للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ارْتَفَعَتْ عِنْدَهُ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَقَدْ أَنْكَرَ أَبُو يُوسُفَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَنْهُ وَقَالَ رَوَيْت لَك عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ رَكْعَتَيْنِ وَمُحَمَّدٌ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ رِوَايَتِهِ عَنْهُ انْتَهَى وَقَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَاعْتَمَدَ مَشَايِخُنَا رِوَايَةَ مُحَمَّدٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَا حَكَى أَبُو يُوسُفَ مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ قِيَاسًا وَمَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ اسْتِحْسَانًا ذِكْرُ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانُ فِي الْأَصْلِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ انْتَهَى وَذَكَرَ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ مَا رَوَاهُ مُحَمَّدٌ هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَاعْتَمَدَ الْمَشَايِخُ رِوَايَةَ مُحَمَّدٍ مَعَ تَصْرِيحِهِمْ فِي الْأُصُولُ بِأَنَّ تَكْذِيبَ الْفَرْعِ الْأَصْلَ يُسْقِطُ الرِّوَايَةَ إذَا كَانَ صَرِيحًا وَالْعِبَارَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْكِتَابِ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ مِنْ مِثْلِ الصَّرِيحِ عَلَى مَا يُعْرَفُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَلْيَكُنْ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ رِوَايَةٌ بَلْ تَفْرِيعٌ صَحِيحٌ عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِلَّا فَهُوَ مُشْكِلٌ انْتَهَى

وَبِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ قَاضِي خَانْ ارْتَفَعَ الْإِشْكَالُ لِتَصْرِيحِهِ بِأَنَّهَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَأَنَّهُ لِثُبُوتِهَا بِالسَّمَاعِ لِمُحَمَّدٍ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَا بِوَاسِطَةِ أَبِي يُوسُفَ فَلِذَا اعْتَمَدَهَا الْمَشَايِخُ وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ مَعْزِيًّا إلَى فَخْرِ الْإِسْلَامِ كَانَ أَبُو يُوسُفَ يَتَوَقَّعُ مِنْ مُحَمَّدٍ أَنْ يَرْوِيَ كِتَابًا عَنْهُ فَصَنَّفَ مُحَمَّدٌ هَذَا الْكِتَابَ أَيْ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَأَسْنَدَهُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ إلَى أَبِي حَنِيفَةَ فَلَمَّا عُرِضَ عَلَى أَبِي يُوسُفَ اسْتَحْسَنَهُ وَقَالَ حَفِظَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إلَّا مَسَائِلَ خَطَّأَهُ فِي رِوَايَتِهَا عَنْهُ فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ مُحَمَّدٌ اقَالَ حَفِظَتْهَا وَنَسِيَ وَهِيَ سِتُّ مَسَائِلَ مَذْكُورَةٍ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ انْتَهَى وَلَمْ يُبَيِّنْهَا وَذَكَرَ الْعَلَّامَةُ السَّرَّاجُ الْهِنْدِيُّ فِي شَرْحِ الْمُغْنِي فَقَالَ الْأَوْلَى مَسْأَلَةُ تَرْكِ الْقِرَاءَةِ وَقَدْ عَلِمْتهَا الثَّانِيَةُ مُسْتَحَاضَةٌ تَوَضَّأَتْ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ تُصَلِّي حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُ الظُّهْرِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ إنَّمَا رَوَيْت لَك حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الظُّهْرِ الثَّالِثَةُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ إذَا أَعْتَقَ ثُمَّ أَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ نَفِدَ الْعِتْقُ قَالَ إنَّمَا رَوَيْت لَك أَنَّهُ لَا يَنْفَدُ الرَّابِعَةُ الْمُهَاجِرَةُ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَيَجُوزُ نِكَاحُهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ حُبْلَى فَحِينَئِذٍ لَا يَجُوزُ نِكَاحُهَا قَالَ إنَّمَا رَوَيْت لَك أَنَّهُ يَجُوزُ نِكَاحُهَا وَلَكِنْ

ــ

[منحة الخالق]

قَالَ فِي الْهِدَايَةِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَضَى الْأَرْبَعَ وَكَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ اهـ.

فَقَوْلُهُ وَكَذَا قَالَ فِي الْعِنَايَةِ هُوَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ قَوْلَهُ بِاتِّفَاقٍ بَيْنَهُمَا بَلْ إنَّمَا هُوَ قَوْلُهُ عَلَى رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ فَصْلٌ أَصَابَ نَحْرَهُ كَمَا تَرَى (قَوْلُهُ بَلْ تَفْرِيعٌ صَحِيحٌ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ أَقُولُ: فِي كَوْنِهِ تَخْرِيجًا عَلَى أَصْلِ الْإِمَامِ نَظَرٌ يُوَضِّحُهُ سُلُوكُ طَرِيقِ الْإِسْنَادِ فِي الْحُكْمِ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ بَلْ حَفِظْتُهَا وَنَسِيَ وَدَعْوَى أَنَّهُ رَوَاهُ بِلَا وَاسِطَةٍ مُنَافٍ لِمَا ادَّعَاهُ مِنْ الرِّوَايَةِ عَنْ الثَّانِي نَعَمْ لَوْ قِيلَ إنَّمَا اعْتَمَدَ الْمَشَايِخُ ذَلِكَ لَا بِنَاءً عَلَى مَا رَوَاهُ عَنْ الثَّانِي بَلْ بِنَاءً عَلَى مَا سَمِعَهُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ فَإِنَّهُ وَإِنْ بَطَلَتْ رِوَايَتُهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ إلَّا أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ ثُبُوتِهَا مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى فَقَدْ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ فِيهِ قِيَاسٌ وَاسْتِحْسَانٌ وَأَنَّ مَا ادَّعَى أَبُو يُوسُفَ رِوَايَتَهُ قِيَاسٌ وَمَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ اسْتِحْسَانٌ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَهَادَاتِ فَتْحِ الْقَدِيرِ لَوْ سَمِعَ مِنْ غَيْرِهِ حَدِيثًا ثُمَّ نَسِيَ الْأَصْلُ رِوَايَتَهُ لِلْفَرْعِ ثُمَّ سَمِعَ الْفَرْعَ يَرْوِيهِ عَنْهُ عِنْدَهُمَا لَا يُعْمَلُ بِهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُعْمَلُ بِهِ وَمِنْ ذَلِكَ الْمَسَائِلُ الَّتِي رَوَاهَا مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَنَسِيَهَا أَبُو يُوسُفَ وَهِيَ سِتَّةٌ فَكَانَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَعْتَبِرُ رِوَايَةَ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدٌ لَا يَدَعُ رِوَايَتَهَا عَنْهُ كَذَا قَالُوا وَفِيهِ إشْكَالٌ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ أَنْكَرَ وَقَالَ مَا رَوَيْت لَك عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ذَلِكَ وَهَذِهِ الصُّورَةُ لَيْسَتْ مِنْ نِسْيَانِ الْأَصْلِ رِوَايَةَ الْفَرْعِ بِخِلَافِ مَا إذَا نَسِيَ الْأَصْلَ وَلَمْ يَجْزِمْ بِالْإِنْكَارِ فَلَا يَنْبَغِي اعْتِبَارُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ إلَّا إذَا صَحَّ اعْتِبَارُ مَا ذَكَرَهُ تَخْرِيجًا عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ اهـ. مُلَخَّصًا.

وَأَجَابَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ بِقَوْلِهِ أَقُولُ: لَعَلَّهُ حَمَلَهُ مُحَمَّدٌ عَلَى النِّسْيَانِ لِطُولِ الْعَهْدِ وَاشْتِغَالِهِ بِالْقَضَاءِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَبِمَا ذَكَرْنَاهُ إلَخْ) فِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ مَسَائِلَ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ هِيَ مَا وُجِدَ فِي بَعْضِ كُتِبَ مُحَمَّدٍ الْمَبْسُوطِ وَالزِّيَادَاتِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا ثَابِتَةٌ عَنْهُ إمَّا مُتَوَاتِرَةً أَوْ مَشْهُورَةً وَهِيَ الطَّبَقَةُ الْأُولَى الثَّانِيَةُ مَسَائِلُ النَّوَادِرِ كالكيسانيات وَالْهَارُونِيَّاتِ وَتُسَمَّى غَيْرَ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّهَا لَمْ تَثْبُتْ عَنْ مُحَمَّدٍ ثُبُوتًا ظَاهِرًا كَالْأُولَى وَالطَّبَقَةُ الثَّالِثَةُ مَا اسْتَنْبَطَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِمَّا لَمْ يَجِدُوا فِيهِ رِوَايَةً عَنْ أَصْحَابِ الْمَذْهَبِ كَمَا بَسَطَهُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي صَدْرِ شَرْحِهِ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ قَاضِي خَانْ مَا رَوَاهُ مُحَمَّدٌ هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مَذْكُورٌ فِي كُتُبِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ كَانَ لِثُبُوتِهَا بِالسَّمَاعِ إلَخْ رُبَّمَا يُوهِمُ أَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ مَا سَمِعَهُ مُحَمَّدٌ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ لَا يَكُونَ الْجَامِعُ الصَّغِيرُ مِنْ كُتُبِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّهُ بِوَاسِطَةِ أَبِي يُوسُفَ كَمَا يَأْتِي مَعَ أَنَّهُ نَفْسُهُ صَرَّحَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَدَعَا بِمَا يُشْبِهُ الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ أَنَّهُ مِنْ كُتُبِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ تَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت الْعَلَّامَةَ الْمَقْدِسِيَّ ذَكَرَ نَحْوَ مَا بَحَثْته فِي شَرْحِهِ عَلَى نَظْمِ الْكَنْزِ فَاعْتَرَضَهُ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْجَوَابِ يَتَوَقَّفُ عَلَى أَنَّ مُرَادَ قَاضِي خَانْ بِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ غَيْرُ مَا ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ وَنَحْوِهِ كَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ مِنْ كُتُبِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَزَادَ عَلَى مَا قُلْته أَنَّ مُحَصَّلَ كَلَامِهِ هُوَ مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْكَمَالِ مِنْ التَّفْرِيعِ الصَّحِيحِ عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَأَنَّ الْإِشْكَالَ فِي تَصْمِيمِ مُحَمَّدٍ عَلَى مُخَالَفَةِ مَنْ رَوَى عَنْهُ لَا تَرْتَفِعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>