا الشَّفِيعُ فِي الثَّالِثِ لَزِمَ الْبَيْعُ لِعَجْزِ الْمُشْتَرِي عَنْ الرَّدِّ وَلَا خِيَارَ لِلشَّفِيعِ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالشَّرْطِ وَهُوَ كَانَ لِلْمُشْتَرِي دُونَ الشَّفِيعِ وَإِذَا بِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا وَالْخِيَارُ لِأَحَدِهِمَا كَانَ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يُخْرِجْ الْمَبِيعَ عَنْ مِلْكِهِ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ وَيَلْزَمُ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ نَقْضٌ مِنْهُ لِلْبَيْعِ وَكَذَلِكَ الْمُشْتَرِي عِنْدَ هُمَا إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بِالْأَخْذِ مُخْتَارًا لِلْبَيْعِ فَيَصِيرُ إجَازَةً وَتَمَلَّكَ بِهِ الْمَبِيعَ وَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَذَلِكَ يَكْفِي لِاسْتِحْقَاقِ الشُّفْعَةِ كَالْمَأْذُونِ لَهُ وَالْمُكَاتَبُ إذَا بِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِ دَارِهِمَا.

وَكَذَا إذَا اشْتَرَى دَارًا وَلَمْ يَرَهَا فَبِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهَا فِيهَا ثَابِتٌ وَإِذَا أَخَذَ الْمَشْفُوعَةَ لَمْ يَسْقُطْ خِيَارُهُ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ لَا يَبْطُلُ بِصَرِيحِ الْإِبْطَالِ فَبِدَلَالَتِهِ أَوْلَى، فَإِذَا حَضَرَ شَفِيعُ الْأُولَى وَهِيَ الَّتِي اشْتَرَاهَا الْمُشْتَرِي كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِهَا مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الثَّانِيَةَ وَهِيَ الَّتِي أَخَذَهَا الْمُشْتَرِي بِالشُّفْعَةِ إذَا لَمْ تَكُنْ مُتَّصِلَةً بِمِلْكِهِ لِانْعِدَامِ سَبَبِ الشُّفْعَةِ فِي حَقِّهِ، وَاتِّصَالُهُ لَا يُفِيدُ لِعَدَمِ مِلْكِهِ فِيهَا وَقْتَ بَيْعِ الْأُخْرَى، وَإِنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً بِمِلْكِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيهَا بِالشُّفْعَةِ، فَإِذَا جَاءَ الشَّفِيعُ الْأَوَّلُ بَعْدَمَا أَخَذَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي بِالشُّفْعَةِ كَانَ لِهَذَا الَّذِي جَاءَ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الثَّانِيَةَ بِالشُّفْعَةِ وَفِي التَّجْرِيدِ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي شَرَطَ الْخِيَارَ لِغَيْرِهِ فَأَجَازَ وَهُوَ شَفِيعُهَا فَلَهُ الشُّفْعَةُ وَلَوْ بَاعَ عَقَارًا وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِغَيْرِهِ فَأَمْضَى ذَلِكَ الْغَيْرُ الْبَيْعَ وَهُوَ شَفِيعُهَا فَلَا شُفْعَةَ لَهُ وَفِي الْفَتَاوَى وَلَوْ بَاعَهُ بِخِيَارِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ زَادَهُ ثَلَاثَةً أُخْرَى يَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ إذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ الْأُولَى.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (أَوْ بِيعَتْ فَاسِدًا مَا لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الْفَسْخِ بِشَيْءٍ يُسْقِطُهُ كَالْبِنَاءِ) ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ لِلْمُشْتَرِي فَلَا يَثْبُتُ لِلشَّفِيعِ فِيهِ حَقٌّ مَعَ بَقَاءِ مِلْكِهِ وَبَعْدَ الْقَبْضِ، وَإِنْ كَانَ يُفِيدُهُ لَكِنَّ حَقَّ الْبَائِعِ بَاقٍ فِيهَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ وَاجِبُ الدَّفْعِ لِدَفْعِ الْفَسَادِ وَلِهَذَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُشْتَرِي التَّصَرُّفُ فِيهِ وَفِي إثْبَاتِ الْحَقِّ لَهُ تَقْرِيرٌ فَلَا يَجُوزُ وَإِذَا سَقَطَ حَقُّ الْفَسْخِ زَالَ الْمَانِعُ مِنْ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>