للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْلَى فِي الْحَالَتَيْنِ اهـ.

فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ لَا وُجُوبَ بَعْدَ الْوَقْتِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ تَرَكَ وَاجِبًا مِنْ وَاجِبَاتِهَا أَوْ ارْتَكَبَ مَكْرُوهًا تَحْرِيمِيًّا لَزِمَهُ وُجُوبًا أَنْ يُعِيدَ فِي الْوَقْتِ فَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ بِلَا إعَادَةٍ أَثِمَ وَلَا يَجِبُ جَبْرُ النُّقْصَانِ بَعْدَ الْوَقْتِ فَلَوْ فَعَلَ فَهُوَ أَفْضَلُ وَلِهَذَا حَمَلَ صَاحِبُ الْقُنْيَةِ قَوْلَهُمْ بِكَرَاهَةِ قَضَاءِ صَلَاةِ عُمُرِهِ مَرَّةً ثَانِيَةً عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا شُبْهَةُ الْخِلَافِ وَلَمْ تَكُنْ مُؤَدَّاةً عَلَى وَجْهِ الْكَرَاهَةِ وَفِي التَّجْنِيسِ وَغَيْرِهِ رَجُلٌ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ مِنْ يَوْمٍ وَاحِدٍ وَلَا يَدْرِي أَيَّ صَلَاةٍ هِيَ يُعِيدُ صَلَاةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِأَنَّ صَلَاةَ يَوْمٍ كَانَتْ وَاجِبَةً بِيَقِينٍ فَلَا يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ بِالشَّكِّ وَإِذَا شَكَّ فِي صَلَاةٍ أَنَّهُ صَلَّاهَا أَمْ لَا فَإِنْ كَانَ فِي الْوَقْتِ أَنْ يُعِيدَ لِأَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ قَائِمٌ وَإِنَّمَا لَا يَعْمَلُ هَذَا السَّبَبُ بِشَرْطِ الْأَدَاءِ قَبْلَهُ وَفِيهِ شَكٌّ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ ثُمَّ شَكَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ قَدْ فَاتَ وَإِنَّمَا يَجِبُ الْقَضَاءُ بِشَرْطِ عَدَمِ الْأَدَاءِ قَبْلَهُ وَفِيهِ شَكٌّ وَإِنْ شَكَّ فِي نُقْصَانِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ تَرَكَ رَكْعَةً وَإِنْ لَمْ يَفْرُغْ مِنْ الصَّلَاةِ فَعَلَيْهِ إتْمَامُهَا وَيَقْعُدُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَإِنْ شَكَّ بَعْدَمَا فَرَغَ وَسَلَّمَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِمَا قُلْنَا اهـ.

وَذَكَرَ فِي الْخُلَاصَةِ فِي مَسْأَلَةِ الشَّكِّ فِي الصَّلَاةِ هَلْ صَلَّاهَا أَوْ لَا وَكَانَ فِي الْوَقْتِ لَوْ كَانَ الشَّكُّ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَلَا يَقْرَأُ فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ اهـ.

وَكَانَ وَجْهُهُ أَنَّ التَّنَفُّلَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ تَرَكَ وَاجِبًا إلَخْ) نَقَلَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ عَنْ الْعَلَّامَةِ الْمَقْدِسِيَّ أَنَّهُ يَجِبَ أَنْ لَا يُعْتَمَدَ عَلَى هَذَا لِمَا ذَكَرَهُ قَرِيبًا مِنْ قَوْلِهِمْ كُلُّ صَلَاةٍ أُدِّيَتْ مَعَ الْكَرَاهَةِ سَبِيلُهَا الْإِعَادَةُ مُطْلَقًا وَأَوَّلُ قَوْلِ الْقُنْيَةِ إذَا لَمْ يُتِمَّ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ إلَخْ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَطْمَئِنَّ فِيهَا زِيَادَةَ اطْمِئْنَانٍ قُلْت وَفِي هَذَا التَّأْوِيلِ نَظَرٌ نَعَمْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ خَارِجَ الْوَقْتِ أَيْضًا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ شَرْحِ التَّحْرِيرِ مِنْ أَنَّ الْإِعَادَةَ وَاجِبَةٌ وَأَنَّ تَقْيِيدَهَا بِكَوْنِهَا فِي الْوَقْتِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَالَهُ الْبَعْضُ فَإِنْ مُقْتَضَى هَذَا وُجُوبُهَا بَعْدَ الْوَقْتِ أَيْضًا وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ كَلَامُ الْقُنْيَةِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ يُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ لَا بَعْدَهُ مَبْنِيًّا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَيَّدَ الْإِعَادَةَ بِالْوَقْتِ وَهَاهُنَا تَوْفِيقٌ آخَرُ مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي هَذَا الْحَاصِلِ وَدَافِعٌ لِمَا تَوَقَّفَ فِيهِ أَوَّلًا وَلِمَا اعْتَرَضَ بِهِ عَلَيْهِ الْمَقْدِسِيَّ وَهُوَ أَنْ نَقُولَ الْإِعَادَةُ فِعْلُ مِثْلِهِ فِي وَقْتِهِ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ تَبَعًا لِلتَّحْرِيرِ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُمْ كُلُّ صَلَاةٍ أُدِّيَتْ مَعَ الْكَرَاهَةِ فَسَبِيلُهَا الْإِعَادَةُ وُجُوبًا غَيْرُ مُطْلَقٍ بِنَاءً عَلَى هَذَا التَّعْرِيفِ لِلْإِعَادَةِ لِأَنَّهَا بَعْدَ الْوَقْتِ لَا تُسَمَّى إعَادَةً كَمَا مَرَّ عَنْ التَّحْرِيرِ فَصَارَ مَعْنَاهُ سَبِيلُهَا وُجُوبُ الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ وَيَنْطَبِقُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْقُنْيَةِ وَمَا رَقَّمَ لَهُ فِي الْقُنْيَةِ ثَانِيًا يَكُونُ مَبْنِيًّا عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ شُرَّاحِ أُصُولِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ كَمَا مَرَّ وَنَقَلَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ عَنْ الْمُضْمَرَاتِ بِصِيغَةِ الْأَوْلَى الْإِعَادَةُ قَالَ وَمِثْلُهُ فِي الْمُحِيطِ وَالْقُنْيَةِ وَنَوَادِرِ الْفَتَاوَى وَالتَّرْغِيبِ اهـ.

وَذَكَرَ فِي الْمِعْرَاجِ أَنَّ فِي الْمَبْسُوطِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْأَوْلَوِيَّةِ وَالِاسْتِحْبَابِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ يَكُونُ فِعْلُهَا بَعْدَ الْوَقْتِ أَفْضَلُ كَمَا حَمَلَ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ كَلَامَ الْقُنْيَةِ الْآخَرَ وَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ يُقَيِّدُهَا بِالْوَقْتِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمَنَارِ الْإِعَادَةُ الْإِتْيَانُ بِمِثْلِ مَا فَعَلَ أَوَّلًا مَعَ نُقْصَانٍ فَاحِشٍ ذَاتًا مَعَ صِفَةِ الْكَمَالِ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ عَلَى الْمُكَلَّفِ فِعْلُ مَوْصُوفٍ بِصِفَةٍ فَأَدَّاهُ نَاقِصًا نُقْصَانًا فَاحِشًا يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَتُهُ فِي وَقْتِهِ اهـ.

وَيَكُونُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فِعْلُهَا بَعْدَ الْوَقْتِ أَفْضَلَ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْقُنْيَةِ فِي مَسْأَلَةِ قَضَاءِ صَلَاةِ الْعُمْرِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ فِي الْإِعَادَةِ يَكُونُ هِيَ الْأَفْضَلَ فِي الْوَقْت وَبَعْدَهُ كَمَا أَفَادَهُ مَا رَقَّمَ لَهُ فِي الْقُنْيَةِ ثَانِيًا فَقَدْ ظَهَرَ لَكَ أَنْ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي هَذَا الْحَاصِلِ مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي تَعْرِيفِ الْإِعَادَةِ وَأَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ التَّعْرِيفِ وَبَيْنَ قَوْلِهِمْ كُلُّ صَلَاةٍ إلَخْ خِلَافًا لِمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَقَدْ قَدَّمْنَا إلَخْ وَانْدَفَعَ مَا ذَكَرَهُ الْمَقْدِسِيَّ بَقِيَ هُنَا شَيْءٌ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْمُؤَلِّفُ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ أَدَّاهَا مَعَ كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ فَالْأَفْضَلُ إعَادَتُهَا أَيْضًا كَمَا ذَكَرَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي إمْدَادِ الْفَتَّاحِ مُسْتَدِلًّا بِعُمُومِ قَوْلِ التَّجْنِيسِ كُلُّ صَلَاةٍ أُدِّيَتْ مَعَ الْكَرَاهَةِ فَإِنَّهَا تُعَادُ لَا عَلَى وَجْهِ الْكَرَاهَةِ قَالَ وَهَذَا شَامِلٌ لِلْإِعَادَةِ بِكَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ تَمْثِيلُ الشَّيْخِ أَكْمَلِ الدِّينِ بِالْوَاجِبِ فِي قَوْلِهِ وَتُعَادُ عَلَى وَجْهٍ غَيْرِ مَكْرُوهٍ أَيْ تُعَادُ الصَّلَاةُ لِلِاحْتِيَاطِ عَلَى وَجْهٍ لَيْسَ فِيهِ كَرَاهَةٌ وَهُوَ الْحُكْمُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ أُدِّيَتْ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَمَا إذَا تَرَكَ وَاجِبًا مِنْ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ. اهـ.

لِأَنَّ الْإِعَادَةَ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ وَاجِبَةٌ فَلَا يَمْنَعُ أَنْ تَكُونَ الْإِعَادَةُ مَنْدُوبَةً بِتَرْكِ سُنَّةٍ لِأَنَّ الْمَكْرُوهَ مَوْجُودٌ بِتَرْكِ السَّنَةِ وَالنَّكِرَةُ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ بِقَوْلِهِ تُعَادُ عَلَى وَجْهٍ لَيْسَ فِيهِ كَرَاهَةٌ تَعُمُّ الْمَكْرُوهَ تَنْزِيهًا وَتَحْرِيمًا اهـ.

كَلَامُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ قُلْت وَيُوَافِقُهُ مَا قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ وَفِي التُّمُرْتَاشِيِّ لَوْ صَلَّى وَفِي ثَوْبِهِ صُورَةٌ وَجَبَ الْإِعَادَةُ وَقَالَ أَبُو الْيُسْرِ هَذَا هُوَ الْحُكْمُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ أُدِّيَتْ مَعَ كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ كَرَاهَةَ التَّنْزِيهِ لَا تُوجِبُ وُجُوبَ الْإِعَادَةِ وَكَذَا كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ عِنْدَ غَيْرِ أَبِي الْيُسْرِ بَلْ الْأَوْلَى أَنْ تُعَادَ عِنْدَهُمْ اهـ.

وَفِي مَكْرُوهَاتِ الصَّلَاةِ مِنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْحَقُّ التَّفْصِيلُ بَيْنَ كَوْنِ تِلْكَ الْكَرَاهَةِ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ فَتَجِبُ الْإِعَادَةُ أَوْ تَنْزِيهٍ فَتُسْتَحَبُّ اهـ.

فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>