وَالْأَوْلَادِ الصِّغَارِ أَوْ بَيْتِ الْجَدِّ وَالْأَوْلَادِ الصِّغَارِ فَلِلْأَبِ وَالْجَدِّ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْقِصَاصَ بِالْإِجْمَاعِ وَفِي الْجَامِعِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْقَتْلُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، فَإِنْ كَانَ خَطَأً، فَإِنْ كَانَ الشَّرِيكُ الْكَبِيرُ أَبَا الصَّغِيرِ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ جَمِيعَ الدِّيَةِ حِصَّةَ نَفْسِهِ بِحُكْمِ الْمِلْكِ وَحِصَّةَ الصَّغِيرِ بِحُكْمِ الْوِلَايَةِ، وَإِنْ كَانَ الشَّرِيكُ الْكَبِيرُ أَخًا أَوْ عَمًّا وَلَمْ يَكُ وَصِيًّا لِلصَّغِيرِ يَسْتَوْفِي حِصَّةَ نَفْسِهِ وَلَا يَسْتَوْفِي حِصَّةَ الصَّغِيرِ، وَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا إنْ كَانَ الشَّرِيكُ الْكَبِيرُ أَبًا كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْقِصَاصَ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ كَانَ الشَّرِيكُ الْكَبِيرُ أَجْنَبِيًّا بِأَنْ قُتِلَ عَبْدٌ، وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ أَجْنَبِيَّيْنِ أَحَدُهُمَا صَغِيرٌ وَالْآخَرُ كَبِيرٌ لَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْقِصَاصَ بِالْإِجْمَاعِ وَفِي الْمُنْتَقَى إلَّا أَنْ يَكُونَ الصَّغِيرُ ابْنًا فَيُسْتَوْفَى حِينَئِذٍ، وَإِنْ كَانَ الشَّرِيكُ الْكَبِيرُ أَخًا أَوْ عَمًّا فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْقِصَاصَ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّغِيرِ وَعَلَى قَوْلِهِمَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَبْلُغَ الصَّغِيرُ، وَعَلَى، هَذَا الِاخْتِلَافِ إذَا كَانَ الشَّرِيكُ الْكَبِيرُ مَعْتُوهًا أَوْ مَجْنُونًا وَالْكَبِيرُ أَخُو الْمَعْتُوهِ أَوْ عَمُّهُ وَأَرَادَ السُّلْطَانُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ حِصَّةَ الصَّغِيرِ مَعَ الْكَبِيرِ لَا شَكَّ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَهُ ذَلِكَ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْقِصَاصَ إذَا كَانَ كُلُّهُ لِلصَّغِيرِ لَيْسَ لِلْأَخِ الْكَبِيرِ وِلَايَةُ الِاسْتِيفَاءِ وَالْعَبْدُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ إذَا قُتِلَ عَمْدًا حَتَّى وَجَبَ الْقِصَاصُ فَأَرَادَ الْكَبِيرُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْقِصَاصَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالَ إنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ وَبَعْضُهُمْ قَالَ لَا يَسْتَوْفِيهِ الْكَبِيرُ بِالْإِجْمَاعِ رَجُلٌ لَهُ عَبْدَانِ قَتَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ عَمْدًا فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْقِصَاصَ مِنْ الْقَاتِلِ ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي آخِرِ إعْتَاقِ الْأَصْلِ فِي بَابِ جِنَايَةِ الرَّقِيقِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ قَتَلَهُ بِمَرٍّ يُقْتَصُّ إنْ أَصَابَهُ الْحَدِيدُ وَإِلَّا لَا كَالْخَنْقِ وَالتَّغْرِيقِ) ، هَذَا إذَا أَصَابَهُ بِحَدِّ الْحَدِيدِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَإِنْ أَصَابَهُ بِظَهْرِهَا أَوْ بِالْعُودِ لَا كَالْخَنْقِ وَالتَّغْرِيقِ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ وَالْمَرُّ عُودٌ فِي طَرَفِهَا حَدِيدَةٌ قَالَ الْعَيْنِيُّ الْمَرُّ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ، وَهُوَ خَشَبَةٌ طَوِيلَةٌ فِي رَأْسِهَا حَدِيدَةٌ عَرِيضَةٌ مِنْ فَوْقِهَا خَشَبَةٌ عَرِيضَةٌ يَضَعُ الرَّجُلُ رِجْلَهُ عَلَيْهَا وَيَحْفِرُ بِهَا الْأَرْضَ وَبِالْفَارِسِيَّةِ تُسَمَّى بيل.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (، وَمَنْ جَرَحَ رَجُلًا عَمْدًا فَصَارَ ذَا فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ يُقْتَصُّ) يَعْنِي إذَا جَرَحَ إنْسَانٌ آخَرَ فَصَارَ الْمَجْرُوحُ صَاحِبَ فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ، فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْ الْجَارِحِ؛ لِأَنَّ الْجُرْحَ سَبَبٌ ظَاهِرٌ لِمَوْتِهِ فَيُحَالُ الْمَوْتُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُوجَدْ مَا يَقْطَعُهُ كَحَزِّ الرَّقَبَةِ أَوْ الْبُرْءِ مِنْهُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (، وَإِنْ مَاتَ بِفِعْلِ نَفْسِهِ وَزَيْدٍ وَأَسَدٍ وَحَيَّةٍ ضَمِنَ زَيْدٌ نِصْفَ الدِّيَةِ) ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْأَسَدِ وَالْحَيَّةِ جِنْسٌ وَاحِدٌ لِكَوْنِهِ هَدَرًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَفِعْلُهُ بِنَفْسِهِ جِنْسٌ آخَرُ لِكَوْنِهِ هَدَرًا فِي الدُّنْيَا مُعْتَبَرًا فِي الْآخِرَةِ حَتَّى يَأْثَمَ بِهِ وَفِعْلُ زَيْدٍ مُعْتَبَرٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَصَارَتْ ثَلَاثَةُ أَجْنَاسٍ هَدَرٌ مُطْلَقًا وَمُعْتَبَرٌ مُطْلَقًا وَمُعْتَبَرٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ، وَهُوَ فِعْلُهُ بِنَفْسِهِ فَيَكُونُ الثَّابِتُ فِعْلًا وَاحِدًا فَيَجِبُ عَلَى زَيْدٍ ثُلُثُ الدِّيَةِ ثُمَّ إنْ كَانَ فِعْلُ زَيْدٍ عَمْدًا تَجِبُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ وَإِلَّا فَعَلَى الْعَاقِلَةِ لِمَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ، وَفِي الْمَبْسُوطِ وَغَيْرِهِ الْمُشَارَكَةُ فِي الْقَتْلِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُشَارِكَ الْقَاتِلُ مَنْ لَا يَكُونُ فِعْلُهُ مَضْمُونًا أَوْ يُشَارِكَهُ مَنْ يَكُونُ فِعْلُهُ مَضْمُونًا، فَإِنْ شَارَكَهُ مَنْ لَا يَكُونُ فِعْلُهُ مَضْمُونًا كَالسَّبُعِ وَالْبَهِيمَةِ وَالْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ أَوْ جَرَحَ إنْسَانٌ نَفْسَهُ ثُمَّ جَرَحَهُ آخَرُ أَوْ قَطَعَ الْإِمَامُ يَدَ السَّارِقِ فِي سَرِقَةٍ ثُمَّ قَطَعَ آخَرُ يَدَهُ أَوْ جَرَحَهُ وَمَاتَ فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْقَاتِلِ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ شَارَكَهُ مَنْ يَكُونُ فِعْلُهُ مَضْمُونًا كَالْخَاطِئِ وَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ فَلَا قِصَاصَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْعَمْدِ خَطَأٌ تَجِبُ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَوْ جَرَحَهُ رَجُلَانِ عَامِدًا ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الْجَارِحَيْنِ ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ أَوْ رَمَى رَجُلَانِ إلَى آخَرَ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ أَصَابَ السَّهْمَانِ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ هَلْ يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْحَيِّ قَالَ بَعْضُهُمْ يَجِبُ؛ لِأَنَّ فِعْلَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُوجِبٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجِبُ؛ لِأَنَّ فِعْلَ أَحَدِهِمَا إنَّمَا يَنْعَقِدُ مُوجِبًا بَعْدَ الْإِصَابَةِ فَلَا يَنْعَقِدُ أَحَدُهُمَا مُوجِبًا بِانْفِرَادِهِ.
رَجُلَانِ قَتَلَا رَجُلًا أَحَدُهُمَا بِالسَّيْفِ، وَالْآخَرُ بِالْعِصَابَةِ يُقْضَى بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبِ الْعَصَا وَالْقِصَاصِ عَلَى صَاحِبِ السَّيْفِ وَفِي الْمَبْسُوطِ أَصْلُهُ أَنَّ النَّفْسَ مَتَى تَلِفَتْ بِجِنَايَاتٍ وَوَجَبَ الْمَالُ، فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ تَلِفَتْ بِجِنَايَاتِ بَنِي آدَمَ فَالْعِبْرَةُ فِيهَا بِعَدَدِ الْجَانِي وَلَا عِبْرَةَ بِعَدَدِ الْجِنَايَاتِ فِي حَقِّ الضَّمَانِ حَتَّى لَوْ جُرِحَ وَاحِدٌ عَشْرُ جِرَاحَاتٍ خَطَأً وَجَرَحَهُ آخَرُ وَاحِدَةً خَطَأً فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْإِنْسَانِ فِي نَفْسِهِ مُعْتَبَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْقَلِبُ عَنْ حُكْمِهِ فِي الدُّنْيَا، وَهُوَ الْقِصَاصُ وَالدِّيَةُ أَوْ الْإِثْمُ فِي الْآخِرَةِ فَاعْتُبِرَ عَدَدُ الْجَانِي لَا عَدَدُ الْجِنَايَاتِ؛ لِأَنَّ كُلَّ جِنَايَةٍ تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ سَبَبَ الْمَوْتِ لَوْ انْفَرَدَتْ وَالْعِلَّةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute