للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ ثُمَّ تَكَلَّمَ بَعْدَهُ جَازَتْ صَلَاتُهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ (قَوْلُهُ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ) لِتَأْخِيرِهِ فَرْضًا وَهُوَ الْقُعُودُ الْأَخِيرُ وَعَلَّلَهُ فِي الْهِدَايَةِ بِأَنَّهُ أَخَّرَ وَاجِبًا فَقَالُوا أَرَادَ بِهِ الْوَاجِبَ الْقَطْعِيَّ وَهُوَ الْفَرْضُ وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا فِي الْعِنَايَةِ مِنْ تَفْسِيرٍ بِإِصَابَةِ لَفْظِ السَّلَامِ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْهُ عَنْ مَحِلِّهِ لِأَنَّ مَحِلَّهُ بَعْدَ الْقُعُودِ وَلَمْ يَقْعُدْ وَإِنَّمَا آخِرَ الْقُعُودِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِهِ الْوَاجِبَ الَّذِي يَفُوتُ الْجَوَازُ بِفَوْتِهِ إذْ لَيْسَ دَلِيلُهَا قَطْعِيًّا

(قَوْلُهُ فَإِنْ سَجَدَ بَطَلَ فَرْضُهُ بِرَفْعِهِ) لِأَنَّهُ اسْتَحْكَمَ شُرُوعُهُ فِي النَّافِلَةِ قَبْلَ إكْمَالِ أَرْكَانِ الْمَكْتُوبَةِ وَمِنْ ضَرُورَتِهِ خُرُوجُهُ عَنْ الْفَرْضِ وَهَذَا لِأَنَّ الرَّكْعَةَ بِسَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ صَلَاةٌ حَقِيقَةً حَتَّى يَحْنَثَ فِي يَمِينِهِ لَا يُصَلِّي وَقَوْلُهُ بِرَفْعِهِ أَيْ بِرَفْعِ الْوَجْهِ عَنْ الْأَرْضِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُخْتَارَ لِلْفَتْوَى أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِوَضْعِ الْجَبْهَةِ كَمَا هُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ تَمَامَ الشَّيْءِ بِآخِرِهِ وَآخِرُ السَّجْدَةِ الرَّفْعُ إذْ الشَّيْءُ إنَّمَا يَنْتَهِي بِضِدِّهِ وَلِهَذَا لَوْ سَجَدَ قَبْلَ إمَامِهِ فَأَدْرَكَهُ إمَامُهُ فِيهِ جَازَ وَلَوْ تَمَّتْ بِالْوَضْعِ لَمَا جَازَ لِأَنَّ كُلَّ رُكْنٍ أَدَّاهُ قَبْلَ إمَامِهِ لَا يَجُوزُ وَلِأَنَّهُ لَوْ تَمَّ قَبْلَ الرَّفْعِ لَمْ يَنْقُضْهُ الْحَدَثُ لَكِنَّ الِاتِّفَاقَ عَلَى لُزُومِ إعَادَةِ كُلِّ رُكْنٍ وُجِدَ فِيهِ سَبْقُ الْحَدَثِ بِقَيْدِ الْبِنَاءِ وَثَمَرَةُ الِاخْتِلَافِ فِيمَا إذَا أَحْدَثَ فِي السُّجُودِ فَانْصَرَفَ وَتَوَضَّأَ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ لَمْ يَقْعُدْ فِي الرَّابِعَةِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَعُودُ إلَى الْقُعُودِ وَبَطَلَ فَرْضُهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَعُودُ وَيُتِمُّ فَرْضَهُ قَالُوا أَخْبَرَ أَبُو يُوسُفَ بِجَوَابِ مُحَمَّدٍ فَقَالَ زِهْ صَلَاةٌ فَسَدَتْ يُصْلِحُهَا الْحَدَثُ وَهَذَا مَعْنَى مَا يَسْأَلُهُ الْعَامَّةُ أَيْ صَلَاةٌ يُصْلِحُهَا الْحَدَثُ فَهِيَ هَذِهِ الصَّلَاةُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَزِهْ كَلِمَةُ اسْتِعْجَابٍ وَإِنَّمَا قَالَهَا أَبُو يُوسُفَ تَهَكُّمًا وَقِيلَ الصَّوَابُ بِالضَّمِّ وَالزَّايُ لَيْسَتْ بِخَالِصَةٍ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَهَذَا أَعْنِي صِحَّةَ الْبِنَاءِ بِسَبَبِ سَبْقِ الْحَدَثِ إذَا لَمْ يَتَذَكَّرْ فِي ذَلِكَ السُّجُودِ أَنَّهُ تَرَكَ سَجْدَةً صُلْبِيَّةً مِنْ صَلَاتِهِ فَإِنْ تَذَكَّرَ ذَلِكَ فَسَدَتْ اتِّفَاقًا اهـ.

وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ بَلْ لَا يَصِحُّ هَذَا التَّقْيِيدُ لِأَنَّهُ إذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ وَهُوَ سَاجِدٌ لَمْ يَخْلِطْ النَّفَلَ بِالْفَرْضِ قَبْلَ إكْمَالِهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ سَوَاءٌ تَذَكَّرَ أَنَّ عَلَيْهِ سَجْدَةً صُلْبِيَّةً أَوْ لَا إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ رُكْنٌ وَاحِدٌ أَوْ رُكْنَانِ وَعِبَارَةُ الْخُلَاصَةِ أَوْلَى وَهِيَ وَلَوْ قَيَّدَ الْخَامِسَةَ بِالسَّجْدَةِ فَتَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ سَجْدَةً صُلْبِيَّةً مِنْ صَلَاتِهِ لَا تَنْصَرِفُ هَذِهِ السَّجْدَةُ إلَيْهَا لَمَا أَنَّهُ تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ فِي السَّجْدَةِ وَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ اهـ.

وَإِذَا بَطَلَ فَرْضُ الْإِمَامِ بِرَفْعِهِ بَطَلَ فَرْضُ الْمَأْمُومِ سَوَاءٌ كَانَ قَعَدَ أَوْ لَا وَلِذَا ذَكَرَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ وَلَوْ أَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَقْعُدْ عَلَى رَأْسِ الرَّابِعَةِ وَقَامَ إلَى

ــ

[منحة الخالق]

رُكُوعٍ فَإِنَّهُ يَعُودُ أَيْضًا لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهَذَا السُّجُودِ (قَوْلُهُ لِتَأْخِيرِهِ فَرْضًا) قَالَ فِي النَّهْرِ لَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ إلَى الْقُعُودِ أَقْرَبَ أَوْ لَا وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْجُدَ فِيمَا إذَا كَانَ إلَيْهِ أَقْرَبَ كَمَا فِي الْأُولَى لِمَا سَبَقَ قَالَ فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْقَرِيبَ مِنْ الْقُعُودِ وَإِنْ جَازَ أَنْ يُعْطِيَ لَهُ حُكْمَ الْقَاعِدِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِقَاعِدٍ حَقِيقَةً فَاعْتُبِرَ جَانِبُ الْحَقِيقَةِ فِيمَا إذَا سَهَا عَنْ الثَّانِيَةِ وَأَعْطَى حُكْمَ الْقَاعِدِ فِي السَّهْوِ الْأُولَى إظْهَارًا لِلتَّفَاوُتِ بَيْنَ الْوَاجِبِ وَالْفَرْضِ وَبِهِ عَلِمَ أَنَّ مَنْ فَسَّرَ الْوَاجِبَ بِالْقَطْعِيِّ فَقَدْ أَصَابَ وَإِلَّا أَشْكَلَ الْفَرْقَ وَقَدْ يُقَالُ لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُفَسِّرَ بِالْقَوِيِّ مِنْ نَوْعَيْهِ وَهُوَ مَا يَفُوتُ الْجَوَازُ بِفَوْتِهِ وَلَا يُشْكِلُ بِثُبُوتِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ نَوْعَيْهِ نَعَمْ يُشْكِلُ عَلَى مَنْ فَسَّرَهُ بِإِصَابَةِ لَفْظِ السَّلَامِ أَوْ التَّشَهُّدِ

(قَوْلُهُ وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا فِي الْعِنَايَةِ) اعْتَرَضَهُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ بِأَنَّ الَّذِي فِي الْعِنَايَةِ تَفْسِيرُهُ بِالْقَطْعِيِّ فَلَيْسَ النَّقْلُ بِصَوَابٍ نَعَمْ فَسَّرَ فِي الْعِنَايَةِ الْوَاجِبَ بِذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ مَا إذَا قَعَدَ الْأَخِيرَ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْهُ عَنْ مَحِلِّهِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ مَدْفُوعٌ بِأَنَّ التَّأْخِيرَ وَاقِعٌ فِيهِمَا فَصَحَّ إضَافَةُ السُّجُودِ إلَى أَيِّهِمَا كَانَ قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ يُمْكِنُ نِسْبَتُهُ إلَى الْأَقْوَى وَهُوَ الْفَرْضُ هَذَا مَعَ إرْخَاءِ الْعَنَانِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ حَصَلَ سَهْوٌ فِي النَّقْلِ (قَوْلُهُ فَسَدَتْ اتِّفَاقًا اهـ) .

قَالَ الرَّمْلِيُّ قَالَ الْمَرْحُومُ شَيْخُ شَيْخِنَا عَلِيٍّ الْمَقْدِسِيَّ لَمْ يَنْتَهِ بَلْ ذَكَرَ بَعْدَهُ مَا يَنْدَفِعُ بِهِ عَنْهُ الْإِشْكَالُ فَإِنَّهُ قَالَ لِمَا سَنَذْكُرُهُ فِي تَتِمَّةٍ نَعْقِدُهَا لِلسَّجَدَاتِ وَذَكَرَ هُنَاكَ مَا يُوَضِّحُهُ اهـ.

وَذَكَرَ فِي النَّهْرِ مَا قَرَّرَهُ فِي تِلْكَ التَّتِمَّةِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهَا مِنْ غَيْرِ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ أَوْ تَحَرَّى فَوَقَعَ تَحَرِّيهِ عَلَى ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ وَبَقِيَ شَاكًّا فِي أَنَّهَا مِنْ الْأَخِيرَةِ أَوْ مَا قَبْلَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْقَضَاءِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا مِنْ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى نِيَّةٍ وَعَلَى هَذَا مَا ذُكِرَ فِيمَنْ سَلَّمَ مِنْ الْفَجْرِ وَعَلَيْهِ السَّهْوُ فَسَجَدَ وَقَعَدَ وَتَكَلَّمَ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّ عَلَيْهِ صُلْبِيَّةً مِنْ الْأُولَى فَسَدَتْ وَإِنَّ مِنْ الثَّانِيَةِ لَا وَنَابَتْ إحْدَى سَجْدَتَيْ السَّهْوِ عَنْ الصُّلْبِيَّةِ اهـ.

قَالَ فِي النَّهْرِ وَهَذَا التَّقْرِيرُ يَقْتَضِي مَا قَدَّمَهُ مِنْ دَعْوَى الِاتِّفَاقِ عَلَى الْفَسَادِ بِتَذَكُّرِ الصُّلْبِيَّةِ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهَا مِنْ الْأَخِيرَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَفْسُدَ اتِّفَاقًا لِانْصِرَافِهَا إلَيْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَقَدْ نَوَاهَا فَكَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لَا يُعِيدُهَا لِمَا مَرَّ أَمَّا إذَا لَمْ يَنْوِهَا فَسَدَتْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ لِعَدَمِ انْصِرَافِهَا إلَيْهَا وَعَلَى هَذَا فَمَا فِي الْخُلَاصَةِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ فَسَادُهَا إنَّمَا هُوَ عَلَى قَوْلِ الثَّانِي فَقَطْ اهـ.

وَقَوْلُهُ لِعَدَمِ انْصِرَافِهَا عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ فَسَدَتْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَأَمَّا عَدَمُهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَلَمَّا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ وَبِمَا قَرَّرَهُ فِي النَّهْرِ ظَهَرَ مَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>