للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوِتْرِ وَالْعِيدَيْنِ وَعَنْ النَّافِلَةِ فَلَا تَكْبِيرَ عَقِبَهَا، وَفِي الْمُجْتَبَى وَالْبَلْخِيُّونَ يُكَبِّرُونَ عَقِبَ صَلَاةِ الْعِيدِ؛ لِأَنَّهَا تُؤَدَّى بِجَمَاعَةٍ فَأَشْبَهَ الْجُمُعَةَ اهـ.

وَفِي مَبْسُوطِ أَبِي اللَّيْثِ، وَلَوْ كَبَّرَ عَلَى إثْرِ صَلَاةِ الْعِيدِ لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ تَوَارَثُوا هَكَذَا فَوَجَبَ أَنْ يُتَّبَعَ تَوَارُثُ الْمُسْلِمِينَ اهـ.

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَّ مَشَايِخَنَا كَانُوا يَرَوْنَ التَّكْبِيرَ فِي الْأَسْوَاقِ فِي الْأَيَّامِ الْعَشْرِ اهـ.

وَفِي الْمُجْتَبَى لَا تُمْنَعُ الْعَامَّةُ عَنْهُ وَبِهِ نَأْخُذُ وَتَدْخُلُ الْجُمُعَةُ فِي الْمَكْتُوبَةِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَأَرَادَ بِالْمَكْتُوبَةِ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَلَا تَكْبِيرَ عَقِبَ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَإِنْ كَانَتْ مَكْتُوبَةً وَقُيِّدَ بِالْجَمَاعَةِ فَلَا تَكْبِيرَ عَلَى الْمُنْفَرِدِ وَقُيِّدَ بِكَوْنِهَا مُسْتَحَبَّةً احْتِرَازًا عَنْ جَمَاعَةِ النِّسَاءِ وَالْعُرَاةِ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْحُرِّيَّةَ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِشَرْطٍ عَلَى الْأَصَحِّ حَتَّى لَوْ أَمَّ الْعَبْدُ قَوْمًا وَجَبَ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِمْ التَّكْبِيرُ وَذَكَرَ الشَّارِحُ أَنَّ الْحَاصِلَ أَنَّ شُرُوطَهُ شُرُوطُ الْجُمُعَةِ غَيْرُ الْخُطْبَةِ وَالسُّلْطَانِ وَالْحُرِّيَّةِ فِي رِوَايَةٍ، وَهُوَ الْأَصَحُّ اهـ.

وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ إذْ لَيْسَ الْوَقْتُ وَالْإِذْنُ الْعَامُّ مِنْ شُرُوطِهِ وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ عَلِيٍّ لَا جُمُعَةَ، وَلَا تَشْرِيقَ، وَلَا فِطْرَ، وَلَا أَضْحَى إلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالتَّشْرِيقِ التَّكْبِيرُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ؛ لِأَنَّ تَشْرِيقَ اللَّحْمِ لَا يَخْتَصُّ بِمَكَانٍ دُونَ مَكَان وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مَنْ يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهَا فَيَجِبُ عَلَى الْمُسَافِرِ وَالْمَرْأَةِ وَالْقَرَوِيِّ قَالَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالْجَوْهَرَةِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِي هَذَا أَيْضًا فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِي آخِرِ وَقْتِهِ وَفِيمَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ

وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّكْبِيرِ عَقِبَ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ فَشَمَلَ الْأَدَاءَ وَالْقَضَاءَ وَهِيَ رُبَاعِيَّةٌ لَا تَكْبِيرَ فِي ثَلَاثَةٍ مِنْهَا الْأُولَى فَاتَتْهُ فِي غَيْرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَضَاهَا فِيهَا ثَانِيهَا فَاتَتْهُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ فَقَضَاهَا فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَيَّامِ ثَالِثُهَا فَاتَتْهُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ فَقَضَاهَا فِيهَا مِنْ السَّنَةِ الْقَابِلَةِ، وَلَا تَكْبِيرَ فِي الْأُولَيَيْنِ اتِّفَاقًا، وَفِي الثَّالِثَةِ خِلَافُ أَبِي يُوسُفَ وَالصَّحِيحُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَالتَّكْبِيرُ إنَّمَا هُوَ فِي الرَّابِعَةِ، وَهِيَ مَا إذَا فَاتَتْهُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ فَقَضَاهَا فِيهَا مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ لِقِيَامِ وَقْتِهِ كَالْأُضْحِيَّةِ ثُمَّ الَّذِي يُؤَدَّى عَقِبَ الصَّلَاة ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ: سُجُودُ السَّهْوِ وَتَكْبِيرُ التَّشْرِيقِ وَالتَّلْبِيَةُ إلَّا أَنَّ السَّهْوَ يُؤَدَّى فِي تَحْرِيمَةِ الصَّلَاةِ حَتَّى صَحَّ الِاقْتِدَاءُ بِالسَّاهِي بَعْدَ سَلَامِهِ وَالتَّكْبِيرُ يُؤَدَّى فِي حُرْمَتِهَا لَا فِي تَحْرِيمَتِهَا حَتَّى لَمْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ بِالْإِمَامِ بَعْدَ السَّلَامِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ وَالتَّلْبِيَةُ لَا تُؤَدَّى فِي شَيْءٍ مِنْهَا؛ وَلِذَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَيَبْدَأُ الْإِمَامُ بِسُجُودِ السَّهْوِ ثُمَّ بِالتَّكْبِيرِ ثُمَّ بِالتَّلْبِيَةِ إنْ كَانَ مُحْرِمًا، وَفِي فَتَاوَى الْوَلْوَالِجِيِّ لَوْ بَدَأَ بِالتَّلْبِيَةِ سَقَطَ السُّجُودُ وَالتَّكْبِيرُ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ مُؤَدًّى فِي تَحْرِيمَتِهَا لَوْ تَرَكَهُ الْإِمَامُ فَعَلَى الْقَوْمِ أَنْ يَأْتُوا بِهِ كَسَامِعِ السَّجْدَةِ مَعَ تَالِيهَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَسْجُدْ الْإِمَامُ لِلسَّهْوِ فَإِنَّهُمْ لَا يَسْجُدُونَ قَالَ يَعْقُوبُ صَلَّيْتُ بِهِمْ الْمَغْرِبَ يَوْمَ عَرَفَةَ فَسَهَوْتُ أَنْ أُكَبِّرَ بِهِمْ فَكَبَّرَ بِهِمْ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَقَدْ اسْتَنْبَطَ مِنْ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ أَشْيَاءَ مِنْهَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَمِنْهَا أَنَّ تَعْظِيمَ الْأُسْتَاذِ فِي إطَاعَتِهِ لَا فِيمَا يَظُنُّهُ طَاعَةً؛ لِأَنَّ أَبَا يُوسُفَ تَقَدَّمَ بِأَمْرِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمِنْهَا أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْأُسْتَاذِ إذَا تَفَرَّسَ فِي بَعْضِ أَصْحَابِهِ الْخَيْرَ أَنْ يُقَدِّمَهُ وَيُعَظِّمَهُ عِنْدَ النَّاسِ حَتَّى يُعَظِّمُوهُ وَمِنْهَا أَنَّ التِّلْمِيذَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَنْسَى حُرْمَةَ أُسْتَاذِهِ، وَإِنْ قَدَّمَهُ أُسْتَاذُهُ وَعَظَّمَهُ، أَلَا تَرَى أَنَّ أَبَا يُوسُفَ شَغَلَهُ ذَلِكَ عَنْ التَّكْبِيرِ حَتَّى سَهَا.

(قَوْلُهُ وَبِالِاقْتِدَاءِ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَالْمُسَافِرِ) أَيْ بِاقْتِدَائِهِمَا بِمَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ يَجِبُ عَلَيْهِمَا بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ وَالْمَرْأَةُ تُخَافِتُ بِالتَّكْبِيرِ؛ لِأَنَّ صَوْتَهَا عَوْرَةٌ، وَكَذَا يَجِبُ عَلَى الْمَسْبُوقِ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَدٍ تَحْرِيمَةً لَكِنْ لَا يُكَبِّرُهُ مَعَ الْإِمَامِ وَيُكَبِّرُ بَعْدَ مَا قَضَى مَا فَاتَهُ، وَفِي الْأَصْلِ، وَلَوْ تَابَعَهُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَفِي التَّلْبِيَةِ تَفْسُدُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَذَكَرَ الشَّارِحُ أَنَّ الْحَاصِلَ إلَخْ) وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ لِقَاضِي خَانْ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ بَلْ هُوَ صَحِيحٌ إذْ مِنْ شَرَائِطِهِ الْوَقْتُ أَعْنِي أَيَّامَ التَّشْرِيقِ حَتَّى لَوْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ فِي أَيَّامِهِ فَقَضَاهَا فِي غَيْرِ أَيَّامِهِ مِنْ الْقَابِلِ لَا يُكَبِّرُ، وَإِذَا لَمْ يُشْتَرَطْ السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ فَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ الْإِذْنِ الْعَامِّ وَكَأَنَّهُمْ اسْتَغْنَوْا بِذِكْرِ السُّلْطَانِ عَنْهُ عَلَى أَنَّا قَدَّمْنَا أَنَّ الْإِذْنَ الْعَامَّ لَمْ يُذْكَرْ فِي الظَّاهِرِ نَعَمْ بَقِيَ أَنْ يُقَالَ مِنْ شَرَائِطِهَا الْجَمَاعَةُ الَّتِي هِيَ جَمْعٌ وَالْوَاحِدُ هُنَا مَعَ الْإِمَامِ جَمَاعَةٌ فَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: إنَّ شُرُوطَهُ شُرُوطُ الْجُمُعَةِ. اهـ.

وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ الِاشْتِرَاكُ فِي اشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ فِيهِمَا لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَإِلَّا انْتَقَصَ مَا أَجَابَ بِهِ أَوَّلًا فَإِنَّ الشَّرْطَ فِي الْجُمُعَةِ وَقْتُ الظُّهْرِ فَالِاشْتِرَاكُ فِي اشْتِرَاطِ الْوَقْتِ فِيهِمَا مُطْلَقًا فَكَذَا الْجَمَاعَةُ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ فَقَضَاهَا فِيهَا) أَيْ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ سَهَا) أَيْ حَيْثُ نَسِيَ مَا لَا يُنْسَى عَادَةً حِينَ عَلِمَهُ خَلْفَهُ وَذَلِكَ أَنَّ الْعَادَةَ إنَّمَا هُوَ نِسْيَانُ التَّكْبِيرِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ الْكَائِنُ عَقِيبَ فَجْرِ عَرَفَةَ فَأَمَّا بَعْدَ تَوَالِي ثَلَاثَةِ أَوْقَاتٍ فَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِنِسْيَانِهِ لِعَدَمِ بُعْدِ الْعَهْدِ بِهِ كَذَا فِي الْفَتْحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>