فِيهِ وَلَا فِي سَبَبِهِ فَلَا يَبْنِي بِشَجَّةٍ وَعَضَّةٍ، وَلَوْ مِنْهُ لِنَفْسِهِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا وَقَعَتْ طُوبَةٌ مِنْ سَطْحٍ أَوْ سَفَرْجَلَةٌ مِنْ شَجَرٍ أَوْ تَعَثَّرَ فِي شَيْءٍ مَوْضُوعٍ فِي الْمَسْجِدِ فَأَدْمَاهُ وَصَحَّحُوا عَدَمَ الْبِنَاءِ فِيمَا إذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ مِنْ عُطَاسِهِ أَوْ تَنَحْنُحِهِ، وَلَوْ سَقَطَ مِنْ الْمَرْأَةِ كُرْسُفُهَا مَبْلُولًا بِغَيْرِ صُنْعِهَا بَنَتْ وَبِتَحْرِيكِهَا لَا تَبْنِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا.
الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْحَدَثُ مُوجِبًا لِلْوُضُوءِ فَلَا يَبْنِي مَنْ نَامَ فَاحْتَلَمَ فِي الصَّلَاةِ وَلَا مَنْ أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ مَانِعَةٌ مِنْ الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ حَدَثٍ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ بَدَنِهِ أَوْ مِنْ خَارِجٍ.
الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَكُونَ الْحَدَثُ يَنْدُرُ وُجُودُهُ فَلَا يَبْنِي بِإِغْمَاءٍ وَقَهْقَهَةٍ وَهَذَا وَالثَّانِي سَيُصَرِّحُ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَإِدْخَالُ الْكَلَامِ هُنَا كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مَعَ أَنَّ الْكَلَامَ مُفْسِدٌ لَا حَدَثٌ لِكَوْنِ شَرْطِهِ أَنْ لَا يَأْتِيَ بِمُنَافٍ بَعْدَهُ.
الرَّابِعُ: أَنْ لَا يَفْعَلَ فِعْلًا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ فَلَوْ فَعَلَهُ اسْتَقْبَلَ كَمَا لَوْ اسْتَقَى الْمَاءَ مِنْ الْبِئْرِ عَلَى الْمُخْتَارِ أَوْ كَانَ دَلْوُهُ مُتَخَرِّقًا فَخَرَزَهُ، وَكَذَا لَوْ وَجَدَ مَاءً لِلْوُضُوءِ فَذَهَبَ إلَى مَاءٍ أَبْعَدَ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرِ النِّسْيَانِ وَنَحْوِهِ إلَّا إذَا كَانَ الْمَاءُ الْقَرِيبُ فِي بِئْرٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَإِلَّا إذَا كَانَ قَلِيلًا قَدْرَ صَفَّيْنِ كَمَا إذَا وَجَدَ مَشْرَعَةً مِنْ الْمَاءِ فَتَرَكَهَا وَذَهَبَ إلَى أُخْرَى بِجَنْبِهَا فَإِنَّهُ يَبْنِي، وَكَذَا لَوْ رَدَّ الْبَابَ عَلَيْهِ بِالْيَدَيْنِ لَا لِقَصْدِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ فَلَوْ كَانَ لَهُ لَا تَفْسُدُ أَوْ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ لَا تَفْسُدُ مُطْلَقًا، وَكَذَا لَوْ حَمَلَ آنِيَةً لِغَيْرِ حَاجَةٍ بِيَدَيْهِ فَلَوْ كَانَ لِحَاجَةٍ لَا تَفْسُدُ مُطْلَقًا أَوْ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ لَا تَفْسُدُ مُطْلَقًا، وَكَذَا لَوْ تَوَضَّأَ وَرَجَعَ، ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ نَسِيَ شَيْئًا فَذَهَبَ وَأَخَذَهُ فَسَدَتْ، وَلَوْ كَشَفَ عَوْرَتَهُ لِلِاسْتِنْجَاءِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَكَذَا إذَا كَشَفَتْ الْمَرْأَةُ ذِرَاعَيْهَا لِلْوُضُوءِ وَهُوَ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْهُ لِنَفْسِهِ) كَذَا فِي الْفَتْحِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَوْلَى وَلَوْ مِنْ غَيْرِهِ لَهُ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا وَقَعَتْ طُوبَةٌ إلَخْ) ، وَكَذَا إذَا مَسَّ قُرُوحَهُ شَيْءٌ فَسَالَتْ أَوْ دَخَلَ الشَّوْكُ رِجْلَهُ أَوْ جَبْهَتَهُ فَسَالَ مِنْهَا الدَّمُ أَوْ رَمَاهُ إنْسَانٌ بِحَجَرٍ فَشَجَّهُ فَفِي هَذَا كُلِّهِ يَسْتَأْنِفُ عِنْدَهُمَا وَلَا يَبْنِي وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَبْنِي كَمَا فِي السِّرَاجِ، وَنَحْوُهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي الْمُحِيطِ وَإِنْ أَصَابَ الْمُصَلِّي حَدَثٌ بِغَيْرِ فِعْلِهِ بِأَنْ شَجَّهُ إنْسَانٌ اسْتَقْبَلَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَبْنِي، وَقَالَ النَّاطِفِيُّ فِي هِدَايَتِهِ رَأَيْت فِي صَلَاةِ الْأَثَرِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الرَّجُلِ تُصِيبُهُ بُنْدُقَةٌ أَوْ حَجَرٌ فِي صَلَاتِهِ فَشَجَّهُ فَغَسَلَهُ يَبْنِي فَصَارَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ إسْمَاعِيلُ قَالَ الرَّمْلِيُّ، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ. وَلَوْ سَقَطَ مِنْ السَّطْحِ مَدَرٌ فَشَجَّ رَأْسَهُ إنْ كَانَ بِمُرُورِ الْمَارِّ فَهُوَ عَلَى الِاخْتِلَافِ وَإِنْ كَانَ لَا بِمُرُورِ الْمَارِّ فَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ يَبْنِي بِلَا خِلَافٍ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ عَلَى الْخِلَافِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ.
أَقُولُ: عُلِمَ بِهِ أَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ الْبِنَاءِ مُطْلَقًا وَأَقُولُ: يُقَاسُ عَلَيْهِ وُقُوعُ السَّفَرْجَلَةِ، فَإِنْ كَانَ بِهَزِّهَا فَعَلَى الْخِلَافِ وَإِلَّا فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَبْنِي بِلَا خِلَافٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ (قَوْلُهُ وَصَحَّحُوا عَدَمَ الْبِنَاءِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ ذُكِرَ فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِلْحَلَبِيِّ مَسْأَلَةُ الْعُطَاسِ وَالتَّنَحْنُحِ وَالْخِلَافُ فِيهَا ثُمَّ قَالَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَبْنِي يَعْنِي فِي مَسْأَلَةِ الْعُطَاسِ لِكَوْنِهِ سَمَاوِيًّا وَإِنْ أَحْدَثَ بِتَنَحْنُحِهِ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَبْنِي.
(قَوْلُهُ وَإِدْخَالُ الْكَلَامِ هُنَا إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا وَقَعَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ حَيْثُ ذَكَرَ الْكَلَامَ وَالْقَهْقَهَةَ فِي هَذَا الْمَحِلِّ فَقَالَ وَلَا يَبْنِي لِقَهْقَهَةٍ وَكَلَامٍ وَاحْتِلَامٍ فَإِنَّ كَلَامَنَا فِي الْحَدَثِ وَالْكَلَامُ مُفْسِدٌ لَا حَدَثٌ لَكِنَّهُ ذَكَرَهُ مَعَ الْقَهْقَهَةِ لِكَوْنِ مِنْ شُرُوطِ الْبِنَاءِ أَيْضًا أَنْ لَا يَأْتِيَ بِمُنَافٍ بَعْدَ الْحَدَثِ فَلِذَا ذَكَرَهُ هُنَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ كَمَا فَعَلَ الْمُؤَلِّفُ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَوَّلًا أَنَّ شَرْطَ الْبِنَاءِ كَوْنُهُ حَدَثًا سَمَاوِيًّا مِنْ الْبَدَنِ غَيْرَ مُوجِبٍ لِلْغُسْلِ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِيهِ وَلَا فِي سَبَبِهِ وَلَمْ يُوجَدْ بَعْدَهُ مُنَافٍ لَهُ مِنْهُ بُدٌّ ثُمَّ أَخَذَ الْمُحْتَرَزَاتِ فَقَالَ فَلَا يَبْنِي بِشَجَّةٍ وَعَضَّةٍ إلَى أَنْ قَالَ وَلَا لِقَهْقَهَةٍ وَكَلَامٍ وَاحْتِلَامٍ، فَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الْكَلَامَ وَمَا مَعَهُ مِنْ وَادٍ وَاحِدٍ بَلْ ذَكَرَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا لِلِاحْتِرَازِ وَلِبَيَانِ فَائِدَةِ الْقُيُودِ السَّابِقَةِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ اسْتَقَى) الْمُنَاسِبُ ذِكْرُ هَذِهِ الصُّورَةِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا تَحْتَ الشَّرْطِ الْخَامِسِ كَمَا لَا يَخْفَى قَالَ فِي السِّرَاجِ مِنْ شُرُوطِ جَوَازِ الْبِنَاءِ أَنْ لَا يَفْعَلَ فِعْلًا يُنَافِي الصَّلَاةَ مِنْ الْكَلَامِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالِاسْتِقَاءِ مِنْ الْبِئْرِ وَفِي الْمَرْغِينَانِيِّ لَهُ أَنْ يَسْتَقِيَ مِنْ الْبِئْرِ وَيَبْنِيَ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَاءٌ آخَرُ، وَقَالَ الْكَرْخِيُّ لَا يَبْنِي مَعَ الِاسْتِقَاءِ مِنْ الْبِئْرِ اهـ.
وَفِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ بَعِيدًا وَبِقُرْبِهِ بِئْرُ مَاءٍ يَتْرُكُ الْبِئْرَ؛ لِأَنَّ النَّزْعَ يَمْنَعُ الْبِنَاءَ عَلَى الْمُخْتَارِ وَقِيلَ لَا يَمْنَعُ إنْ عَدِمَ غَيْرَهُ. اهـ.
وَإِنَّمَا كَانَ الْمُنَاسِبُ مَا قُلْنَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ حُمِلَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ عَلَى مَا إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى غَيْرِهِ كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ آخِرُ عِبَارَتِهِ اقْتَضَى بِمَفْهُومِهِ جَوَازَ الِاسْتِقَاءِ إنْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَى غَيْرِهِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ عِبَارَةِ السِّرَاجِ حَيْثُ جَعَلَهُ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَمُخَالِفٌ لِمَا هُوَ الْمُخْتَارُ مِنْ الْمَنْعِ مُطْلَقًا كَمَا عَلِمْت وَإِنْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَى ذَلِكَ فَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ اخْتَارَ خِلَافَ مَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَرْغِينَانِيِّ (قَوْلُهُ لَا لِقَصْدِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ) كَأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ كَشْفِ الْعَوْرَةِ وَسَيَأْتِي أَنَّهَا تُبْطِلُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا كَشَفَتْ الْمَرْأَةُ ذِرَاعَيْهَا) قَالَ الرَّمْلِيُّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي السِّرَاجِيَّةِ فَإِنَّهُ قَالَ الْمَرْأَةُ إذَا سَبَقَهَا الْحَدَثُ فَكَشَفَتْ ذِرَاعَيْهَا عِنْدَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ جَازَ لَهَا الْبِنَاءُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُوَ الْمُخْتَارُ.