للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الْجَنْبِ وَأَطْلَقَ فِي تَعَذُّرِ الْقُعُودِ فَشَمِلَ التَّعَذُّرَ الْحُكْمِيَّ كَمَا لَوْ قَدَرَ عَلَى الْقُعُودِ وَلَكِنْ بَزَغَ الْمَاءُ مِنْ عَيْنَيْهِ فَأَمَرَهُ الطَّبِيبُ أَنْ يَسْتَلْقِيَ أَيَّامًا عَلَى ظَهْرِهِ وَنَهَاهُ عَنْ الْقُعُودِ وَالسُّجُودِ أَجْزَأَهُ أَنْ يَسْتَلْقِيَ وَيُصَلِّيَ بِالْإِيمَاءِ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْأَعْضَاءِ كَحُرْمَةِ النَّفْسِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَإِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقُعُودِ صَلَّى مُضْطَجِعًا عَلَى قَفَاهُ مُتَوَجِّهًا نَحْوَ الْقِبْلَةِ وَرَأْسُهُ إلَى الْمَشْرِقِ وَرِجْلَاهُ إلَى الْمَغْرِبِ وَفِي الْمُجْتَبَى وَيَنْبَغِي لِلْمُسْتَلْقِي أَنْ يَنْصِبَ رُكْبَتَيْهِ إنْ قَدَرَ حَتَّى لَا يَمُدُّ رِجْلَيْهِ إلَى الْقِبْلَةِ وَفِي الْعِنَايَةِ يَجْعَلُ وِسَادَةً تَحْتَ رَأْسِهِ حَتَّى يَكُونَ شَبَهَ الْقَاعِدِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الْإِيمَاءِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الِاسْتِلْقَاءِ تَمْنَعُ الْأَصِحَّاءَ عَنْ الْإِيمَاءِ فَكَيْفَ بِالْمَرْضَى وَاقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى بَيَانِ الْبَدَلِ لِلْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ أَعْنِي الْقِيَامَ وَالرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْقِرَاءَةَ لَا بَدَلَ لَهَا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهَا فَيُصَلِّي بِغَيْرِ الْقِرَاءَةِ

وَفِي الْمُجْتَبَى قِيلَ فِي الْأُمِّيِّ وَالْأَخْرَسِ يَجِبُ تَحْرِيكُ الشَّفَةِ وَاللِّسَانِ كَتَلْبِيَةِ الْحَجِّ وَقِيلَ لَا يَجِبُ وَإِذَا لَمْ يَعْرِفْ إلَّا قَوْلَهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ يَأْتِي بِهِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَلَا يُكَرِّرُهَا بِخِلَافِ التَّحِيَّاتِ فِي التَّشَهُّدِ فَإِنَّهُ يُكَرِّرُهَا قَدْرَ التَّشَهُّدِ لِكَوْنِ الْقُعُودِ مُقَدَّرًا اهـ.

وَأَشَارَ بِسُقُوطِ الْأَرْكَانِ عِنْدَ الْعَجْزِ إلَى سُقُوطِ الشَّرَائِطِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهَا بِالْأَوْلَى فَلَوْ كَانَ وَجْهُ الْمَرِيضِ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّحْوِيلِ إلَيْهَا بِنَفْسِهِ وَلَا بِغَيْرِهِ يُصَلِّي كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي وُسْعِهِ إلَّا ذَلِكَ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْبُرْءِ فِي ظَاهِرِ الْجَوَابِ لِأَنَّ الْعَجْزَ عَنْ تَحْصِيلِ الشَّرَائِطِ لَا يَكُونُ فَوْقَ الْعَجْزِ عَنْ تَحْصِيلِ الْأَرْكَانِ وَثَمَّةَ لَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ فَهَاهُنَا أَوْلَى كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَفِي الْخُلَاصَةِ فَإِنْ وَجَدَ أَحَدًا يُحَوِّلُهُ فَلَمْ يَأْمُرْهُ وَصَلَّى إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ بِقُوَّةِ الْغَيْرِ لَيْسَتْ بِثَابِتَةٍ عِنْدَهُ وَعَلَى هَذَا لَوْ صَلَّى عَلَى فِرَاشٍ نَجِسٍ وَوَجَدَ أَحَدًا يُحَوِّلُهُ إلَى مَكَان طَاهِرٍ ثُمَّ قَالَ مَرِيضٌ مَجْرُوحٌ تَحْتَهُ ثِيَابٌ نَجِسَةٌ إنْ كَانَ بِحَالٍ لَا يُبْسَطُ تَحْتَهُ شَيْءٌ إلَّا تَنَجَّسَ مِنْ سَاعَتِهِ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى حَالِهِ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَتَنَجَّسْ الثَّانِي إلَّا أَنَّهُ يَزْدَادُ مَرَضُهُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ اهـ.

وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ الْمَرِيضُ إذَا كَانَ لَا يُمْكِنْهُ الْوُضُوءُ أَوْ التَّيَمُّمُ وَلَهُ جَارِيَةٌ فَعَلَيْهَا أَنْ تُوَضِّئَهُ لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ وَطَاعَةُ الْمَالِكِ وَاجِبَةٌ إذَا عَرِيَ عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَإِذَا كَانَ لَهُ امْرَأَةٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تُوَضِّئَهُ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ إلَّا إذَا تَبَرَّعَتْ فَهُوَ إعَانَةٌ عَلَى الْبِرِّ وَالْعَبْدُ الْمَرِيضُ إذَا كَانَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَوَضَّأَ يَجِبُ عَلَى مَوْلَاهُ أَنْ يُوَضِّئَهُ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ الْمَرِيضَةِ حَيْثُ لَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَتَعَاهَدَهَا لِأَنَّ الْمُعَاهَدَةَ إصْلَاحُ الْمِلْكِ وَإِصْلَاحُ الْمِلْكِ عَلَى الْمَالِكِ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ حُرَّةٌ فَكَانَ إصْلَاحُهَا عَلَيْهَا اهـ.

وَفِي التَّجْنِيسِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي مُتَوَضِّئٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى مَكَان طَاهِرٍ وَقَدْ حَضَرَتْ الصَّلَاةُ صَلَّى بِالْإِيمَاءِ ثُمَّ يُعِيدُ مَا صَلَّى بِالْإِيمَاءِ قَضَاءً لِحَقِّ الْوَقْتِ بِالتَّشَبُّهِ وَإِنَّمَا يُعِيدُ لِأَنَّ الْعُذْرَ جَاءَ مِنْ قِبَلِ الْعَبْدِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُصَلِّي الْمَاشِي وَهُوَ يَمْشِي وَلَا السَّابِحُ وَهُوَ يَسْبَحُ فِي الْبَحْرِ وَلَا السَّائِفُ وَهُوَ يَضْرِبُ بِالسَّيْفِ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَفْعَالَ مُنَافِيَةٌ لِلصَّلَاةِ وَلِهَذَا «شُغِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ صَلَاتِهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ لِأَجْلِ الْقِتَالِ ثُمَّ قَالَ الْغَرِيقُ فِي الْبَحْرِ إذَا حَضَرَتْهُ الصَّلَاةُ إنْ وَجَدَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَوْ كَانَ مَاهِرًا فِي السِّبَاحَةِ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ الصَّلَاةُ بِالْإِيمَاءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْتَاجَ فِيهِ إلَى عَمَلٍ كَثِيرٍ اُفْتُرِضَ عَلَيْهِ أَدَاءُ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ قَادِرٌ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَلَمْ يَكُنْ مَاهِرًا فِي السِّبَاحَةِ يُعْذَرُ بِالتَّأْخِيرِ إلَى أَنْ يَخْرُجَ لِأَنَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى أَدَاءِ الصَّلَاةِ» اهـ.

وَفِي الْقُنْيَةِ مَرِيضٌ لَا يُمْكِنُهُ الصَّلَاةُ إلَّا بِأَصْوَاتٍ مِثْلَ أُوهْ وَنَحْوِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ وَلَوْ اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ يَوْمًا وَلَيْلَةً فَصَلَّى صَلَاةَ الْأَخْرَسِ ثُمَّ انْطَلَقَ لِسَانُهُ لَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا أُخِّرَتْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْإِيمَاءِ بِرَأْسِهِ أُخِّرَتْ الصَّلَاةُ إلَى الْقُدْرَةِ وَفِي الْهِدَايَةِ وَقَوْلُهُ أُخِّرَتْ عَنْهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا تَسْقُطُ الصَّلَاةُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ الْعَجْزُ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إذَا كَانَ مُفِيقًا هُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ يَفْهَمُ مَضْمُونَ الْخِطَابِ بِخِلَافِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ اهـ.

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ مُتَوَجِّهًا نَحْوَ الْقِبْلَةِ وَرَأْسُهُ إلَى الْمَشْرِقِ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي بِلَادِهِمْ كَبُخَارَى وَمَا وَالَاهَا مِمَّا هُوَ جِهَةُ الْمَشْرِقِ فَإِنَّ قِبْلَتَهُمْ تَكُونُ إلَى جِهَةِ الْمَغْرِبِ وَأَمَّا فِي بِلَادِنَا الشَّامِيَّةِ فَلَا يُتَصَوَّرُ بَلْ إذَا اضْطَجَعَ عَلَى قَفَاهُ نَحْوَ الْقِبْلَةِ يَكُونُ رَأْسُهُ إلَى الشِّمَالِ وَالْمَغْرِبُ عَنْ يَمِينِهِ وَالْمَشْرِقُ عَنْ يَسَارِهِ وَعَلَى مَا ذُكِرَ فَمَنْ كَانَ فِي جِهَةِ الْمَغْرِبِ يَكُونُ الْأَمْرُ فِيهِ عَلَى عَكْسِ مَا قَالَهُ (قَوْلُهُ وَفِي التَّجْنِيسِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمَحْبُوسُ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ آخِرُ الْكَلَامِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ يَوْمًا وَلَيْلَةً) اُنْظُرْ مَا فَائِدَةُ التَّقْيِيدِ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>