للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ أَصْحَابِ الْفَتَاوَى كَمَا لَا يَخْفَى وَذَكَرَ فِي الْخُلَاصَةِ أَنَّهُ لَوْ أَسْمَعَ رَجُلًا أَوْ رَجُلَيْنِ لَا يَكُونُ جَهْرًا وَالْجَهْرُ أَنْ يُسْمِعَ الْكُلَّ اهـ.

وَصَرَّحُوا بِأَنَّهُ إذَا جَهَرَ سَهْوًا بِشَيْءٍ مِنْ الْأَدْعِيَةِ وَالْأَثْنِيَةِ وَلَوْ شَهِدَا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ السُّجُودُ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ وَلَا يُعَرِّي الْقَوْلَ بِذَلِكَ فِي التَّشَهُّدِ مَنْ تَأَمَّلَ اهـ.

وَقَدْ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذِهِ الْوَاجِبَاتِ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ وَبَقِيَ وَاجِبٌ آخَرُ وَهُوَ عَدَمُ تَأْخِيرِ الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ وَعَدَمُ تَغْيِيرِهِمَا وَعَلَيْهِ تَفَرَّعَ مَسَائِلُ مِنْهَا لَوْ رَكَعَ رُكُوعَيْنِ أَوْ سَجَدَ ثَلَاثًا فِي رَكْعَةٍ لَزِمَهُ السُّجُودُ لِتَأْخِيرِ الْفَرْضِ وَهُوَ السُّجُودُ فِي الْأَوَّلِ وَالْقِيَامُ فِي الثَّانِي وَكَذَا لَوْ قَعَدَ فِي مَحَلِّ الْقِيَامِ أَوْ قَامَ فِي مَحَلِّ الْقُعُودِ الْمَفْرُوضِ وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِالْفُرُوضِ لِأَنَّهُ لَوْ قَامَ فِي مَحَلِّ الْوَاجِبِ فَقَدْ لَزِمَهُ السُّجُودُ لِتَرْكِ الْوَاجِبِ لَا لِتَأْخِيرِهِ وَكَذَا لَوْ قَرَأَ آيَةً فِي الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ أَوْ الْقَوْمَةِ فَعَلَيْهِ السَّهْوُ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَعَلَّلَهُ فِي الْمُحِيطِ بِتَأْخِيرِ رُكْنٍ أَوْ وَاجِبٍ عَلَيْهِ وَكَذَا لَوْ قَرَأَهَا فِي الْقُعُودِ إنْ بَدَأَ بِالْقِرَاءَةِ وَإِنْ بَدَأَ بِالتَّشَهُّدِ ثُمَّ قَرَأَهَا فَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْبَدَائِعِ لَوْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي رُكُوعِهِ أَوْ فِي سُجُودِهِ لَا سَهْوَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ ثَنَاءٌ وَهَذِهِ الْأَرْكَانُ مَوَاضِعُ الثَّنَاءِ اهـ.

وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَمِنْهَا لَوْ كَرَّرَ الْفَاتِحَةَ فِي الْأُولَيَيْنِ فَعَلَيْهِ السَّهْوُ لِتَأْخِيرِ السُّورَةِ وَمِنْهَا لَوْ تَشَهَّدَ فِي قِيَامِهِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ لَزِمَهُ السُّجُودُ وَقَبْلَهَا لَا عَلَى الْأَصَحِّ لِتَأْخِيرِ الْوَاجِبِ فِي الْأَوَّلِ وَهُوَ السُّورَةُ وَفِي الثَّانِي مَحَلُّ الثَّنَاءِ وَهُوَ مِنْهُ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ تَشَهَّدَ فِي الْقِيَامِ إنْ كَانَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ فِي الثَّانِيَةِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ اهـ.

فَقَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ الْمَنْقُولُ فِي التَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ وَمِنْهَا لَوْ كَرَّرَ التَّشَهُّدَ فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى فَعَلَيْهِ السَّهْوُ لِتَأْخِيرِ الْقِيَامِ وَلَوْ كَذَا لَوْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا لِتَأْخِيرِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي قَدْرِهِ وَالْأَصَحُّ وُجُوبُهُ بِاَللَّهُمِ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ وَعَلَى آلِهِ وَذَكَرَ فِي الْبَدَائِعِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ السُّجُودُ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجِبُ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ لَوَجَبَ لِجَبْرِ النُّقْصَانِ وَلَا يُعْقَلُ نُقْصَانٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ بِتَأْخِيرِ الْفَرْضِ وَهُوَ الْقِيَامُ إلَّا أَنَّ التَّأْخِيرَ حَصَلَ بِالصَّلَاةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تَأْخِيرٌ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّهَا صَلَاةٌ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ.

وَقَدْ حُكِيَ فِي الْمَنَاقِبِ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَنَامِ فَقَالَ لَهُ كَيْفَ أَوْجَبَتْ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيَّ سُجُودَ السَّهْوِ فَأَجَابَهُ بِكَوْنِهِ صَلَّى عَلَيْك سَاهِيًا فَاسْتَحْسَنَهُ مِنْهُ وَلَوْ كَرَّرَ التَّشَهُّدَ فِي الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ فَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ

وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ لَمْ يَفْصِلْ وَقَالَ لَا سَهْوَ عَلَيْهِ فِيهِمَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَمِنْهَا إذَا شَكَّ فِي صَلَاتِهِ فَتَفَكَّرَ حَتَّى اسْتَيْقَنَ وَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَشُكَّ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الصَّلَاةِ أَوْ فِي صَلَاةٍ قَبْلَهَا وَكُلٌّ عَلَى وَجْهَيْنِ أَمَّا إنْ طَالَ تَفَكُّرُهُ بِأَنْ كَانَ مِقْدَارُ مَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُؤَدِّيَ فِيهِ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ أَوْ لَمْ يَطُلْ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ فَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ تَفَكُّرُهُ بِسَبَبِ شَكٍّ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ أَوْ فِي غَيْرِهَا لِأَنَّ الْفِكْرَ الْقَلِيلَ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَكَانَ عَفْوًا دَفْعًا لِلْحَرَجِ وَإِنْ طَالَ تَفَكُّرُهُ فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصَّلَاةِ فَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا فَعَلَيْهِ السَّهْوُ وَاسْتِحْسَانًا لِتَأْخِيرِ الْأَرْكَانِ عَنْ أَوْقَاتِهَا فَتَمَكَّنَ النُّقْصَانَ فِيهَا بِخِلَافِ مَا إذَا شَكَّ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى وَهُوَ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ الْمُوجِبَ لِلسَّهْوِ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ سَهْوُ هَذِهِ الصَّلَاةِ لَا سَهْوَ صَلَاةٍ أُخْرَى كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَفِي الذَّخِيرَةِ هَذَا إذَا كَانَ

ــ

[منحة الخالق]

الَّذِي رَجَّحَهُ الْمُؤَلِّفُ أَعْنِي مَا فِي الْخَانِيَّةِ وَإِنْ كَانَ يُفْهَمُ مِنْهُ مَا يُخَالِفُ مَا فِي الْبَدَائِعِ مُوَافِقًا لِمَا فِي الْعِنَايَةِ لَكِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْمُؤَلِّفُ تَرْجِيحَهُ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ أَيْضًا بَلْ تَرْجِيحُ مَا هُوَ بِصَدَدِهِ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمِقْدَارِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ بَعْدَ نَقْلِهِ مَا فِي الْعِنَايَةِ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ وَالظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ وَكَذَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ وَبِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَالْمُخَافَتَةُ مُطْلَقًا فِيمَا يُخَافِتُ فِيهِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ إمَامًا أَوْ لَا كَمَا بَيَّنَّاهُ فَعَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادُهُ تَرْجِيحَ الْقَوْلِ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْإِخْفَاءِ عَلَى الْمُنْفَرِدِ بَلْ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْجَهْرَ وَالْإِخْفَاءَ غَيْرُ مُقَدَّرَيْنِ بِمِقْدَارِ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ خِلَافًا لِمَا فِي الْهِدَايَةِ مِنْ التَّقْدِيرِ فِيهِمَا وَلِمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مِنْ التَّقْدِيرِ فِي الثَّانِي فَقَطْ عَلَى أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ يُفْهَمُ مِمَّا فِي الْخَانِيَّةِ تَخْصِيصُ وُجُوبِ الْمُخَافَتَةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ بِالْإِمَامِ دُونَ الْمُنْفَرِدِ وَصَرَّحَ بِهَذَا الْمَفْهُومِ فِي الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهَا فَلَا يُعَارِضُهُ تَصْرِيحُ الْبَدَائِعِ بِأَنَّ وُجُوبَ الْمُخَافَتَةِ عَلَى الْمُنْفَرِدِ رِوَايَةُ الْأَصْلِ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَا فِي الْأَصْلِ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ مَا فِي غَيْرِهِ غَيْرَ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ بَلْ الشَّأْنُ تَرْجِيحُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَذَلِكَ بِقَوْلِ الْبَدَائِعِ وَهُوَ الصَّحِيحُ لَا بِقَوْلِهِ وَهُوَ رِوَايَةُ الْأَصْلِ كَمَا قَالَ صَاحِبُ النَّهْرِ فَتَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ) قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ لَكِنْ فِي الْمُحِيطِ وَقَالَ الشَّيْخُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ مَا قَالَ فِي الْكِتَابِ وَإِنْ شَغَلَهُ تَفَكُّرُهُ لَيْسَ يُرِيدُ أَنَّهُ شَغَلَهُ التَّفَكُّرُ عَنْ رُكْنٍ أَوْ وَاجِبٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ سُجُودَ السَّهْوِ بِالْإِجْمَاعِ وَلَكِنْ أَرَادَ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>