للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ الدَّارَ لَهُ وَأَقَرُّوا بِهَا قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ الْبَزْدَوِيُّ قُصِدَ بِهَذَا الْكَلَامِ إذَا أَنْكَرَ الْعَوَاقِلُ كَوْنَ الدَّارِ لَهُ وَقَالُوا هِيَ وَجِيعَةٌ فِي يَدِهِ فَالْقَوْلُ لَهُمْ إلَّا أَنْ يُقِيمُوا بَيِّنَةً عَلَى الْمِلْكِ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ عَلَى الْهِدَايَةِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْقَتِيلُ الْمَوْجُودُ فِيهَا صَاحِبَ الدَّارِ أَوْ غَيْرَهُ عِنْدَ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَفِي الْفُلْكِ عَلَى مَنْ فِيهَا مِنْ الرُّكَّابِ وَالْمَلَّاحِينَ) لِأَنَّهُ فِي أَيْدِيهِمْ فَيَسْتَوِي الْمَالِكُ وَغَيْرُهُ فِي الدَّارِ فِيهِ وَعَلَى هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ عِنْدَهُ يَسْتَوِي الْمَالِكُ وَالسَّاكِنُ فِي الدَّارِ وَالْفَرْقُ لَهُمَا أَنَّ الْفُلْكَ يُنْقَلُ وَيُحَوَّلُ فَيَكُونُ فِي الْيَدِ حَقِيقَةً بِخِلَافِ الْعَقَارِ فَإِنَّهُ لَا يُنْقَلُ وَلَا يُحَوَّلُ وَفِي الْمُحِيطِ وَقِيلَ يَجِبُ عَلَى سُكَّانِ السَّفِينَةِ دُونَ مَالِكِهَا لِأَنَّ السَّفِينَةَ تَحْتَ يَدِ السَّاكِنِ دُونَ الْمَالِكِ وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ إنَّمَا تَجِبُ عَلَى رَاكِبِ السَّفِينَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالِكٌ مَعْرُوفٌ وَإِنْ كَانَ لَهَا مَالِكٌ مَعْرُوفٌ فَعَلَى مَالِكِ السَّفِينَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ عَلَى الرَّاكِبِ مُطْلَقًا وَإِطْلَاقُ مُحَمَّدٍ فِي النَّوَازِلِ الْجَوَابَ عَلَى هَذَا.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَفِي مَسْجِدِ مَحَلَّةٍ لَهُمْ وَفِي الْجَامِعِ وَالشَّارِعِ لَا قَسَامَةَ وَالدِّيَةُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ) لِلْعَامَّةِ لَا يَخْتَصُّ بِهِ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَالْقَسَامَةُ لِنَفْيِ تُهْمَةِ الْقَتْلِ وَذَلِكَ لَا يَتَحَقَّقُ فِي حَقِّ الْكُلِّ فَدِيَتُهُ تَكُونُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّهُ مَالُ الْعَامَّةِ.

وَكَذَلِكَ الْجُسُورُ الْعَامَّةُ وَالسُّوقُ الْعَامَّةُ الَّتِي تَكُونُ فِي الشَّوَارِعِ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ فِي هَذَا كُلِّهِ إلَى الْإِمَامِ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْمُسْلِمِينَ لَا إلَى أَهْلِ السُّوقِ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ أَرَادَ بِهِ أَنْ يَكُونَ السُّوقُ الْأَعْظَمُ نَائِبًا عَنْ الْمَحَالِّ وَأَمَّا الْأَسْوَاقُ الَّتِي فِي الْمَحَالِّ فَهِيَ مَحْفُوظَةٌ بِحِفْظِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ فَتَكُونُ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ وَكَذَا فِي السُّوقِ النَّائِي عَنْ الْمَحَالِّ إذَا كَانَ لَهَا سُكَّانٌ أَوْ كَانَ لِأَحَدٍ فِيهَا دَارٌ مَمْلُوكَةٌ وَأَمَّا كَوْنُ الْقَسَامَةِ وَالدِّيَةِ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُمْ الْحِفْظُ بِخِلَافِ الْأَسْوَاقِ الْمَمْلُوكَةِ لِأَهْلِهَا أَوْ الَّتِي فِي الْمَحَالِّ وَالْمَسَاجِدِ الَّتِي فِيهَا حَيْثُ يَجِبُ الضَّمَانُ فِيهَا عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ أَوْ عَلَى الْمَالِكِ عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي بَيَّنَّا لِأَنَّهَا مَحْفُوظَةٌ بِحِفْظِ أَرْبَابِهَا أَوْ بِحِفْظِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا وُجِدَ قَتِيلٌ فِي صَفٍّ مِنْ السُّوقِ فَإِنْ كَانَ أَهْلُ ذَلِكَ الصَّفِّ يَبِيتُونَ فِي حَوَانِيتِهِمْ فَدِيَةُ الْقَتِيلِ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانُوا لَا يَبِيتُونَ فِيهَا فَالدِّيَةُ عَلَى الَّذِينَ لَهُمْ مِلْكُ الْحَوَانِيتِ وَلَوْ وُجِدَ فِي السِّجْنِ فَدِيَتُهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ عَلَى أَهْلِهِ وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَسْأَلَةِ السُّكَّانِ وَالْمُلَّاكِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَيُهْدَرُ لَوْ فِي) (بَرِّيَّةٍ أَوْ وَسَطِ الْفُرَاتِ) لِأَنَّ الْفُرَاتَ لَيْسَ فِي يَدِ أَحَدٍ وَلَا فِي مِلْكِهِ إذَا كَانَ يَمُرُّ بِهِ الْمَاءُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ النَّهْرُ صَغِيرًا بِحَيْثُ يَسْتَحِقُّ رَبُّهُ الشُّفْعَةَ حَيْثُ يَكُونُ ضَمَانُهُ عَلَى أَهْلِهِ لِقِيَامِ يَدِهِمْ عَلَيْهِ.

وَكَذَا الْبَرِّيَّةُ لَا يَدَ لِأَحَدٍ فِيهَا وَلَا مِلْكَ فَيُهْدَرُ مَا وُجِدَ فِيهَا مِنْ الْقَتْلِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْبَرِّيَّةُ مَمْلُوكَةً لِأَحَدٍ أَوْ كَانَتْ قَرِيبَةً مِنْ الْقَرْيَةِ بِحَيْثُ يُسْمَعُ مِنْهُ الصَّوْتُ تَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ وَعَلَى أَهْلِ الْقَرْيَةِ لِمَا بَيَّنَّا وَلَوْ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مِنْ غَيْرِ زِحَامِ النَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ بِعَرَفَةَ فَالدِّيَةُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ قَسَامَةٍ هَذِهِ الْجُمْلَةُ فِي الْمُنْتَقَى وَفِيهِ أَيْضًا وَكُلُّ قَتِيلٍ يُوجَدُ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ وَلَا يُدْرَى مَنْ قَتَلَهُ أَوْ قَتَلَهُ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَكِنْ لَا يَدْرِي مَنْ هُوَ أَوْ زَحَمَهُ النَّاسُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَتَلُوهُ وَلَا يُدْرَى مَنْ هُوَ فَهُوَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَإِذَا وُجِدَ فِي الْمَسْجِدِ لِقَبِيلَةٍ فَهُوَ عَلَى أَقْرَبِ الدُّورِ مِنْهُ إنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ الَّذِي اشْتَرَاهُ وَبَنَاهُ وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ الَّذِي اشْتَرَى الْمَسْجِدَ وَبَنَاهُ كَانَ عَلَى عَاقِلَتِهِ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ وَإِنْ كَانَ فِي دَرْبٍ غَيْرِ نَافِذٍ أَوْ مُصَلَّاهُ وَاحِدٌ كَانَ عَلَى عَاقِلَةِ أَصْحَابِ الدُّورِ الَّذِينَ فِي الدَّرْبِ وَفِيهِ أَيْضًا وَإِذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي قَبِيلَةٍ فِيهَا عِدَّةُ مَسَاجِدَ فَهُوَ عَلَى الْقَبِيلَةِ كُلِّهَا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ قَبِيلَةٌ فَهُوَ عَلَى أَصْحَابِ الْمَحَلَّةِ وَأَهْلُ كُلِّ مَسْجِدٍ مَحَلَّةٌ وَفِي السِّغْنَاقِيِّ وَإِذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي وَقْفِ الْمَسْجِدِ فَهُوَ كَوُجُودِهِ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ كَانَتْ الدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى قَوْمٍ مَعْلُومِينَ فَالدِّيَةُ وَالْقَسَامَةُ عَلَيْهِمْ وَكَذَلِكَ الْمَحْسُوبُ لِلْعَامَّةِ وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا وُجِدَ قَتِيلٌ عَلَى الْجِسْرِ أَوْ عَلَى الْقَنْطَرَةِ فَذَلِكَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ وَإِنَّ النَّهْرَ الْعَظِيمَ إذَا كَانَ انْصِبَابُ مَائِهِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّهُ فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مَوْضِعُ انْصِبَابِ مَائِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَتِيلَ أَهْلِ الْحَرْبِ فَيُهْدَرَ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ مُحْتَبِسًا بِالشَّاطِئِ فَعَلَى أَقْرَبِ الْقُرَى) أَيْ لَوْ كَانَ الْقَتِيلُ مُحْتَبِسًا بِالشَّاطِئِ فَعَلَى أَقْرَبِ الْقُرَى فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لِأَنَّ الشَّطَّ فِي أَيْدِيهِمْ يَسْتَقُونَ مِنْهُ وَيُورِدُونَ دَوَابَّهُمْ فَكَانُوا أَخَصَّ بِنُصْرَتِهِ وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَإِنْ كَانَ الشَّطُّ مِلْكًا لِأَحَدٍ فَإِنْ كَانَ مِلْكًا خَاصًّا فَهُوَ كَالدَّارِ وَإِنْ كَانَ مِلْكًا عَامًّا فَهُوَ كَالْمَحَلَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>