للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِثْلُ حَالِهِ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ لِمَا ذَكَرْنَا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِصَلَاةِ الْإِمَامِ الْمُحْدِثِ؛ لِأَنَّ فِيهِ اخْتِلَافًا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إنْ كَانَ فَرَغَ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَفْرُغْ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَأْمُومًا بِالْخَلِيفَةِ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَلِذَا قَالُوا، وَلَوْ تَذَكَّرَ الْخَلِيفَةُ فَائِتَةً فَسَدَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالْقَوْمِ، وَلَوْ تَذَكَّرَهَا الْأَوَّلُ بَعْدَ مَا خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ خَاصَّةً أَوْ قَبْلَ خُرُوجِهِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ الْخَلِيفَةِ وَالْقَوْمِ، وَقَالُوا لَوْ صَلَّى الْإِمَامُ الْمُحْدِثُ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ فِي مَنْزِلِهِ قَبْلَ فَرَاغِ هَذَا الْمُسْتَخْلَفِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ انْفَرَدَاهُ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ لَا يَجُوزُ

(قَوْلُهُ كَمَا تَفْسُدُ بِقَهْقَهَةِ إمَامِهِ لَدَى اخْتِتَامِهِ لَا بِخُرُوجِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَكَلَامِهِ) أَيْ كَمَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمَسْبُوقِ بِحَدَثِ إمَامِهِ عَامِدًا بَعْدَ الْقُعُودِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمَسْبُوقِ بِخُرُوجِ إمَامِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَكَلَامِهِ بَعْدَ الْقُعُودِ، وَلَا خِلَافَ فِي الثَّانِي وَخَالَفَا فِي الْأَوَّلِ قِيَاسًا عَلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْمُقْتَدِي مَبْنِيَّةٌ عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ صِحَّةً وَفَسَادًا وَلَمْ تَفْسُدْ صَلَاةُ الْإِمَامِ اتِّفَاقًا فِي الْكُلِّ فَكَذَا الْمُقْتَدِي وَفَرَّقَ الْإِمَامُ بِأَنَّ الْحَدَثَ مُفْسِدٌ لِلْجُزْءِ الَّذِي يُلَاقِيهِ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَيَفْسُدُ مِثْلُهُ مِنْ صَلَاةِ الْمُقْتَدِي غَيْرَ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْبِنَاءِ وَالْمَسْبُوقُ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ وَالْبِنَاءُ عَلَى الْفَاسِدِ فَاسِدٌ بِخِلَافِ السَّلَامِ؛ لِأَنَّهُ مُنْهٍ وَالْكَلَامُ فِي مَعْنَاهُ، وَلِهَذَا لَا يَخْرُجُ الْمُقْتَدِي مِنْهَا بِسَلَامِ الْإِمَامِ وَكَلَامِهِ وَخُرُوجِهِ فَيُسَلِّمُ وَيَخْرُجُ بِحَدَثِهِ عَمْدًا فَلَا يُسَلِّمُ بَعْدَهُ، قَيَّدَ بِالْمَسْبُوقِ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْمُدْرِكِ لَا تَفْسُدُ اتِّفَاقًا، وَفِي صَلَاةِ اللَّاحِقِ رِوَايَتَانِ وَصَحَّحَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ الْفَسَادَ وَصَحَّحَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ عَدَمَهُ مُعَلِّلًا بِأَنَّ النَّائِمَ كَأَنَّهُ خَلْفَ الْإِمَامِ وَالْإِمَامُ قَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ فَكَذَلِكَ صَلَاةُ النَّائِمِ تَقْدِيرًا اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ بِخِلَافِ اللَّاحِقِ

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَوْ كَانَ فِي الْقَوْمِ لَاحِقٌ إنْ فَعَلَ الْإِمَامُ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ قَامَ يَقْضِي مَا فَاتَهُ مَعَ الْإِمَامِ لَا تَفْسُدُ وَإِلَّا تَفْسُدُ عِنْدَهُ وَقَيَّدَ بِكَوْنِهِ عِنْدَ اخْتِتَامِهِ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ الْعَمْدَ لَوْ حَصَلَ قَبْلَ الْقُعُودِ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْكُلِّ اتِّفَاقًا، وَقَيَّدُوا فَسَادَ الْمَسْبُوقِ عِنْدَهُ بِمَا إذَا لَمْ يَتَأَكَّدْ انْفِرَادُهُ فَلَوْ قَامَ قَبْلَ سَلَامِهِ تَارِكًا لِلْوَاجِبِ فَقَضَى رَكْعَةً فَسَجَدَ لَهَا ثُمَّ فَعَلَ الْإِمَامُ ذَلِكَ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحْكَمَ انْفِرَادُهُ حَتَّى لَا يَسْجُدَ لَوْ سَجَدَ الْإِمَامُ لِسَهْوٍ عَلَيْهِ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لَوْ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ بَعْدَ سُجُودِهِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ أَحْدَثَ فِي رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ تَوَضَّأَ وَبَنَى وَأَعَادَهُمَا) ؛ لِأَنَّ إتْمَامَ الرُّكْنِ بِالِانْتِقَالِ وَمَعَ الْحَدَثِ لَا يَتَحَقَّقُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِعَادَةِ أَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَالسَّجْدَةُ، وَإِنْ تَمَّتْ بِالْوَضْعِ لَكِنَّ الْجَلْسَةَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَرْضٌ عِنْدَهُ وَلَا تَتَحَقَّقُ هِيَ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ، وَالِانْتِقَالُ مِنْ رُكْنٍ إلَى رُكْنٍ فَرْضٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي أَنَّ التَّمَامَ عَلَى نَوْعَيْنِ: تَمَامُ مَاهِيَّةٍ وَتَمَامٌ مُخْرِجٌ عَنْ الْعُهْدَةِ، فَالسَّجْدَةُ وَإِنْ تَمَّتْ بِالْوَضْعِ مَاهِيَّةً لَمْ تَتِمَّ تَمَامًا مُخْرِجًا عَنْ الْعُهْدَةِ اهـ.

فَالْإِعَادَةُ هُنَا عَلَى سَبِيلِ الْفَرْضِ وَهِيَ مَجَازٌ عَنْ الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَصِحَّا فَلِذَا لَوْ لَمْ يَعُدْ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ، وَلَوْ كَانَ إمَامًا فَقَدَّمَ غَيْرَهُ وَدَامَ الْمُقَدَّمُ عَلَى رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْإِتْمَامُ بِالِاسْتِدَامَةِ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَلَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ فِي الرُّكُوعِ فَقَدَّمَ غَيْرَهُ فَالْخَلِيفَةُ لَا يُعِيدُ الرُّكُوعَ وَيُتِمُّ. كَذَلِكَ ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي بِنَاءَهُ بِمَا إذَا لَمْ يَرْفَعْ مُرِيدًا الْأَدَاءَ فَلَوْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فِي الرُّكُوعِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ قَائِلًا سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ الْقَوْمِ، وَلَوْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ، وَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ مُرِيدًا بِهِ أَدَاءَ رُكْنٍ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْكُلِّ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ أَدَاءَ الرُّكْنِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. اهـ. وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ ذَكَرَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا سَجْدَةً فَسَجَدَهَا لَمْ يُعِدْهُمَا) ؛ لِأَنَّ الِانْتِقَالَ مَعَ الطَّهَارَةِ شَرْطٌ، وَقَدْ وُجِدَ؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِيمَا شُرِعَ مُكَرَّرًا مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْوَافِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ يُعِيدُهُمَا وَلَا تَنَاقُضَ؛ لِأَنَّ مَا فِي الْكَنْزِ لِبَيَانِ عَدَمِ اللُّزُومِ وَمَا فِي أَصْلِهِ لِبَيَانِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُنْهٍ) اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَنْهَى يُنْهِي قَالَ فِي الْعِنَايَةِ الْمُنْهِي مَا اعْتَبَرَهُ الشَّرْعُ رَافِعًا لِلتَّحْرِيمَةِ عِنْدَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ كَالتَّسْلِيمِ وَالْخُرُوجِ بِصُنْعِ الْمُصَلِّي فَإِنَّ الشَّرْعَ اعْتَبَرَهُمَا كَذَلِكَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمَ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ} [الجمعة: ١٠] . اهـ.

(قَوْلُهُ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَوْ كَانَ فِي الْقَوْمِ لَاحِقٌ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ قَدْ سَبَقَ أَنَّ الْإِمَامَ الْأَوَّلَ إذَا لَمْ يَفْرُغْ مِنْ صَلَاتِهِ، وَقَدْ أَتَى الْمَسْبُوقُ الْخَلِيفَةَ بِمُنَافٍ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عَلَى الرَّاجِحِ مَعَ أَنَّهُ لَاحِقٌ وَهَذَا يُعَكِّرُ عَلَى مَا فِي الْفَتْحِ وَيُؤَيِّدُ مَا فِي السِّرَاجِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>