للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَاتِ الْبَيْنِ عَلَى مَا قَالَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَيْسَ بِكَذَّابٍ مَنْ أَصْلَحَ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَقَالَ خَيْرًا أَوْ أَنْمَى خَيْرًا» فَهَذَا مِثْلُهُ أَوْ أَحَقُّ مِنْهُ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ فَلَا يَثْبُتُ جَهْلُهُمَا أَوْ اخْتِلَافُهُمَا بِالشَّكِّ، وَإِنَّمَا وَجَبَتْ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ دُونَ الْعَاقِلَةِ؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يُحْمَلُ عَلَى الْكَمَالِ فَلَا يَثْبُتُ الْخَطَأُ بِالشَّكِّ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: رَجُلٌ قُتِلَ وَلَهُ وَلِيَّانِ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُمَا فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا، وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بَيِّنَةً عَلَى صَاحِبِهِ، وَهُوَ زَيْدٌ أَنَّهُ عَمْدًا وَأَقَامَ زَيْدٌ عَلَى أَجْنَبِيٍّ بَيِّنَةً أَنَّهُ قَتَلَهُ عَمْدًا قُبِلَتْ الْبَيِّنَتَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعَلَى الْوَلِيِّ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَهُوَ زَيْدٌ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ لِصَاحِبِهِ وَعَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ الْأَجْنَبِيِّ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ لِصَاحِبِهِ، وَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً، فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: بَيِّنَةُ الِابْنِ عَلَى أَخِيهِ أَوْلَى وَيُقْضَى لَهُ عَلَى الْأَخِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِالْقَوَدِ إنْ كَانَ عَمْدًا، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَلَهُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَبَطَلَتْ بَيِّنَةُ الِابْنِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِالْقَوَدِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي الْمِيرَاثِ قَالَ بَعْضُهُمْ: الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ لِعَبْدِ اللَّهِ وَرُبْعُهُ لِزَيْدٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ.

وَلَوْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُمَا عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ تَهَاتَرَتْ الْبَيِّنَتَانِ وَلَا تَجِبُ الدِّيَةُ وَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يُقْضَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ إنْ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا وَيَتَقَاصَّانِ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا الدِّيَةُ، وَلَوْ كَانَ الْبَنُونَ ثَلَاثَةً فَأَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ عَلَى زَيْدٍ بَيِّنَةً أَنَّهُ قَتَلَ الْأَبَ، وَأَقَامَ مُحَمَّدٌ وَزَيْدٌ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَتَلَ الْأَبَ فَهُنَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَتَانِ بِالِاتِّفَاقِ وَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِالِاتِّفَاقِ ثُمَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُقْضَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى صَاحِبِهِ بِثُلُثِ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ إنْ كَانَ عَمْدًا وَعَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ كَانَ خَطَأً وَيَكُونُ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ يُقْضَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ، وَلَوْ أَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو أَنَّهُمَا قَتَلَا أَبَاهُمْ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَأَقَامَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو الْبَيِّنَةَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُمْ عَمْدًا أَوْ خَطَأً تَهَاتَرَتْ الْبَيِّنَتَانِ عِنْدَهُمَا وَانْتَصَفَ الْوِرَاثَةُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا كَمَا لَوْ لَمْ تُوجَدْ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يُقْضَى لِعَبْدِ اللَّهِ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو بِنِصْفِ الدِّيَةِ فِي مَالِهِمَا إنْ كَانَ عَمْدًا وَعَلَى عَاقِلَتِهِمَا إنْ كَانَ خَطَأً فَفِي مَالِ عَبْدِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَتِهِ وَالْمِيرَاثُ يَكُونُ نِصْفُهُ لِعَبْدِ اللَّه وَنِصْفُهُ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو.

وَلَوْ أَقَامَ عَمْرٌو عَلَى زَيْدٍ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُمْ وَلَمْ يُقِمْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ يُقَالُ لِعَبْدِ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِي هَذَا، وَإِنَّمَا وَجَبَ السُّؤَالُ لِعَبْدِ اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ حَقٍّ فِي هَذَا الدَّمِ إذْ هُوَ لَيْسَ بِقَاتِلٍ فَعُدَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إمَّا أَنْ يَدَّعِيَ عَبْدُ اللَّهِ عَلَى أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ أَوْ لَمْ يَدَّعِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَنْ قَالَ لَمْ يَقْتُلْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَوْ ادَّعَى عَلَيْهِمَا بِأَنْ قَالَ هُمَا قَتَلَاهُ، فَإِنْ ادَّعَى الْقَتْلَ عَلَى وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ، وَهُوَ عَمْرٌو فَعَلَى قِيَاسِ أَبِي حَنِيفَةَ يَقْضِي عَلَى عَمْرٍو بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ نِصْفَيْنِ، فَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا فَفِي مَالِ عَمْرٍو، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَةِ عَمْرٍو وَيُقْضَى لِعَمْرٍو عَلَى زَيْدٍ بِرُبْعِ الدِّيَةِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي مَالِ زَيْدٍ إنْ كَانَ عَمْدًا، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَتِهِ، وَأَمَّا الْمِيرَاثُ فَنِصْفُهُ لِعَبْدِ اللَّهِ وَنِصْفُهُ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ يُقْضَى لِعَبْدِ اللَّهِ عَلَى عَمْرٍو بِالْقَوَدِ إنْ كَانَ عَمْدًا وَيُقْضَى بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ عَمْرٍو إنْ كَانَ خَطَأً وَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَزَيْدٍ نِصْفَيْنِ وَيَكُونُ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ عَبْدُ اللَّهِ الْقَتْلَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَنْ قَالَ لَمْ يَقْتُلْهُ وَاحِدٌ فَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يُقْضَى لِعَمْرٍو عَلَى زَيْدٍ بِرُبْعِ الدِّيَةِ إنْ كَانَ عَمْدًا فَفِي مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَتِهِ وَلَا شَيْءَ لِعَبْدِ اللَّهِ مِنْ الدِّيَةِ وَيَكُونُ الْمِيرَاثُ أَثْلَاثًا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ لَا يُقْضَى هَاهُنَا بِشَيْءٍ لَا بِالدِّيَةِ وَلَا بِالْقِصَاصِ، وَإِنْ ادَّعَى الْقَتْلَ عَلَيْهِمَا بِأَنْ قَالَ قَتَلْتُمَاهُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يُقْضَى لِعَبْدِ اللَّهِ بِشَيْءٍ مِنْ الدِّيَةِ.

وَأَمَّا الْمِيرَاثُ فَنِصْفُهُ لِعَبْدِ اللَّهِ وَنِصْفُهُ لَهُمَا، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فَقَدْ تَهَاتَرَتْ بَيِّنَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ وَلَا بَيِّنَةَ لِعَبْدِ اللَّهِ عَلَى مَا يَدَّعِي فَلَا يُقْضَى بِشَيْءٍ مِنْ الدِّيَةِ وَالْمِيرَاثُ يَكُونُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، وَلَوْ تَرَكَ الْمَقْتُولُ أَخًا وَابْنًا فَأَقَامَ الْأَخُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الِابْنِ أَنَّهُ قَتَلَ الْأَبَ، وَأَقَامَ الِابْنُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْأَخِ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَتَلَ الْأَبَ كَانَتْ بَيِّنَةُ الِابْنِ أَوْلَى بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَا ابْنَيْنِ حَيْثُ يُقْضَى هُنَاكَ بِنِصْفِ الدِّيَةِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَهَاهُنَا بَيِّنَةُ الِابْنِ أَوْلَى وَلَمْ يَذْكُرْ الْخِلَافَ، وَلَوْ تَرَكَ الْمَقْتُولُ ابْنَيْنِ وَأَخَا فَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الِابْنَيْنِ الْبَيِّنَةَ عَلَى صَاحِبِهِ بِالْقَتْلِ وَصَدَّقَ الْأَخُ أَحَدَهُمَا أَوْ صَدَّقَهُمَا كَانَ التَّصْدِيقُ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>