للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَبَعًا لِعَمَلِهِ لِاخْتِلَافِ الْمَنَافِعِ فَفَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ قَالَ الشَّارِحُ: وَهُنَا وَجْهٌ آخَرُ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْكِتَابِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْبَقَرُ مِنْ وَاحِدٍ وَالْبَاقِي مِنْ آخَرَ قَالُوا هَذَا فَاسِدٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْعَامِلِ وَحْدَهُ، أَوْ عَلَى الْأَرْضِ وَحْدَهَا.

وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الْقِيَاسَ أَنْ لَا تَجُوزَ الْمُزَارَعَةُ وَإِنَّمَا تَرَكْنَاهُ بِالْأَثَرِ، وَفِي هَذَا لَمْ يَرِدْ أَثَرٌ اهـ.

قَالَ: وَلَوْ دَفَعَ أَرْضًا عَلَى أَنْ يَزْرَعَ بِبَذْرِ الزَّارِعِ وَبَقَرِهِ وَيَعْمَلَ مَعَهُ ثَالِثٌ وَالْخَارِجُ أَثْلَاثٌ فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ أَجْنَبِيٍّ جَائِزٌ بَيْنَهُمَا وَلِرَبِّ الْأَرْضِ مِنْ الْعَامِل بِبَعْضِ الْخَارِجِ فَلَوْ كَانَ الْمُزَارِعُ الْأَوَّلُ مَالِكًا لِمَنْفَعَةِ الْأَرْضِ بِالِاسْتِئْجَارِ فَصَارَ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مَمْلُوكَةً وَدَفَعَهَا إلَى الْعَامِلِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ مَعَهُ لَا يَجُوزُ لِفَوَاتِ التَّخْلِيَةِ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالْمُزَارِعِ، وَفَسَادُهَا فِي حَقِّ الثَّانِي لَا يُوجِبُ فَسَادَ الْمُزَارَعَةِ فِي حَقِّ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْمُزَارَعَةَ الثَّانِيَةَ غَيْرُ مَشْرُوطَةٍ فِي الْأَوَّلِ، وَالْعَطْفُ لَا يَقْتَضِي الِاشْتِرَاطَ فَإِنْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ مَشْرُوطَةً فِي الْأَوَّلِ بِأَنْ قَالَ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ الثَّانِي مَعَهُ بِالثُّلُثِ هَلْ تَجُورُ الْمُزَارَعَةُ فِي حَقِّ الْأَوَّلِ قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ: تَفْسُدُ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ صَارَتْ مَشْرُوطَةً لِرَبِّ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِي عَمَلِ الثَّانِي مَعَ الْأَوَّلِ وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ - وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا - صَحَّتْ فِي حَقِّ الْكُلِّ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ الْعَامِلَيْنِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ وَذَلِكَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ دَفَعَ أَرْضَهُ إلَى رَجُلٍ لِيَزْرَعَهَا عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ، الثَّانِي أَنْ يَكُونَ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَعَلَى كُلِّ وَجْهٍ يَكُونُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إمَّا أَنْ يَسْكُتَا عَلَى شَرْطِ الْبَقَرِ، أَوْ شُرِطَ الْبَقَرُ عَلَى الْعَامِلِ، أَوْ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ فَإِنْ سَكَتَا فَالْبَقَرُ عَلَى الْعَامِلِ كَانَ الْبَذْرُ مِنْهُ، أَوْ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ لِأَنَّ الْبَقَرَ آلَةٌ لِلْعَمَلِ وَإِنْ شَرَطَا الْبَقَرَ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ فَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِهِ يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْآخَرِ فَسَدَتْ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْأَرْضِ: ازْرَعْ لِي أَرْضِي بِبَذْرِك عَلَى أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لَك فَهَذَا فَاسِدٌ وَالْخَارِجُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَلِلزَّارِعِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ مِثْلُ بَذْرِهِ وَأَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْأَرْضِ: ازْرَعْ أَرْضِي بِبَذْرِك عَلَى أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لَك فَهَذَا جَائِزٌ وَيَكُونُ الْخَارِجُ لِصَاحِبِ الْبُذُورِ وَيَكُونُ صَاحِبُ الْأَرْضِ مُعِيرًا لَهُ أَرْضَهُ وَفِيهَا أَيْضًا لَوْ دَفَعَ الْبَذْرَ إلَى رَجُلٍ وَقَالَ ازْرَعْ عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ لَك، أَوْ لِي أَوْ نِصْفَيْنِ فَهُوَ فَاسِدٌ اهـ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (أَوْ اشْتَرَطَا لِأَحَدِهِمَا قُفْزَانًا مُسَمَّاةً أَوْ مَا عَلَى الْمَاذِيَانَاتِ وَالسَّوَاقِي، أَوْ أَنْ يَرْفَعَ رَبُّ الْبَذْرِ بَذْرَهُ، أَوْ يَرْفَعَ مِنْ الْخَارِجِ الْخَرَاجَ، وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا فَسَدَتْ) يَعْنِي لَوْ شَرَطَا لِأَحَدِهِمَا قُفْزَانًا مَعْلُومَةً تَفْسُدُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى قَطْعِ الشَّرِكَةِ فِي الْمُسَمَّى كَمَا تَقَدَّمَ، أَوْ مُطْلَقًا لِاحْتِمَالِ مَا يَخْرُجُ إلَّا هُوَ وَالْمُرَادُ بِأَحَدِهِمَا هُوَ، أَوْ مَنْ يَعُودُ نَفْعُهُ إلَيْهِ بِالشَّرْطِ هَذَا إذَا شَرَطَا لِأَحَدِهِمَا فَلَوْ شَرَطَا لِغَيْرِهِمَا قَالُوا وَلَوْ شَرَطَا بَعْضَ الْخَارِجِ لِعَبْدِ أَحَدِهِمَا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مَشْرُوطًا لِمَنْ يَمْلِكُ رَبُّ الْأَرْضِ، وَلِلْعَامِلِ كَسْبُهُ كَالْغَائِبِ وَالْقَرِيبِ، وَكُلُّ قِسْمٍ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ، أَوْ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ أَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: لَوْ دَفَعَ أَرْضًا، أَوْ بَذْرًا عَلَى أَنَّ ثُلُثَ الْخَارِجِ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَثُلُثَهُ لِعَبْدِهِ وَثُلُثَهُ لِلْعَامِلِ جَازَ وَشَرَطَا عَمَلَ الْعَبْدِ، أَوْ لَمْ يَشْتَرِطَا لِأَنَّ مَا شَرَطَا لِلْعَبْدِ شُرِطَ لِسَيِّدِهِ، وَإِنْ شُرِطَ عَمَلُ الْعَبْدِ فَالْمَشْرُوطُ لِلْعَبْدِ حَتَّى يَقْضِيَ مِنْهُ دُيُونَهُ وَالْمَوْلَى مَمْنُوعٌ مِنْ أَخْذِهِ فَكَانَ الْعَبْدُ كَالْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْمُزَارِعِ فَإِنْ شَرَطَا ثُلُثَ الْخَارِجِ لِعَبْدِ رَبِّ الْأَرْضِ فَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ وَلَمْ يُشْتَرَطْ عَمَلُ الْعَبْدِ وَالْمَشْرُوطُ لِلْعَبْدِ مَشْرُوطٌ لِمَوْلَاهُ.

وَإِنْ شَرَطَا عَمَلَ الْعَبْدِ لِمَوْلَاهُ، وَإِنْ شَرَطَا عَمَلَ الْعَبْدِ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَالْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ وَلَمْ يُشْتَرَطْ عَمَلُ الْعَبْدِ فَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ، وَإِنْ شَرَطَا عَمَلَ الْعَبْدِ مَعَ ذَلِكَ فَالْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَأَمَّا إذَا شَرَطَا الثُّلُثَ لِمُكَاتَبِ أَحَدِهِمَا، أَوْ قَرِيبِهِ، أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ فَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ إنْ شُرِطَ عَمَلُهُ جَازَ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ هَذَا إذَا شَرَطَا قُفْزَانًا فَإِذَا شَرَطَا كُلَّهُ قَالَ فَلَوْ شُرِطَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِأَحَدِهِمَا فَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ جَازَ، وَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِلْمَشْرُوطِ لَهُ فَيَكُونُ الْعَامِلُ مُتَبَرِّعًا بِعَمَلِهِ، وَإِنْ شَرَطَاهُ لِتَعَامُلٍ جَازَ وَيَكُونُ رَبُّ الْأَرْضِ أَعَارَهُ أَرْضَهُ وَاسْتَقْرَضَ بَذْرَهُ فَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْمُزَارِعِ وَشَرَطَا جَمِيعَ الْخَارِجِ لِأَحَدِهِمَا فَهُوَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ أَنْ يَقُولَ ازْرَعْ أَرْضِي بِبَذْرِك فَيَكُونَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِي فَهُوَ فَاسِدٌ وَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْبَذْرِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ الثَّانِي أَنْ يَقُولَ كُلُّهُ لَك وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا جَازَ وَصَارَ مُعِيرًا أَرْضَهُ مِنْهُ الثَّالِثُ أَنْ يَقُولَ ازْرَعْ أَرْضِي بِبَذْرِك

<<  <  ج: ص:  >  >>