للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَوَاهَا الطَّيَالِسِيُّ كَمَا فِي الْفَتَاوَى الْقَاسِمِيَّةِ مَنْ صَلَّى عَلَى مَيِّتٍ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ، وَلَمْ يُقَيِّدْ الْمُصَنِّفُ كَصَاحِبِ الْمَجْمَعِ الْمَسْجِدَ بِالْجَمَاعَةِ كَمَا قَيَّدَهُ فِي الْهِدَايَةِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمْ يَحْتَرِزُونَ بِهِ عَنْ الْمَسْجِدِ الْمَبْنِيِّ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَإِنَّهَا لَا تُكْرَهُ فِيهِ مَعَ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَسْجِدٍ؛ لِأَنَّهُ مَا أُعِدَّ لِلصَّلَاةِ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ لَيْسَتْ بِصَلَاةٍ حَقِيقَةً وَحَاجَةُ النَّاسِ مَاسَّةٌ إلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَسْجِدًا تَوْسِعَةً لِلْأَمْرِ عَلَيْهِمْ وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي مُصَلَّى الْعِيدَيْنِ أَنَّهُ هَلْ هُوَ مَسْجِدٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَسْجِدٌ فِي حَقِّ جَوَازِ الِاقْتِدَاءِ، وَإِنْ لَمْ تَتَّصِلْ الصُّفُوفُ؛ لِأَنَّهُ أُعِدَّ لِلصَّلَاةِ حَقِيقَةً لَا فِي حُرْمَةِ دُخُولِ الْجُنُبِ وَالْحَائِض كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ وَكَلَامَهُمْ أَنَّهُ لَا أَجْرَ أَصْلًا لِمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا فِي الْمَسْجِدِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ سُقُوطِ الْفَرْضِ لِعَدَمِ الْمُلَازَمَةِ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا إذَا اجْتَمَعَتْ الْجَنَائِزُ لِلصَّلَاةِ قَالُوا الْإِمَامُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ صَلَّى عَلَيْهِمْ دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ شَاءَ صَلَّى عَلَى كُلِّ جِنَازَةِ صَلَاةً عَلَى حِدَةٍ، فَإِنْ أَرَادَ الثَّانِي فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُقَدِّمَ الْأَفْضَلَ فَالْأَفْضَلَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ وَضْعِهَا، فَإِنْ كَانَ الْجِنْسُ مُتَّحِدًا، فَإِنْ شَاءُوا جَعَلُوهَا صَفًّا وَاحِدًا كَمَا يَصْطَفُّونَ فِي حَالِ حَيَاتِهِمْ عِنْدَ الصَّلَاةِ، وَإِنْ شَاءُوا وَضَعُوا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ لِيَقُومَ الْإِمَامُ بِحِذَاءِ الْكُلِّ هَذَا جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ أَنَّ الثَّانِي أَوْلَى مِنْ الْأَوَّلِ وَإِذَا وَضَعُوا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَفْضَلُ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ ثُمَّ إنْ وَضَعَ رَأْسَ كُلِّ وَاحِدٍ بِحِذَاءِ رَأْسِ صَاحِبِهِ فَحَسَنٌ، وَإِنْ وَضَعَ رَأْسَ كُلِّ وَاحِدٍ عِنْدَ مَنْكِبِ الْأَوَّلِ فَحَسَنٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ وُضِعَ الرَّجُلُ بَيْنَ يَدَيْ الْإِمَامِ ثُمَّ الصَّبِيُّ وَرَاءَهُ ثُمَّ الْخُنْثَى ثُمَّ الْمَرْأَةُ ثُمَّ الصَّبِيَّةُ

وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُجْعَلَ الْحُرُّ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ وَيُقَدَّمُ عَلَى الْعَبْدِ، وَلَوْ كَانَ الْحُرُّ صَبِيًّا كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا وَامْرَأَةً حُرَّةً فَالْعَبْدُ يُوضَعُ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ وَالْمَرْأَةُ خَلْفَهُ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ فَوَضَعَهُمْ عَلَى عَكْسِ هَذَا فَيُقَدَّمُ الْأَفْضَلُ فَالْأَفْضَلُ إلَى الْقِبْلَةِ وَفِي الرَّجُلَيْنِ يُقَدَّمُ أَكْبَرُهُمَا سِنًّا وَقُرْآنًا وَعِلْمًا كَمَا فَعَلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي قَتْلَى أُحُدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. اهـ.

وَفِي الْبَدَائِعِ، وَلَوْ كَانَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ قُدِّمَ الرَّجُلُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ وَالْمَرْأَةُ خَلْفَهُ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْحَيَاةِ، وَلَوْ اجْتَمَعَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ وَصَبِيٌّ وَخُنْثَى وَصَبِيَّةٌ دُفِنَ الرَّجُلُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ ثُمَّ الصَّبِيُّ خَلْفَهُ ثُمَّ الْخُنْثَى ثُمَّ الْأُنْثَى ثُمَّ الصَّبِيَّةُ؛ لِأَنَّهُمْ هَكَذَا يَصْطَفُّونَ خَلْفَ الْإِمَامِ حَالَةَ الْحَيَاةِ وَهَكَذَا تُوضَعُ جَنَائِزُهُمْ عِنْدَ الصَّلَاةِ فَكَذَا فِي الْقَبْرِ اهـ. وَهُوَ سَهْوٌ فِي قَوْلِهِ وَهَكَذَا تُوضَعُ جَنَائِزُهُمْ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ عَلَى عَكْسِهِ.

(قَوْلُهُ، وَمَنْ اسْتَهَلَّ صُلِّيَ عَلَيْهِ وَإِلَّا لَا) اسْتِهْلَالُ الصَّبِيِّ فِي اللُّغَةِ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ بِالْبُكَاءِ عِنْدَ وِلَادَتِهِ وَقَوْلُ مَنْ قَالَ هُوَ أَنْ يَقَعَ حَيًّا تَدْرِيسٌ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ وَضَبَطَهُ فِي الْعِنَايَةِ بِأَنَّهُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ، وَفِي الشَّرْعِ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى حَيَاتِهِ مِنْ رَفْعِ صَوْتٍ أَوْ حَرَكَةِ عُضْوٍ، وَلَوْ أَنْ يَطْرِفَ بِعَيْنِهِ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ حُكْمَهُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يُغَسَّلَ وَأَنْ يَرِثَ وَيُورَثَ وَأَنْ يُسَمَّى، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ بَعْدَهُ حَيًّا لِإِكْرَامِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَنِي آدَمَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ يَحْتَاج أَبُوهُ إلَى أَنْ يَذْكُرَ اسْمَهُ عِنْدَ الدَّعْوَى بِهِ، وَلَمْ يُقَيِّدْ الْمُصَنِّفُ بِوُجُودِ الْحَيَاةِ فِيهِ إلَى أَنْ يَخْرُجَ أَكْثَرُهُ، وَلَا بُدَّ مِنْهُ لِمَا فِي الْمُحِيطِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إذَا خَرَجَ بَعْضُ الْوَلَدِ وَتَحَرَّكَ ثُمَّ مَاتَ، فَإِنْ كَانَ خَرَجَ أَكْثَرُهُ صُلِّيَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلُّهُ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ اهـ.

وَفِي آخِرِ الْمُبْتَغَى بِالْمُعْجَمَةِ الْوَلَدُ إذَا خَرَجَ رَأْسُهُ، وَهُوَ يَصِيحُ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ لَمْ يَرِثْ، وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَخْرُجْ أَكْثَرُ بَدَنِهِ حَيًّا، فَإِنْ كَانَ ذَبَحَهُ رَجُلٌ حَالَ مَا يَخْرُجُ رَأْسُهُ فَعَلَيْهِ الْغُرَّةُ، وَإِنْ

ــ

[منحة الخالق]

وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ - (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ الْجِنْسُ مُتَّحِدًا إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ هَذَا يُوهِمُ انْحِصَارَ جَوَازِ الصَّفِّ الْوَاحِدِ فِي مُتَّحِدِ الْجِنْسِ، وَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة يُخَالِفُهُ، وَفِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِلْحَلَبِيِّ، وَلَوْ اجْتَمَعَتْ الْجَنَائِزُ جَازَ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِمْ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ، وَيَجْعَلُونَ وَاحِدًا خَلْفَ وَاحِدٍ وَيُجْعَلُ الرِّجَالُ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ، وَيَسْتَوِي فِيهِ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ ثُمَّ الصِّبْيَانُ ثُمَّ الْخَنَاثَى ثُمَّ النِّسَاءُ، وَإِنْ شَاءُوا جَعَلُوهُمْ صَفًّا وَاحِدًا. اهـ.

فَفِيهِ كَمَا تَرَى جَوَازُ الشَّيْئَيْنِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ سَهْوٌ إلَخْ) أَقُولُ: هُوَ قَوْلٌ لِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ فَقَدْ ذُكِرَ فِي الْبَدَائِعِ مَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْهُ هُنَا فِي فَصْلِ الدَّفْنِ وَذَكَرَ قَبْلَهُ فِي فَصْلِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ يُوضَعُ الرِّجَالُ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ وَالنِّسَاءُ خَلْفَ الرِّجَالِ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ؛ لِأَنَّهُمْ هَكَذَا يَصْطَفُّونَ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ ثُمَّ إنَّ الرِّجَالَ يَكُونُونَ أَقْرَبَ إلَى الْإِمَامِ مِنْ النِّسَاءِ فَكَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ يُوضَعُ النِّسَاءُ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ وَالرِّجَالَ خَلْفَهُنَّ؛ لِأَنَّ فِي الصَّلَاةِ بِالْجَمَاعَةِ فِي حَالِ الْحَيَاةِ صَفُّ النِّسَاءِ خَلْفَ صَفِّ الرِّجَالِ إلَى الْقِبْلَةِ فَكَذَا فِي وَضْعِ الْجَنَائِزِ، وَلَوْ اجْتَمَعَ جِنَازَةُ رَجُلٍ وَصَبِيٍّ وَخُنْثَى وَامْرَأَةٍ وَصَبِيَّةٍ وُضِعَ الرَّجُلُ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ وَالصَّبِيُّ وَرَاءَهُ ثُمَّ الْخُنْثَى ثُمَّ الْمَرْأَةُ ثُمَّ الصَّبِيَّةُ؛ لِأَنَّهُمْ هَكَذَا يَقُومُونَ فِي الصَّفِّ خَلْفَ الْإِمَامِ حَالَ الْحَيَاةِ فَيُوضَعُونَ كَذَلِكَ اهـ.

(قَوْلُهُ تَدْرِيسٌ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ هُوَ تَعْلِيمٌ مِنْ حَيْثُ التَّفَرُّسُ فِي أَنَّ لَهُ حَيَاةً لَا أَنْ يَشْهَدَ لَهُ اللُّغَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>