للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا تَقْدِرُ بِنَفْسِهَا مِنْ غَيْرِ مُعِينٍ حَتَّى إذَا قَدَرَتْ عَلَى الرُّكُوبِ وَالنُّزُولِ بِمَحْرَمِهَا أَوْ زَوْجِهَا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا ذَلِكَ وَيَجُوزُ لَهَا صَلَاةُ الْفَرْضِ عَلَى الدَّابَّةِ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَا يَجْعَلُ قُدْرَةَ الْإِنْسَانِ بِغَيْرِهِ كَقُدْرَتِهِ بِنَفْسِهِ لَكِنْ ذَكَرَ فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا مَحْرَمٌ فَإِنَّهُ تَجُوزُ صَلَاتُهَا عَلَى الدَّابَّةِ إذَا لَمْ تَقْدِرْ عَلَى النُّزُولِ

وَالظَّاهِرُ أَنَّ اشْتِرَاطَ عَدَمِ الْمَحْرَمِ مَعَهَا مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِمَا فَقَطْ وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا كَانَ رَاكِبًا مَعَ امْرَأَتِهِ أَوْ أُمِّهِ كَمَا وَقَعَ لِلْفَقِيرِ مَعَ أُمِّهِ فِي سَفَرِ الْحَجِّ وَلَمْ تَقْدِرْ الْمَرْأَةُ عَلَى النُّزُولِ وَالرُّكُوبِ أَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ الْمُعَادِلِ لَهَا أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرْضَ عَلَى الدَّابَّةِ كَمَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ إذَا كَانَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ النُّزُولِ وَحْدَهُ لِمَيْلِ الْمَحْمَلِ بِنُزُولِهِ وَحْدَهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ ذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى وَأَطْلَقَ فِي الدَّابَّةِ فَشَمَلَ جَمِيعَ الدَّوَابِّ وَقَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ صَلَاةُ الْمَاشِي بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْمُجْتَبَى وَأَطْلَقَ فِي النَّفْلِ فَشَمَلَ السُّنَنَ الْمُؤَكَّدَةَ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالسُّنَنُ الرَّوَاتِبُ نَوَافِلُ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَنْزِلُ لِسُنَّةِ الْفَجْرِ لِأَنَّهَا آكَدُ مِنْ سَائِرِهَا انْتَهَى بَلْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ وَعَلَى هَذَا أَدَاؤُهَا قَاعِدًا كَمَا أَسْلَفْنَاهُ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ يَنْزِلُ لِلْوِتْرِ اتِّفَاقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا وَأَطْلَقَ فِي الرُّكُوبِ خَارِجَ الْمِصْرِ فَشَمَلَ مَا إذَا كَانَ خَارِجُهُ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً إلَى سَلَامِهِ أَوْ ابْتِدَاءً فَقَطْ لِمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ افْتَتَحَهَا خَارِجَ الْمِصْرِ ثُمَّ دَخَلَ الْمِصْرَ أَتَمَّ عَلَى الدَّابَّةِ وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا يَنْزِلُ وَيُتِمُّهَا عَلَى الْأَرْضِ انْتَهَى

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِذَا صَلَّى عَلَى الدَّابَّةِ فِي مَحْمَلٍ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى النُّزُولِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى الدَّابَّةِ إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ وَاقِفَةً إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَحْمَلُ عَلَى عِيدَانٍ عَلَى الْأَرْضِ أَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى الْعَجَلَةِ إنْ كَانَ طَرَفُ الْعَجَلَةِ عَلَى الدَّابَّةِ وَهِيَ تَسِيرُ أَوْ لَا تَسِيرُ فَهِيَ صَلَاةٌ عَلَى الدَّابَّةِ تَجُوزُ فِي حَالَةِ الْعُذْرِ وَلَا تَجُوزُ فِي غَيْرِ حَالَةِ الْعُذْرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَرَفُ الْعَجَلَةِ عَلَى الدَّابَّةِ جَازَ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الصَّلَاةِ عَلَى السَّرِيرِ انْتَهَى وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْفَرْضِ أَمَّا فِي النَّفْلِ فَيَجُوزُ عَلَى الْمَحْمَلِ وَالْعَجَلَةِ مُطْلَقًا كَمَا لَا يَخْفَى وَفِي الْخُلَاصَةِ وَكَيْفِيَّةُ الصَّلَاةِ عَلَى الدَّابَّةِ أَنْ يُصَلِّيَ بِالْإِيمَاءِ وَيَجْعَلَ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى شَيْءٍ سَائِرَةً أَوْ وَاقِفَةً دَابَّتُهُ وَيُصَلُّونَ فُرَادَى فَإِنْ صَلَّوْا بِجَمَاعَةٍ فَصَلَاةُ الْإِمَامِ تَامَّةٌ وَصَلَاةُ الْقَوْمِ فَاسِدَةٌ وَعَنْ مُحَمَّدٍ يَجُوزُ إذَا كَانَ الْبَعْضُ بِجَنْبِ الْبَعْضِ انْتَهَى وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلَانِ فِي مَحْمَلٍ وَاحِدٍ فَاقْتَدَى أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ فِي التَّطَوُّعِ أَجْزَأَهُمَا وَهَذَا لَا يُشْكِلُ إذَا كَانَا فِي شِقٍّ وَاحِدٍ وَإِذَا كَانَا فِي شِقَّيْنِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ قَالَ بَعْضُهُمْ إذَا كَانَ أَحَدُ الشِّقَّيْنِ مَرْبُوطًا بِالْآخَرِ يَجُوزُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَرْبُوطًا لَا يَجُوزُ

وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَجُوزُ كَيْفَمَا كَانَ إذَا كَانَا عَلَى دَابَّةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا لَوْ كَانَا عَلَى الْأَرْضِ اهـ.

وَفِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَلَوْ سَجَدَ عَلَى شَيْءٍ وُضِعَ عِنْدَهُ أَوْ عَلَى سَرْجِهِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الدَّابَّةِ شُرِعَتْ بِالْإِيمَاءِ اهـ.

وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِحَيْثُ يَخْفِضُ رَأْسَهُ وَإِلَّا فَقَدْ صَرَّحُوا فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ إلَى وَجْهِهِ شَيْئًا يَسْجُدُ عَلَيْهِ فَإِنْ فَعَلَ وَهُوَ يَخْفِضُ رَأْسَهُ أَجْزَأَهُ لِوُجُودِ الْإِيمَاءِ وَإِنْ وَضَعَ ذَلِكَ عَلَى جَبْهَتِهِ لَا يُجْزِئُهُ لِانْعِدَامِهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا

(قَوْلُهُ وَبَنَى بِنُزُولِهِ لَا بِعَكْسِهِ) أَيْ إذَا افْتَتَحَ النَّفَلَ رَاكِبًا ثُمَّ نَزَلَ بَنَى وَلَا يَبْنِي إذَا افْتَتَحَهُ نَازِلًا ثُمَّ رَكِبَ لِأَنَّ إحْرَامَ الرَّاكِبِ انْعَقَدَ مُجَوِّزًا لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى النُّزُولِ فَإِذَا أَتَى بِهِمَا صَحَّ وَإِحْرَامُ النَّازِلِ انْعَقَدَ مُوجِبًا لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى تَرْكِ مَا لَزِمَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ إذَا نَزَلَ أَيْضًا وَكَذَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ إذَا نَزَلَ بَعْدَمَا صَلَّى رَكْعَةً وَالْأَصَحُّ هُوَ الظَّاهِرُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ لَا لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْعُذْرِ فَإِنَّ الْمَنْقُولَ فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّ الْمُصَلِّيَ إذَا رَكِبَ الدَّابَّةَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ ذَلِكَ) قَدْ يُقَالُ بِخِلَافِهِ لِأَنَّ الرَّجُلَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَادِرٌ عَلَى النُّزُولِ وَالْعَجْزُ مِنْ الْمَرْأَةِ لَيْسَ عُذْرًا قَائِمًا فِيهِ بَلْ هُوَ قَائِمٌ فِيهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْكَلَامَ هُوَ عِنْدَ عَدَمِ إمْكَانِ رُكُوبِ الْمَرْأَةِ إذَا نَزَلَ الرَّجُلُ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ يَلْزَمُ مِنْ نُزُولِهِ سُقُوطُ الْمَحْمَلِ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ عَقْرُ الْجَمَلِ أَوْ هَلَاكُ الْمَرْأَةِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ فَيَكُونُ عُذْرًا قَائِمًا فِيهِ رَاجِعًا إلَيْهِ كَخَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِذَا صَلَّى عَلَى الدَّابَّةِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْ الْفَرْضَ تَأَمَّلْ قُلْت لَا حَاجَةَ لِلتَّأَمُّلِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْفَرْضِ بِدَلِيلِ بَقِيَّةِ عِبَارَةِ الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ حَالَةِ الْعُذْرِ وَغَيْرِهَا عَلَى أَنَّ الْمُؤَلِّفَ سَيُصَرِّحُ قَرِيبًا بَعْدَ تَمَامِ الْعِبَارَةِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ أَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى الْعَجَلَةِ إلَخْ) لِيُنْظَرْ الْفَرْقُ بَيْنَهَا فِي حَالَةِ عَدَمِ السَّيْرِ وَبَيْنَ الْمَحْمَلِ إذَا كَانَ عَلَى عِيدَانٍ عَلَى الْأَرْضِ فَإِنَّ الْعَجَلَةَ الَّتِي طَرَفٌ مِنْهَا عَلَى الدَّابَّةِ مِثْلُ الْمَحْمَلِ إذَا كَانَ عَلَى الدَّابَّةِ وَتَحْتَهُ عِيدَانٌ عَلَى الْأَرْضِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْعَجَلَةِ غَيْرُ مَعْنَاهَا الْمَشْهُورِ فَإِنَّ الْمَشْهُورَ فِيهَا مَا فِي الْمُغْرِبِ مِنْ أَنَّهَا شَيْءٌ مِثْلُ الْمِحَفَّةِ يُحْمَلُ عَلَيْهَا الْأَثْقَالُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ يَكُونُ قَرَارُهَا عَلَى الْأَرْضِ وَلَكِنَّهَا تُرْبَطُ بِحَبْلٍ وَنَحْوِهِ وَتَجُرُّهَا بِهِ الْبَقَرُ أَوْ الْإِبِلُ وَلَكِنْ يُرَادُ بِهَا هُنَا مَا يُسَمَّى فِي عُرْفِنَا تَخْتًا وَهُوَ مِحَفَّةٌ لَهَا أَعْوَادٌ أَرْبَعَةٌ مِنْ طَرَفَيْهَا مِثْلُ النَّعْشِ تُحْمَلُ عَلَى جَمَلَيْنِ أَوْ بَغْلَيْنِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ إذْ الْمُنْتَفَى إنَّمَا هُوَ كَوْنُهُ سُجُودًا اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ)

<<  <  ج: ص:  >  >>