للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الْمُثَنَّى الْمَلَكَانِ اللَّذَانِ دَخَلَا عَلَيْهِ كَمَا فِي مَحَلِّهِ عُرْفٌ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ شَائِعٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَمَعَ الْأَبِ وَأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ ثُلُثُ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِ أَحَدِهِمَا) فَيَكُونُ لَهُمَا السُّدُسُ مَعَ الزَّوْجِ وَالْأَبِ وَالرُّبُعُ مَعَ الزَّوْجِ وَالْأَبِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الثُّلُثُ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِ أَحَدِهِمَا فَصَارَ لِلْأُمِّ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ ثُلُثُ الْكُلِّ وَثُلُثُ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَالسُّدُسُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا الْكُلَّ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِذَا جَعَلَ اللَّهُ لِلْأُمِّ ثُلُثَ مَا تَرِثُهُ هِيَ وَالْأَبُ عِنْدَ عَدَمِ الْوَلَدِ وَالْإِخْوَةِ لَا ثُلُثُ الْكُلِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: ١١] أَيْ ثُلُثُ مَا يَرِثَانِهِ وَاَلَّذِي يَرِثَانِهِ مَعَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ هُوَ الْبَاقِي مِنْ فَرْضِهِ وَلِأَنَّهَا لَوْ أَخَذَتْ ثُلُثَ الْكُلِّ يَكُونُ نَصِيبُهَا ضِعْفَ نَصِيبِ الْأَبِ مَعَ الزَّوْجِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ نَصِيبِهِ مَعَ الزَّوْجَةِ وَالنَّصُّ يَقْتَضِي تَفْضِيلَهُ عَلَيْهَا بِالضَّعْفِ إذَا لَمْ يُوجَدْ الْوَلَدُ وَالْإِخْوَةُ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ مَا أَرَادَ اللَّهُ تَفْضِيلَ الْأُنْثَى عَلَى الذَّكَرِ وَقَالَ زَيْدٌ لَا أُفَضِّلُ الْأُنْثَى عَلَى الذَّكَرِ وَمُرَادُهُمَا عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْقَرَابَةِ وَالْقُرْبِ، وَأَمَّا عِنْدَ الِاخْتِلَافِ فَلَا يَمْتَنِعُ تَفْضِيلُ الْأُنْثَى عَلَى الذَّكَرِ وَلِهَذَا لَوْ كَانَ مَكَانَ الْأَبِ جَدٌّ كَانَ لِلْأُمِّ ثُلُثُ الْجَمِيعِ فَلَا يُبَالِي بِتَفْضِيلِهَا عَلَيْهِ لِكَوْنِهَا أَقْرَبَ مِنْهُ، وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَهَا ثُلُثُ الْبَاقِي أَيْضًا مَعَ الْجَدِّ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَإِنَّهُمَا مَا كَانَا يُفَضِّلَانِ الْأُمَّ عَلَى الْجَدِّ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلِلْجَدَّاتِ وَإِنْ كَثُرْنَ السُّدُسُ إنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ جَدٌّ فَاسِدٌ فِي نِسْبَتِهَا إلَى الْمَيِّتِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَالْكَلَامُ فِي الْجَدَّاتِ فِي مَوَاضِعَ فِي تَرْتِيبِهِنَّ وَمَعْرِفَةِ الصَّحِيحَةِ مِنْ الْفَاسِدَةِ مِنْهُنَّ وَفِي قَدْرِ مِيرَاثِهِنَّ وَفِيمَا يَسْقُطْنَ بِهِ فَالْأَوَّلُ كُلُّ شَخْصٍ لَهُ جَدَّتَانِ أُمُّ أُمٍّ وَأُمُّ أَبٍ وَلِأَبِيهِ وَأُمِّهِ كَذَلِكَ وَهَكَذَا إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأُصُولِ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى آدَمَ وَحَوَّاءَ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - فَالصَّحِيحَةُ مِنْهُنَّ مَنْ لَا يَتَخَلَّلُ فِي نِسْبَتِهَا إلَى الْمَيِّتِ ذَكَرٌ بَيْنَ أُنْثَيَيْنِ وَالْفَاسِدَةُ مَنْ تَخَلَّلَ فِي نِسْبَتِهَا ذَكَرٌ وَذَلِكَ جَدٌّ فَاسِدٌ فَمَنْ يُدْلِي بِهِ يَكُونُ فَاسِدًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَعِنْدَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ الْفَاسِدَةُ مَنْ تُدْلِي بِذَكَرٍ مُطْلَقًا وَإِذَا أَرَدْت تَنْزِيلَ كُلِّ عَدَدٍ مِنْ الْجَدَّاتِ الْوَارِثَاتِ الْمُتَحَاذِيَاتِ فَاذْكُرْ أَوَّلًا لَفْظَةَ أُمِّ أُمٍّ بِمِقْدَارِ الْعَدَدِ الَّذِي تُرِيدُهُ، ثُمَّ تَقُولُ ثَانِيًا أُمُّ أُمٍّ تَجْعَلُ مَكَانَ الْأُمِّ الْأَخِيرَةِ أَبًا، ثُمَّ فِي كُلِّ مَرَّةٍ تُبَدِّلُ مَكَانَ الْأُمِّ أَبًا عَلَى الْأَوَّلِ إلَى أَنْ تَبْقَى لَفْظَةُ أُمٍّ مَرَّةً مِثَالُهُ إذَا سُئِلْت عَنْ أَرْبَعِ جَدَّاتٍ وَارِثَاتٍ مُتَحَاذِيَاتٍ فَقِيلَ أُمُّ أُمِّ أُمِّ أُمٍّ بِقَدْرِ عَدَدِهِنَّ لَفْظَةُ أُمٍّ مَرَّةً لِإِثْبَاتِ الدَّرَجَةِ الَّتِي تُتَصَوَّرُ أَنْ يَجْتَمِعْنَ فِيهَا فَإِنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَجْتَمِعْنَ فِيهَا إلَّا إذَا ارْتَفَعْنَ قَدْرَ عَدَدِهِنَّ مِنْ الدَّرَجَاتِ فَأَرْبَعُ جَدَّاتٍ وَارِثَاتٍ لَا يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُهُنَّ إلَّا فِي الدَّرَجَةِ الرَّابِعَةِ فَتَقُولُ أُمُّ أُمِّ أُمِّ أُمٍّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَهَذِهِ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ وَهِيَ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ وَلَا يُتَصَوَّرُ مِنْ جِهَتِهَا وَارِثٌ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ.

ثُمَّ يَأْتِي بِوَاحِدَةٍ أُخْرَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ فِي دَرَجَتِهَا فَتَقُولُ أُمُّ أُمِّ أُمِّ أَبٍ، ثُمَّ تَأْتِي بِأُخْرَى مِنْ جِهَةِ الْجَدِّ فَتَقُولُ أُمُّ أُمِّ أَبِ الْأَبِ، ثُمَّ تَأْتِي أُخْرَى مِنْ جِهَةِ جَدِّ الْأَبِ فَتَقُولُ أُمُّ أَبِ الْأَبِ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَجْتَمِعَ الْوَارِثَاتُ فِي هَذِهِ الدَّرَجَةِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ جَدٍّ صَحِيحٍ لَهُ أُمٌّ وَارِثَةٌ وَكَذَا أُمُّ أُمِّهِ، وَإِنْ عَلَتْ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ جَدَّةٌ وَارِثَةٌ مِنْ كُلِّ أَبٍ إلَّا وَاحِدَةٌ فَيُحْتَاجُ إلَى أَنْ يَأْتِيَ مِنْ الْأَبَاءِ قَدْرَهُنَّ عَدَدًا إلَّا وَاحِدَةً وَهِيَ الَّتِي مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ فَإِنَّهَا تُدْلِي بِذَكَرٍ وَالثَّانِيَةُ تُدْلِي بِالْأَبِ فَلِهَذَا حَذَفْت فِي النِّسْبَةِ الثَّانِيَةِ أُمًّا وَاحِدَةً وَأَبْدَلْت مَكَانَهَا أَبًا، وَالْجَدَّةُ الثَّالِثَةُ تُدْلِي بِالْجَدِّ فَلِهَذَا أَسْقَطْت اثْنَيْنِ وَأَبْدَلْت مَكَانَهُمَا أَبَوَيْنِ وَالرَّابِعَةُ تُدْلِي بِجَدِّ الْأَبِ فَلِهَذَا سَقَطَتْ أُمَّهَاتٌ وَأُبْدِلَتْ مَكَانَهُنَّ ثَلَاثَةُ آبَاءٍ فَهَذِهِ طَرِيقَةٌ فِي أَكْثَرَ مِنْهُنَّ إلَى مَا لَا يَتَنَاهَى هَذِهِ مَعْرِفَةُ الصَّحِيحَةِ، وَإِذَا أَرَدْت أَنْ تَعْرِفَ مَا يُقَابِلُ الصَّحِيحَاتِ مِنْ الْفَاسِدَاتِ فَخُذْ عَدَدَ الصَّحِيحَاتِ وَاجْعَلْهُ فِي يَمِينِك وَاطْرَحْ مِنْهُ اثْنَيْنِ وَاجْعَلْهَا بِيَسَارِك بِعَدَدِ مَا بَقِيَ فِي يَمِينِك فَالْمَبْلَغُ عَدَدُ الْجَدَّاتِ الصَّحِيحَاتِ وَالْفَاسِدَاتِ جَمِيعًا فَإِذَا سَقَطَتْ مِنْهُ عَدَدُ الصَّحِيحَاتِ فَالْبَاقِيَاتُ هِيَ الْفَاسِدَاتُ، مِثَالُهُ إذَا سُئِلْت عَنْ أَرْبَعِ جَدَّاتٍ صَحِيحَاتٍ كَمْ بِإِزَائِهِنَّ مِنْ الْفَاسِدَاتِ فَخُذْ أَرْبَعَةً يَمِينَك وَاطْرَحْ مِنْهَا اثْنَيْنِ فَخُذْهَا يَسَارَك فَإِذَا ضَعَّفْت هَذَا الْمَطْرُوحَ بِعَدَدِ مَا بَقِيَ فِي يَمِينِك صَارَ ثَمَانِيَةً وَهُوَ عَدَدُ مَبْلَغِ الْجَدَّاتِ أَجْمَعَ فِي هَذِهِ الْجَدَّةِ فَإِذَا أَسْقَطْت عَدَدَ الصَّحِيحَاتِ وَهُنَّ أَرْبَعٌ بَقِيَتْ أَرْبَعَةٌ وَهُنَّ الْفَاسِدَاتُ وَمِيرَاثُهُنَّ السُّدُسُ. وَإِنْ كَثُرْنَ يَشْتَرِكْنَ فِيهِ لِمَا رَوَى عُبَادَةَ بْنُ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَضَى بَيْنَ الْجَدَّتَيْنِ إذَا اجْتَمَعَتَا بِالسُّدُسِ بِالسَّوِيَّةِ» وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَشْرَكَ بَيْنَ الْجَدَّتَيْنِ فِي السُّدُسِ وَسَيَذْكُرُ مَا يَسْقُطْنَ بِهِ.

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ سِوَى عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ يَكُونَ لَهُ جَدَّتَانِ أَحَدُهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>