للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْبُوقٌ بِمَسْبُوقٍ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي قَرَأَ أَوْ لَمْ يَقْرَأْ دُونَ الْإِمَامِ وَاسْتَثْنَى مُنْلَا خُسْرو فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ مِنْ قَوْلِهِمْ لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِالْمَسْبُوقِ أَنَّ إمَامَهُ لَوْ أَحْدَثَ فَاسْتَخْلَفَهُ صَحَّ اسْتِخْلَافُهُ وَصَارَ إمَامًا اهـ.

وَهُوَ سَهْوٌ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُمْ فِيمَا إذَا قَامَ إلَى قَضَاءِ مَا سُبِقَ بِهِ وَهُوَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ أَصْلًا فَلَا اسْتِثْنَاءَ، وَلَوْ ظَنَّ الْإِمَامُ أَنَّ عَلَيْهِ سَهْوًا فَسَجَدَ لِلسَّهْوِ فَتَابَعَهُ الْمَسْبُوقُ فِيهِ، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ سَهْوٌ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَالْأَشْهَرُ أَنَّ صَلَاةَ الْمَسْبُوقِ تَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ اقْتَدَى فِي مَوْضِعِ الِانْفِرَادِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي زَمَانِنَا لَا تَفْسُدُ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ فِي الْقُرَّاءِ غَالِبٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ لَمْ تَفْسُدْ فِي قَوْلِهِمْ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ

وَلَوْ قَامَ الْإِمَامُ إلَى الْخَامِسَةِ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ فَتَابَعَهُ الْمَسْبُوقُ إنْ قَعَدَ الْإِمَامُ عَلَى رَأْسِ الرَّابِعَةِ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمَسْبُوقِ، وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ لَمْ تَفْسُدْ حَتَّى يُقَيِّدَ الْخَامِسَةَ بِالسَّجْدَةِ فَإِذَا قَيَّدَهَا بِالسَّجْدَةِ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ إذَا قَعَدَ عَلَى الرَّابِعَةِ تَمَّتْ صَلَاتُهُ فِي حَقِّ الْمَسْبُوقِ فَلَا يَجُوزُ لِلْمَسْبُوقِ مُتَابَعَتُهُ، وَلَوْ نَسِيَ أَحَدُ الْمَسْبُوقَيْنِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ كَمِّيَّةَ مَا عَلَيْهِ فَقَضَى مُلَاحِظًا لِلْآخَرِ بِلَا اقْتِدَاءٍ بِهِ صَحَّ. ثَانِيهَا لَوْ كَبَّرَ نَاوِيًا لِلِاسْتِئْنَافِ يَصِيرُ مُسْتَأْنِفًا قَاطِعًا لِلْأُولَى بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ عَلَى مَا يَأْتِي. ثَالِثُهَا لَوْ قَامَ لِقَضَاءِ مَا سُبِقَ بِهِ وَعَلَى الْإِمَامِ سَجْدَتَا سَهْوٍ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ فَيَسْجُدَ مَعَهُ مَا لَمْ يُقَيِّدْ الرَّكْعَةَ بِسَجْدَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَعُدْ حَتَّى سَجَدَ يَمْضِي وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ السُّجُودُ لِسَهْوٍ وَغَيْرِهِ.

رَابِعُهَا يَأْتِي بِتَكْبِيرِ التَّشْرِيقِ اتِّفَاقًا بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَفِيمَا سِوَى ذَلِكَ هُوَ مُنْفَرِدٌ لِعَدَمِ الْمُشَارَكَةِ فِيمَا يَقْضِيهِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا وَمِنْ أَحْكَامِهِ أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ مَعَ الْإِمَامِ سَاهِيًا أَوْ قَبْلَهُ لَا يَلْزَمُهُ سُجُودُ السَّهْوِ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَدٍ، وَإِنْ سَلَّمَ بَعْدَهُ لَزِمَهُ، وَإِنْ سَلَّمَ مَعَ الْإِمَامِ عَلَى ظَنِّ أَنَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ مَعَ الْإِمَامِ فَهُوَ سَلَامُ عَمْدٍ فَتَفْسُدُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَمِنْ أَحْكَامِهِ أَنَّهُ لَا يَقُومُ إلَى الْقَضَاءِ قَبْلَ التَّسْلِيمَتَيْنِ بَلْ يَنْتَظِرُ فَرَاغَ الْإِمَامِ بَعْدَهُمَا لِاحْتِمَالِ سَهْوٍ عَلَى الْإِمَامِ فَيَصْبِرُ حَتَّى يَفْهَمَ أَنَّهُ لَا سَهْوَ عَلَيْهِ إذْ لَوْ كَانَ لَسَجَدَ وَقَيَّدَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بَحْثًا بِأَنَّ مَحَلَّهُ مَا إذَا اقْتَدَى بِمَنْ يَرَى سُجُودَ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ إمَّا إذَا اقْتَدَى بِمَنْ يَرَاهُ قَبْلَهُ فَلَا قُلْتُ: الْخِلَافُ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ إنَّمَا هُوَ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ فَرُبَّمَا اخْتَارَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ أَنْ يَسْجُدَ بَعْدَ السَّلَامِ عَمَلًا بِالْجَائِزِ فَلِهَذَا أَطْلَقُوا اسْتِنْظَارَهُ وَمِنْ أَحْكَامِهِ أَنَّهُ لَا يَقُومُ الْمَسْبُوقُ قَبْلَ السَّلَامِ بَعْدَ قَدْرِ التَّشَهُّدِ إلَّا فِي مَوَاضِعَ إذَا خَافَ وَهُوَ مَاسِحٌ تَمَامَ الْمُدَّةِ لَوْ انْتَظَرَ سَلَامَ الْإِمَامِ أَوْ خَافَ الْمَسْبُوقُ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَالْفَجْرِ أَوْ الْمَعْذُورُ خُرُوجَ الْوَقْتِ أَوْ خَافَ أَنْ يَبْتَدِرَهُ الْحَدَثُ أَوْ أَنْ تَمُرَّ النَّاسُ بَيْن يَدَيْهِ

وَلَوْ قَامَ فِي غَيْرِهَا بَعْدَ قَدْرِ التَّشَهُّدِ صَحَّ وَيُكْرَهُ تَحْرِيمًا؛ لِأَنَّ الْمُتَابَعَةَ وَاجِبَةٌ بِالنَّصِّ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ» وَهَذِهِ مُخَالَفَةٌ لَهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْمُفِيدَةِ لِلْوُجُوبِ، وَلَوْ قَامَ قَبْلَهُ قَالَ فِي النَّوَازِلِ إنْ قَرَأَ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ التَّشَهُّدِ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ جَازَ وَإِلَّا فَلَا. هَذَا فِي الْمَسْبُوقِ بِرَكْعَةٍ أَوْ رَكْعَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَ بِثَلَاثٍ فَإِنْ وُجِدَ مِنْهُ قِيَامٌ بَعْدَ تَشَهُّدِ الْإِمَامِ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ؛ لِأَنَّهُ سَيَقْرَأُ فِي الْبَاقِيَتَيْنِ وَالْقِرَاءَةُ فَرْضٌ فِي كُلِّ الرَّكْعَتَيْنِ، وَلَوْ قَامَ حَيْثُ يَصِحُّ وَفَرَغَ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَتَابَعَهُ فِي السَّلَامِ قِيلَ تَفْسُدُ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنْ لَا تَفْسُدَ، وَإِنْ كَانَ اقْتِدَاؤُهُ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ مُفْسِدًا؛ لِأَنَّ هَذَا مُفْسِدٌ بَعْدَ الْفَرَاغِ فَهُوَ كَتَعَمُّدِ الْحَدَثِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَمِنْ أَحْكَامِهِ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ تَذَكَّرَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى مُنْلَا خُسْرو فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ أَقُولُ: عِبَارَتُهُ فِيهَا الْمَسْبُوقُ فِيمَا يَقْضِي لَهُ جِهَتَانِ جِهَةُ الِانْفِرَادِ حَقِيقَةً حَتَّى يُثْنِيَ وَيَتَعَوَّذَ وَيَقْرَأَ وَجِهَةَ الِاقْتِدَاءِ حَتَّى لَا يُؤْتَمَّ بِهِ وَإِنْ صَلَحَ لِلْخِلَافَةِ أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَسْبُوقًا لَا بِخُصُوصِ كَوْنِهِ قَاضِيًا وَمِنْ الْعَجَبِ أَنَّ مَا حَكَمَ عَلَيْهِ هُنَا بِأَنَّهُ سَهْوٌ جَزَمَ بِهِ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ وَلَا يَقْتَدِي بِهِ، وَقَدْ عَلِمْت مَا هُوَ الْوَاقِعُ اهـ.

لَكِنْ لَا يَخْفَى عَلَيْك ظُهُورُ مَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَا وَإِنْ جَارَاهُ فِي الْأَشْبَاهِ فَإِنَّ قَوْلَ الدُّرَرِ فِيمَا يَقْضِي يُنَافِي مَا أَدْرَجَهُ فِي النَّهْرِ بِقَوْلِهِ أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَسْبُوقًا، وَكَذَا تَتِمَّةُ عِبَارَةِ الدُّرَرِ تُنَافِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ حَتَّى لَا يُؤْتَمَّ بِهِ وَتَقْطَعَ تَكْبِيرَةُ الِافْتِتَاحِ تَحْرِيمَتَهُ، وَيَلْزَمُهُ الْعَوْدُ إلَى سَهْوِ إمَامِهِ وَيَأْتِي بِتَكْبِيرِ التَّشْرِيقِ فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ فِيمَا يَقْضِي كَمَا هُوَ صَرِيحُ صَدْرِ كَلَامِهِ فَإِخْرَاجُ قَوْلِهِ وَإِنْ صَلَحَ لِلْخِلَافَةِ عَنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ إلَى حَيْثِيَّةٍ أُخْرَى تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ جِدًّا لَا يُعْتَرَضُ بِمِثْلِهِ عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ مِنْ التَّحْقِيقِ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَامَ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ قَدْرِ التَّشَهُّدِ رَمْلِيٌّ (قَوْلُهُ فَإِنْ وُجِدَ مِنْهُ قِيَامٌ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِقِيَامِ الْمَسْبُوقِ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ التَّشَهُّدِ فَكَأَنَّهُ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْهُ لَمْ يَقُمْ وَبَعْدَ فَرَاغِهِ يُعْتَبَرُ قَائِمًا حَتَّى إذَا وُجِدَ جُزْءٌ قَلِيلٌ مِنْ قِيَامٍ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ؛ لِأَنَّهُ سَيَقْرَأُ فِي الْبَاقِيَتَيْنِ وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ وَأَوْضَحَ الْمَسْأَلَةَ أَيْضًا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ مِنْ سُجُودِ السَّهْوِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ اقْتِدَاؤُهُ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ مُفْسِدٌ إلَخْ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى بِهِ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ قَبْلَ الْفَرَاغِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ تَأَمَّلْ وَلَعَلَّ مُرَادَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَسَادُ مَا بَقِيَ وَمَا مَضَى وَمُرَادَ الثَّانِي لَا يَفْسُدُ مَا مَضَى وَيَفْسُدُ مَا بَقِيَ وَلَكِنَّ الْقَوْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>