للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسِتِّينَ وَثُلُثَا دِرْهَمٍ فَيُجْعَلُ ذَلِكَ عَلَى سَهْمَيْنِ سَهْمٌ لِلزَّوْجِ فَقَدْ مَاتَ الزَّوْجُ عَنْ سَهْمٍ لِلْمَرْأَةِ ثُلُثُ ذَلِكَ بِالْوَصِيَّةِ فَانْكَسَرَ بِالثُّلُثِ فَاضْرِبْ سَهْمَيْنِ فِي ثَلَاثَةٍ فَصَارَ سِتَّةً لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْمَرْأَةِ سَهْمٌ فَصَارَ الْمَالُ، وَهُوَ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ عَلَى خَمْسَةٍ خُمُسُ ذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ يُضَمُّ إلَى مَا أَعْطَيْنَا لَهَا فِي الِابْتِدَاءِ، وَذَلِكَ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ فَصَارَ وَصِيَّتُهَا ثَلَاثِينَ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَهِبَتُهُ وَصِيَّةٌ) يَعْنِي حُكْمُهَا حُكْمُ الْوَصِيَّةِ أَيْ إذَا وَهَبَ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِهِ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْوَصِيَّةِ أَطْلَقَ فِي الْهِبَةِ فَشَمِلَ مَا إذَا عَادَتْ لِلْمَرِيضِ أَوْ لَمْ تَعُدْ، وَلِلْأَجْنَبِيِّ، وَلِلْوَارِثِ قَالَ فِي الْمُنْتَقَى وَهَبَ الْمَرِيضُ لِرَجُلٍ أَمَةً، وَقِيمَتُهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا فَبَاعَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ لِلْوَاهِبِ، وَهُوَ صَحِيحٌ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَلَمْ يَقْبِضْ الْمِائَةَ ثُمَّ مَاتَ الْوَاهِبُ مِنْ مَرَضِهِ، وَالْجَارِيَةُ تُسَلَّمُ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ، وَيَأْخُذُونَ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ دِرْهَمًا وَثُلُثًا لِأَنَّهُ حِينَ بَاعَهَا إيَّاهُ كَانَ كَأَنَّهُ قَدْ اسْتَمْلَكَ الْجَارِيَةَ وَصَارَتْ قِيمَتُهَا دَيْنًا عَلَيْهِ، وَهِيَ ثَلَثُمِائَةٍ فَكَانَتْ هَذِهِ الثَّلَاثُمِائَةِ زِيَادَةً فِي مَالِ الْمَيِّتِ فَصَارَ مَالُهُ سِتَّمِائَةٍ إلَّا أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنَ مِائَةِ دِرْهَمٍ فَصَارَ مَالُهُ الَّذِي تَجُوزُ فِيهِ وَصِيَّتُهُ خَمْسَمِائَةٍ دِرْهَمٍ فَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ ثُلُثُهَا.

وَذَلِكَ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ فَيَكُونُ ذَلِكَ وَصِيَّةً لَهُ مِنْ قِيمَةِ الْأَمَةِ يَبْقَى عَلَيْهِ مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ، وَقَدْ كَانَ لَهُ عَلَى الْوَاهِبِ مِائَةٌ دَيْنًا يَبْقَى عَلَيْهِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ، وَلَوْ وَهَبَ الْمَرِيضُ أَمَةً قِيمَتُهَا سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ فَبَاعَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْ الْوَاهِبِ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ ثُمَّ مَاتَا جَمِيعًا وَلَا مَالَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرُهَا فَإِنَّ الْجَارِيَةَ تُبَاعُ، وَتَدْفَعُ الْمِائَتَيْنِ إلَى وَرَثَتِهِ لِأَنَّ الْهِبَةَ قَدْ نَفَذَتْ مِنْ الثُّلُثِ فَيَنْفُذُ بَيْعُهُ مِنْ الْوَاهِبِ فِي الثُّلُثِ لِأَنَّ بَيْعَ الْمَرِيضِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِمِثْلِ قِيمَتِهِ، وَقِيمَتُهُ ثُلُثُهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ فَيُرَدُّ ذَلِكَ الْقَدْرُ مِنْ ثَمَنِهَا إلَى تَرِكَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ مَرِيضٌ وَهَبَ عَبْدَهُ لِرَجُلٍ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِقِيمَتِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا فَأَعْتَقَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمَرِيضِ جَازَ عِتْقُهُ لِأَنَّهُ أَعْتَقَ مَا يَمْلِكُهُ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ حَقُّ الْغَرِيمِ بِهِ بَيْعًا وَاسْتِيفَاءً وَصَارَ مُسْتَغْرِقًا بِدَيْنِهِ فَانْقَضَتْ الْهِبَةُ مِنْ الْأَصْلِ، وَعَادَ إلَى قَدِيمِ مِلْكِهِ فَظَهَرَ أَنَّهُ أَعْتَقَ مَا لَا يَمْلِكُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ مَرِيضٌ أَقَرَّ لِعَبْدِ رَجُلٍ أَنَّهُ ابْنُهُ ثُمَّ مَاتَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ صَدَّقَهُ السَّيِّدُ فِي حَيَاةِ الْمَرِيضِ وَرِثَهُ لِأَنَّهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ بِتَصَادُقِهِمَا فَإِنْ صَدَّقَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لَا يَرِثُهُ لِأَنَّ إقْرَارَهُ قَدْ بَطَلَ بِمَوْتِهِ، وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي مَرِيضٍ لَهُ ابْنٌ مَعْرُوفٌ، وَهُوَ عَبْدٌ لِرَجُلٍ فَأَقَرَّ الْمَرِيضُ أَنَّ الْمَوْلَى قَدْ أَعْتَقَ ابْنَهُ قَالَ إنْ صَدَّقَهُ فِي حَيَاتِهِ وَرِثَهُ إذَا مَاتَ، وَإِنْ صَدَّقَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَرِثْهُ لِمَا بَيَّنَّا.

وَلَوْ وَهَبَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لِصَاحِبِهِ فِي الْمَرَضِ أَصْلُهُ أَنَّ أَجْوِبَتَهُمْ لِمَسَائِلِ الْبَابِ مُتَّفِقَةٌ، وَتَخَارِيجَهُمْ لَهَا مُخْتَلِفَةٌ فَأَبُو حَنِيفَةَ اعْتَبَرَ جَمِيعَ مَالِ الْمُوصِي فِي الْقِسْمَةِ وَطَرَحَ السَّهْمَ الدَّائِرَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَالِ لِأَنَّ الدَّوْرَ يَقَعُ بِسَبَبِ الْمَالِ الْمُسْتَفَادِ بِالْمِيرَاثِ، وَأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَرِثْ مِنْهَا شَيْئًا بِأَنْ كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لِجَمِيعِ مَالِهِ لَمْ يَقَعْ الدَّوْرُ وَمُحَمَّدٌ اعْتَبَرَ الْقِسْمَةَ فِي الْمَالِ الْمُوصَى بِهِ وَطَرَحَ السَّهْمَ الدَّائِرَ مِنْ الْمَالِ الْمُسْتَفَادِ بِالْوَصِيَّةِ لِأَنَّ الدَّوْرَ يَقَعُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْتَفِدْ شَيْئًا بِالْوَصِيَّةِ بِأَنْ كَانَ عَلَى الزَّوْجِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ يَقَعُ الدُّورُ، وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةُ لِلزَّوْجِ مِنْ وَصِيَّتِهَا إنَّمَا تُوَزَّعُ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ لَا مِنْ مَالِهَا فَكَانَ الْعَمَلُ مِنْ مَالِهِ فَكَانَ طَرْحُ السَّهْمِ الدَّائِرِ مِنْ نَصِيبِهِ أَوْلَى.

ثُمَّ الْمَسَائِلُ عَلَى فُصُولٍ أَحَدُهَا فِي هِبَةِ الزَّوْجِ لِامْرَأَتِهِ فِي مَرَضِهِ، وَالثَّانِي فِي هِبَتِهِ فِي مَرَضِهِ لِامْرَأَتِهِ وَوَصِيَّتِهِ لِأَجْنَبِيٍّ، وَالثَّالِثُ فِي هِبَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ لِصَاحِبِهِ، وَإِذَا وَهَبَ لِامْرَأَتِهِ فِي مَرَضِهِ مِائَةَ دِرْهَمٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا وَمَاتَتْ وَمَاتَ، وَتَرَكَتْ عَصَبَةً لِلزَّوْجِ لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ سِتُّونَ بِبَعْضِ الْهِبَةِ، وَجَازَتْ فِي أَرْبَعِينَ لِلزَّوْجِ مِنْ ذَلِكَ عَشْرَةٌ بِمِيرَاثِهِ، وَلِعَصَبَتِهَا عِشْرُونَ لِأَنَّهَا لَمَّا مَاتَتْ قَبْلَ مَوْتِ الزَّوْجِ صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً، وَلَمْ تَبْقَ وَارِثَةً قَبْلَ مَوْتِ الزَّوْجِ فَصَحَّتْ الْهِبَةُ لَهَا فَلَمْ تَبْطُلْ الْهِبَةُ لَهَا، وَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ الْمُنَفَّذَةُ وَصِيَّةً وَالْوَصِيَّةُ تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي لِأَنَّهَا هِبَةٌ حَقِيقِيَّةٌ حَتَّى مَلَكَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي الْحَالِ وَصِيَّةً حُكْمًا حَتَّى تَنْفُذَ مِنْ الثُّلُثِ.

وَالْهِبَةُ لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمَوْهُوبِ لَهُ قَبْلَ مَوْتِ الْوَاهِبِ بَعْدَمَا تَمَّتْ بِالْقَبْضِ، وَبِاعْتِبَارِ أَنَّهَا وَصِيَّةٌ تَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ وَلَا يَجُوزُ إبْطَالُهَا بِالشَّكِّ بَعْدَ صِحَّتِهَا ثُمَّ تَخْرِيجُهُ لِأَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ أَنَّ جَمِيعَ الْمَالِ لِلزَّوْجِ الْمِائَةُ الْمَوْهُوبَةُ فَيُجْعَلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ لِحَاجَتَيْنِ لِأَجْلِ الْوَصِيَّةِ لِلْمَرْأَةِ، وَذَلِكَ سَهْمٌ وَسَهْمَانِ لِلزَّوْجِ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ سَهْمٍ فَيَكُونُ مِيرَاثًا بَيْنَ زَوْجِهَا وَعَصَبَتِهَا نِصْفَيْنِ، وَقَدْ انْكَسَرَ بِالنِّصْفِ فَأَضْعَفَ فَصَارَ سِتَّةً فَصَارَ لِلزَّوْجِ أَرْبَعَةٌ، وَلَهَا سَهْمَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>