للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحْدَى يَدَيْهِ وَتَخَافُ خُرُوجَ الْوَقْتِ تُصَلِّي بِحَيْثُ لَا يَلْحَقُ الْوَلَدَ ضَرَرٌ لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ حَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ الْوَلَدِ مُمْكِنٌ كَمَا فِي التَّجْنِيسِ وَمَا لَوْ خَافَ مِنْ الْعَدُوِّ إنْ صَلَّى قَائِمًا أَوْ كَانَ فِي خِبَاءٍ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُقِيمَ صُلْبَهُ فِيهِ وَإِنْ خَرَجَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ مِنْ الطِّينِ وَالْمَطَرِ أَنَّهُ يُصَلِّي قَاعِدًا وَمَنْ بِهِ أَدْنَى عِلَّةٍ وَهُوَ فِي طَرِيقٍ فَخَافَ إنْ نَزَلَ عَنْ الْمَحْمَلِ لِلصَّلَاةِ بَقِيَ فِي الطَّرِيقِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرَائِضَ عَلَى مَحْمَلِهِ وَكَذَا الْمَرِيضُ الرَّاكِبُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى النُّزُولِ وَلَا عَلَى مَنْ يُنْزِلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَدَرَ عَلَى مَنْ يُنْزِلُهُ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيمَا إذَا كَانَ يَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ لَوْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ وَلَوْ خَرَجَ إلَى الْجَمَاعَةِ يَعْجَزُ عَنْ الْقِيَامِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَخْرُجُ إلَى الْجَمَاعَةِ وَيُصَلِّي قَاعِدًا كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَقَدَّمْنَا فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى خِلَافِهِ.

(قَوْلُهُ وَمُومِيًا إنْ تَعَذَّرَ) أَيْ يُصَلِّي مُومِيًا وَهُوَ قَاعِدٌ إنْ تَعَذَّرَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ لِمَا قَدَّمْنَاهُ وَلِأَنَّ الطَّاعَةَ بِحَسَبِ الطَّاقَةِ وَفِي الْمُجْتَبَى وَقَدْ كَانَ كَيْفِيَّةُ الْإِيمَاءِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مُشْتَبِهًا عَلَى أَنَّهُ يَكْفِيهِ بَعْضُ الِانْحِنَاءِ أَمْ أَقْصَى مَا يُمْكِنُهُ إلَى أَنْ ظَفِرْت بِحَمْدِ اللَّهِ عَلَى الرِّوَايَةِ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّ الْمُومِيَ إذَا خَفَضَ رَأْسَهُ لِلرُّكُوعِ شَيْئًا ثُمَّ لِلسُّجُودِ جَازَ وَلَوْ وَضَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَسَائِدَ وَأَلْصَقَ جَبْهَتَهُ عَلَيْهَا وَوَجَدَ أَدْنَى الِانْحِنَاءِ جَازَ عَنْ الْإِيمَاءِ وَإِلَّا فَلَا وَمِثْلُهُ فِي تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ إذَا كَانَ بِجَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ عُذْرٌ يُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ وَلَا يَلْزَمُهُ تَقْرِيبُ الْجَبْهَةِ إلَى الْأَرْضِ بِأَقْصَى مَا يُمْكِنُهُ وَهَذَا نَصٌّ فِي بَابِهِ اهـ.

ثُمَّ إذَا صَلَّى الْمَرِيضُ قَاعِدًا بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ أَوْ بِإِيمَاءٍ كَيْفَ يَقْعُدُ أَمَّا فِي حَالِ التَّشَهُّدِ فَإِنَّهُ يَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ لِلتَّشَهُّدِ بِالْإِجْمَاعِ وَأَمَّا فِي حَالَةِ الْقِرَاءَةِ وَحَالِ الرُّكُوعِ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَجْلِسُ كَيْفَ شَاءَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ إنْ شَاءَ مُحْتَبِيًا وَإِنْ شَاءَ مُتَرَبِّعًا وَإِنْ شَاءَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ كَمَا فِي التَّشَهُّدِ

وَقَالَ زُفَرُ يَفْتَرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ وَالصَّحِيحُ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ عُذْرَ الْمَرَضِ أَسْقَطَ عَنْهُ الْأَرْكَانَ فَلَأَنْ يُسْقِطَ عَنْهُ الْهَيْئَاتِ أَوْلَى كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالتَّجْنِيسِ والولوالجية الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ زُفَرَ لِأَنَّ ذَلِكَ أَيْسَرَ عَلَى الْمَرِيضِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ بَلْ الْأَيْسَرُ عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِكَيْفِيَّةٍ مِنْ الْكَيْفِيَّاتِ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى السُّجُودِ مِنْ جَرْحٍ أَوْ خَوْفٍ أَوْ مَرَضٍ فَالْكُلُّ سَوَاءٌ وَمَنْ صَلَّى وَبِجَبْهَتِهِ جُرْحٌ لَا يَسْتَطِيعُ السُّجُودَ عَلَيْهِ لَمْ يَجْزِهِ الْإِيمَاءُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى أَنْفِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ عَلَى أَنْفِهِ لَمْ يَجْزِهِ ثُمَّ قَالَ وَفِي الزِّيَادَاتِ رَجُلٌ بِحَلْقِهِ جِرَاحٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى السُّجُودِ وَيَقْدِرُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْأَفْعَالِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي قَاعِدًا بِالْإِيمَاءِ اهـ.

وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ تَعَذُّرَ أَحَدِهِمَا كَافٍ لِلْإِيمَاءِ بِهِمَا وَفِي الْبَدَائِعِ أَنَّ الرُّكُوعَ يَسْقُطُ عَمَّنْ يَسْقُطُ عَنْهُ السُّجُودُ وَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الرُّكُوعِ اهـ.

وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا تَعَذَّرَ الرُّكُوعُ دُونَ السُّجُودِ وَكَأَنَّهُ غَيْرُ وَاقِعٍ وَفِي الْقُنْيَةِ أَخَذَتْهُ شَقِيقَةٌ لَا يُمْكِنُهُ السُّجُودُ يُومِئُ (قَوْلُهُ وَجَعَلَ سُجُودَهُ أَخْفَضَ) أَيْ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُمَا فَأَخَذَ حُكْمَهُمَا وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ «إنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَسْجُدَ أَوْمَأَ وَجَعَلَ سُجُودَهُ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِ» وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى السُّجُودِ فَلْيَجْعَلْ سُجُودَهُ رُكُوعًا وَرُكُوعَهُ إيمَاءً وَالرُّكُوعَ أَخْفَضَ مِنْ الْإِيمَاءِ» كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَظَاهِرُهُ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ جَعْلُ السُّجُودِ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ حَتَّى لَوْ سَوَّاهُمَا لَا يَصِحُّ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا سَيَأْتِي.

(قَوْلُهُ وَلَا يَرْفَعُ إلَى وَجْهِهِ شَيْئًا يَسْجُدُ عَلَيْهِ فَإِنْ فَعَلَ وَهُوَ يَخْفِضُ رَأْسَهُ صَحَّ وَإِلَّا لَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخْفِضْ رَأْسَهُ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الْفَرْضَ فِي حَقِّهِ الْإِيمَاءُ وَلَمْ يُوجَدْ فَإِنْ لَمْ يَخْفِضْ فَهُوَ حَرَامٌ لِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٣] وَأَمَّا نَفْسُ الرَّفْعِ الْمَذْكُورِ فَمَكْرُوهٌ صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ فَوَجَدَهُ يُصَلِّي كَذَلِكَ فَقَالَ إنْ قَدَرْتَ أَنْ تَسْجُدَ

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>