للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُسِمَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ، وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ إذَا قَالَ أَخْرِجُوا مِنْ مَالِي عِشْرِينَ أَلْفًا فَأَعْطُوا فُلَانًا كَذَا وَفُلَانًا كَذَا حَتَّى بَلَغَ أَحَدَ عَشَرَ أَلْفًا ثُمَّ قَالَ: وَالْبَاقِي لِلْفُقَرَاءِ ثُمَّ مَاتَ فَإِذَا ثُلُثُ مَالِهِ تِسْعَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَالْوَرَثَةُ لَمْ يُجِيزُوا فَإِنَّهُ يَنْفُذُ مِنْ وَصِيَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ تِسْعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ عِشْرِينَ جُزْءًا، وَيَبْطُلُ مِنْ وَصِيَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ عِشْرِينَ جُزْءًا أَوْ يَجْعَلُ قَوْلَهُ وَالْبَاقِي لِلْفُقَرَاءِ بَعْدَمَا سَمَّى عِشْرِينَ أَلْفًا، وَذَلِكَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ نَصِيبُهُمَا حَتَّى بَلَغَ أَحَدَ عَشَرَ أَلْفًا فَإِنَّهُ قَالَ أَعْطُوا ثُلُثَ مَالِي لِفُلَانٍ كَذَا حَتَّى بَلَغَ أَحَدَ عَشَرَ أَلْفًا.

ثُمَّ قَالَ وَأَعْطُوا الْبَاقِي لِلْفُقَرَاءِ فَإِذَا بَلَغَ مَالُهُ تِسْعَةَ آلَافٍ أَوْ أَكْثَرَ إلَى أَحَدَ عَشَرَ أَلْفًا لَا شَيْءَ لِلْفُقَرَاءِ، وَيُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ الْوَصَايَا حِصَّةٌ كَامِلَةٌ إنْ كَانَ الثُّلُثُ أَحَدَ عَشَرَ أَلْفًا ثُمَّ يُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ تِسْعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ وَصِيَّتِهِ، وَيَبْطُلُ سَهْمَانِ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ، وَفِي الْوَاقِعَاتِ لِلنَّاطِقِيِّ الْوَاجِبَاتُ فِي الْوَصَايَا عَلَى أَرْبَعِ مَرَاتِبَ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَبَدًا كَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ، وَالثَّانِي مَا أَوْجَبَهُ عَلَى الْعَبْدِ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهِ كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ، وَالثَّالِثُ مَا أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ ثُبُوتِهِ عَلَيْهِ بِالنَّذْرِ كَقَوْلِهِ عَلَى صَدَقَةٍ أَوْ عِتْقٍ وَمَا أَشْبَهَهُ، وَالرَّابِعُ التَّطَوُّعُ كَقَوْلِهِ تَصَدَّقُوا عَنِّي بَعْدَ وَفَاتِي، وَقَدْ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي الْحَجِّ مَعَ الزَّكَاةِ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمُجَرَّدِ أَنَّهُ تُقَدَّمُ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ أَخَّرَ الْحَجَّ عَنْ الزَّكَاةِ فِي الْوَصِيَّةِ لَفْظًا، وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ رُسْتُمَ إذَا أَوْصَى بِالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَالْفَرْضِ يُبْدَأُ بِمَا بَدَأَ بِهِ الْمَيِّتُ فَعَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ الَّذِي بَيَّنَّاهُ يَجِبُ إيفَاؤُهَا مَرْتَبَةً إذَا لَمْ يَفِ ثُلُثُ مَالِهِ بِذَلِكَ كُلِّهِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ تَسَاوَتْ فِي الْقُوَّةِ بُدِئَ بِمَا بَدَأَ بِهِ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْمَرِيضِ يَبْدَأُ بِمَا هُوَ الْأَهَمُّ عِنْدَهُ، وَالثَّابِتُ بِالظَّاهِرِ كَالثَّابِتِ فَصَارَ كَأَنَّهُ نَصَّ عَلَى تَقْدِيمِهِ بِاعْتِبَارِ حَالِهِ فَتُقَدَّمُ الزَّكَاةُ عَلَى الْحَجِّ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْعَبْدِ بِهَا، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْحَجَّ يُقَدَّمُ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ، وَهُمَا يُقَدَّمَانِ عَلَى الْكَفَّارَةِ لِرُجْحَانِهِمَا عَلَيْهَا لِأَنَّهُ جَاءَ الْوَعِيدُ فِيهِمَا مَا لَمْ يَأْتِ فِي غَيْرِهِمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: ٣٤] الْآيَةَ، وَقَالَ تَعَالَى {فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ} [التوبة: ٣٥] وَقَالَ تَعَالَى {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: ٩٧] مَكَانَ قَوْلِهِ وَمَنْ تَرَكَ الْحَجَّ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ النُّصُوصِ وَالْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِيهِمَا.

وَكَذَا مَا وَرَدَ نَصٌّ بِوَعِيدٍ فِيهِ يُقَدَّمُ وَمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ قُدِّمَ مِنْهُ مَا قَدَّمَهُ الْمُوصِي لِمَا بَيَّنَّا، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْوَصَايَا إذَا اجْتَمَعَتْ لَا يُقَدَّمُ الْبَعْضُ عَلَى الْبَعْضِ إلَّا الْعِتْقَ وَالْمُحَابَاةَ عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ وَلَا مُعْتَبَرَ بِالتَّقْدِيمِ وَلَا بِالتَّأْخِيرِ مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا لَوْ أَوْصَى لِجَمَاعَةٍ عَلَى التَّعَاقُبِ يَسْتَوُونَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَلَا يُقَدَّمُ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ غَيْرَ أَنَّ الْمُسْتَحَقَّ إذَا اتَّحَدَ، وَلَمْ يَفِ الثُّلُثُ بِالْوَصَايَا كُلِّهَا يُقَدَّمُ الْأَهَمُّ فَالْأَهَمُّ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمُوصِي يَبْدَأُ بِالْأَهَمِّ عَادَةً فَيَكُونُ ذَلِكَ كَالتَّنْصِيصِ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَنْ عَلَيْهِ قَضَاءٌ مِنْ صَلَاةٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ صَوْمٍ لَا يَشْتَغِلُ بِالنَّفْلِ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ، وَيَتْرُكُ الْقَضَاءَ عَادَةً، وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ نُسِبَ إلَى الْحَيْفِ قَدَّمْنَا لَوْ كَانَ مَعَهَا وَصِيَّةٌ لِآدَمِيٍّ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَبِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَحَجُّوا عَنْهُ رَجُلًا مِنْ بَلَدِهِ يَحُجُّ عَنْهُ رَاكِبًا) لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ مِنْ بَلْدَةٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِحْجَاجُ كَمَا وَجَبَ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِأَدَاءِ مَا هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ أَنْ يَكُونَ رَاكِبًا لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْإِحْجَاجُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي لَزِمَهُ، وَفِي النَّوَازِلِ وَقَالَ نُصَيْرٌ رَجُلٌ مَاتَ، وَأَوْصَى بِأَنْ يُحَجَّ عَنْهُ فَحَجَّ عَنْهُ ابْنُهُ ثُمَّ مَاتَ فِي الطَّرِيقِ قَالَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ يَحُجُّ عَنْ الْمَيِّتِ مِنْ وَطَنِهِ، وَيَغْرَمُ الْوَارِثُ مَا أُنْفِقَ فِي الطَّرِيقِ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الَّذِي يَحُجُّ عَنْ الْمَيِّتِ لَا يَتَدَاوَى مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ وَلَا يَحْتَجِمُ وَلَا يَشْتَرِي مِنْهُ مَاءً لِيَتَوَضَّأَ أَوْ يَغْتَسِلَ مِنْ الْجَنَابَةِ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ مَا يَغْسِلُ بِهِ ثِيَابَهُ وَبَدَنَهُ وَرَأْسَهُ مِنْ الْوَسَخِ.

وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُؤَلِّفُ لِلْوَصِيَّةِ بِالصَّدَقَةِ، وَنَحْنُ نَذْكُرُ ذَلِكَ تَتْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ.

وَهَذَا يَشْتَمِلُ عَلَى أَقْسَامٍ الْأَوَّلُ إذَا أَوْصَى بِالتَّصَدُّقِ بِشَيْءٍ فَيَتَصَدَّقُ بِغَيْرِهِ سُئِلَ ابْنُ مُقَاتِلٍ عَمَّنْ أَوْصَى أَنْ يُتَصَدَّقَ عَنْهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَتُصُدِّقَ عَنْهُ بِالْحِنْطَةِ أَوْ عَلَى عَكْسِهِ قَالَ يَجُوزُ قَالَ الْفَقِيهُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَوْصَى أَنْ يُتَصَدَّقَ عَنْهُ بِأَلْفِ دِرْهَمِ حِنْطَةِ، وَلَكِنْ سَقَطَ ذَلِكَ عَنْ السُّؤَالِ فَقِيلَ لَهُ إنْ كَانَتْ الْحِنْطَةُ مَوْجُودَةً فَأَعْطَى قِيمَتَهُ دَرَاهِمَ قَالَ أَرْجُو أَنْ يَجُوزَ، وَفِي النَّوَازِلِ، وَبِهِ نَأْخُذُ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلٌ قَالَ تَصَدَّقُوا بِثُلُثِ مَالِي، وَوَرَثَتُهُ فُقَرَاءُ فَإِنْ كَانُوا كِبَارًا فَأَجَازَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ جَازَ لِلْمُوصِي أَنْ يُعْطِيَهُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ أَوْصَى بِصَدَقَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ بِعَيْنِهَا فَتَصَدَّقَ الْوَصِيُّ مَكَانَهَا بِأَلْفٍ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ جَازَ، وَإِنْ هَلَكَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>