للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

افْدِهَا؛ لِأَنَّهُ الْحُكْمُ فِي جِنَايَةِ الْمَمْلُوكِ وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَفِي نَوَادِرِ رُسْتُمَ امْرَأَةٌ شَرِبَتْ دَوَاءً لِتُسْقِطَ وَلَدَهَا عَمْدًا فَأَلْقَتْ جَنِينًا حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ الدِّيَةُ وَلَا تَرِثُ مِنْهُ شَيْئًا وَعَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ أَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا فَعَلَى عَاقِلَتِهَا غُرَّةٌ وَلَا تَرِثُ مِنْهُ شَيْئًا وَعَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ: إنَّهَا إذَا أَسْقَطَتْ سِقْطًا لَيْسَ عَلَيْهَا إلَّا التَّوْبَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ، وَإِنْ كَانَ جَنِينًا فَعَلَيْهَا غُرَّةٌ وَتَأْوِيلُهُ إذَا شَرِبَتْ دَوَاءً يُوجِبُ سُقُوطَ الْوَلَدِ وَتَعَمَّدَتْ ذَلِكَ وَفِي الْمُنْتَقَى رِوَايَةٌ مَجْهُولَةٌ امْرَأَةٌ شَرِبَتْ دَوَاءً فَأَسْقَطَتْ وَكَانَتْ شَرِبَتْ لِغَيْرِ ذَلِكَ يَعْنِي لِغَيْرِ إسْقَاطِ الْوَلَدِ فَعَلَيْهَا الْغُرَّةُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَلَا تَرِثُهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ وَهَذَا الْجَوَابُ مِنْ زِيَادَاتِ الْحَاوِي وَفِي الْمُنْتَقَى سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ حَامِلٍ أَرَادَتْ أَنْ تُلْقِيَ الْعَلَقَةَ لِغَلَبَةِ الدَّمِ قَالَ يُسْأَلُ أَهْلُ الطِّبِّ عَنْ ذَلِكَ إنْ قَالُوا يَضُرُّ بِالْحَمْلِ لَا تَفْعَلْ، وَإِنْ قَالُوا لَا يَضُرُّ تَفْعَلُ وَكَذَا الْحِجَامَةُ وَالْفَصْدُ قَالَ الْفَقِيهُ وَسَمِعْت مِمَّنْ يَعْرِفُ ذَلِكَ الْأَمْرَ قَالَ لَا يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَفْعَلَ مَا لَمْ يَتَحَرَّكْ الْوَلَدُ، فَإِذَا تَحَرَّكَ فَلَا بَأْسَ بِالْحِجَامَةِ مَا لَمْ تَقْرُبْ الْوِلَادَةُ، فَإِذَا قَرُبَتْ فَلَا يُفْعَلْ، وَأَمَّا الْفَصْدُ فَالِامْتِنَاعُ فِي حَالِ الْحَبَلِ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ يُخَافُ عَلَى الْوَلَدِ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ الْأُمَّ ضَرَرٌ بَيِّنٌ فِي تَرْكِهِ.

وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ سُئِلَ عَنْ مُخْتَلِعَةٍ وَهِيَ حَامِلٌ احْتَالَتْ لِإِسْقَاطِ الْعِدَّةِ بِإِسْقَاطِ الْوَلَدِ قَالَ إنْ سَقَطَ بِفِعْلِهَا وَجَبَ عَلَيْهَا الْغُرَّةُ وَيَكُونُ ذَلِكَ لِلزَّوْجِ وَفِي الْحَاوِي وَهِيَ لَا تَرِثُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا قَاتِلَةٌ.

قَالَ الْأَبُ إذَا ضَرَبَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ تَأْدِيبًا فَعَطِبَ مِنْ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ ضَرَبَهُ حَيْثُ لَا يُضْرَبُ لِلتَّأْدِيبِ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَفِي نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةً وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْوَصِيُّ إذَا ضَرَبَ الصَّغِيرَ تَأْدِيبًا وَفِي الْكُبْرَى، وَإِنْ كَانَ ضَرَبَهُ الْمُعَلِّمُ فِي الْمَوْضِعِ الْمُعْتَادِ فَمَاتَ لَا يَضْمَنُ هُوَ وَلَا الْأَبُ وَلَا الْوَصِيُّ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَكَذَا الْمُؤَدِّبُ الَّذِي يُعَلِّمُهُ الْكِتَابَةَ إذَا ضَرَبَهُ بِإِذْنِ وَالِدِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فِي قَوْلِهِمَا وَهَذَا إذَا كَانَ ضَرَبَهُ الْمُعَلِّمُ فِي مَوْضِعٍ مُعْتَادٍ وَفِي رِوَايَةٍ مَجْهُولَةٍ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِمَا وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ وَالزَّوْجُ إذَا ضَرَبَ زَوْجَتَهُ حَيْثُ تُضْرَبُ لِلتَّأْدِيبِ مِثْلَ مَا تُضْرَبُ حَالَ نُشُوزِهَا يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ وَالْأَبُ وَالْوَصِيُّ إذَا سَلَّمَا الصَّغِيرَ إلَى مُعَلِّمٍ يُعَلِّمُهُ الْقُرْآنَ أَوْ عِلْمًا آخَرَ فَضَرَبَهُ الْمُعَلِّمُ لِلتَّعْلِيمِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُعَلِّمِ وَلَا عَلَى الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ أَنَّ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ، وَإِنْ ضَرَبَهُ حَيْثُ لَا يُضْرَبُ أَوْ فَوْقَ ضَرْبِ التَّعْلِيمِ فَالْمُعَلِّمُ ضَامِنٌ قَالَ هِشَامٌ فِي نَوَادِرِهِ قُلْتُ: لِمُحَمَّدٍ إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَبُ قَالَ لَهُ فِي أَمْرِ الضَّرْبِ شَيْئًا قَالَ يَضْمَنُ الْمُعَلِّمُ وَفِي رِوَايَةٍ فِي بَعْضِ النُّسَخِ إنَّ ضَرْبَ الصَّغِيرِ إنَّمَا يُضْمَنُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا كَانَ لِلتَّأْدِيبِ أَمَّا إذَا ضَرَبَهُ لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ لَا يَضْمَنُ كَالْمُعَلِّمِ، فَإِذًا لَا فَرْقَ بَيْنَ ضَرْبِ الْمُعَلِّمِ بِإِذْنِ الْأَبِ وَبَيْنَ ضَرْبِ الْأَبِ إذَا كَانَ لِلتَّعْلِيمِ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْإِجَارَاتِ أَنَّ فِي ضَرْبِ الْأَبِ ابْنَهُ وَفِي ضَرْبِ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ رِوَايَتَيْنِ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي رِوَايَةٍ يَضْمَنُ وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَضْمَنُ، وَأَمَّا الْوَالِدَةُ إذَا ضَرَبَتْ وَلَدَهَا الصَّغِيرَ لِلتَّأْدِيبِ فَلَا شَكَّ أَنَّهَا تَضْمَنُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ عَلَى قَوْلِهِمَا قَالَ بَعْضُهُمْ لَا تَضْمَنُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ ضَامِنَةٌ؛ لِأَنَّ الضَّرْبَ تَصَرُّفٌ فِي النَّفْسِ وَلَيْسَ لَهَا وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ فِي النَّفْسِ أَصْلًا وَفِي كِتَابِ الْعِلَلِ لِلزَّوْجِ أَنْ يَضْرِبَ امْرَأَتَهُ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ وَلِلْأَبِ أَنْ يَضْرِبَ ابْنَهُ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ وَذَكَرَ مَسْأَلَةَ الْمُعَلِّمِ إذَا ضَرَبَ الصَّغِيرَ بِإِذْنِ الْأَبِ عَلَى الِاتِّفَاقِ قَالَ نَحْوَ مَا ذَكَرْنَا قَالَ مُحَمَّدٌ ثَمَّةَ وَهَذَا عِنْدَنَا.

وَفِي الْعُيُونِ إذَا قَالَ لِرَجُلَيْنِ اضْرِبَا مَمْلُوكِي هَذَا مِائَةَ سَوْطٍ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَضْرِبَهُ الْمِائَةَ كُلَّهَا، فَإِنْ ضَرَبَهُ أَحَدُهُمَا تِسْعَةً وَتِسْعِينَ وَضَرَبَهُ الْآخَرُ سَوْطًا وَاحِدًا فَفِي الْقِيَاسِ يَضْمَنُ ضَارِبُ الْأَكْثَرِ وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَضْمَنُ وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ إنْ أَكَلْتُمَا هَذَا الْخُبْزَ فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَأَكَلَتَاهُ، وَإِنْ أَكَلَتْ إحْدَاهُمَا عَامَّتَهُ وَالْأُخْرَى بَقِيَّتَهُ لَا تَطْلُقُ اسْتِحْسَانًا.

وَفِي الْكُبْرَى الْمُحْتَرِفُ إذَا ضَرَبَ التِّلْمِيذَ فَمَاتَ إنْ كَانَ ضَرَبَهُ بِأَمْرِ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ لَا يَضْمَنُ إذَا كَانَ فِي الْمَوْضِعِ الْمُعْتَادِ لَوْ ضَرَبَ امْرَأَتَهُ عَلَى الْمَضْجَعِ أَوْ فِي أَدَبٍ فَمَاتَتْ يَضْمَنُ إجْمَاعًا وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ هُمَا فَرَّقَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَبِ، فَإِنَّ ضَرْبَ الْأَبِ لِمَنْفَعَةِ الِابْنِ وَضَرْبَ الْمَرْأَةِ لِمَنْفَعَةِ الزَّوْجِ.

وَفِي السِّرَاجِيَّةِ رَجُلٌ ضَرَبَ رَجُلًا سِيَاطًا فَجَرَحَهُ فَبَرَأَ مِنْهُ فَعَلَيْهِ أَرْشُ الضَّرْبِ إنْ بَقِيَ أَثَرُ الضَّرْبِ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ سِوَى التَّعْزِيرِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَجِبُ حُكُومَةُ عَدْلٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ أُجْرَةُ الطَّبِيبِ وَثَمَنُ الْأَدْوِيَةِ وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الْخَامِسَةُ وَهَذَا إذَا جُرِحَ ابْتِدَاءً فَأَمَّا إذَا لَمْ يَجْرَحْ فِي الِابْتِدَاءِ لَا يَجِبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>