التَّعَرُّضُ لِمَا فِي الْكِتَابِ إمَّا بِالْقَبُولِ، وَإِمَّا بِالرَّدِّ فَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا أَصْلًا نَعَمْ الْقَوْلُ الَّذِي نَقَلْته هَاهُنَا عَنْ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ مَذْكُورٍ فِي بَعْضِ النُّسَخِ لَكِنَّهُ وَاقِعٌ فِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ لَيْسَ بِمَثَابَةِ أَنْ لَا يَطَّلِعَ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ الشَّرَائِعِ كَيْفَ، وَقَدْ أَخَذَهُ صَاحِبُ الْوِقَايَةِ فَذَكَرَهُ فِي مَتْنِهِ حَيْثُ قَالَ وَلَا قَوَدَ فِي عَظْمٍ إلَّا فِي السِّنِّ فَتُقْلَعُ إنْ قُلِعَتْ وَتُبْرَدُ إنْ كُسِرَتْ، وَكَانَ مَا أَخَذَهُ مَتْنُ الْوِقَايَةِ هُوَ الْهِدَايَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُهُ، وَكَذَا ذَكَرَهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمُتُونِ ثُمَّ إنَّ التَّحْقِيقَ هَاهُنَا هُوَ أَنَّهُ إذَا قَلَعَ سِنَّ غَيْرِهِ هَلْ يُقْلَعُ سِنُّهُ قِصَاصًا أَمْ يُبْرَدُ بِالْمِبْرَدِ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى اللَّحْمِ فِيهِ رِوَايَتَانِ كَمَا أَفْصَحَ عَنْهُ فِي الْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيُّ حَيْثُ قَالَ إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ بِكَسْرِ بَعْضِ السِّنِّ يُؤْخَذُ مِنْ سِنِّ الْكَاسِرِ بِالْمِبْرَدِ مِقْدَارُ مَا كَسَرَ مِنْ سِنِّ الْآخَرِ، وَهَذَا بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ بِقَلْعِ سِنٍّ ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّهُ لَا يُقْلَعُ سِنُّ الْقَالِعِ، وَلَكِنْ يُبْرَدُ سِنُّ الْقَالِعِ بِالْمِبْرَدِ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى اللَّحْمِ وَيَسْقُطُ الْبَاقِي وَإِلَيْهِ مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ أَنَّهُ يُقْلَعُ سِنُّ الْقَالِعِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ حَيْثُ ذَكَرَ بِلَفْظِ النَّزْعِ وَالنَّزْعُ وَالْقَلْعُ وَاحِدٌ وَفِي الزِّيَادَاتِ نَصَّ عَلَى الْقَلْعِ إلَى هُنَا لَفْظُ الْمُحِيطِ.
وَأَمَّا الشَّفَتَانِ فَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ إنْ كَانَ خَطَأً، وَأَمَّا إذَا كَانَ عَمْدًا فَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِهِ عَنْ الْإِمَامِ إذَا قَطَعَ شَفَةَ رَجُلٍ السُّفْلَى أَوْ الْعُلْيَا، وَكَانَ يُسْتَطَاعُ أَنْ يُقْتَصَّ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا فَعَلَ يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَإِنْ قَطَعَ بَعْضَهُ لَا يَجِبُ وَيُقْتَصُّ الْعُلْيَا بِالْعُلْيَا وَالسُّفْلَى بِالسُّفْلَى وَقَوْلُهُ وَالسِّنُّ إنْ تَفَاوَتَتْ يَعْنِي يَجِبُ قَطْعُ السِّنِّ بِالسِّنِّ إذَا أَمْكَنَتْ الْمُمَاثَلَةُ، وَإِنْ تَفَاوَتَا فِي الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ وَإِلَّا فَلَا، وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا أَرَادَ أَنْ يَقْلَعَ سِنَّ آخَرَ ظُلْمًا فَلَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ إذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يُغِيثُهُ النَّاسُ، وَفِي الذَّخِيرَةِ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْرُدَ سِنَّ آخَرَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُغَاثُ وَفِي الْأَصْلِ يَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ الضِّرْسُ بِالضِّرْسِ وَالثَّنِيَّةُ بِالثَّنِيَّةِ وَالنَّابُ بِالنَّابِ وَلَا يُؤْخَذُ الْأَعْلَى بِالْأَسْفَلِ بَلْ بِالْأَعْلَى، وَفِي الْخُلَاصَةِ الْحَاصِلُ أَنَّ النَّزْعَ مَشْرُوعٌ وَالْأَخْذُ بِالْمِبْرَدِ احْتِيَاطٌ وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَإِذْ كَسَرَ سِنَّ إنْسَانٍ وَسِنُّ الْكَاسِرِ أَكْبَرُ يُقْتَصُّ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ فِي الْقَلْعِ وَلَا قِصَاصَ فِي السِّنِّ الزَّائِدَةِ، وَإِنَّمَا فِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَإِذَا كَسَرَ سِنَّ إنْسَانٍ، وَالسِّنُّ الْمَكْسُورَةُ مِثْلُ رُبْعِ سِنِّ الْكَاسِرِ يُقْتَصُّ مِنْهُ وَلَا يَكُونُ عَلَى قَدْرِ الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ بَلْ يَكُونُ عَلَى قَدْرِ مَا كَسَرَهُ مِنْ السِّنِّ وَفِي الْحَاوِي، فَإِنْ كَانَ سِنُّ الْمَنْزُوعِ أَطْوَلَ وَأَعْظَمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا الْقِصَاصُ، وَإِنْ كُسِرَ إنْ كَانَ مُسْتَوِيًا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ مِنْهُ اُقْتُصَّ مِنْهُ بِمِبْرَدٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَوِيًا وَلَا يُسْتَطَاعُ أَنْ يُقْتَصَّ كَانَ عَلَيْهِ أَرْشُهُ، وَفِي الْخُلَاصَةِ، وَإِنْ كَسَرَ ثُلُثًا لَيْسَ بِمُسْتَوٍ بِحَيْثُ لَا يُسْتَطَاعُ أَنْ يُقْتَصَّ مِنْهُ فَعَلَيْهِ أَرْشُ ذَلِكَ فِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ مِنْ الْبَقَرِ.
وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا كَسَرَ مِنْ سِنِّ رَجُلٍ طَائِفَةٌ مِنْهَا اُنْتُظِرَ بِهَا حَوْلًا، فَإِذَا تَمَّ الْحَوْلُ وَلَمْ يَكْمُلْ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ تُبْرَدُ بِالْمِبْرَدِ وَيُطْلَبُ لِذَلِكَ طَبِيبٌ عَالِمٌ أَوْ يُقَالُ لَهَا قِيمَتُهَا كَمْ ذَهَبَ مِنْهَا؟ ، فَإِنْ قَالَ ذَهَبَ مِنْهَا النِّصْفُ يُبْرَدُ مِنْ سِنِّ الْقَالِعِ النِّصْفُ وَفِيهِ أَيْضًا إذَا كَسَرَ مِنْ رَجُلٍ بَعْضَهَا وَسَقَطَ مَا بَقِيَ، فَإِنَّ أَبَا يُوسُفَ كَانَ يَقُولُ يَجِبُ الْقِصَاصُ وَفِي الْقُدُورِيِّ لَا قِصَاصَ فِي الْمَشْهُورِ وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا نَزَعَ الرَّجُلُ سِنَّ رَجُلٍ فَنَبَتَ نِصْفُهَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ أَرْشِهَا وَلَا قِصَاصَ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ نَبَتَتْ بَيْضَاءَ تَامَّةً ثُمَّ نَزَعَهَا آخَرُ يُنْتَظَرُ بِهَا سَنَةً، فَإِنْ نَبَتَتْ وَإِلَّا اُقْتُصَّ مِنْهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَوَّلِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي مَالِكٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَجِبُ عَلَيْهِ، فَإِنْ نَبَتَتْ صَفْرَاءَ، فَعَلَيْهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَقَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ فِي السِّنِّ إذَا نُزِعَتْ يُنْتَظَرُ بِهَا سَنَةً، فَإِنْ لَمْ تَنْبُتْ اُقْتُصَّ مِنْهُ، وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى فِي الْإِمْلَاءِ يُقْتَصُّ مِنْ سَاعَتِهِ، وَإِنْ نَبَتَتْ صَفْرَاءُ فَفِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ وَرَوَى ابْنُ مَالِكٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي السِّنِّ إذَا نُزِعَتْ يُنْتَظَرُ بِهَا الْبَرْدُ ثُمَّ يُقْتَصُّ مِنْ الْجَانِي، وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ إذَا كَسَرَ بَعْضَ سِنِّ إنْسَانٍ عَمْدًا ثُمَّ اسْوَدَّ الْبَاقِي بِذَلِكَ أَوْ احْمَرَّتْ أَوْ اخْضَرَّتْ أَوْ دَخَلَهَا عَيْبٌ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَلَا قِصَاصَ.
وَيَجِبُ الْأَرْشُ فِي مَالِ الْجَانِي، وَبِهَذِهِ الرِّوَايَةِ تَبَيَّنَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي الْإِمَامُ صَدْرُ الْإِسْلَامِ وَالصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فَإِذَا كَسَرَ بَعْضَ سِنِّ إنْسَانٍ وَاسْوَدَّ الْبَاقِي يَجِبُ فِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَلَوْ قَالَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَنَا أَسْتَوْفِي الْقِصَاصَ فِي الْمَكْسُورِ وَأَتْرُكُ مَا اسْوَدَّ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِذَا ضَرَبَ سِنَّ إنْسَانٍ فَتَحَرَّكَ يُنْتَظَرُ فِيهِ حَوْلًا، فَإِنْ احْمَرَّ أَوْ اخْضَرَّ أَوْ اسْوَدَّ تَجِبُ الدِّيَةُ كَامِلَةً فِي مَالِ الْجَانِي، وَإِنْ اصْفَرَّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَجِبُ كَمَالُ أَرْشِ السِّنِّ كَمَا فِي الْأَسْوَدِ وَالْأَحْمَرِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَجِبُ حُكُومَةُ عَدْلٍ وَذَكَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute